منظور عالمي قصص إنسانية

ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق: رغم الضغوط، اتخذنا قرارات شجاعة لمواجهة فيروس كورونا

ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، الدكتور أدهم اسماعيل (اليمين) مع وزير الصحة (وسط) ونائبة المدير الإقليمي
WHO Iraq
ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، الدكتور أدهم اسماعيل (اليمين) مع وزير الصحة (وسط) ونائبة المدير الإقليمي

ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق: رغم الضغوط، اتخذنا قرارات شجاعة لمواجهة فيروس كورونا

الصحة

أعرب الدكتور أدهم إسماعيل، ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، عن ارتياحه إزاء القرارات التي وصفها "بالحكيمة والشجاعة" المتخذة للتقليل من حدّة انتشار جائحة فيروس كورونا في الدولة التي تعاني ضعفا في أنظمتها الصحية.

وحلّ الدكتور إسماعيل ضيفا على أخبار الأمم المتحدة، وتحدث عن تلك الإجراءات "القوية" والتي كانت نتائجها انخفاض عدد الحالات في العراق مقارنة مع دول المنطقة، حيث بلغ عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19 ، حتى يوم الأربعاء، 164 حالة توفي منهم 11 شخصا فيما تماثلت 43 حالة للشفاء.

وقال الدكتور إسماعيل إنه لو لم تُغلق الحدود مع إيران والمساجد والتجمعات الدينية منذ البداية لكنا أمام كارثة كبيرة، مشيرا إلى إمكانية قهر المرض إذا اتُخذت الإجراءات الوقائية اللازمة.

  • كيف هي تقديراتكم للإجراءات المتخذة في العراق؟

أحيانا يكون المرض نعمة من الله، فهذا الفيروس تغلب على جميع الأنظمة الصحية الجيدة وغير الجيدة، لأن طريقة التعامل المثلى هي اتباع "الوقاية" أو المنع منذ البداية بناء على توجيهات منظمة الصحة العالمية.

كان قرارنا بإغلاق الحدود حكيما من أجل وقف انتشار المرض، رغم تعرّضنا لضغوط كثيرة -- الدكتور أدهم اسماعيل

ونحن في العراق لسنا مستعدين لاستقبال الكثير من الإصابات ولذلك اتخذنا إجراءات "قوية" للحد من دخول الفيروس للعراق. وبلا شك اتخذنا قرارات شجاعة وقوية. الآن إذا نظرنا إلى عموم الدول وخاصة دول الجوار ومنطقة الشرق الأوسط، لرأينا أن العراق أول بلد منع السفر من وإلى إيران رغم أن الحالات في إيران كانت قليلة وكانت في بدايتها.

فمنذ أن أعلنت إيران في 20 شباط-فبراير وجود حالات، عقدنا اجتماعا في 21 شباط-فبراير وفي 22 من نفس الشهر أغلقنا الحدود.

لقد دُهش الكثيرون من هذا القرار، لكن كانت لدينا رؤية شاملة، إذ إن طول الحدود الإيرانية مع العراق يبلغ 1،400 كيلومتر، وهناك مسافرون ذهابا وإيابا باستمرار بين الدولتين وكان قرارنا حكيما من أجل وقف انتشار المرض، وتعرّضنا لضغوط كثيرة. وهذا هو سبب انخفاض الأعداد في العراق.

  • أجرت بعثة فنية من منظمة الصحة العالمية زيارة إلى العراق. كيف قيّمت هذه البعثة الوضع؟

البعثة قدمت وفوجئت بالأعداد القليلة للمصابين. البعثة تكونت من ستة أفراد تشمل مكافحة العدوى، المستشفيات ونقاط الدخول والتجمعات الدينية وخبير في علوم الأوبئة، أي أنه فريق يتألف من جميع التخصصات المعنية بهذا الوباء. قام الفريق بزيارة المعمل المركزي والمستشفيات ومطار بغداد، وقد جاءوا ولديهم اعتقاد أنه توجد أعداد كبيرة من المصابين وأننا لم نقم بالتشخيص والتتبع المناسب، وأثنوا على القرارات التي اتخذناها واعتبروا أن ما نحن فيه هو "معجزة طبية" لا تتحقق سوى باتخاذ القرارات الشجاعة.

انتهت جولتهم بسعادة، ورأوا أن العراق قام بعمل بطولي قياسا بإمكانياته البسيطة لاسيّما أن النظام الصحي مقارنة بغيره ضعيف.

لقد أصبتم في هذا السؤال. في العراق من المعروف أن إلغاء الزيارات الدينية خاصة للأئمة مثل موسى الكاظم والإمام علي وغيرهما، وهي تُعدّ من الكبائر، وهم معتادون عليها. لقد تعبنا كثيرا لاتخاذ هذا القرار، وقد زرت بنفسي النجف الأشرف وزرنا المرجعيات الثلاث الرئيسية ومن ثمّ مكتب سماحة الشيخ السيستاني. وأول انتصار حققناه هو إلغاء صلاة الجمعة، ومن ثمّ بدأنا بممارسة ضغوط أكبر من هذه. وقد زرت العتبة الكاظمية مرتين.

ورغم ذلك بعض الأشخاص كانت لديهم قناعة راسخة بأهمية التوجه للمساجد وأماكن العبادة ولذلك في نهاية المطاف تم تشديد الإجراءات لدرجة فرض منع التجول لأن السبب الأول في عدوى الأمراض التنفسية هو التجمعات، حتى لو كان عشرة أفراد فقط، لذلك يجب إلغاء جميع التجمعات حتى لو كان حفل عيد ميلاد.

صورة جوية لبغداد، العراق.
UNAMI
صورة جوية لبغداد، العراق.
  • هل تنصحون الدول الأخرى أن تتبع نفس الإجراءات حتى لو كانت لديها أنظمة صحية قوية؟

بلا شك. يجب إلغاء التجمعات سواء كانت حج أو عمرة، إذ لا يجب أن يحمل شخص ما مرضا وينقله لآلاف بل ملايين الأشخاص. يجب أن نحافظ على صحتنا وصحة أطفالنا. نحن لا نخترع العجلة من جديد، ولكن مشكلتنا خلال أوقات الأوبئة ليس عدم وجود علاج ولكن المشكلة هي أن الأعراض لا تظهر سوى بعد عدة أيام قد تصل إلى 14 يوما، فإذا من الصعب تحديد من المصاب ومن الممكن أن تنتقل العدوى بشكل كبير بسبب ذلك.

  • هل لديك كلمة أخيرة تود توجهيها للعراق وأهله؟

لقد عشت في العراق سنوات طويلة، وأدرك مدى المعاناة التي تكبدها هذا الشعب وأدرك حبّه لآل البيت. ولكنني آمل أن يعبر العراق هذا النفق بسلام وأن تنتهي الكارثة بأقل الخسائر لأن هذا البلد عانى كثيرا، وعاش حروبا وحصارا رغم أن العراق يتمتع بثروات كثيرة وكان غنيا بعلمائه وكوادره ولا يمكن أن يعود العراق لعهده دون أن يكون بصحة جيدة.

وأدعو العراقيين إلى اتباع الإرشادات والتعليمات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة، وأؤكد لهم أن الأرقام التي بين أيدينا شفافة وحقيقية وأدعوكم للبقاء في منازلكم لمدة أسبوعين وهكذا سنقهر المرض.

للاستماع للمقابلة كاملة:

Soundcloud