منظور عالمي قصص إنسانية

النزوح في أفريقيا ليس مجرد مأساة إنسانية، بل تهديد حقيقي للسلام والازدهار والتنمية

سلسلة الحوار الأفريقي 2019 تبدأ أعمالها اليوم بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
UN Photo/Eskinder Debebe
سلسلة الحوار الأفريقي 2019 تبدأ أعمالها اليوم بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.

النزوح في أفريقيا ليس مجرد مأساة إنسانية، بل تهديد حقيقي للسلام والازدهار والتنمية

أهداف التنمية المستدامة

بدأت اليوم بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أعمال سلسلة الحوار الأفريقي لعام 2019، التي تركز مناقشتها هذا العام على حلول دائمة للمشردين قسرا في أفريقيا، لا سيما في ظل ارتفاع أعداد النازحين في القارة ليبلغ أكثر من 24 مليون شخص بنهاية عام 2017. 

ولكن على الرغم من هذا العدد الهائل من المشردين داخليا، فتحت دول مثل أوغندا وإثيوبيا أبوابها لأعداد قياسية منهم، مما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "يثني على سخاء إفريقيا تجاه المشردين الذين يبحثون عن الأمان من الحرب والاضطهاد".  

وقال الأمين العام للأمم المتحدة في الجلسة الافتتاحية إن أفضل طريقة لحماية اللاجئين والنازحين هي منع الأسباب التي تدفعهم إلى مغادرة منازلهم، "وهذا يعني معالجة الأسباب الجذرية: الفقر والصراع والتمييز والاستبعاد بجميع أنواعه".  

ووفق بيانات الأمم المتحدة، تزايد عدد النازحين قسريا في أفريقيا بمقدار 4.6 مليون شخص عن عام 2016، ليصل عددهم بنهاية عام 2017 إلى 24.2 مليون شخص، وهو ما يمثل عبئا كبيرا على اقتصاد القارة والبيئة وطريقة حياة المجتمعات المضيفة.   

وكيلة الأمين العام والمستشارة الخاصة لشؤون أفريقيا بينس غواناس، أوضحت أن النزوح القسري ليس مجرد قصة مأساة إنسانية، بل إنه يشكل أيضا تهديدا حقيقيا لتحقيق السلام والازدهار والتنمية بطريقتين على الأقل:

أولهما تحويل مسار كم هائل من الموارد الحيوية التي تنفق على النزوح القسري بدلا مما خصص لذلك في الأساس، مما يضر بتحقيق أهـداف التنمية المستدامة في إفريقيا. 

وثانيهما، هي "مأساة الإمكانات البشرية المهدرة" حسب تعبيرها. وأضافت: 

"بعض النازحين قسرا هم من ذوي المهارات العالية والمتعلمين ولكنهم غالبا ما يقضون سنوات غير قادرين على استخدام مهاراتهم بطريقة مجدية. هذه هي القوى العقلية التي يمكن تسخيرها في خدمة أفريقيا لمعالجة بعض المشاكل المستعصية التي تواجه القارة. هذه خسارة للمجتمع". 

وأشار السيد غوتيريش إلى خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وخطة الاتحاد الأفريقي للتنمية لعام 2063، اللتين تسيران جنبا إلى جنب ويكملان بعضهما البعض، وفي صميمهما القضاء على الفقر. ولكنه أردف قائلا: 

"تغير المناخ يعرض جميع خططنا للتنمية الشاملة والمستدامة للخطر، والعديد من الدول الأفريقية معرضة للخطر بشكل خاص على الرغم من أنها لا تسهم إلا بالقليل في ظاهرة الاحتباس الحراري. ارتفاع مستويات البحر والجفاف والفيضانات وانتشار الأمراض المدارية وفقدان التنوع البيولوجي، كلها يمكن أن تكون مدمرة." 

وتابع محذرا من أن "تغير المناخ يضاعف أيضا التحديات الأخرى والتهديدات الأخرى، مثل الفقر والصراع والنزوح بشكل خاص، ويبطئ النمو الاقتصادي، ويقلل فرص التنمية الشاملة والمستدامة في إفريقيا وما وراءها". 

وفي نفس الجلسة، شددت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا إسبينوزا على الحاجة إلى "نهج طويلة الأجل والتعليم والتعلم مدى الحياة وفرص كسب العيش والإسهام في المجتمع، بما في ذلك للنساء والفتيات". 

وأكدت مجددا على ضرورة التوصل إلى حلول دائمة للاجئين والنازحين، بما في ذلك برامج العودة الطوعية والإعادة إلى الوطن حسب الاقتضاء ولكن أيضا برامج إعادة التوطين والاندماج، مسلطة الضوء على الحاجة إلى دعم سياسي ومالي. 

وأشارت رئيسة الجمعية العامة إلى التحديات الكبيرة عندما يتعلق الأمر بجمع البيانات والتخطيط الوطني وتقديم الخدمات للمشردين. وقالت: 

"هذا هو الحال بالنسبة لأقل البلدان نموا مثل أوغندا، التي تعد ثالث أكبر مستضيف للاجئين في العالم. يجب على المؤسسات متعددة الأطراف بذل مزيد من الجهد لأخذ ذلك في الاعتبار ". 

من ناحيتها، أكدت مفوضة الشؤون السياسية بمفوضية الاتحاد الأفريقي سيسوما ميناتي سامات على أهمية الاستجابة الجماعية أكثر من أي وقت مضى في وجه تحديات النزوح القسري. وقالت: 

"نحتاج إلى نظام متعدد الأطراف قوي وتحت قيادة الأمم المتحدة، بالتعاون بشكل طبيعي مع المنظمات الإقليمية لإيجاد حلول دائمة لهذه المشاكل." 

وتوفر سلسلة حوار أفريقيا، التي يستضيفها مكتب المستشارة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بأفريقيا والاتحاد الأفريقي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاء آخرون، منبرا لمناقشة الطرق المبتكرة لتمويل عمليات الانتقال من المساعدات الإنسانية إلى التنمية في البلدان الأفريقية التي تستضيف اللاجئين والمشردين داخليا، وأيضا منصة لاستكشاف القضايا الحرجة التي تؤثر على القارة الأفريقية، بما في ذلك السلم والأمن وحقوق الإنسان والتنمية.