منظور عالمي قصص إنسانية

مع تنامي عدم المساواة وتصاعد وتيرته، الأمم المتحدة تعمل من أجل عالم أكثر عدلا

كيارا، طفلة أرجنتينية تبلغ من العمر خمس سنوات تبيع سلعا بسيطة داخل قطار في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. تعمل كيارا في محطة النقل الجماعي في المدينة وتبيع دبابيس الشعر وغيرها من السلع الرخيصة، منذ أن كانت في الثالثة من عمرها.
@ UNICEF/Sebastian Rich
كيارا، طفلة أرجنتينية تبلغ من العمر خمس سنوات تبيع سلعا بسيطة داخل قطار في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. تعمل كيارا في محطة النقل الجماعي في المدينة وتبيع دبابيس الشعر وغيرها من السلع الرخيصة، منذ أن كانت في الثالثة من عمرها.

مع تنامي عدم المساواة وتصاعد وتيرته، الأمم المتحدة تعمل من أجل عالم أكثر عدلا

أهداف التنمية المستدامة

خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التصُّور الذي قدمته الأمم المتحدة لمستقبل أكثر استدامة وأفضل للجميع، ينادي بالحد من عدم المساواة بين البلدان وداخلها. ومع ذلك، ما زال التفاوت وعدم المساواة في العالم في اضطراد. ما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟

عدم المساواة "اختلال مؤسس"


مسألة عدم المساواة طرحتها الأمم المتحدة عدة مرات في يناير المنصرم: فتحدث الأمين العام أنطونيو غوتيريش في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس مشيرا إلى أنه في وقت وفَّرت فيه العولمة والتقدم التكنولوجي "تحسينات رائعة" في العديد من المجالات، إلا أنهما فاقما أيضا من عدم المساواة وتهميش الملايين.


وفي رسالتها السنوية، أشارت ليز كينجو رئيسة "الاتفاق العالمي للأمم المتحدة" – الداعم لجهود القطاع الخاص في ممارسة أعماله بمسؤولية – إلى أنه "في عام 2018 شهدنا حفنة صغيرة من الأفراد يزدادون ثراءً مضاعفا، تاركة خلفها مليارات من الأفراد يرزحون في الفقر."


إن انعدام المساواة لا يتزايد فحسب، بل هو أيضا "اختلال مؤسس" حسب تعبير الخبير في العولمة بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) ريتشارد كوزيل رايت. 
وقد شدد السيد كوزيل رايت على أن معدلات العمالة المرتفعة في العديد من الاقتصادات تخفي خلفها حقيقة أن الأجور وظروف العمل لا تشهد تحسنا مماثلا. فبينما ظلت الأجور راكدة لعقد من الزمان، كانت أرباح أصحاب الأسهم تتعافى ليستفيد مالكو الأصول المالية. ملاحظات رايت جاءت في أعقاب إطلاق تقرير الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم لعام 2019، و الذي أظهر نموا غير متساو بين البلدان وداخلها، وهو نمو لا يحدث في مجالات هي في أمسِّ الحاجة له حسب قوله.

هل سيسرق الذكاء الاصطناعي وظائفنا وأعمالنا، أم سيقوم بتغيير طبيعتها؟

زائر في مهرجان العلوم والهندسة بالولايات المتحدة الأمريكية  يتأمل أحد روبوتات وكالة ناسا الفضائية  شديدة التطور وهي بأقدام تساعدها على الحركة.
NASA/Aubrey Gemignani
زائر في مهرجان العلوم والهندسة بالولايات المتحدة الأمريكية يتأمل أحد روبوتات وكالة ناسا الفضائية شديدة التطور وهي بأقدام تساعدها على الحركة.


شهدت بداية عام 2019 تركيزا من الأمم المتحدة على دور التكنولوجيا في عالم العمل، وتأثيراتها على حالة عدم المساواة. أطلقت منظمة العمل الدولية تقريرا رئيسيا في يناير من اللجنة العالمية لمستقبل العمل خلصت فيه إلى أن الابتكارات التكنولوجية توفر "فرصاً لا حصر لها" للعمال. لكن اللجنة حذرت من أنه ما لم يتم نشر هذه التقنيات كجزء من أجندة مركزُها الإنسان وتعتمد على الاستثمار في قدرات الناس وفي مؤسسات العمل وفي توفير العمل اللائق والمستدام، فإننا قد نواجه خطر "المضي دون دراية نحو عالم يوسِّع من عدم المساواة الحالية ومن المخاوف."


من بين الابتكارات التكنولوجية الرئيسية المذكورة في التقرير يحظى الذكاء الاصطناعي باهتمام إعلامي كبير. تقرير آخر صادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية في نهاية كانون الثاني/يناير أشار إلى "قفزة نوعية" في براءات الاختراع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مما يوحي بأن هذا الابتكار قد "يحدث ثورة في كل جوانب الحياة اليومية والعمل" وليس فقط في محال التكنولوجيا.


