منظور عالمي قصص إنسانية

لجان الجمعية العامة.. في اللجنة الثانية، تطلعٌ لـ "تحويل العالم" وتغيير مصائره

فيلم قصير مدته 10 دقائق يستعرض أهداف التنمية المستدامة تم عرضه على الجدران الخارجية لمباني مقر الأمم المتحدة - الأمانة العامة والجمعية العامة في نيويورك - وذلك احتفالا بالذكرى السنوية السبعين لإنشاء الأمم المتحدة (2015).
UN Photo/Cia Pak
فيلم قصير مدته 10 دقائق يستعرض أهداف التنمية المستدامة تم عرضه على الجدران الخارجية لمباني مقر الأمم المتحدة - الأمانة العامة والجمعية العامة في نيويورك - وذلك احتفالا بالذكرى السنوية السبعين لإنشاء الأمم المتحدة (2015).

لجان الجمعية العامة.. في اللجنة الثانية، تطلعٌ لـ "تحويل العالم" وتغيير مصائره

شؤون الأمم المتحدة

كيف تشتغل الأمم المتحدة على مشروعها الأكثر طموحا والأوسع أثرا: أجندة 2030 "لتحويل العالم"؟ تلك هي المسؤولية الضخمة الموكلة للجنة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الهيئة التي تتعامل مع "المسائل الاقتصادية والمالية". في هذا الجزء الثاني من سلسلتنا التعريفية تطلعون على تفاصيل ما يحدث في أروقة الأمم المتحدة، فور عودة زعماء العالم إلى بلدانهم بعد المداولات العامة للجمعية العامة كل عام، وتتعرفون على ما تقوم به لجان الجمعية العامة لتحويل التزامات الزعماء وأفكارهم، إلى فعل عملي.

كانت العديد من الموضوعات التي نوقشت خلال دورة اللجنة الثانية ذات صلة وثيقة  بالأهداف الـ17 للتنمية المستدامة ولإنقاذ العالم؛ ويتضمن ذلك كافة جوانب التنمية المستدامة، من السياسات الاقتصادية الكلية، إلى حال مستوطناتنا البشرية، وجهود القضاء على الفقر، إلى استخدام تكنولوجيا الاتصالات الجديدة على أفضل وجه لأغراض التنمية والنماء.

في السنوات القليلة الماضية، استهلت اللجنة الثانية أعمالها منطلقة من خطاب رئيسي قدمه مدير برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية في معهد بروكينغز، هومي خاراس.

وللسيد خاراس معرفة عميقة بأجندة 2030 للتنمية المستدامة، اكتسبها من خلال قيادته للفريق رفيع المستوى الذي قدم الإجابة على سؤال جوهري عام 2015: ما الذي ينبغي أن يحلّ، كخطوة لاحقة، محلَّ الأهداف الإنمائية للألفية ؟– التي مثلت التصور النموذجي الأول للأمم المتحدة من أجل جعل العالم، عبر أهداف عملية محددة، مكانا أفضل للجميع.

وجاءت الإجابة على هذا السؤال في وضع أهداف التنمية المستدامة، والتي تم تقسيمها في 5 رؤوس مواضيع أساسية تتعلق بـ: الناس، والكوكب، والرخاء، والسلام، وبالشراكات الضرورية اللازمة لتحقيق الأهداف.

ويوضح هومي خاراس، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، أنه حالما أصبح واضحا للجميع مدى ارتباط مختلف جوانب الأجندة الاقتصادية ببعضها البعض، "بات مهما أن ندرك أن كل هذه الجوانب –  سواء أن كانت لتخفيف حدة الفقر الذي ينهي الجوع، أو لتعليم الفتيات، أو للتعامل مع قضايا البيئة –  يجب معالجتها جميعا كسلسة متكاملة تكوِّن جسدا واحدا. هذا الإدراك هو ما جعل عمل اللجنة الثانية واسع النطاق، متعدد المهام."

تركيز انتباه المجتمع الدولي كله، على ذات الرؤى والأهداف

اجتماع مشترك يضم اللجنة الثانية للجمعية العامة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، في مناسبة بعنوان "الاقتصاد الدائري لأهداف التنمية المستدامة: من المفهوم إلى الممارسة. 10 أكتوبر 2018.
UN Photo/Evan Schneider
اجتماع مشترك يضم اللجنة الثانية للجمعية العامة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، في مناسبة بعنوان "الاقتصاد الدائري لأهداف التنمية المستدامة: من المفهوم إلى الممارسة. 10 أكتوبر 2018.

