منظور عالمي قصص إنسانية

النازحون داخليا في العراق: بين مطرقة الحرمان من الحقوق وسندان العودة المحفوفة بالمخاطر

منظار قناص يراقب الخطوط الأمامية السابقة لداعش والتي تبعد 15 كيلومترا عن كركوك، العراق.
UNOCHA/Giles Clarke
منظار قناص يراقب الخطوط الأمامية السابقة لداعش والتي تبعد 15 كيلومترا عن كركوك، العراق.

النازحون داخليا في العراق: بين مطرقة الحرمان من الحقوق وسندان العودة المحفوفة بالمخاطر

حقوق الإنسان

من بين أكثر من ستة ملايين شخص نزحوا داخل العراق بين عامي 2014 و2017 خلال الحرب مع داعش، عاد أربعة ملايين إلى مناطقهم الأصلية، ويعاني العائدون من تحديات تعترض استئناف حياتهم الطبيعية، بما فيها عراقيل تواجه حقهم في التعليم والرعاية الصحية.

وسلط تقرير أعدته مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين، سلسيليا خيمينيز داماري*، الضوء على أوضاع الأطفال النازحين، وبيّنت أن مستوى الحرمان الذي يعانيه الأطفال النازحون داخل المخيمات وخارجها يثير القلق، والسبب في ذلك هو العجز عن الالتحاق بمنظومة التعليم الرسمي بسبب الافتقار إلى الوثائق الثبوتية الشخصية أو بسبب القيود المفروضة على الحركة، وهو ما يقود إلى ظهور جيل من الأطفال المهمشين في المجتمع.

إنه جيل يعيش في حالة صدمة جرّاء أعمال العنف التي شهدها، هو جيل محروم من فرص التعليم -- خيميميز داماري

وقالت بعد زيارة أجرتها إلى العراق: "إنه جيل يعيش في حالة صدمة جرّاء أعمال العنف التي شهدها، هو جيل محروم من فرص التعليم."

ومن بين الحقوق التي يُحرم منها النازحون: الحصول على الوثائق الثبوتية الشخصية وتجديدها للوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم والرعاية الصحية ومستحقات الضمان الاجتماعي والسكن وحقوق حيازة الأراضي والملكية.

خطة لإعادة جميع النازحين

وقد أعلنت حكومة العراق اعتزامها إعادة جميع النازحين إلى ديارهم مع نهاية هذا العام. لكنّ المقررة الخاصة ترى أن العقبات أمام عودتهم لا تزال كثيرة، إذ إن الكثير من المنازل مدمرة أو تعرضت للأضرار، كما أن الألغام الأرضية تنتشر في المزارع، هذا علاوة على القيود التي تفرضها الحكومة على حرية الحركة وانعدام فرص سبل العيش.

ينبغي أن تكون عمليات عودة النازحين آمنة وأن تتم بناء على قرار مستنير وأن تكون طوعية وكريمة -- خيمينيز داماري

وقد أشادت المسؤولة الحقوقية بجهود الحكومة في إعادة الملايين الأربعة لكنها أشارت إلى أن احتياجات المساعدة للنازحين المتبقين البالغ عددهم 1.5 مليون لا تزال متفاقمة. وقالت خيمينيز داماري: "ينبغي أن تكون عمليات عودة النازحين آمنة، وأن تتم بناء على قرار مستنير، وأن تكون طوعية وكريمة، وأن يكون للنازحين الحق في اتخاذ القرار بشأن العودة إلى ديارهم أو الدمج حيث يقيمون حاليا، أو التوطين في مكان آخر."

تخوّف على مصير الأقليات وأبناء داعش

وقد استمرت زيارة المقررة الخاصة إلى العراق تسعة أيام (15-23 شباط/فبراير)، اطلعت فيها على أوضاع النازحين داخل المخيمات وخارجها، كما اجتمعت بممثلين عن الحكومة على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية والتقت بالأطراف المعنية الوطنية والدولية ومع وكالات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

وخلال اللقاءات، أعربت السيّدة خيمينيز داماري عن قلقها بشأن الأقليات العرقية والدينية، أو ما يُطلق عليه مكونات المجتمع العراقي، التي نزحت بسبب الاضطهاد في المواقع التي سيطر عليها داعش، كما أعربت في الوقت نفسه عن قلقها إزاء العائلات التي يُتصور انتماؤها لداعش مشيرة إلى أن هذه الأسر تتعرض للتهديد والمضايقة والعنف في مناطق النزوح ومناطقهم الأصلية ويُحرمون من الخدمات الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم.

 

* السيدة سيسيليا خيمينيز داماري، محامية في مجال حقوق الإنسان متخصصة في النزوح القسري والهجرة، لديها أكثر من عقدين من الخبرة في مجال مناصرة حقوق الإنسان في المنظمات غير الحكومية. تم تعيينها مقررة خاصة معنية بحقوق الإنسان للنازحين من قبل مجلس حقوق الإنسان في أيلول/ سبتمبر 2016. بصفتها مقررة خاصة، فهي جزء من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان . وتعتبر الإجراءات الخاصة، وهي أكبر هيئة من الخبراء المستقلين في منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الاسم العام لآليات المجلس المستقلة لتقصي الحقائق والرصد التي تعالج حالات قُطرية محددة أو قضايا مواضيعية في جميع أنحاء العالم. ويعمل خبراء الإجراءات الخاصة على أساس طوعي؛ فهم ليسوا من موظفي الأمم المتحدة ولا يحصلون على راتب لعملهم. وهم مستقلون عن أية حكومة أو منظمة، ويعملون بصفتهم الشخصية.