منظور عالمي قصص إنسانية

في وقت تلوح فيه مجاعات "ذات آثار مدمرة،" مجلس الأمن مدعو إلى "التصرف بسرعة"

في عام 2019، عانت إثيوبيا من خامس أسوأ أزمة غذائية على وجه الأرض.
FAO/IFAD/WFP/Michael Tewelde
في عام 2019، عانت إثيوبيا من خامس أسوأ أزمة غذائية على وجه الأرض.

في وقت تلوح فيه مجاعات "ذات آثار مدمرة،" مجلس الأمن مدعو إلى "التصرف بسرعة"

المساعدات الإنسانية

قال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن العالم لا يواجه "جائحة صحية عالمية فحسب، بل يواجه أيضا كارثة إنسانية عالمية."

وكان السيد بيزلي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن، عبر الفيديو، بعنوان "حماية المدنيين من الجوع الناجم عن النزاع،" وهي أول جلسة مفتوحة يعقدها المجلس منذ بدء انتشار كوفيد-19.

ومشيرا إلى أن الانتشار العالمي لكوفيد-19 أسفر عن "أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية،" تطرق السيد ديفيد بيزلي إلى تفاقم الأزمات، وتكرار الكوارث الطبيعية وتغير أنماط الطقس، قائلا "إننا نواجه بالفعل عاصفة قاسية."

وقال إن ملايين المدنيين الذين يعيشون في دول متضررة من النزاع، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، يواجهون خطرا حقيقيا وخطيرا للغاية يتمثل في الوقوع في براثن المجاعة.

Tweet URL

ورسم السيد بيزلي صورة قاتمة لـ 135 مليون شخص يواجهون مستويات الجوع أو ما هو أسوأ من ذلك، إلى جانب 130 مليون شخص إضافي على حافة المجاعة بسبب انتشار فيروس كورونا، مشيرا إلى أن برنامج الأغذية العالمي يقدم حاليا المساعدات، التي تعد شريان الحياة، لما يقرب من 100 مليون شخص بدلا من حوالي 80 مليون قبل بضع سنوات فقط. وأضاف:

"إذا لم نتمكن من الوصول إلى هؤلاء الأشخاص بالمساعدة المنقذة للحياة التي يحتاجون إليها، يُظهر تحليلنا أن 300 ألف شخص يمكن أن يموتوا جوعا كل يوم على مدى ثلاثة أشهر. هذا لا يشمل زيادة معدلات الجوع جراء انتشار كوفيد-19."

طلب المساعدة

وفي إشارة إلى أن البرنامج يمثل "العمود الفقري اللوجستي" للعاملين في المجال الإنساني وأكثر من ذلك الآن بالنسبة للجهد العالمي للتغلب على جائحة كوفيد-19، حث السيد ديفيد بيزلي مجلس الأمن على تولي زمام المبادرة.

مزارع في مقاطعة سيايا يحصد محصوله ليتمكن من تعليم أبنائه.
©FAO/Christena Dowsett
مزارع في مقاطعة سيايا يحصد محصوله ليتمكن من تعليم أبنائه.

 

 

وقال بيزلي: "أولا وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى السلام."

ودعا جميع المشاركين في القتال إلى إتاحة الفرصة لوصول إنساني "سريع ودون عوائق" إلى المجتمعات الضعيفة، فيما دعا إلى اتخاذ إجراء منسق لدعم المساعدة المنقذة للحياة، وذلك بتوفير 350 مليون دولار، لإنشاء شبكة من المحاور اللوجستية للحفاظ على حركة سلاسل التوريد الإنسانية في جميع أنحاء العالم.

كما أشار السيد بيزلي إلى الحاجة لأنظمة الإنذار المبكر، قائلا:

"إذا لم نستعد ونتصرف الآن - لتأمين الوصول، وتجنب نقص التمويل وتعطيل التجارة - فقد نواجه مجاعات متعددة ذات أبعاد مدمرة في غضون بضعة أشهر قصيرة."

وفي الختام، حذر المسؤول الأممي من أن الوقت ليس في صالحنا، داعيا إلى العمل بحكمة وسرعة.

الصلة بين الصراع والأمن الغذائي

الصراع المستمر في اليمن يدفع الملايين من الناس إلى حافة المجاعة. (من الأرشيف).
WFP/Marco Frattini
الصراع المستمر في اليمن يدفع الملايين من الناس إلى حافة المجاعة. (من الأرشيف).

