منظور عالمي قصص إنسانية

تطوران مقلقان في سوريا بحسب مفوضية حقوق الإنسان التي تدعو إلى وقف فوري للهجمات العشوائية على المدنيين 

ألغام ومتفجرات من مخلفات الحرب عرضت خلال فعالية في نيويورك بمناسبة الذكؤى العشرين لدخول اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد حيز النفاذ.
UN News/Abdelmonem Makki
ألغام ومتفجرات من مخلفات الحرب عرضت خلال فعالية في نيويورك بمناسبة الذكؤى العشرين لدخول اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد حيز النفاذ.

تطوران مقلقان في سوريا بحسب مفوضية حقوق الإنسان التي تدعو إلى وقف فوري للهجمات العشوائية على المدنيين 

السلم والأمن

أعربت مفوضية حقوق الإنسان عن القلق إزاء تطورين مقلقين وأثرهما المباشر على المدنيين. الأول، ارتفاع وتيرة الاستخدام العشوائي للمتفجرات محلية الصنع في الأحياء السكنية والأسواق المحلية. أما مصدر القلق الثاني، فهو طفرة أخرى في العمليات العسكرية في "منطقة خفض التصعيد" بإدلب بعد الهدوء النسبي الشهر الماضي.

 

وأوضح المتحدث باسم المفوضية في جنيف روبرت كولفيل، أنه تم استخدام الأجهزة المتفجرة المرتجلة بشكل أساسي في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة التابعة لها، وبدرجة أقل في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة الكردية في شمال وشمال شرق سوريا.  

وقال "قد يكون استخدام الأجهزة المتفجرة المرتجلة بمثابة هجوم عشوائي، أو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي ويشكل جريمة حرب". 

ومنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 22 تشرين الثاني/أكتوبر، سجلت المفوضية زيادة في عدد الهجمات بالعبوات الناسفة، بما في ذلك الأجهزة المتفجرة المرتجلة الموضوعة على مركبات (VBIED)، في المناطق المأهولة بالسكان بما في ذلك الأحياء السكنية وداخل ما لا يقل عن 12 سوقا ومنطقة تجارية مزدحمة في الحسكة والرقة وحلب. 

العبوات الناسفة أدت إلى مقتل 78 مدنيا على الأقل

تشير الحوادث التي تم التحقق منها إلى وقوع 49 هجوما على الأقل باستخدام أنواع مختلفة من العبوات الناسفة في الفترة ما بين 22 تشرين الثاني/أكتوبر و3 كانون الأول/ديسمبر، تم تسجيل 43 منها في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة التابعة لها. وذكر كولفيل أنه نتيجة لهذه الهجمات، سجلت المفوضية وفاة 78 مدنيا على الأقل، بمن فيهم 53 رجلا وسبع نساء و18 طفلا، وبالإضافة إلى إصابة 307 أشخاص بجراح. ووقع 72 من القتلى و258 من الإصابات في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة التابعة لها. 

في الأسبوع الماضي، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، قُتل ما لا يقل عن 12 مدنيا، من بينهم ثمانية رجال وامرأتان وصبيان نتيجة لما زُعم أنه سيارة مفخخة انفجرت في منطقة سكنية في بلدة تل حلف في ريف رأس العين بالحسكة. وفي نفس اليوم، قُتل ستة مدنيين، من بينهم أربعة رجال وصبيان، عندما انفجرت سيارة مفخخة قرب محطة وقود في حي الصناعة في مدينة تل الأبيض في شمال الرقة. 

تصعيد في منطقة "خفض التصعيد" 

وأشارت المفوضية إلى أمر آخر مثير للقلق يتعلق باستمرار العمليات العسكرية في "منطقة خفض التصعيد" في إدلب. وقال المتحدث باسم المفوضية إن الغارات الجوية والغارات الأرضية التي شنتها القوات الحكومية وحلفاؤها استمرت في ضرب المناطق الخاضعة لسيطرة الجهات المسلحة غير الحكومية في إدلب وحلب، مما أسفر عن وقوع إصابات بين المدنيين.  

وأوضح كولفيل للصحفيين في جنيف أن الجماعات المسلحة من غير الدول، صعّدت هي أيضا الهجمات على المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، بما في ذلك جنوب إدلب وشمال حماة ومدينة حلب. وأشار كولفيل إلى مقتل سبعة مدنيين وجرح ما لا يقل عن 29 مدنيا، نتيجة لما زُعم أنه غارات أرضية من قبل جماعات مسلحة غير حكومية ضربت عدة أحياء في مدينة حلب في 21 تشرين الثاني/نوفمبر. 

مدينة إدلب السورية. أيلول / سبتمبر 2018. (ملف)
برنامج الأغذية العالمي
مدينة إدلب السورية. أيلول / سبتمبر 2018. (ملف)

 

أكثر الحوادث دموية وقعت في إدلب

وذكرت المفوضية أنه على الرغم من وقف إطلاق النار، يستمر ورود أنباء عن قتال متقطع في شمال شرق سوريا. في 2 كانون الأول/ ديسمبر وحده، قُتل 10 مدنيين، من بينهم ثمانية أولاد، وجُرح 12 مدنيا، من بينهم امرأتان وسبعة أولاد، نتيجة لما زُعم أنه غارات أرضية من جانب جماعات مسلحة تركية تابعة لها وقعت بالقرب من مدرسة في حي سكني في مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي. "جميع الضحايا كانوا من النازحين داخليا من منطقة عفرين في شمال غرب حلب وتراوحت أعمار الأطفال الذين قتلوا وجرحوا بين 3 و15 سنة"، بحسب روبرت كولفيل. 

وقال المتحدث إنه في أكثر الحوادث دموية في إدلب، قُتل 10 مدنيين عندما تعرض سوق في مدينة معرة النعمان لهجوم جوي مزعوم في 2 كانون الأول/ديسمبر. في نفس اليوم، ضربت عدة غارات أيضا سجن إدلب المركزي، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، من بينهم امرأة وطفلاها الذين كانوا يزورون أحد أفراد الأسرة المسجونين. وأشار كولفيل أن السجن نفسه تعرض للقصف مرارا من قبل، بما في ذلك في 13 آذار/مارس الماضي. 

في بننيش في الجمهورية العربية السورية، يعيش النازحون داخلياً من إدلب في مدرسة مدمرة بينما تزودهم ناقلة بالمياه ومن ثم ينقلها الأطفال بحاويات صغيرة.
© UNICEF/Omar Haj Kadour
في بننيش في الجمهورية العربية السورية، يعيش النازحون داخلياً من إدلب في مدرسة مدمرة بينما تزودهم ناقلة بالمياه ومن ثم ينقلها الأطفال بحاويات صغيرة.

 

لا للهجمات العشوائية التي تستهدف المدنيين

ودعت المفوضية جميع أطراف النزاع إلى "أن تتوقف فورا وأن تمتنع عن توجيه الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية وعن أي هجمات عشوائية، وأن تحقق في جميع هذه الحوادث". 

وأكد كولفيل أن الدول التي تدعم أطراف النزاع، حتى عندما لا تشارك مباشرة في الأعمال العدائية، "ملزمة باحترام وضمان احترام القانون الإنساني الدولي في جميع الظروف".  

وفي هذا السياق، حث الدول على "اتخاذ جميع التدابير الممكنة لوقف أي الانتهاكات من جانب حلفائها". وذكّر جميع أطراف النزاع بمسؤوليتها عن حماية المدنيين والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. 

 

أطفال سوريون يتحدثون عن القصف الذي طال مخيم النزوح في محافظة إدلب