منظور عالمي قصص إنسانية

توقعات البنك الدولي: تحسن طفيف في النمو الاقتصادي في 2020 وسط تزايد الديون وتناقص نمو الإنتاجية

مقر البنك الدولي في العاصمة  الأميركية واشنطن.
UN News/Anton Uspensky
مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن.

توقعات البنك الدولي: تحسن طفيف في النمو الاقتصادي في 2020 وسط تزايد الديون وتناقص نمو الإنتاجية

التنمية الاقتصادية

في تقريره الصادر من العاصمة الأميركية عن آفاق العام الجديد، توقع البنك الدولي تراجعا في معدل النمو الكلي للاقتصادات المتقدمة، وتسارعا في وتيرة معدلات نمو اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية.

ورغم أن تقرير البنك الدولي يتنبأ بارتفاع في معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 2.5% في 2020، وبتعافٍ في معدلات الاستثمار والتجارة من مستوياتها المتدنية العام الماضي، إلا أنه يؤكد على أن "مخاطر التراجع لا تزال قائمة."

ويعزو البنك الدولي تراجع معدلات النمو في الاقتصادات المتقدمة كمجموعة– إلى 1.4% في عام 2020 – إلى استمرار ضعف نمو قطاع الصناعات التحويلية في هذه الاقتصادات. ورغم تنبؤه بتسارع وتيرة معدل النمو في البلدان النامية – إلى 4.1% – إلا أن التقرير يشير إلى أن هذا الانتعاش "لا يستند إلى قاعدة واسعة"، بل يفترض "تحسُّن أداء مجموعة صغيرة من الاقتصادات" الكبيرة التي بدأ بعضها في التعافي من فترة ركود شديد. 

والحال كذلك، يتوقع تقرير البنك الدولي أن "يشهد نحو ثلث اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية تباطؤا في وتيرة النمو" في 2020 بسبب "تراجع الصادرات ومعدلات الاستثمار."

وقالت نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات، جيلا بازارباسيوغلو، إنه نظرا لاحتمال استمرار هذا البطء "يجب على واضعي السياسات اغتنام الفرصة للاضطلاع بإصلاحات هيكلية تعزز النمو واسع القاعدة الذي يعد عاملا أساسيا للحد من الفقر."

وأضافت السيدة بازارباسيوغلو أن "اتخاذ خطوات لتحسين مناخ الأعمال وسيادة القانون وإدارة الديون ورفع الإنتاجية" سيساعد على تحقيق معدلات مستدامة للنمو.

مخاطر الركود

مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن.
World Bank/Simone D. McCourte
مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن. , by World Bank/Simone D. McCourte

ويحذر تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية من مخاطر الركود التي قد تؤدي إلى تباطؤ كبير في معدلات النمو. وتشمل هذه المخاطر، حسب التقرير "عودة تصاعد التوترات التجارية، وحالة عدم اليقين التي تكتنف السياسات التجارية، والفوضى المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية."

ويتوقع التقرير السنوي انخفاضا في معدل النمو في الولايات المتحدة إلى 1.8% بسبب "التأثيرات السلبية لزيادة الرسوم في وقت سابق واشتداد حالة عدم اليقين." كذلك، سيتراجع النمو في منطقة اليورو – المنطقة الأوروبية – وينخفض ب 1% "متأثرا بضعف نشاط القطاع الصناعي."

ويظهر التقرير أنه حتى إذا تحققت توقعاته بانتعاش النمو في البلدان النامية، فإن "نصيب الفرد من النمو سيبقى دون المتوسط على الأمد الطويل،" في هذه البلدان، وأقل بدرجة كبيرة من المطلوب لتحقيق أهداف تخفيف وطأة الفقر.

تراكم الديون

من تقرير البنك الدولي الآفاق الاقتصادية العالمية 2020
World Bank Group
من تقرير البنك الدولي الآفاق الاقتصادية العالمية 2020, by World Bank Group

مدير مجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي أيهان كوسي قال إن أسعار الفائدة العالمية المنخفضة "لا تقدم سوى وقاية هشة من الأزمات المالية." وأشار السيد كوسي إلى أن تاريخ موجات تراكم الديون السابقة "تنتهي في العادة نهايات غير سعيدة" داعيا إلى ضرورة "إدخال تحسينات على السياسات لتقليص المخاطر المرتبطة بموجة الديون الحالية."

ويوضح التقرير أنه ورغم تخفيف انخفاض سعر الفائدة العالمي من بعض المخاطر المرتبطة بزيادة الديون، إلا أن الموجات السابقة لتراكم الديون "انتهت بوقوع أزمات مالية على نطاق واسع." ويحث التقرير على بناء أُطُر مرنة للسياسات النقدية والمالية العامة للدول، وإنشاء أنظمة رقابية وتنظيمية فعالة للديون، واتباع ممارسات شفافة في إدارتها.

تراجع نمو الإنتاج، ونتائج سيئة لضوابط الأسعار

ويسلط تقرير الآفاق الاقتصادية الضوء على مظاهر تراجع معدلات نمو الإنتاجية وكيفية إنعاشها، باعتبارها عاملا رئيسيا للحد من الفقر. ويعزو التقرير التراجع في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية إلى "ضعف معدلات الاستثمار، وضآلة التحسن في مستويات الكفاءة، وتناقص عمليات إعادة تخصيص الموارد بين القطاعات."

