منظور عالمي قصص إنسانية
امرأة في مازامبارا، زيمبابوي، حيث كانت الأمطار شحيحة للغاية ، تحمل صفيحة من السيكاجا، وهي إحدى خيارات الغذاء عندما ينتهي الغذاء الذي يقدمه برنامج الأغذية العالمي.

آفاق نمو الاقتصاد العالمي: أزمة المناخ "تؤثر على نوعية الحياة وتغذي السخط العام"

WFP/Matteo Cosorich
امرأة في مازامبارا، زيمبابوي، حيث كانت الأمطار شحيحة للغاية ، تحمل صفيحة من السيكاجا، وهي إحدى خيارات الغذاء عندما ينتهي الغذاء الذي يقدمه برنامج الأغذية العالمي.

آفاق نمو الاقتصاد العالمي: أزمة المناخ "تؤثر على نوعية الحياة وتغذي السخط العام"

التنمية الاقتصادية

حذرت الأمم المتحدة في تقرير جديد اليوم الخميس من أن أزمة المناخ، بالإضافة إلى التفاوتات المستمرة وعدم المساواة وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية، تؤثر على مستوى ونوعية حياة الناس في العديد من المجتمعات وتغذي السخط العام الذي تشهده العديد من دول العالم.

ويوضح تقرير الأمم المتحدة "آفاق النمو الاقتصادي لعام 2020" أن الاقتصاد العالمي قد سجل في 2019 "أدنى معدل نمو له على مدى عقد من الزمن" بسبب النزاعات التجارية طويلة الأمد. كما يحذر التقرير من "ركود أو انخفاض متوقع في دخل الفرد" في دولة من بين كل 5 دول حول العالم.

ركود أو انخفاض في الدخل الفردي 

وقد شهدت أفريقيا عقدا من الركود في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، حسب التقرير، ولا زالت العديد من الدول تواجه خسائر في الناتج وانتكاسات في الحد من الفقر. ويورد الخبراء الاقتصاديون أن متوسط الدخل الحقيقي في ثلث البلدان النامية التي يقطنها 870 مليونا من سكان العالم قد انخفض بالفعل، بما في ذلك بلدان كبيرة مثل المملكة العربية السعودية والبرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا.

غياب نمو شامل عمَّق الشعور بالاستياء فتعالت الأصوات المنادية بالتغيير في جميع أنحاء العالم.  إليوت هاريس،  الأمين العام المساعد للتنمية الاقتصادية

وقد شدد كبير الاقتصاديين بالأمم المتحدة إليوت هاريس على ضرورة أن يتجاوز صانعو السياسات التركيز الضيق على مجرد تعزيز نمو الإنتاج المحلي "بإعطاء الأولوية للاستثمار في مشاريع التنمية المستدامة لتحسين التعليم والطاقة المتجددة. كما أشار إلى ضرورة "اتباع مزيج سياسات أكثر توازنا" ومزيد من الاندماج الاجتماعي والمساواة بين الجنسين. وأضاف السيد هاريس الذي يشغل منصب الأمين العام المساعد للتنمية الاقتصادية أن "غياب نمو شامل عمَّق الشعور بالاستياء، فتعالت الأصوات المنادية بالتغيير في جميع أنحاء العالم."

ضرورة التحول السريع نحو الطاقة المتجددة ومنخفضة الكربون

ومع أن التقرير الأممي يشير إلى احتمالية تحقيق نمو بنسبة 2.5% في 2020 – مقارنة بنسبة 2.3% في العام المنصرم، إلا أنه يحذر من أن "تصاعد النزاعات التجارية والجيوسياسية أو الاضطرابات المالية" قد يحول دون تحقيق ذلك.

وكان الأمين العام أنطونيو غوتيريش قد حذر من أن هذه العوامل الخطرة "قد تلحق أضرارا جسيمة وطويلة الأمد كما تهدد بتزايد الاتجاهات المنغلقة على ذاتها في حين أن الوضع يتطلب تعاونا دوليا" على حد تعبيره.

ويشدد الخبراء الاقتصاديون التابعون للأمم المتحدة الذين يقفون وراء هذا التقرير على دعوتهم إلى "تعديلات هائلة" في قطاع الطاقة، المسؤول حاليا عن ثلاثة أرباع انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.

