منظور عالمي قصص إنسانية

غوتيريش لمجلس الأمن: النساء ما زلن يواجهن الاستبعاد من مفاوضات السلام والعمليات السياسية

جندية وجندية من حفظة السلام من ملاوي العاملة في عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار يقومان الأطفال أثناء دورية عمل في آب / أغسطس 2012.
ONUCI/Patricia Esteve
جندية وجندية من حفظة السلام من ملاوي العاملة في عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار يقومان الأطفال أثناء دورية عمل في آب / أغسطس 2012.

غوتيريش لمجلس الأمن: النساء ما زلن يواجهن الاستبعاد من مفاوضات السلام والعمليات السياسية

المرأة

حذر أمين عام الأمم المتحدة، أمام جلسة نقاش مفتوحة لمجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء، من أن "الفشل في التعامل مع قضايا حقوق المرأة" وفي الدفع بمبادئ أجندة المرأة والسلام والأمن "ستكون تكاليفه باهظة" على العالم. مجلس الأمن اتخذ قرارا يعيد التأكيد على ضرورة تنفيذ كل القرارات الحالية المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن.

 

وقد جاء النقاش المفتوح لمجلس الأمن – اليوم الثلاثاء – حول "المرأة والسلام والأمن" في إطار الاستعداد للاحتفال بالذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن 1325، وفي مسعى لتحقيق الانتقال من إعلان دول العالم التزامها بأجندة المرأة والسلم والأمن إلى مرحلة تحقيق وتنفيذ هذه الالتزامات على أرض الواقع.

وقد اعتمد المجلس قرارا ووثيقة ختامية، دفعت إلى تبنيها دولة جنوب أفريقيا – رئيسة المجلس للشهر الحالي – توفر التزاما سياسيا دوليا يعيد التأكيد على ضرورة تنفيذ كل القرارات الحالية المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن، وتحقيقها واقعا على الأرض.  

ويطالب القرار 2493 من بين أشياء أخرى، بمزيد من المعلومات حول التقدم والانتكاسات في أجندة المرأة والسلام والأمن، ويقدم توصيات لمواجهة التحديات الناشئة أمام هذه الأجندة.

كما يدعو القرار إلى تعيين مستشاري حماية في الشؤون الجنسانية و / أو شؤون المرأة وذلك لحماية "المشاركة الكاملة والفعالة" للمرأة في عمليات الإعداد للانتخابات ونزع السلاح والإصلاحات القضائية وعمليات إعادة الإعمار الأوسع نطاقا بعد انتهاء الصراع.

لابد من ترجمة الالتزامات إلى تغيير حقيقي

الأمين العام أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام اجتماع مجلس الأمن للأمم المتحدة حول المرأة والسلام والأمن.
UN Photo/Eskinder Debebe
الأمين العام أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام اجتماع مجلس الأمن للأمم المتحدة حول المرأة والسلام والأمن.

المسؤول الأممي الأرفع أكد في كلمته أمام أعضاء المجلس أن الأجندة الخاصة بالمرأة والسلام والأمن تمثل بالفعل إحدى الأولويات العليا للأمم المتحدة، مشيرا إلى اتخاذ مجلس الأمن لقرارات عديدة هامة في هذا السياق، "بما في ذلك القرار التاريخي 1325" والقرارات اللاحقة له.

مع ذلك، قال الأمين العام إن "الحقيقة المحزنة هي أن الالتزام الذي ينعكس دائما حول هذه الطاولة" في مجلس الأمن "لا يُترجم إلى تغيير حقيقي في جميع أنحاء العالم"، أو أن التغيير لا يأتي بسرعة كافية أو يمضي في غاياته بما يكفي، حسب قوله.

واستعرض غوتيريش أمثلة عديدة من أنحاء العالم للبطء الذي يتسم به تحقيق التغيير على الواقع بالنسبة للنساء والفتيات، حسب تعبيره.  

من بين هذه الأمثلة أن اتفاقات السلام حول العالم ما زالت "تتم دون أحكام تراعي احتياجات وأولويات النساء والفتيات" وأن نسبة ضئيلة فقط من التمويل "تصل إلى 0.2 في المائة يتم تقديمها للمنظمات النسائية العاملة في الحالات الهشة والمتأثرة بالصراع".

كما أشار غوتيريش إلى تزايد الهجمات ضد المدافعات عن حقوق الإنسان والعاملات في المجال الإنساني وبناة السلام، وذكَّر بأن العنف الجنسي والجنساني لا يزال مستخدما كسلاح في الحرب. كذلك قال الأمين العام إن "ملايين النساء والفتيات ما زلن بحاجة إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية" المنقذة للحياة، وملايين منهن "يحتجن إلى تدخلات لمنع العنف الجنسي والجنساني".

وأشار غوتيريش بشكل خاص إلى مثال معاناة النساء في شمال شرق سوريا حيث "رأينا الآلاف من النساء والأطفال يفرون من أعمال العنف الأخيرة" في هذه المنطقة.

نجاحات تتحقق، لكن الطريق ما زال طويلا

من ناحية أخرى أشار غوتيريش إلى عدة نجاحات في تنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن، من بينها ما تشهده الجولات الرسمية للمفاوضات حول اليمن. وقال غوتيريش إنه وعلى الرغم من ضعف تمثيل النساء في هذه المفاوضات، فقد "أنشأ مبعوثي الخاص فريقا استشاريا نسائيا يمنيا لضمان إدراج وجهات نظر المرأة اليمنية" حول الوضع في بلادهن.