 

من جانبه، سلط تشو دونغ يو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الضوء على الكيفية التي يربط بها التقرير العالمي حول الأزمات الغذائية لعام 2020، بوضوح بين الصراع وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار التقرير إلى أن 135 مليون شخص في 55 دولة عانوا من انعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2019، ما يقرب من 60% منهم يعيشون في صراع أو عدم استقرار. وتطرق السيد تشو دونغ يو إلى اليمن باعتباره أسوأ أزمة غذائية وسوء تغذية في العالم هذا العام، متوقعا أن يتجاوز عدد الأشخاص، ممن يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، 17 مليونا".

وأشار مدير منظمة الفاو إلى الصلة بين تدخلات سبل العيش وعمليات السلام، مشيرا إلى أن "هناك حاجة إلى إجراءات متماسكة بين الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية والسلام لمعالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي الحاد."

وقال المسؤول الأممي إن "توقعات الأمن الغذائي في عام 2020 تبدو قاتمة،" مشددا على أهمية الإنذار المبكر والإجراءات السريعة لاستباق انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراعات.

ومن المرجح أن تدفع الصراعات والطقس المتطرف والجراد الصحراوي والصدمات الاقتصادية والآن كوفيد-19، "المزيد من الناس إلى انعدام الأمن الغذائي الحاد." لكن السيد تشو دونغ يو رأي أن هناك بصيص أمل، قائلا إنه "من خلال مراقبة تطور هذه الصدمات عن كثب يمكننا التدخل بسرعة للتخفيف من آثارها."

وأشار مدير منظمة الأغذية والزراعة إلى أن النزاع وعدم الاستقرار الواسعين يؤديان إلى انعدام الأمن الغذائي، وأن الحد من الصراع أو منعه يقلل الجوع ويمنعه، قائلا: "لقد قمنا بتعبئة منظماتنا بطرق لم نشهدها منذ تأسيس الأمم المتحدة."

قد تحتاج البلدان النامية مثل بوركينا فاسو إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي نتيجة لانتشار وباء كوفيد-19.
©UNICEF/Vincent Tremeau
قد تحتاج البلدان النامية مثل بوركينا فاسو إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي نتيجة لانتشار وباء كوفيد-19.

 

العقبات الميدانية

وناشد كبير المسؤولين الأسبق في الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، يان إيغلاند، والذي يشغل حاليا منصب الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي، مجلس الأمن المساعدة فيما يتعلق بالعقبات الميدانية التي تعيق الوصول إلى الجياع الذين يعيشون في ظروف الحرب. وقال:

"خلال الأربعين سنة التي أمضيتها كعامل في المجال الإنساني، لم أر قط العديد من الأشخاص الذين نزحوا بسبب الصراع كما هو الحال الآن. نرى صراعات أطول وأكثر قسوة تتسبب في جوع متزايد، حيث تهرب العائلات من منازلها وحقولها وموارد رزقها لتصبح معتمدة على كرم المجتمعات المضيفة، والتي تعاني هي الأخرى أوضاعا محفوفة بالمخاطر."

وأوضح أن بوركينا فاسو قد شهدت زيادة بمقدار عشرة أضعاف في النزوح القسري في عام واحد فقط، مشيرا إلى أن هذا "لم يحدث في أي مكان آخر في العالم."

خلال الأربعين سنة التي أمضيتها كعامل في المجال الإنساني، لم أر قط العديد من الأشخاص الذين نزحوا بسبب الصراع كما هو الحال الآن

وللتخفيف من آثار الوضع الإنساني في مناطق النزاعات، قدم السيد إيغلاند خمسة "طلبات ملموسة،" بدءا بوصول المساعدات الإنسانية الآمنة ودون عوائق إلى الجميع في كل مكان.

وشدد أيضا على الحاجة إلى دبلوماسية إنسانية أقوى للوصول إلى الأشخاص وتعزيز مبدأ "تفادي التضارب،" قائلا إنه من خلال إبلاغ الأطراف بالمواقع الإنسانية المحمية وقوافل المساعدة، يمكن للعاملين في المجال الإنساني تقديم الدعم دون التعرض للهجوم.

واختتم السيد إيغلاند إحاطته بالتشديد على ضرورة أن تكون هناك "مساءلة عن الهجمات على المواقع المحمية."