إذن كيف تتمكن اللجنة الثانية من جمع كل ممثلي الدول الأعضاء البالغ عددهم 193 دولة وتركيز جهودهم للعمل معا؟

لتحقيق ذلك تحديدا، وضعت هذه المهمة الحاسمة على عاتق الممثل الدائم لغواتيمالا لدى الأمم المتحدة، السيد جورج سكينر- كليي، بانتخابه رئيسا للدورة الحالية للجنة الثانية.

يتمتع هذا الدبلوماسي المحترف بخبرة تزيد عن 30 عاما، وهو يصف نفسه بالمتخصص "في العموميات الشاملة... في كل شيء، من قاع البحر إلى الفضاء الخارجي، وما يقع بينهما".

ويقول سكينر- كليي في حديث لأخبار الأمم المتحدة إن إرث تشكيل لجان الأمم المتحدة الممتد لسبعين عاما، ربما أصبح نفسه واحدا من التحديات الكبيرة التي يتحتم على رؤساء اللجان معالجتها. "فهناك الكثير من المفارقات التي عفا عليها الزمن لكنها ما زالت تتغلغل في جداول الأعمال وتغطي على الأجندة نفسها. فالكثير من قرارات الأمم المتحدة، والحراك لتحقيق مضمونها، يأتينا من الماضي، لكن علينا الآن أن نبحث عن قرارات جديدة، تلعب معنا دورها الضروري في الأجندة المطلوبة لأهداف التنمية المستدامة."

وفيما يخص مهمة تركيز كل جهود الـ193 ممثلا من ممثلي الدول الأعضاء، للعمل بشكل متناغم وفي اتجاه واحد مشترك، يقول السيد سكينر- كليي إن "مهارة الرئيس وحدها ليست كافية" وإن "الأمر يتطلب إرادة سياسية. وهذا يعني [تأسيس] معاملات تبادلية بين كافة الأطراف، فهناك بلدان لها مصالح راسخة؛ والدعامة الأساسية للجنة الثانية هي نتاج التفاوض بين مجموعة الـ 77 التي تضم 134 دولة بالإضافة إلى الصين، وبين الاتحاد الأوربي الذي يمثل الطرف الآخر."

آمالٌ للمستقبل، ومخاوف...

ويقول السيد سكينر-كليي إنه يشعر بالتفاؤل من الالتزام الذي أبداه المجتمع العالمي على مدار السنوات الثلاث الماضية تجاه أجندة 2030، إلا أنه يشعر بالقلق من أن المناخ الجغرافي-السياسي الراهن في العالم، يمثل حالة من "التفكك والمواجهات والاستقطابات"، التي سيكون لها "تأثير على قدرة العالم في إحراز أي تقدم بشأن البنود المدرجة في جدول أعمال اللجنة الثانية" والمتعلقة أساسا بأهداف التنمية المستدامة.

ويرى هومي خاراس أن العالم الآن يمتلك كل الأوراق التي يحتاجها لتحقيق أجندة 2030، ولكن، ولأسباب مختلفة، يتحرك المجتمع الدولي نحوها ببطء شديد: "أعتقد أن لدينا التفاهمات المطلوبة والموارد والتقنيات اللازمة لإنجاز أكثر بكثير مما يحدث حاليا. ولكن هناك الكثير من العوامل التي تشتت انتباهنا، في وقت أصبح لدينا الآن مستويات متدنية من التعاون الدولي، أقل بكثير مما نحتاجه، بما في ذلك في مجال التبادل العلمي، مقارنة بأوقات مضت."

وربما يتكرر صدى هذه المخاوف نفسها في كلمات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي حذر من أنَّ "تغير المناخ يسير بسرعة أكبر مما نفعل نحن، وأن الوقت ينفد من بين أيدينا." وتبدو رسالة الأمين العام للعالم واضحة: إذا كان لعمل اللجنة الثانية ولأجندة 2030 أن تتكلل بالنجاح، يحتاج كل قادة العالم إلى إظهار المزيد من الروح القيادية وإبداء طموح أعظم لتجنب "المصير الذي لا يود أحد أن يراه واقعا – مصير ستتردد تداعياته عبر الأجيال في شكل الأضرار التي ستصيب البشرية والحياة على كوكب الأرض. "