منظور عالمي قصص إنسانية

مؤتمر الأمم المتحدة المصيري حول تغير المناخ (COP 24): ما المعضلة؟ وكل ما يجب أن تعلمه عنها

صبي يراقب الشاطئ من قاربه بالقرب من سيراجانج، وهو مجتمع تأثر بالتآكل الشديد الذي خلق الكثر من موجات النزوح. سيراجانج ، بنغلاديش. تشرين الأول 2016
IOM/Amanda Nero
صبي يراقب الشاطئ من قاربه بالقرب من سيراجانج، وهو مجتمع تأثر بالتآكل الشديد الذي خلق الكثر من موجات النزوح. سيراجانج ، بنغلاديش. تشرين الأول 2016

مؤتمر الأمم المتحدة المصيري حول تغير المناخ (COP 24): ما المعضلة؟ وكل ما يجب أن تعلمه عنها

المناخ والبيئة

مع تواصل ارتفاع درجات حرارة العالم، وتراجع الجهود الساعية لمجابهة التغير المناخي تنغلق أمامنا نوافذ واسعة للفرص الممكنة لمعالجة أزمته. يوم الأحد 2 ديسمبر، ستطلق الأمم المتحدة شارة البدء لجولة مفاوضات حاسمة حول كيفية معالجة المعضلة، بشكل جماعي وعاجل، وذلك خلال المؤتمر  الرابع والعشرين لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ المعروف اختصارا بـ (COP 24).

 

وسيتجمع الآلاف من قادة العالم والخبراء والنشطاء والمفكرين المبتكرين في مدينة كاتوفيتسا في بولندا، إلى جانب ممثلي القطاع الخاص والمجتمعات المحلية: ليعملوا معا على خطة عمل جماعية كفيلة بجعل الالتزامات المصيرية التي قطعتها على نفسها جميعُ دول العالم في اتفاق باريس قبل ثلاث سنوات، واقعا ملموسا.

أخبار الأمم المتحدة صممت هذا الدليل التثقيفي عن مؤتمر الأطراف-24 حول تغير المناخ (COP 24) ليجيب على بعض أهم الأسئلة التي قد تخطر لكم، ولتضمن لكم مقعدا مميزا، لمتابعة هذا الحدث القادم، عن قرب.  

1. الأساسيات: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، مؤتمر الأطراف 24، بروتوكول كيوتو، اتفاق باريس...

هل من يشرح كل هذه الأسماء الملغزة؟

جزيرة فوفافوتي المنخفضة في أرخبيل جنوب المحيط الهادئ في توفالو معرضة لارتفاع مستوى سطح البحر بسبب تغير المناخ.
UNDP Tuvalu/Aurélia Rusek

كل هذه الأسماء، وأسماء الأماكن، والاختصارات، تمثل في الواقع الوسائل والأدوات والشروط الدولية التي تم وضعها تحت قيادة الأمم المتحدة، لتساعد في الدفع بعجلة العمل المناخي عالميا إلى الأمام. وكل منها يلعب دورا محددا ومختلفا عن غيره، وكل ذلك بهدف تركيز جهودنا لتحقيق الاستدامة لبيئة العالم. إليكم هنا كيف تتكامل أدوارها معا:

عام 1992، نظمت الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل حدثا كبيرا أسمته "قمة الأرض" تم فيه اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

في هذه الاتفاقية توافقت الأمم على "تثبيت مستويات تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي" لمنع التأثيرات الخطيرة الناجمة عن النشاط البشري على النظام المناخي؛ هنالك اليوم 197 دولة موقعة كطرف مشارك في الاتفاقية. وينعقد في كل عام، منذ دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1994، مؤتمرٌ جامع يضم كل الأطراف الموقعة ويسمى "مؤتمر الأطراف"، تناقش فيه خطوات العمل القادمة؛ وقد انعقد منه حتى الآن 23 مؤتمرا، وسيكون مؤتمر هذا العام "مؤتمر الأطراف-24".

وبما أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ رسمت حدودا للمستوى المسموح به من انبعاثات الغازات الدفيئة لدول بعينها، إلا أنها حدود غير ملزمة ولا توجد آلية لتحقيقها.  لذلك، تم التفاوض أثناء مؤتمرات الأطراف هذه على ملاحق إضافية للاتفاقية، من ضمنها: بروتوكول كيوتو الشهير في عام 1997 الذي رسم حدودا لمستويات انبعاث الغازات في الدول المتقدمة، وأوجب عليها الالتزام بتحقيقها بحلول عام 2012. وهناك أيضا اتفاق باريس الذي تم تبنيه عام 2015، حيث اتفقت جميع دول العالم على تسريع وتيرة جهودها حتى تنجح في أن تخفِّض من ارتفاع درجة حرارة الأرض كيلا يتعدى 1.5 درجة مئوية فقط مقارنة بمستوىالحرارة قبل الثورة الصناعية. وقد تبنى اتفاق باريس أيضا زيادة التمويل لمثل خطط العمل المناخي هذه.

وكالتان تابعتان للأمم المتحدة تقومان بدعم العمل العلمي الذي يتم بشأن تغير المناخ: برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وهما اللتان أنشأتا معا ما يسمى بالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: وهو فريق يتكون من مئات الخبراء مهمته تقييم البيانات وتوفير الأدلة العلمية ذات الثقة دعما لمفاوضات العمل بشأن المناخ، مثل هذه المفاوضات المقبلة في كاتوفيتسا، بولندا.

2. مؤتمرات كثيرة تقيمها الأمم المتحدة حول هذا الموضوع. فهل من أيِّ نتائج مثمرة لكل هذا؟ 

أطفال يحضرون مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في بون، ألمانيا.
Photo/UNFCCC

هذه الاجتماعات بالغة الأهمية في التوصل إلى إجماع عالمي بين كل الأطراف، حول قضية تتطلب حلولا عالمية من الجميع. وبالرغم من أن التقدم المثمر في هذا الصدد يحدث بسرعة أقل بكثير مما نحتاجه، إلا أن هذه المجهودات – الطموحة بقدر ضخامة التحدي الذي تواجهه–  نجحت في أن تجمع كافة الدول بتباين ظروفها، للعمل معا. لقد تم إحراز تقدم في كل خطوة على هذا الطريق. وبعض الخطوات الملموسة التي تم اتخاذها حتى الآن تثبت أمرا واحدا: العمل في مسألة المناخ له تأثير إيجابي حقيقي، ويمكن بالفعل أن يساعدنا في أن نمنع حدوث الأسوأ.

فيما يلي بعض الإنجازات الملحوظة حتى الآن:

 - تمكن ما لا يقل عن 57 بلدا من خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى المستويات المطلوبة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

-  هناك ما لا يقل عن 51 مبادرة "تسعيرة للكربون" تفرض رسوما على طن انبعاث، على أولئك الذين تصدر عنهم غازات ثاني أكسيد الكربون.

- عام 2015، التزمت 18 دولة مرتفعة الدخل بالتبرع بـ 100 مليار دولار أمريكي سنويا من أجل العمل المناخي في البلدان النامية. وحتى الآن، تم توفير أكثر من 70 مليار دولار.

3. لماذا يتحدث الجميع عن اتفاق باريس؟

الأمين العام بان كي مون يتحدث إلى الصحفيين حول دخول اتفاق  باريس بشأن تغير المناخ حيز التنفيذ. المصدر: الأمم المتحدة / ريك باغورناس
UN Photo/Rick Bajornas

اتفاق باريس– والذي يوفر للعالم الخيار الوحيد القابل للتطبيق لمواجهة تغير المناخ –  تم التصديق عليه من قبل 184 طرفا موقعا، ودخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2016.

الالتزامات الواردة فيه شديدة الأهمية:

- الالتزام بالحد من ارتفاع متوسط ​​درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من حد الدرجتين المئويتين، وكذلك مواصلة ومتابعة الجهود للحد من زيادة درجة الحرارة بنسبة 1.5 درجة مئوية.

- الالتزام بزيادة التمويل للعمل المناخي، بما في ذلك الهدف السنوي البالغ 100 مليار دولار تقدمها الدول المانحة للبلدان منخفضة الدخل.

- وضع خطط عمل وطنية للمناخ بحلول عام 2020، بما في ذلك أهداف العمل المناخي التي تحددها الدول وتقطع على نفسها الالتزام بتحقيقها.

-  حماية النظم الإيكولوجية المفيدة، بما في ذلك الغابات، التي تمتص غازات الاحتباس الحراري.

- تعزيز القدرة على تحمل التغير المناخي والحد من التعرض له.

-  إتمام برنامج عمل لتنفيذ الاتفاق الذي تم في عام 2018.

الولايات المتحدة، والتي انضمت إلى الاتفاق عام 2016، أعلنت مؤخرا في يوليو 2017 عن نيتها الانسحاب من اتفاق باريس. ومع ذلك، ستظل هذه الدولة طرفا في الاتفاق، على الأقل حتى تاريخ نوفمبر 2020 وهو أول تاريخ يمكنها فيه، من الناحية القانونية، الانسحاب من الاتفاق.

4. لماذا تعتبر (+ 1.5 درجة مئوية) حداً جوهريا حاسما؟ 

كتل جليدية في بحيرة جوكولسارلون الجليدية في جنوب شرق أيسلندا في يونيو 2013.
UN Photo/Eskinder Debebe

وفقا للبحوث العلمية التي تم تقييمها من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض بما لا يزيد متوسطها ​​العالمي عن حد الـ 1.5 درجة مئوية، عما كانت عليه قبل انتشار الصناعة، سيساعد على درء الضرر المدمر دائم الأمد على كوكب الأرض وشعوبه. من بين ذلك: الفقدان الكامل للبيئة التي توفر الحياة للحيوانات في القطب الشمالي وأنتارتيكا؛ المزيد من اضطراد حالات ارتفاع الحرارة الشديد القاتل، وندرة المياه التي من شأنها أن تؤثر على أكثر من 300 مليون إنسان؛ واختفاء الشعاب المرجانية الضرورية لحياة مجتمعات بأكملها وللحياة البحرية؛ وارتفاع مستوى سطح البحر مما يهدد مستقبل اقتصاد دول الجزر الصغيرة بكاملها، وغير ذلك.

وعموما، تقدر الأمم المتحدة أنه إذا تمكنا من الحفاظ على حد الـ1.5 درجة مئوية، بدلا من درجتين مئويتين، فإننا سنقلل عدد المتضررين من تغير المناخ بحوالي 420 مليون إنسان في العالم.

ما زلنا بعيدين عن مستقبل خال من انبعاثات الكربون، وحاجتنا إلى السعي إليه قد أصبحت أكبر من أي وقت مضى. تخبرنا البيانات أنه لا يزال من الممكن الحد من تغير المناخ إلى 1.5 درجة مئوية، لكن نوافذ الفرص في طريقها الى أن تنغلق، وسيتطلب الأمر القيام بتغييرات غير مسبوقة، في جميع جوانب المجتمع.

5. لماذا إذن يعتبر مؤتمر الأطراف الرابع والعشرون مهما؟

رئيس COP22 وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار (يسار) مع و وزير البيئة الفرنسي رئيس COP 21 سيغولين رويال في افتتاح مؤتمر الأطراف 22 في مراكش، المغرب. صور: الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ
UNFCCC

يعتبر  مؤتمر الأطراف لهذا العام في مدينة كاتوفيتسا في بولندا مهما بشكل خاص لأن عام 2018 هو الموعد النهائي الذي وافقت عليه الأطراف الموقعة في اتفاق باريس، من أجل اعتماد برنامج عمل لتنفيذ التزامات باريس. وهذا يتطلب عنصرا شديد الأهمية: الثقة بين جميع البلدان.

من بين العناصر العديدة التي يجب ترسيخها، مسألة تمويل العمل المناخي على مستوى العالم. ولأن عقارب الساعة تتسارع فيما يخص مسألة تغير المناخ، لم يبق للعالم وقت يضيعه: علينا أن نتفق جميعا على طريقة عمل مستقبلي جريء وحاسم وطموح، وقابل للمراجعة والمساءلة.

 

6. ما الأدلة العلمية التي ستستخدم في مفاوضات مؤتمر الأطراف-24؟

تسعى دول مثل رومانيا، إلى تعزيز التنمية منخفضة الكربون باستخدام موارد الطاقة المتجددة.
World Bank/Jutta Benzenberg

سوف تستند المناقشات إلى الأدلة العلمية التي تم جمعها على مر السنين وتقييمها من قبل الخبراء. وهي في الأساس التقارير التالية:

- "نداء للانتباه" صدر في أكتوبر الماضي: تقرير الاحترار العالمي- 1.5 درجة مئوية أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

- تقرير فجوة الانبعاثات 2018 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

- نشرة عام 2018 بشأن تركيزات الغازات الدفيئة الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

تقييم عام 2018 لحالة استنفاد طبقة الأوزون الذي أصدرته وكالاتا الأمم المتحدة للبيئة وللإرصاد الجوي

7. كيف يمكنكم متابعة المناقشات في مفاوضات مؤتمر الأطراف-24؟

الكرة الأرضية، من صور القمر الصناعي Suomi NPP.
NASA

هناك عدة طرق لمتابعة النقاشات:

- اشترك في النشرة الإخبارية عن تغير المناخ هنا لتتلقى أخبارا يومية ترسلها أخبار الأمم المتحدة، من بولندا.

- تابع هذه الصفحة بانتظام، لأنها ستضم كل القصص الإخبارية المهمة من مدينة كاتوفيتسا في بولندا.

- تابعوا هاشتاج #العمل_المناخي #ClimateAction على موقع تويتر.

 

8. كيف يمكنكم المشاركة في النقاش والمساهمة في العمل من أجل المناخ؟

يمكنكم الانضمام إلى موقع كونوا التغيير واجهوا التحدي الذي سيقدم اقتراحات بإجراءات يومية يمكن القيام بها لإنقاذ الكوكب، ويتابع حجم الإجراءات التي تم اتخاذها لقياس التأثير الذي يمكن أن يحدثه العمل الجماعي.

يمكنكم عرض جهودكم الخاصة في مكافحة تغير المناخ بمشاركتها على وسائل التواصل، مما يساعد في تشجيع مزيدا من الناس على المساهمة في العمل أيضا.

إضافة إلى ذلك، انضموا للمبادرة التي أطلقتها الأمم المتحدة لتأخذوا مقاعدكم على طاولة النقاش، وقوموا بإرسال رسائلكم مباشرة إلى مفاوضات مؤتمر الأطراف-24، وتأكدوا من استخدام هاشتاج #TakeYourSeat على تويتر. 

9. لماذا تخطط الأمم المتحدة أيضا لعقد قمة تغير المناخ في عام 2019؟

أنتونيو جوتيريس في حفل الأمم المتحدة لبطولة الأرض في نيودلهي
United Nations/ Deepak Malik

للبناء على النتائج المستفادة من مؤتمر الأطراف-24 (COP 24)، ولتعزيز الإجراءات المناخية والطموحات على أعلى المستويات، سيقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعقد قمة لتغير المناخ في سبتمبر القادم. وقبل الموعد النهائي في عام 2020 للبلدان لوضع خططها المناخية الوطنية، تم تصميم هذه القمة للتركيز على المبادرات العملية للحد من الانبعاثات وبناء المناعة والقوة.

ستركز القمة على دفع العمل في ستة مجالات: الانتقال إلى الطاقة المتجددة؛ تمويل العمل المناخي و"تسعيرة الكربون"؛ تقليل الانبعاثات الناتجة عن أنشطة الصناعة؛ استخدام الطبيعة نفسها كحل؛ المدن المستدامة والعمل المحلي؛ ومقاومة تغير المناخ.