منظور عالمي قصص إنسانية

القصف المكثف والقتال في إدلب السورية يهددان أكثر من مليون شخص

(من الأرشيف) مدينة إدلب - أيلول / سبتمبر 2018.
WFP
(من الأرشيف) مدينة إدلب - أيلول / سبتمبر 2018.

القصف المكثف والقتال في إدلب السورية يهددان أكثر من مليون شخص

حقوق الإنسان

أكدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت اليوم الثلاثاء أن عمليات القصف الأرضي المكثف الذي نفذته القوات الحكومية وحلفاؤها على إدلب والمناطق المحيطة بها في الأسابيع الأخيرة، بالإضافة لسلسلة هجمات قامت بها جهات غير تابعة للدولة، قد أسفرت عن وقوع العديد من الإصابات بين صفوف المدنيين وتركت حوالى مليون شخص، منهم مئات آلاف المشردين داخليا، في أوضاع حرجة للغاية.

ودعت المسؤولة الأممية جميع الأطراف المعنية، والحكومات الخارجية ذات النفوذ، إلى "ضمان أن تكون حماية المدنيين أولوية أثناء التخطيط لكل العمليات العسكرية وتنفيذها"  وبما يتوافق مع نصوص القانون الدولي.

وحسب بيان صحفي صادر عن مفوضية حقوق الإنسان، فإن القصف الذي استهدف "المنطقة العازلة المجردة من السلاح" – وتضم إدلب والمناطق الواقعة في شمال حماة وغرب حلب –  "قد أخذ في التصاعد في كانون الأول/ديسمبر 2018 وتكثَّفت وتيرته أكثر في الأيام الأخيرة." وفي  ذات الوقت، "احتدم الاقتتال بين بعض الجهات غير التابعة للدولة وزادت نسبة استخدام العبوات الناسفة يدوية الصنع" في المناطق التي تسيطر عليها هذه الجهات، ومن بينها جماعة هيئة تحرير الشام المتطرفة.

وشدَّدت السيدة ميشيل باشيليت على أن "أعدادا كبيرة من المدنيين في إدلب وشمال حلب، بينهم مئات آلاف المشردين، يعيشون في وضع لا يطاق". وقالت إنهم "محاصرون بين التصعيد في الأعمال القتالية والقصف من جهة، ومجبرون من جهة أخرى على العيش تحت النير المتطرف لهيئة تحرير الشام وغيرها من المقاتلين المتطرفين الذي ينفذون بانتظام عمليات مستهدفة من القتل والاختطاف والاحتجاز التعسفي". وحثت جميع الأطراف المعنية على ضمان حماية المدنيين أنفسهم والبنية التحتية المدنية "كما يقتضي القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان"، مؤكدة على "ضرورة احترام مبادىء التمييز والتناسب والحذر بالكامل، وضرورة عدم تحديد الأهداف العسكرية بالقرب من المدنيين".  

كما أعربت المفوضة السامية عن قلقها حيال وضع حوالى 20 ألف شخص قالت إنهم "هربوا من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في محافظة دير الزور الواقعة شرقي البلاد في الأسابيع الأخيرة". وأوضحت السيدة باشيليت أن "هؤلاء محتجزون حالياً في مخيمات مؤقتة للمشردين داخلياً تديرها مجموعات مسلحة من الأكراد، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية" وذلك وسط تقارير بأن هذه القوات تمنع الناس من مغادرة المخيمات، وهو " ما يرقى على ما يبدو إلى حرمان من الحرية" حسب تصريح المسؤولة الأممية.

وكذلك أعربت المفوضة السامية عن قلقها بشكل خاص حيال وضع 200 أسرة – بينهم العديد من النساء والأطفال – محاصرة في المنطقة الصغيرة التي ما زالت تخضع لسيطرة تنظيم داعش، وفق التقارير. وأشارت إلى أن "تنظيم داعش يمنع هذه الأسر من المغادرة على ما يبدو" وهي لا تزال "تتعرض لغارات جوية وأرضية مكثفة تنفذها قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على الأرض من قوات سوريا الديمقراطية."  

وأكدت المفوضة السامية قائلة "لا تزال مختلف الأطراف تراهن على استخدام المدنيين، وإنني أدعوها إلى تأمين ممر آمن للساعين للهرب؛ كما ينبغي أيضا حماية أولئك الراغبين في البقاء بأكبر قدر ممكن." وشددت المسؤولة الأممية لحقوق الإنسان على أنه "إذا كانت حماية حياة المدنيين تعني استغراق بضعة أيام إضافية لاستعادة آخر شبر من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، فليكن ذلك"،  مضيفة أنه "لا يجب التضحية بهؤلاء بدعاوى العقيدة  الأيدلوجية أو بالذرائع العسكرية،" حسب تعبيرها.