منظور عالمي قصص إنسانية

قراران تاريخيان في الأمم المتحدة حول بناء السلام

مجلس الأمن بالإجماع الجمعية العامة  يتبنان  قرارين متماثلين بشأن بناء السلام  المصدر:  الأمم المتحدة / مانويل الياس
مجلس الأمن بالإجماع الجمعية العامة يتبنان قرارين متماثلين بشأن بناء السلام المصدر: الأمم المتحدة / مانويل الياس

قراران تاريخيان في الأمم المتحدة حول بناء السلام

إعرابا عن القلق العميق إزاء التكلفة البشرية الباهظة والمعاناة الناجمتين عن النزاعات المسلحة، وإدراكا للعدد الكبير من الأزمات الأمنية والإنسانية المتزامنة التي يواجهها العالم حاليا، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي اليوم، بالتزامن، قرارين متماثلين بشأن هيكلة بناء السلام في المنظمة، وهو الإجراء الذي يوفر زخما متجددا لمفهوم السلام المستدام.

ويأتي هذا الإجراء غير العادي والتاريخي كجزء من عملية إعادة تقييم واسعة تقوم بها منظومة الأمم المتحدة بشأن كيفية التعامل مع حالات الصراع.

ويوسّع القراران مفهوم بناء السلام ليشمل تعريف "السلام المستدام"، باعتباره هدفا وعملية لبناء رؤية مشتركة للمجتمع، وضمان أن يتم اتخاذ احتياجات جميع شرائح السكان في الاعتبار".

ويشمل ذلك الأنشطة التي تهدف إلى منع اندلاع أو تصاعد، واستمرار وتكرار الصراع؛ ومعالجة الأسباب الجذرية؛ ومساعدة أطراف الصراع على وقف الاعمال العدائية؛ وضمان المصالحة الوطنية؛ والانتقال نحو الانتعاش وإعادة الإعمار والتنمية.

وهنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدول الأعضاء على نتائج مراجعة هيكل بناء السلام، وحثهم على المحافظة على الزخم داعيا إلى تعزيز الاهتمام والمساعدة والتمويل الدولي للبلدان المتضررة من الصراع.

وقال السيد بان كي مون في بيان منسوب إلى المتحدث باسمه، "إن اعتماد هذين القرارين الشاملين بالتزامن من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن يرسل إشارة قوية. هذان القراران هما بيان نوايا يشير إلى تغيير في الاستراتيجية والتفكير."

وأضاف أن منظومة الأمم المتحدة ستعمل "بنهج أكثر استراتيجية مع الحكومات وعلى أرض الواقع، وفي شراكة أقوى مع الآخرين، ليس فقط لمنع تكرار الصراع، ولكن لنحول دون نشوب النزاع في المقام الأول".

وأكد البيان أن الأمين العام ملتزم التزاما قويا بدعم منظومة الأمم المتحدة بأسرها في تنفيذ هذين القرارين فورا، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن توجد مسألة تحظى بأولوية أعلى من الحفاظ على السلام، الذي هو شرط أساسي لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والجهود الأخرى.

من جانبهما، يؤكد القراران أن السلام المستدام مهمة مشتركة ومسؤولية يجب الوفاء بها من قبل الحكومة وجميع الجهات صاحبة المصلحة، ويجب أن "تنساب من خلال الركائز الثلاث لمشاركة الأمم المتحدة في جميع مراحل الصراع."

وفي هذا الصدد، يؤكد القراران على أهمية تنشيط مكتب دعم بناء السلام للأمم المتحدة بدعم من الأمين العام بان كي مون، كما ينبغي تعزيز التعاون والتنسيق في الميدان من خلال فرق الأمم المتحدة القطرية وفي مقر الأمم المتحدة.

ويؤكد القراران أيضا أن حجم وطبيعة التحدي المتمثل في الحفاظ على السلام لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال الشراكات الاستراتيجية والتشغيلية الوثيقة بين الحكومات الوطنية والأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك المنظمات الدولية والإقليمية وشبه الإقليمية، والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية وبنوك التنمية ومنظمات المجتمع المدني والمجموعات النسائية ومنظمات الشباب وحيثما كان ذلك مناسبا، القطاع الخاص.

على هذا النحو، يؤكد القراران دور لجنة بناء السلام للأمم المتحدة في تحقيق نهج استراتيجي متسق في جهود بناء السلام. وتوفر لجنة بناء السلام، وهي هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة ومجلس الأمن، منبرا لنهج منسق لاستدامة السلام، بإشراك جميع الجهات الفاعلة.

ويؤكد القراران أيضا على أهمية عمل اللجنة بمرونة أكثر لتخدم كجسر بين الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ودعا إلى التنسيق والتعاون على نحو أوثق بين لجنة بناء السلام ومجلس قضايا بناء السلام.

وفي مقابلة مع إذاعة الأمم المتحدة، أشار مساعد الأمين العام لدعم بناء السلام، أوسكار فرنانديز تارانكو، إلى أن القرارين "يتوجهان إلى الفرص الجديدة التي تعيد تعريف بناء السلام بعد عشرة أعوام من إنشاء هيكل بناء السلام كما نعرفه".

و مؤكدا أن القرارين هما "إعادة تأطير الحوار حول ما يعني بناء السلام في الوقت الراهن،" قال إنه لسنوات عديدة، كان بناء السلام شيئا نظمته الدول الأعضاء والأمم المتحدة نفسها لمنع تكرار أعمال العنف بعد الحروب. إن الوظيفة الأساسية للأمم المتحدة هي، أولا وقبل كل شيء، منع الحروب، ومنع الصراعات العنيفة من الحدوث فعلا".

وقد تم إنشاء ما يسمى هيكل بناء السلام للأمم المتحدة في عام 2005، في الوقت الذي تم فيه إنشاء لجنة بناء السلام، ومكتب دعم بناء السلام وصندوق بناء السلام. وجاء ذلك استجابة لشواغل الأمين العام السابق كوفي عنان بشأن وجود "فجوة في الآلية المؤسسية للأمم المتحدة: لا يعالج أي جزء من منظومة الأمم المتحدة على نحو فعال التحدي المتمثل في مساعدة البلدان في عملية الانتقال من الحرب إلى سلام دائم."