نظام للشبكات الشمسية الصغيرة في إريتريا يقوم بتوفير الكهرباء في بلدتين صغيرتين والقرى المجاورة لهما.
نظام للشبكات الشمسية الصغيرة في إريتريا يقوم بتوفير الكهرباء في بلدتين صغيرتين والقرى المجاورة لهما. by UNDP Eritrea/Elizabeth Mwaniki

ويؤكد الخبراء أنه إذا استمر العالم في الاعتماد على الوقود الأحفوري خلال السنوات القليلة المقبلة وارتفعت الانبعاثات في البلدان النامية إلى مستوى تلك الموجودة في الدول الغنية، فستزيد الانبعاثات الكربونية العالمية بأكثر من 250 في المائة، مما قد يؤدي إلى نتائج كارثية.

كما يصر مؤلفو التقرير على ضرورة تلبية احتياجات العالم من الطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة البديلة أو منخفضة الكربون، والتي ستؤدي إلى فوائد بيئية وصحية، مثل انخفاض تلوث الهواء، بالإضافة إلى اتاحتها فرصا اقتصادية جديدة للعديد من البلدان.

ويقول تقرير "آفاق النمو الاقتصادي لعام "2020 إن الحاجة الملحة إلى التحول إلى الطاقة النظيفة لا يزال يتم التقليل من قيمته، مشيرا إلى مواصلة الدول في الاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز وتوليد الطاقة التي تعمل بالفحم. 

ويصف التقرير هذا الاعتماد على الوقود الأحفوري بأنه "قصير النظر"، مما يترك المستثمرين والحكومات عرضة لخسائر مفاجئة، مع تقلبات سعر النفط والغاز، فضلاً عن مساهمتهما في تدهور الظروف المناخية وتسبيب الاحتباس الحراري.

ويحذر التقرير من أن "المخاطر المرتبطة بأزمة المناخ أصبحت تحديا أكبر من أي وقت مضى" و "يجب أن يكون العمل المناخي جزءا لا يتجزأ من السياسات" الاقتصادية للدول.

ويذكِّر التقرير بأن الاستراتيجيات وتقنيات الانتقال إلى اقتصاد نظيف توفر طاقة يمكن الاعتماد عليها هي "متوفرة ومتاحة بالفعل."  ويوضح التقرير أن العمل على هذا الانتقال يتطلب إرادة سياسية ودعما عاما، وأن عدم التصرف حيال أزمة المناخ سيزيد من التكاليف الاقتصادية بشكل كبير في نهاية المطاف.

تباطؤ النمو في الولايات المتحدة، وتواصله في شرق آسيا

 ويورد التقرير الاقتصادي الشامل أن قرارات مثل خفض سعر الفائدة في الولايات المتحدة قد تنعش الاقتصاد في هذا البلد. لكن من المتوقع أن يسبب استمرار حالة عدم اليقين، بما في ذلك اتجاه السياسات وضعف الثقة في قطاع الأعمال وتراجع الحوافز المالية،  تباطؤا في نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.2% إلى 1.7% في 2020.

عاملة في مؤسسة صناعية تعمل في مجال الطباعة في كيوتو باليابان.
عاملة في مؤسسة صناعية تعمل في مجال الطباعة في كيوتو باليابان., by ILO/Marcel Crozet

من ناحية أخرى، يتوقع التقرير أن تظل منطقة "شرق آسيا أسرع المناطق نموا في العالم وأكبر مساهم في النمو العالمي" بحيث تشهد الصين "تراجعا تدريجيا" في نمو الناتج المحلي الإجمالي (من نسبة 6.1% في 2019، إلى 6.0% في 2020، ثم 5.9% في 2021، حسب توقعات التقرير.)

أيضا، يتوقع التقرير أن يكتسب النمو في البلدان الناشئة الكبيرة الأخرى (مثل البرازيل والمكسيك والهند والاتحاد الروسي وتركيا) بعض الزخم خلال 2020.

بالنسبة للاتحاد الأوربي، فسوف يتسبب التراجع المستمر في التصنيع بسبب حالة عدم اليقين العالمية ذاتها في تراجع النمو. غير أن التقرير يتوقع أن يتم تعويض ذلك جزئيا من خلال النمو المضطرد في الاستهلاك الخاص الذي "يسمح بزيادة متواضعة" في نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام الجديد (إلى 1.6%، من 1.4% في سابقه.)