كذلك سلط الأمين العام الضوء على نسبة الـ 30 في المائة من المشاركة النسائية في مداولات اللجنة الدستورية السورية التي ستبدأ أعمالها يوم الأربعاء القادم في جنيف.

وقال غوتيرش إن منظومة الأمم المتحدة التي يتولى أمانتها تقوم أيضا بتنفيذ سياسات جديدة أقوى بشأن المرأة والسلام والأمن، حيث طلب الأمين العام من جميع رؤساء البعثات السياسية الخاصة إحاطته بانتظام عن الجهود التي يبذلونها لتعزيز المشاركة المباشرة والفعالة المؤثرة للمرأة في جميع مراحل عمليات السلام.

"تباين صارخ" بين الأقوال والأفعال

المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو-نوكا تقدم آخر تقرير للأمين العام بشأن أجندة المرأة والسلم والأمن،  أمام مجلس الأمن 29 أكتوبر 2019
UN Photo/Eskinder Debebe
المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو-نوكا تقدم آخر تقرير للأمين العام بشأن أجندة المرأة والسلم والأمن، أمام مجلس الأمن 29 أكتوبر 2019

من ناحيتها، قدمت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، السيدة بومزيلي ملامبو-نوكا، آخر تقرير للأمين العام عن المجلس بشأن أجندة المرأة، مشيرة إلى "التناقض الصارخ" بين عروض الدعم والواقع.

وقالت المديرة التنفيذية إننا "ما زلنا نعيش في عالم يتسامح مع – ويستمر في – استبعاد المرأة من السلام والعملية السياسية" ومؤسساتها، مشيرة إلى أنه بعد انتهاء الصراعات، يهيمن الرجال على إعادة الإعمار على نطاق واسع بينما يقتصر الانتعاش الاقتصادي للمرأة على نطاق صغير من أنشطة المشاريع الصغيرة.

كما أكدت بومزيلي ملامبو-نوكا أن "دعوات المنظمة النسوية المتكررة لنزع السلاح وتحديد الأسلحة وتحويل الإنفاق العسكري إلى استثمارات اجتماعية" لم تتم الإستجابة لها من المجتمع الدولي.

وفي معرض الإشارة إلى أن العديد من محادثات السلام الأخيرة قد استبعدت النساء أو أهملتهن، قالت  إن "بإمكاننا أن نفعل ما هو أفضل من ذلك"، وأن المجتمع الدولي بحاجة إلى إرادة مجلس الأمن السياسية للمطالبة بمشاركة مباشرة وحقيقية للمرأة في محادثات السلام".  

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن أقل من ثمانية في المائة من الاتفاقات التي تم التوصل إليها ، تتضمن أحكاما ذات صلة بنوع الجنس - أقل من 39 في المائة مقارنة بعام 2015.

ناشطة سودانية تطالب مجلس الأمن بدعم تمثيل متكافئ للنساء في بلادها

الناشطة السودانية الشابة آلاء صلاح في اجتماع مجلس الأمن الدولي حول المرأة والسلام والأمن: نحو التنفيذ الناجح لجدول الأعمال المتعلق بالمرأة
UN Photo/Evan Schneider
الناشطة السودانية الشابة آلاء صلاح في اجتماع مجلس الأمن الدولي حول المرأة والسلام والأمن: نحو التنفيذ الناجح لجدول الأعمال المتعلق بالمرأة

واستضافت المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن متحدثة شابة تمثل إحدى منظمات المجتمع المدني النسائية من جمهورية السودان، مطالبة المجلس بدعم أجندة المرأة والسلام في بلادها. ودعت الناشطة الشابة آلاء صلاح، 22 عاما، أعضاء المجلس إلى "الضغط على الحكومة الانتقالية وقوى إعلان الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح لدعم المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للنساء".

ونادت الناشطة بدعم تمثيل للنساء السودانيات بنسبة " 50% على الأقل في جميع عمليات السلام، كما في المفاوضات الحالية، وعلى جميع مستويات الحكومة."

وقالت الناشطة الشابة – التي مثلت صورها في الصحافة العالمية ومنصات التواصل رمزا لمشاركة الشباب والفتيات في الحراك السلمي الذي قام بتغيير النظام السياسي في بلادها – إن العمل السياسي لم يكن جزءا من نشأتها داخل أسرة عادية من الطبقة المتوسطة. غير أن مشاهدتها لما يعانيه نصف سكان السودان ممن يعيشون في فقر، دفعت الكثير من الشباب والشابات إلى الانخراط في القضايا السياسية   حيث "أصبحت معركتنا من أجل الخبز هي معركة من أجل حريتنا.".

وأكدت الشابة الناشطة آلاء أن قصتها هي قصص الآلاف من الرجال والنساء السودانيين الذين خاطروا بحياتهم وسبل عيشهم للمطالبة بإنهاء الديكتاتورية. وقالت إن رحلتها التي قادتها للتحدث أمام مجلس الأمن قد "مهدت لها مجموعة كبيرة من النساء السودانيات اللواتي ناضلن من أجل السلام والعدالة في مجتمعاتنا لعدة عقود"؛ وأضافت "من دونهن لن أكون هنا" في مجلس الأمن الدولي.