منظور عالمي قصص إنسانية

مخرج فيلم "روما": أشكال التمييز العنصري والطبقي تتكرر في مختلف أنحاء العالم

ألفونسو كوارون أثناء تصوير مشهد من فيلم روما مع الممثلة ياليتزا أباريسيو التي تؤدي دور الخادمة الشابة
Netflix
ألفونسو كوارون أثناء تصوير مشهد من فيلم روما مع الممثلة ياليتزا أباريسيو التي تؤدي دور الخادمة الشابة

مخرج فيلم "روما": أشكال التمييز العنصري والطبقي تتكرر في مختلف أنحاء العالم

حقوق الإنسان

جوائز رفيعة نالها الفيلم المكسيكي "روما"، واحتفاء لافتا من النقاد والمهنيين في صناعة السينما العالمية. السبب ربما يكون – كما يقول مخرج الفيلم المرشح هذا العام لعشر من جوائز الأوسكار الأميركية المرموقة – إن قضايا التمييز العنصري والفوارق الطبقية ما زالت تحاصر الناس في كل مكان.

  وبالفعل يعالج فيلم روما عددا من القضايا من بينها مسألة التمييز العنصري والطبقي التي يتعرض لها السكان الأصليون في المكسيك، وهي من نوع الإشكالات التي تتكرر في دول كثيرة من العالم. ويقول المخرج السينمائي ألفونسو كوارون إن "فيلمه يعرض، من بين أمور أخرى، مشاهد التمييز العنصري والطبقي الموجود في المكسيك. ففجوة عدم المساواة وسوء المعاملة المتولدة من علاقات القوة هي مسألة واضحة للعيان وتلامس كل شيء" في حياة الناس، حتى علاقاتهم العاطفية.

وتدور أحداث القصة في مدينة "مكسيكو سيتي" في حي روما الذي يأخذ الفيلم منه عنوانه، حيث تعمل الشابة "كليو" وهي من السكان الأصليين، في خدمة عائلة من الطبقة الوسطى تحبها، لكنها لا تنسى أبدا أنها تعمل في خدمتها. ويتناول فيلم "روما" هذه القصة الإنسانية بكافة تشعباتها، على خلفية فترة سياسية محددة من تاريخ هذا البلد، حيث تعرض كثير من طلاب الجامعات في ستينات القرن الماضي، للقمع لمطالبتهم بالحريات الأساسية التي يعتبرها الناس حقوقا ثابتة اليوم.  

ويصور الفيلم عبر قصة الشابة "كليو" قضية العمالة المنزلية، التي نشاهدها بأشكال مختلفة في أماكن كثيرة حول العالم، ويقول المخرج السينمائي ألفونسو كوارون في مقابلة خاصة مع أخبار الأمم المتحدة إنه "من دواعي سروري البالغ أن فيلم روما قد أصبح منبرا للحركات المهمة لحقوق العاملات في المكسيك والولايات المتحدة."

ويشار إلى أن هناك حوالي مليون ونصف شخص من عاملات وعمال المنازل في المكسيك أكثرهم من النساء اللاتي يفتقر أغلبهن إلى الحماية الاجتماعية. وبعد سنوات من المطالبات الاجتماعية وعمل المنظمات المدافعة عن حقوقهن يتم الآن العمل على تشريع يحمي وظائفهن ويدمجهن في نظام الضمان الاجتماعي، وشروط الحد الأدنى للأجور.

وبالنسبة لكوارون، فقد كان للفيلم الحائز على العديد من الجوائز "تأثير عاطفي قوي على مشاهديه" حول العالم لأن "التجربة التي تنبع من القصة هي واحدة، والعلاقات بين الناس من طبقات اجتماعية وخلفيات عرقية هي نفسها في جميع أنحاء العالم؛ وكذلك العلاقات الأسرية والتقارب الحميم الذي يخلق العائلة هو نفسه" في المجتمعات الإنسانية في كل مكان.

السكان الأصليون وضياع اللغات القديمة

مشهد من فيلم روما
Carlos Somonte
مشهد من فيلم روما

يصف مخرج فيلم روما تعقيدا محددا في أوضاع السكان الأصليين في المكسيك، ويقول "من ناحية هناك فخر بأن تكون من السكان الأصليين. ولكن كما هو الحال عندما نتعامل معهم كأسطورة أو أبطال خارقين، يتم من الناحية الأخرى تجاهل كامل لقطاع كبير منهم.". ومع أنهم موجودون إلا أنه "يتم اغتصاب ثقافتهم، وهناك برامج تتسبب حتى في القضاء على لغاتهم الأصلية."

ويقول كوارون إن الفيلم الذي عكس سيرته الذاتية يبين أن "الاختلافات الطبقية والاجتماعية ظلت تلازم المنتمين للشعوب الأصلية دائما، وليس من الصعب أن نفهم كيف تعتمد القوة الاقتصادية على أشياء مثل التمييز على أساس لون البشرة مثلا." والمؤسف أن "المنتمين  للشعوب الأصلية دائما ما ينتهي بهم الأمر بامتيازات أقل" في المجتمعات التي يعيشون فيها.

ويقول كوارون إن الاستئصال الذي يحدث للسكان الأصليين من المجتمع يتحقق عبر "الضغوط الاجتماعية التي يعيشونها جيلا بعد جيل" إلى أن ينتهي بهم الأمر إلى "عدم الرغبة في أن يتكلم أطفالهم لغتهم الأصلية خوفا من عدم الاندماج."  

ويشير صانع الأفلام المكسيكي إلى أن البعض يقول إن "لغات السكان المحليين يتحدثها عدد قليل من الناس" لذلك ليس هناك حاجة لاستمرار وجودها واصفا ذلك بنوع من "الإبادة الثقافية تقريبًا. فإثراء اللغات يتم عبر التنوع، والمعرفة الإنسانية تغذى بالتنوع أيضا."

ورشح فيلم روما، وهو باللغة الإسبانية، للحصول على عدد من جوائز الأوسكار لهذا العام، بما جائزة "أفضل فيلم بلغة أجنبية"، إلى جانب الفيلم الناطق بالعربية "كفر ناحوم" للمخرجة السينمائية اللبنانية نادين لبكي. وربما نال الفيلمان فرصة الترشح لهذه الجوائز المرموقة لانفتاحهما على قضايا عالمية الطابع تتطلب حلولا ومعالجات عالمية التوجه.