الهولوكوست، رواندا، سربرينيتسا، كمبوديا: الإبادة الجماعية آفة تتسبب في معاناة شديدة والتعافي منها يستغرق أجيالا
دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى أهمية الاستثمار في منع الإبادة الجماعية، قائلا إننا نشهد في جميع أنحاء العالم زيادة مثيرة للقلق في كراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية والكراهية الموجهة ضد المسلمين والهجمات ضد المسيحيين، وكثيرا ما تغذيها الأيديولوجيات القومية والشعبوية.
وفي رسالته بمناسبة اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة شدد الأمين العام على أهمية الاعتراف بأن "محرقة اليهود لم تبدأ بعنابر الغاز، كما أن الإبادة الجماعية في رواندا أو سربرينيتسا أو كمبوديا لم تبدأ بعمليات قتل جماعي. فقد سبق كل ذلك التمييز وخطاب الكراهية والتحريض على العنف وتجريد الآخر من إنسانيته." وأضاف:
"دعونا نحيي ذكرى ضحايا هذه الجريمة الفظيعة بتذكر معاناتهم وتجديد الالتزام بالمساواة ومنع الإبادة، لا في أقوالنا فحسب بل في أعمالنا أيضا."
ويهدف الاحتفاء بهذا اليوم إلى زيادة الوعي باتفاقية منع الإبادة الجماعية والاحتفاء بدورها في مكافحة ومنع هذه الجريمة وتكريم ضحاياها.
وفي هذا اليوم، أشار الأمين العام إلى أننا نتذكر ونحيي ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية البشعة، ونتفكر أيضا فيما يمكن أن نقوم به أكثر في سبيل الوفاء بالمسؤوليات المحددة في اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
غوتيريش: العالم خذل السكان المهددين بخطر الإبادة الجماعية
ففي كثير من الأحيان، أوضح الأمين العام أن العالم خذل السكان المهددين بخطر الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتطهير العرقي، قائلا إن الأمثلة كثيرة، ونعرفها جيدا، لكنها لا تزال، حتى اليوم، آفة تتسبب في معاناة شديدة. وقال إن التغلب على الآثار المدمرة على الضحايا والمجتمعات المحلية والمجتمع ككل، والتعافي منها، يمكن أن يستغرق أجيالا.
وقال غوتيريش إن الإسراع في الاستجابة لعلامات الإنذار المبكر والاستثمار في الوقاية المبكرة يمكن أن ينقذ الأرواح ويدرأ تدمير مجموعات ضعيفة، كليا أو جزئيا. وأضاف:
"حيثما نرى الناس يواجهون التمييز المنهجي أو يصبحون أهدافا للعنف، لا لشيء إلا بسبب من يكونون بحكم هويتهم، يجب علينا التحرك - للدفاع في آن معا عن أولئك الذين هم عرضة لخطر داهم وأولئك الذين يمكن أن يكونوا عرضة للخطر مستقبلا. وبإشاعة ثقافة قوامها السلام ونبذ العنف تشمل احترام التنوع وعدم التمييز، يمكننا إقامة مجتمعات قادرة على مواجهة خطر الإبادة الجماعية."
غوتيريش: منع الإبادة الجماعية ضرورة أخلاقية والتزام قانوني
وقال غوتيريش إن منع الإبادة الجماعية ليست ضرورة أخلاقية وحسب، بل هي التزام قانوني منصوص عليه في المادة الأولى من الاتفاقية، مشيرا إلى أن الالتزام الرئيسي بمنع الإبادة الجماعية يقع على عاتق الدول.
وأشاد الأمين بكل من تركمانستان ودومينيكا وموريشيوس لاستجابتها لندائه الذي وجهه في العام الماضي من أجل التصديق العالمي على اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وحث الدول الـ 42 التي لم تصدق بعد على الاتفاقية على القيام بذلك على سبيل الأولوية.
ولفت أمين عام الأمم المتحدة الانتباه إلى الدور الحيوي الذي يؤديه المجتمع المدني والزعماء الدينيون ووسائط الإعلام والمدرسون. أشار إلى المبادرتين اللتين أطلقهما هذا العام، وهما استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية وخطة العمل المتعلقة بحماية المواقع الدينية، قائلا إن المبادرتين تهدفان إلى تحفيز عملنا وتشجيع المساهمات من هؤلاء الشركاء، والعمل جنبا إلى جنب مع الدول.
أداما ديانغ: الكلمات تقتل مثل الرصاص
ومن جانبه، يقول أداما ديانغ المستشار الخاص للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية إن الكلمات تقتل مثل الرصاص وإن جرائم الكراهية، يسبقها خطاب كراهية.
وفي حوار سابق مع القسم الإعلامي بالأمم المتحدة وضع ديانغ سياقا تاريخيا للاتجاهات الحالية، وقال إن "ما شهدناه في ميانمار ضد السكان الروهينجا بدأ أيضا بخطاب الكراهية."
"يجب أن نبذل كل الجهود لضمان منع وقوع الهجمات مثل ما شهدناه في سريلانكا عندما تم الاعتداء على الكنائس، والهجوم على (المسجدين) في نيوزيلاندا، و(الكنيس اليهودي) في بيتسبرغ بالولايات المتحدة. كل ذلك يجب أن يتوقف. ولكي يتوقف، يتعين أن نستثمر بشكل أكبر في حشد الشباب والدعوة إلى أن تصبح الأفعال أدوات للسلام والحب وتعزيز التناغم الاجتماعي في عالمنا بدلا من أن تكون أداة لارتكاب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت يوم 9 كانون الأول/ديسمبر بوصفه يوما دوليا لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة. كما أن 9 كانون الأول/ديسمبر يصادف الذكرى السنوية لاعتماد اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها .