منظور عالمي قصص إنسانية

لجان الجمعية العامة.. اللجنة الثالثة يتركَّز ثقل أعمالها على حماية حقوق الإنسان

موظفة حقوق الإنسان تجري مقابلة مع شاهد مشرّد في ميناكا، شمال مالي. في أيار / مايو 2018، سافر وفد برئاسة ضباط حقوق الإنسان إلى ميناكا للتحقيق في الهجمات المسلحة الأخيرة في مستوطنتي أكلاز وأواكاسا.
UN Photo/Marco Dormino
موظفة حقوق الإنسان تجري مقابلة مع شاهد مشرّد في ميناكا، شمال مالي. في أيار / مايو 2018، سافر وفد برئاسة ضباط حقوق الإنسان إلى ميناكا للتحقيق في الهجمات المسلحة الأخيرة في مستوطنتي أكلاز وأواكاسا.

لجان الجمعية العامة.. اللجنة الثالثة يتركَّز ثقل أعمالها على حماية حقوق الإنسان

حقوق الإنسان

من بحثها في قضايا الرقابة على المخدرات، إلى حماية حقوق الشعوب الأصلية، أو في مسائل مكافحة الإرهاب، تُعرف اللجنة الثالثة للجمعية العامة رسميا باسم "لجنة الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية" للأمم المتحدة. وهي تركز أعمالها على مجموعة واسعة من القضايا والتحديات المعقدة، كما يوضح اسمها الرسمي. 

إليكم هذه القصة في سلسلتنا التعريفية التي توضح لكم "كيف تتحول أفكار وتعهدات زعماء العالم التي يقدمونها في كل سبتمبر إلى فعل عملي تضطلع به الدول الأعضاء" في الأسابيع التي تلي عودتهم من اجتماع الجمعية العامة، إلى بلادهم.

ركزت دورة الجمعية العامة المزدحمة بالأعمال هذا العام على النهوض بالمرأة، وعلى تعزيز الحريات الأساسية عبر القضاء على العنصرية والتمييز. كما تناولت أيضا مسائل التنمية الاجتماعية المتعلقة بالشباب والتقدم في السن، وبالأشخاص من ذوي الإعاقة، حول العالم.

ولا تعد قيادة وتوجيه مسار كل هذه المناقشات مهمة سهلة، وهو العمل الذي اضطلع به، في هذه الدورة الثالثة والسبعين من اجتماعات الجمعية العامة السنوية، رئيس اللجنة الثالثة والممثل الدائم لدولة أفغانستان لدى الأمم المتحدة السيد محمود سايكال.

في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، يشرح لنا السيد سايكال كيف استُهلت المناقشات في أكتوبر، لتشكل جوهر الحوار التفصيلي حول القضايا ذات الأولوية، لاحقا في نوفمبر.

القرارات المتخذة هي المفتاح

يشير السيد سايكال إلى أن نسبة 50% من هذا العمل حول القضايا يترَّكز حول مسائل حقوق الإنسان، موضحا أن "الأهم في المحصلة النهائية هو القرارات التي تتخذها اللجنة الثالثة".

المساهمة التاريخية للجنة الثالثة، التي قد لا يعرفها الكثيرون، هي دورها الأساس في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل 70 عاما من اليوم، وهو حدث تاريخي تم الاحتفال به على نطاق واسع هذا الشهر.

وقد انعقدت بالإجمال 81 جلسة لمناقشة مشروع هذه الوثيقة قبل أن يتم اعتمادها كقرار، لتصبح الآن الوثيقة الأكثر ترجمة في كافة لغات العالم. ولو أردت أن تتعرف على ما كان عليه الحال في عام 1948 فإليك هنا واحدة من وثائق اللجنة الأصلية من تلك الحقبة.

بعد العديد من المسودات الأولية والمناقشات التفصيلية بين أعضاء اللجنة، وبالعمل مع لجنة حقوق الإنسان ومع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابعين للأمم المتحدة، جاء ما تم اعتماده، في خاتمة المطاف، بمثابة وثيقة تاريخية فارقة تعتبر أن الكرامة المتأصلة والحقوق الأساسية غير قابلة للتصرف، لكل البشر، هي "الأساس المكين للحرية والسلام والعدالة في العالم".      

دعم اتفاقية العالم الجديدة حول اللاجئين

اليوم، أحد أهم جوانب التركيز العديدة للجنة الثالثة في مجال حقوق الإنسان هي تلك المتعلقة باللاجئين. وخلال هذا العام فقط، كان للجنة دورا أساسيا في تكثيف الدعم للأشخاص الذين يفرون من بلدانهم الأصلية، وللذين يستضيفونهم، عبر الاتفاق العالمي حول للاجئين.

ويصف السيد سايكال هذا الاتفاق غير الملزم، وهو ما أكدت عليه الجمعية العامة في 17 ديسمبر/ كانون الأول من هذا العام ، بأنه "يتجاوز الطريقة التقليدية للتعامل مع أزمة اللاجئين". إذ يعمل على جذب كافة الأطراف الفاعلة من غير الدول، مثل القطاع الخاص والمجتمعات المدنية، للتأكيد على "معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وهو ما لا يمكن أن ينفصل عملنا عنه،" حسبما قال.

ويوضح السيد سايكال، وهو الذي فر من الاضطهاد من أفغانستان في عمر الـ 19 عاما، أن مروره بذات التجربة التي يعانيها الآن ما يقرب من 70 مليون لاجئ في جميع أنحاء العالم، شكلت قدرته على أداء واجباته في اللجنة الثالثة؛ ويقول "لقد مررت أنا نفسي بمثل هذه الظروف. وكان أهم شيء بالنسبة لي حينها هو أن أقف على قدماي من جديد".

كان يقول لنفسه "سأستخدم عقلي، ومهاراتي الخاصة، ولن أسمح للناس أن يعاملونني كلاجئ". وقد قرر السيد محمود سايكال الآن أن يفي بالدين، وذلك من خلال عمله الدبلوماسي في دعم اللاجئين والسعي إلى تمكينهم والوقوف على أقدامهم.

تحت قيادة السيد محمود سايكال، حصلت أفغانستان على أول مقعد لها على الإطلاق في مجلس حقوق الإنسان، وتتطلع الآن إلى المستقبل؛ ويقول رئيس اللجنة الثالثة إن علاقاته بما يحدث في بلاده، وخبرته في الأمم المتحدة، تلهمان آماله للمستقبل.

مكافحة الإرهاب، أولوية قصوى

تنفيذ القرارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب ونقلها من الحبر على الورق، إلى أرض الواقع هي أولوية قصوى في رأي السيد محمود سايكال، مشيرا إلى الأهمية في أن نرى دلائل تنفيذها "تؤثر على الأرض، وعلى حركة الإرهابيين، وتمويلهم وتسليحهم."

وستكون هناك مجموعة من الموضوعات مطروحة للنقاشة في العام المقبل، من بينها العنف ضد المرأة، وحماية حقوق الأطفال، ومنع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية، وإنعاش العمل الدولي لمكافحة المخدرات. وسترتب الموضوعات المطروحة، كالمعتاد، حسب الأولويات التي تعتمد على مضامين التقارير الميدانية المقدمة، والتي تمثل عصب عمل اللجنة.

ويقول السيد سايكال إن الأمم المتحدة بشكل عام "هي واحدة من أكبر الإنجازات التي حققتها البشرية،" إلا أن التحدي الماثل ما يزال يكمن في جعلها أكثر صلة وارتباطا بحياة الناس الذين يحتاجون بالفعل إلى دعم المنظمة. وأفضل دليل على تحقق ذلك، حسب رأي سايكال، هو تنفيذ مضامين قراراتها، مضيفا لأخبار الأمم المتحدة: "لابد أن تكون هناك متابعة".

واختتم حديثه بالقول:

 "أنا أتطلع الآن إلى متابعة ما سنحققه هذا العام. أين سنمضي فيما يتعلق بحياة الناس في جميع أنحاء العالم؟ ذلك ما يظل حاضرا دائما في ذهني، حين نعمل هنا لساعات وأيام وأسابيع في خدمة حقوق الإنسان."