الذكاء الاصطناعي يثير إذن الكثير من الآمال، ومن المخاوف حول عالم ليس يوتوبيا (مدينة فاضلة) بأي حال من الأحوال، يزداد فيها اضطلاع الآلات الذكية بالكثير من المهن والأعمال، وينقسم المجتمع فيه بين نخبة صغيرة غنية جدا، وكتلة غالبة عاطلة ممن لا أمل لهم في العثور على عمل.


لكنَّ القائدة الشابة كريتي شارما التي كرمتها الأمم المتحدة للعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا ترى الأشياء بهذه القتامة. كريتي شارما تم تقدير جهودها الفاعلة لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة إيجابية لخلق عالم أفضل وأكثر عدلا. وهذا ما عملت على تحقيقه من خلال منظمة "الذكاء الاصطناعي قوة للخير"  ومن خلال دورها في مختبر أُسس لتزويد الشباب حول العالم بالتدريب العملي للدخول في مهن الذكاء الاصطناعي الجديدة.

القائدة الشابة كريتي شارما تعمل لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة إيجابية لخلق عالم أفضل.
UN Sustainable Development Section
القائدة الشابة كريتي شارما تعمل لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة إيجابية لخلق عالم أفضل.

وتقر شارما بحقيقة أن الذين يعيشون في بلدان تقع في الجانب غير المحظوظ من الفجوة الرقمية الراهنة سيكونون في وضع متخلف عن الركب، مشيرة إلى الدراسات التي تفيد بأن تنامي الفجوة بين الجنسين يلوح في الأفق، وأن عدد النساء اللائي سيفقدن وظائفهن بسبب تولي الآلات الذكية لهذه الأعمال سيكون ضعفَ رصفائهن من الرجال. إذن "نحن بحاجة إلى التأكد من أننا نمنح الناس فرصا كافية لإعادة توظيف أنفسهم" تقول شارما، "وإلا فإننا في نهاية المطاف سنخلق مزيدا من عدم المساواة السائدة أصلا ".
ومع ذلك، تعتقد هذه القائدة الشابة أن أحد أكبر المخاطر هو عدم السعي لتبني التكنولوجيات الجديدة، وعدم تزويد الأفراد بالمهارات اللازمة لاستخدامها لحل هذه المشاكل عالمية الطابع. وقد اقترحت السيدة شارما ثلاث طرق للمساعدة في ضمان أن يحقق الذكاء الاصطناعي للإنسان عالما أكثر عدالة ومساوة:
أولا، من المهم أن تضطلع بإنشاء هذه التكنولوجيات وتطويرها، مجموعاتٌ متنوعة من الناس يأتون من خلفيات متعددة. أناس "يفهمون المجتمع، وصانعي السياسات" حسب تعبيرها. ثانيا، ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي لحل "المشاكل الصحيحة"- مثل "تسريع وتيرة الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة، عن طريق "تحويل طاقاتنا والأبحاث والتمويل نحو هذا المجال". وأخيرا تشدد السيدة شارما على ضرورة الاتفاق على المعايير الدولية، للتأكد من أن التكنولوجيا التي نخلقها تُستخدم بطريقة آمنة وأخلاقية للعالم.

(حوار.. سيدة الأعمال الأردنية لمى شعشاعة تفوز بجائزة عالمية لعملها في مجال الروبوتات)

Soundcloud

 

لا أمل في التقدم، دون التعاون بين دول العالم


ما المخرج إذن من "عدم التوازن المتأصل" في مسألة عدم المساواة؟ بالنسبة للأمم المتحدة، يعد التركيز الأكبر على التعاون الدولي جزءا مهما من الحل. ويخلص تقرير الحالة والتوقعات الاقتصادية العالمي لعام 2019 إلى أنه وعلى المستوى العالمي فإن "استراتيجية تعاونية وطويلة الأجل للسياسة العالمية" هي الطريق الأمثل نحو التقدم في الحد من عدم المساواة في الدخل. ويحذر هذا التقرير من أن "الانسحاب من تعددية الأطراف سيؤدي إلى مزيد من الانتكاسات" بالنسبة للذين تخلفوا عن الركب مسبقا. 

وكما أكدت كلمات الأمين العام للجمهورالذي أم منتدى دافوس، فإن الاستجابة المنسقة لهذه التحديات، والعالمية الطابع هي السبيل الوحيد لمكافحة عدم المساواة، لأننا "نحتاج إلى العمل معا. ولا توجد طريقة للقيام باستجابات منعزلة عن بعضها البعض، للمشاكل التي نواجهها، فهي كلها مترابطة مع بعضها البعض."