ورغم أن ضوابط الأسعار المستخدمة في اقتصادات البلدان النامية كأداة لتنفيذ السياسات الاجتماعية، إلا أن التقرير يحذر من أنها "قد تتسبب في إضعاف الاستثمار والنمو" وتثقل كاهل المالية العامة للبلدان بأعباء ثقيلة. ويقول التقرير إن "إبدال ضوابط الأسعار بشبكات أمان اجتماعي" موسعة وجيدة التوجيه، وإصلاحات لتشجيع المنافسة، وبيئة تنظيمية سليمة "قد يصب في مصلحة الفقراء" ويساعد على دعم النمو.

ويورد التقرير أن معدل التضخم في البلدان منخفضة الدخل قد هوى إلى متوسط قدره 3% في منتصف عام 2019، مقارنة بـ 25% في 1994. ويعزو التقرير الهبوط إلى اتباع هذه الدول أنظمةً أكثر مرونة لأسعار الصرف، ومنحها استقلالا أكبر للبنوك المركزية، بالإضافة إلى عوامل أخرى.

غير أن الحفاظ على مستويات متدنية ومستقرة للتضخم "وسط الضغوط المتزايدة على المالية العامة، وخطر صدمات أسعار الصرف" يتطلب أن تعمل الدول على "تدعيم أُطُر السياسات النقدية وقدرات البنوك المركزية، وإبدال ضوابط الأسعار بسياسات أكثر كفاءة."

الآفاق الاقتصادية في أقاليم العالم

التجارة في  موانئ كمبوديا.
البنك الدولي/سوكينثيا تشهور
التجارة في موانئ كمبوديا. , by البنك الدولي/سوكينثيا تشهور

ورغم ارتفاع المعدل العالمي ككل، إلا أن التقرير يوضح أن ارتفاع النمو في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيكون متواضعا –2.4% – وهو الذي يُعزى إلى حد كبير إلى انتعاش الاستثمار وتحسن مناخ الأعمال. البلدان المصدرة للنفط سينتعش معدل النمو فيها حسب توقعات التقرير إلى 2%، وستدعم استثمارات البنية التحتية وإصلاحات مناخ الأعمال معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.2%.

ويتوقع التقرير أن يستقر اقتصاد إيران بعد عام من الانكماش مع انحسار تأثير العقوبات الأمريكية، واستقرار إنتاج النفط وصادراته. في الجزائر، من المرتقب أن يرتفع معدل النمو إلى 1.9% مع انحسار حالة عدم اليقين بشأن السياسات وانتعاش معدلات الاستثمار، بينما يتوقع أن يصل معدل النمو في مصر إلى 5.8%.

في جنوب آسيا، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 5.5% في 2020 على افتراض أن يشهد الطلب المحلي انتعاشا طفيفا، واستفادة النشاط الاقتصادي من اتباع سياسات توسعية في الهند وسري لانكا، وتحسن ثقة مؤسسات الأعمال، والدعم من استثمارات البنية التحتية في أفغانستان وبنغلاديش وباكستان.

في شرق آسيا والمحيط الهادئ، من المتوقع أن يتراجع معدل النمو إلى 5.7% في 2020 فيما يُعزَى إلى تراجع طفيف آخر للنمو الاقتصادي في الصين إلى 5.9% هذا العام وسط استمرار الأوضاع المحلية والخارجية المناوئة، ومنها الآثار المتبقية للتوترات التجارية.

وفي أوروبا وآسيا الوسطى، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو في المنطقة إلى 2.6% في 2020 على افتراض استقرار أسعار السلع الأولية الرئيسية والنمو في منطقة اليورو، والتعافي في تركيا (إلى 3%) وروسيا (إلى 1.6%). ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو في اقتصادات وسط أوروبا إلى 3.4% مع انحسار الدعم المقدم على صعيد المالية العامة، واستمرار الضغوط السكانية.

في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الإقليمي إلى 1.8% في 2020 مع تحسن النمو في أكبر اقتصادات المنطقة وانتعاش الطلب المحلي على المستوى الإقليمي. في البرازيل، من المتوقع أن تدعم زيادة ثقة المستثمرين، مع التيسير التدريجي لشروط الإقراض وسوق العمل انتعاش النمو ليصل إلى 2%. ومن المحتمل أن يرتفع معدل النمو في المكسيك إلى 1.2%. في الأرجنتين من المتوقع أن ينكمش النمو بنسبة 1.3%، ويرتفع معدل النمو في منطقة البحر الكاريبي ككل إلى 5.6%.

في أفريقيا جنوب الصحراء، من المتوقع أن ينتعش معدل النمو  إلى 2.9% على افتراض أن يؤدي تحسن ثقة المستثمرين في بعض الاقتصادات الكبيرة، وانحسار اختناقات الطاقة، وارتفاع إنتاج النفط إلى تعافي اقتصادات البلدان المصدرة للنفط، وأن يستمر نمو قوي في البلدان المصدرة للسلع الزراعية. في دولة جنوب أفريقيا، سينتعش النمو قليلا إلى 0.9% على افتراض تسارع وتيرة أجندة الحكومة الجديدة للإصلاح، بينما يتوقع أن تشهد نيجيريا ارتفاعا في معدل النمو إلى 2.1%.