منظور عالمي قصص إنسانية

مفوضة حقوق الإنسان تدعو قادة فنزويلا إلى وضع حقوق الشعب قبل أي طموحات شخصية أو أيديولوجية أو سياسية

مئات الأطفال يعبرون هذا الجسر يوميا من فنزويلا للتوجه إلى المدارس في كولومبيا.
UNICEF/Arcos
مئات الأطفال يعبرون هذا الجسر يوميا من فنزويلا للتوجه إلى المدارس في كولومبيا.

مفوضة حقوق الإنسان تدعو قادة فنزويلا إلى وضع حقوق الشعب قبل أي طموحات شخصية أو أيديولوجية أو سياسية

حقوق الإنسان

أكدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة في فنزويلا هو الحوار، وشجعت "الحكومة على النظر إلى المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان كشركاء في القضية المشتركة لحقوق الإنسان والعدالة"، بما يمهد لاتفاق سياسي دائم يؤدي إلى المصالحة. 

في خطابها أمام الدورة الحادية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان، أشارت باشيليت إلى عدد من النقاط الإيجابية، بما فيها موافقة الحكومة الفنزويلية على السماح لمكتبها باستمرار رصد وضع حقوق الإنسان في البلاد، وتقديم المساعدة والمشورة الفنية، وإجراء تقييم للجنة الوطنية لمنع التعذيب والوصول بشكل كامل إلى جميع مراكز الاحتجاز.  

وكانت السلطات الفنزويلية قد وافقت على قبول عشر زيارات من مجلس حقوق الإنسان خلال العامين المقبلين وقالت إنها ستتعاون بشكل أكبر مع الهيئات الدولية لحقوق الإنسان، واستجابت كذلك لدعوة مفوضة حقوق الإنسان بإطلاق سراح عدد من المحتجزين، ولكن ليس جميعهم. 

وقالت باشيليت إن ذلك "يدل على بداية لمشاركة إيجابية في العديد من قضايا حقوق الإنسان في البلاد". ولكنها أشارت مع ذلك، كما جاء في تقرير مكتبها، إلى تقلص المؤسسات الأساسية وسيادة القانون في فنزويلا بشكل كبير. إذ "تنطوي ممارسة حرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، والحق في المشاركة في الحياة العامة، على خطر الانتقام والقمع"، حسب تعبيرها. وقالت باشيليت: 

"يشير تقريرنا إلى الهجمات ضد المعارضين الفعليين - أو من يتصور أنهم معارضون - والمدافعين عن حقوق الإنسان، بدءا من حملات التهديد والتشويه إلى الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي والقتل والاختفاء القسري. وقد استخدمت القوة المفرطة والمميتة مرارا وتكرارا ضد المحتجين".  

وكان التقرير قد وثق استخدام قوات الأمن الخاصة للقوة بصورة مفرطة في عمليات أمنية، مما أدى إلى مقتل العديد، معظمهم من الشباب. وقالت المفوضة السامية إن الكثير من عمليات القتل قد يشكل قتلا خارج نطاق القضاء، ويجب التحقيق فيها بشكل كامل ومساءلة الجناة. وأضافت: 

"هناك نمط من تقارير التعذيب في فنزويلا في سياق الاحتجاز التعسفي. يجب أن تضمن السلطات التحقيق الكامل وفقا للمعايير الدولية، وكذلك المساءلة، وعند الاقتضاء العلاج لجميع حالات التعذيب المزعومة".  

يذكر أن فنزويلا تعاني من انهيار اقتصادي منذ عام 2013، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 44.3%، وبلغ التضخم مطلع هذا العام 2,800,000%. وفضلا عن ذلك، انخفضت الإيرادات العامة على مدى العامين الماضيين مع الانخفاض الحاد في صادرات النفط. ويزيد من تفاقم الأزمة العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على الحكومة الفنزويلية.  

وحذرت المفوضة السامية ميشيل باشيليت من أن "آثار هذه العقوبات تؤثر على قدرة الدولة على توفير الخدمات الصحية الأساسية للسكان"، وبدأت الحكومة في قبول المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى.  

وقالت باشيليت إن حجم الأزمة يجعل من الصعب الاستجابة بالكامل لاحتياجات الناس. وتحدثت عن التأثير السلبي للأزمة على السكان، مشيرة إلى الزيارة التي قامت بها لفنزويلا: 

"خلال زيارتي، قابلت العديد من الأشخاص الذين يعانون. لا يمكن أن يغطي الحد الأدنى للأجور، الذي يقدر بحوالي 7 دولارات شهريا، حتى 5% من الغذاء الأساسي لأسرة مكونة من خمسة أشخاص. وقد تم الإبلاغ عن الوفيات الناجمة عن سوء التغذية".  

للأزمة الحالية تأثير كبير على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك الحقوق السياسية والمدنية.  

ومع انهيار العديد من الخدمات العامة، مثل النقل والكهرباء والمياه وقطاع الرعاية الصحية الذي أصبح في حالة حرجة، شددت المفوضة السامية على ضرورة جعل "حماية حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين مسألة ملحة"، حيث يُجبر الكثيرون على مغادرة البلاد في حالة صحية سيئة، دون أي موارد اقتصادية من أي نوع، كما قالت.  

وبحسب تقييم للاحتياجات الإنسانية أجراه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في مارس / آذار الماضي، يحتاج نحو سبعة ملايين شخص في فنزويلا إلى المساعدة الإنسانية، أو ربع سكان البلاد. وقد أدى الجوع والحرمان إلى أن يصبح الكثيرون مهاجرين أو لاجئين.  

وفي مجمل استعراضها لأوضاع حقوق الإنسان في فنزويلا، أعربت باشيليت عن قلقها إزاء وضع الشعوب الأصلية هناك. وسلطت الضوء على فقدانهم السيطرة على أراضيهم وأقاليمهم ومواردهم التقليدية، وتعرضهم للعنف، وعدم توفر الغذاء الكافي والمياه. وقالت: 

"بحسب ما ورد يُستغل أفراد المجتمعات الأصلية في ظروف من العبودية لاستخراج الذهب بصورة غير مشروعة. كان هناك عنف ضد بعض السلطات والقادة من السكان الأصليين".  

وكررت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التأكيد على حق جميع الفنزويليين في التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، معربة عن أملها في أن يتمكن مكتبها من المساعدة في تحسين حالة حقوق الإنسان في فنزويلا. وأضافت: 

"الوضع معقد، لكن التقرير يحتوي على توصيات واضحة وملموسة للمضي قدما. آمل بإخلاص أن تأخذ السلطات هذه التوصيات بنفس الروح البناءة التي تم تقديمها بها. كما قلت في كاراكاس، فإن مصير أكثر من 30 مليون فنزويلي يعتمد على رغبة القيادة وقدرتها على وضع حقوق الإنسان للشعب قبل أي طموحات شخصية أو أيديولوجية أو سياسية".