آخر التطورات في سوريا: وكالات الأمم المتحدة تشدد على ضرورة حماية المدنيين وتجنب استهدافهم

في أعقاب بدء القوات التركية شن غارات جوية مصحوبة بهجوم بري عبر الحدود مع سوريا، تتابع وكالات الأمم المتحدة بقلق شديد آخر تطورات الأوضاع الإنسانية في شمال شرق البلاد، وسط دعوات متكررة إلى ضرورة حماية وعدم استهداف المدنيين. وذكّرت الوكالات الأممية في بيانات منفصلة، صادرة اليوم الخميس، جميع الأطراف بالتزاماتها وفقا للقانون الدولي.
منظمة اليونيسف أعربت عن بالغ القلق إزاء التطورات الأخيرة في شمال شرق سوريا، وحثت جميع الأطراف على حماية الأطفال والبنية التحتية المدنية التي يعتمدون عليها، وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وفي بيان حول آخر التطورات في سوريا، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا فور إن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان يسبب أضرارا غير مقبولة للأطفال.
وشددت على أن التصعيد العسكري في شمال شرق سوريا سيكون له عواقب وخيمة على قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على توفير المساعدة والحماية لآلاف الأطفال المعرضين للخطر.
وجددت هنريتا فور التأكيد على أن الحل الوحيد لهذا الصراع هو من خلال الوسائل السياسية ويجب على جميع الأطراف ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة.
من جانبها، ذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بأن تصعيد الصراع في شمال سوريا يهدد بإحداث المزيد من المعاناة الإنسانية وإضافة نزوح جديد إلى ما هو بالفعل أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث إن عشرات الآلاف من المدنيين في طريقهم للفرار من القتال والبحث عن الأمان.
جاء ذلك في بيان أصدرته، اليوم الخميس، ودعت فيه الأطراف إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك توفير إمكانية الوصول إلى وكالات المعونة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن مئات الآلاف من المدنيين في شمال سوريا في طريق الأذى الآن، مشددا على أن المدنيين والبنية التحتية المدنية لا ينبغي أن يكونوا هدفا.
وأشار غراندي إلى تفاقم حالة أولئك المحاصرين في مناطق القتال بسبب انخفاض درجات الحرارة في جميع أنحاء المنطقة مع بدء الطقس البارد. وجدد التأكيد على الحاجة الملحة لعمل إنساني غير مقيد من أجل الوصول إلى النازحين الجدد ومساعدتهم حيثما كان ذلك مطلوبا، مشددا على ضرورة أن تكون المنظمات الإنسانية قادرة على الاستمرار في أداء عملها الحيوي في سوريا.
وكرر السيد غراندي تأكيد موقف مفوضية اللاجئين بأن أي عودة للاجئين إلى سوريا يجب أن تكون طواعية وكريمة وفي وقت تكون فيه الأوضاع آمنة، مشيرا إلى أن الأمر متروك للاجئين لتحديد ما إذا كانوا يرغبون في العودة.
وبعد ثماني سنوات من الصراع، تقول مفوضية شؤون اللاجئين إن سوريا لا تزال أكبر أزمة اللاجئين في العالم، حيث يعيش 5.6 مليون سوري كلاجئين في المنطقة، موضحة أن تركيا تستضيف أكثر من 3.6 مليون منهم، مما يجعلها البلد المضيف الأول للاجئين في العالم، وبالإضافة إلى ذلك فهناك أكثر من 6.2 مليون نازح داخل سوريا حسب تقديرات الأمم المتحدة.
وأكدت المفوضية أنها تدعم اللاجئين السوريين والنازحين والبلدان المضيفة منذ بداية الأزمة في عام 2011، وستواصل توفير الحماية المنقذة للحياة والمساعدة للمحتاجين، معظمهم من النساء والأطفال.
ومن ناحية أخرى، ذكّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر المشاركين في القتال في سوريا بالتزاماتهم بموجب القانون بتجنب المدنيين وجميع الآخرين الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية، بما في ذلك المعتقلون وجميع الذين يفرون من القتال.
وشدد رئيس اللجنة للشرق الأدنى والشرق الأوسط، فابريزيو كاربوني، على ضرورة أن تكون جميع المناطق آمنة للمدنيين ولأي شخص آخر لا يشارك مباشرة في القتال، قائلا إن ذلك "مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي الإنساني".
ودعا كاربوني إلى عدم استهداف البنية التحتية المدنية خلال الأعمال العدائية، مع ضرورة السماح بمرور الإغاثة الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك الخدمات الطبية، إضافة إلى حماية واحترام العاملين في المجالين الطبي والإنساني، بمن فيهم أولئك الذين يعرضون شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر. ودعا إلى معاملة جميع المحتجزين معاملة إنسانية.
ومع فرار آلاف الأشخاص من المناطق المتضررة من الأعمال العدائية، أوضح كاربوني أن اللجنة الدولية تحاول الآن تقييم الاحتياجات الجديدة التي ظهرت بهدف الاستجابة إليها.
وتشير اللجنة إلى استضافة أكثر من 100 ألف نازح في المخيمات حاليا في شمال شرق سوريا (محافظات الحسكة والرقة ودير الزور)، مشيرة إلى أن أكثر من 68 ألف شخص يعيشون في مخيم الهول وحده، ثلثاهم من الأطفال، حيث تدير اللجنة الدولية مستشفى ميدانيا بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري بدعم من الصليب الأحمر النرويجي.
وذكرت اللجنة أنها تزور الأشخاص في المخيمات وأماكن الاحتجاز التي تضم سوريين وعراقيين وغيرهم من رعايا البلدان الثالثة، بينما تبذل قصارى جهدها لدعم هؤلاء السكان الذين هم في أمس الحاجة إلى الخدمات الإنسانية. وبينت أن بعض المخيمات التي تمت زيارتها في شمال شرق سوريا تضم أعدادا كبيرة من النساء والأطفال الأجانب.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا مرارا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، إزاء تطورات الأوضاع في شمال شرق سوريا، وخاصة الخطر الذي قد يتعرض له المدنيون جراء أي عمليات عسكرية محتملة.