منظور عالمي قصص إنسانية

تقرير أممي: أطفال سوريا "محرومون من طفولتهم" وجرائم مستمرة ترتكبها الحكومة والجماعات المسلحة

أطفال سوريون يقفون في ساحة مدرسة تحولت إلى مأوى مؤقت للاجئين في الرقة
©UNICEF/Bakr Alkasem
أطفال سوريون يقفون في ساحة مدرسة تحولت إلى مأوى مؤقت للاجئين في الرقة

تقرير أممي: أطفال سوريا "محرومون من طفولتهم" وجرائم مستمرة ترتكبها الحكومة والجماعات المسلحة

السلم والأمن

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية* تقريرا بعنوان "لقد محوا أحلام أطفالي" حول ما خلفته سنوات الحرب الثماني من انتهاكات صارخة لحقوق الأطفال الأساسية، من بينها القتل والتشويه والجروح والتيّتم والحرمان من التعليم وتحمّل وطأة العنف الذي ترتكبه الأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى تشريد أكثر من خمسة ملايين طفل داخل سوريا وخارجها.

وفي مؤتمر عُقد في جنيف الخميس، أكد باولو بينيرو، رئيس لجنة التحقيق، أن هذه الانتهاكات تؤثر على أجيال كثيرة في المستقبل، محمّلا الحكومة السورية المسؤولية الرئيسية لحماية الأطفال، إلا أنه قال إن على جميع الأطراف الفاعلة في النزاع بذل الجهود لحماية الأطفال، وأضاف "هالني تجاهل جميع الأطراف المتورطة في النزاع لقوانين الحرب واتفاقية حقوق الطفل بشكل صارخ."

لقد أدركت أن أخي تعرض لإطلاق النار على رأسه ورقبته. وشاهدت كيف خرجت روحه من جسده -- صبي في الحولة شاهد على إعدام أسرته في 2012

وتستند المعلومات التي أوردها التقرير المكون من 25 صفحة إلى نحو خمسة آلاف مقابلة أجريت في الفترة الواقعة بين 2011 وتشرين الأول/أكتوبر 2019 مع أطفال سوريين وشهود عيان وناجين وأقارب ناجين ومهنيين طبيين ومنشقين وأعضاء من المجموعات المسلحة والعاملين في مجال الرعاية الصحية والمحامين وأعضاء المجتمعات المتأثرة.

أبرز الاستنتاجات

وكشف التقرير عن استخدام قوات موالية للحكومة الذخائر العنقودية والقنابل الحرارية والأسلحة الكيميائية التي تسببت بسقوط عشرات الضحايا من الأطفال. كما استُخدم الاغتصاب والعنف الجنسي مرارا وتكرارا ضد الرجال والنساء والأولاد والفتيات كوسيلة للعقاب والإذلال وبث الخوف بين المجتمعات.

ووثَّقت اللجنة هجمات قامت بها القوات الحكومية والقوات الموالية لها في مناطق مكتظة بالسكان بدون هدف عسكري واضح، كما تسببت في وقوع عشرات من الضحايا بين الأطفال. وتبلغ هذه الهجمات حد جريمة الحرب المتمثلة في شن هجمات عشوائية تؤدي إلى وفاة أو إصابة المدنيين.

لقد محوا أحلام أطفالي. ودمروا ما بنيناه طوال حياتنا، وكانت ابنتي شديدة الاكتئاب عندما علمت بحرق بيتنا -- امرأة تتحدث عن أسرتها في إدلب في 2012

ووثقت اللجنة حالات تعمدت فيها القوات الحكومية الهجوم على المدارس وبذلك ارتكبت جريمة حرب. وقامت القوات الحكومية والميليشيات المرتبطة بها بحملات اعتقال واحتجاز مدنيين من مؤيدي المعارضة واحتجاز أطفال وإخضاعهم للتعذيب وسوء المعاملة. وهذه الأفعال في حال ارتكابها بعد بداية النزاع المسلح تبلغ حد جرائم الحرب المتمثلة في القتل والمعاملة السيئة والاعتداء على الكرامة الشخصية.

ووجدت اللجنة أن المجموعات المسلحة غير التابعة للدولة، أثناء احتجازها للأطفال مسؤولة عن التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، وعند ارتكاب هذه الأعمال في سياق نزاع مسلح غير دولي فإنها تشكل جرائم حرب تتمثل في الاختطاف والمعاملة القاسية والتعذيب.

في الفترة بين 2016 و2019، أعدم إرهابيون من تنظيم داعش أطفالا في الساحات العامة وبذلك ارتكبوا جرائم حرب متمثلة في القتل. وأجبروا فتيات من سن لا تزيد عن 14 عاما على الزواج من مقاتلي المجموعة، ويشكل الزواج القسري عنفا جنسيا ويبلغ حد جرائم الحرب.

التعليم في سوريا

هناك مراهقون في سن الخامسة عشر أو السادسة عشر لا يعرفون القراءة والكتابة -- مقابلة مع شخص ناقش التعليم في إدلب في 2019

وسلط التقرير الضوء على الوضع "المروّع" للتعليم في سوريا، والذي يبعث على القلق. ووجد التقرير أن آلاف المدارس دُمرت أو استخدمت لأغراض عسكرية منذ بداية النزاع. وتوقف أكثر من 2.1 مليون فتاة وصبي عن ارتياد المدرسة على أساس منتظم بأي شكل من الأشكال. وطالبت المفوضة كارين أبو زيد الحكومة السورية ببذل جهود عاجلة لدعم أكبر عدد ممكن من الأطفال للعودة إلى مقاعد الدراسة، وقالت "يجب على الجماعات المسلحة التي تسيطر على الأراضي أن تتصرف على عجل لتسهيل الوصول إلى التعليم."

وقال التقرير إن المجموعات المسلحة استخدمت المدارس لأغراض عسكرية. وتعرض الأطفال للاحتجاز واستُخدموا كورقة مساومة في عمليات تبادل الأسرى أو الحصول على الفدية.

قرارات مجلس الأمن ذات الصلة

مدرسة ابتدائية في ريف دمشق، سوريا، دمرت بسبب العنف المستمر في المنطقة. المصدر: اليونيسف / إم. عبدالعزيز
مدرسة ابتدائية في ريف دمشق، سوريا، دمرت بسبب العنف المستمر في المنطقة

وفقا لما أكده مجلس الأمن، في القرار 1261 لعام 1999 وكذلك في القرارات اللاحقة، فإنه ينبغي لأطراف النزاع المسلح اتخاذ التدابير الممكنة أثناء الصراعات المسلحة للتخفيف ما أمكن من الضرر الذي يتعرض له الأطفال." كما يطلب قرار مجلس الأمن 1325 لعام 2000 من جميع الأطراف في النزاع المسلح تطبيق جميع المعايير ذات الصلة من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تطبيقا كاملا من أجل حماية النساء والفتيات.

وقال المفوض هاني مجلي "تضطلع الدول بالتزامات محددة لحماية الأطفال، بما في ذلك حالات انعدام الجنسية، وعدم التزام الدول بهذه المبادئ الأساسية يعني بوضوح عدم تقيّدها بواجباتها."

توصيات

ومن التوصيات التي قدمتها اللجنة للحكومة السورية ضرورة احترام الحماية الخاصة التي يتمتع بها الأطفال بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وضمان المساءلة عن الانتهاكات التي حدثت، والتوقف عن استهداف المدارس والمرافق التعليمية، وإطلاق سراح جميع الأطفال المحتجزين وتصميم وتنفيذ برامج للتعافي الجسدي والنفسي.

وحثّت اللجنة، المكونة من ثلاثة مفوضين، على ضمان حماية الأطفال المشردين داخليا لاسيّما فيما يتعلق بالتزامات جميع الدول إعادة الأطفال الذين تربطهم صلات عائلية بمقاتلي تنظيم داعش إلى أوطانهم.

* تتألف لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية من السيد باولو سيرجيو بينيرو (رئيساً)، والسيدة كارين كونينج أبو زيد، والسيد هاني مجلي، وقد كُلّفت اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل الجمهورية العربية السورية منذ آذار/مارس 2011.