خمس مسؤوليات جوهرية في أجندة العمل الإنساني

مستلهما تجربته الشخصية مع الحرب، وإدراكا منه بأن تحديات اليوم دولية لا تعرف الحدود وتفوق قدرة أية دولة أو منظمة، يعقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قمة العمل الإنساني العالمية الأولى يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين من مايو أيار في مدينة إسطنبول التركية.
القمة التي يشارك فيها أكثر من 23 ألف شخص من 150 دولة، ستكون فرصة لقادة الحكومات والمنظمات والدول المتضررة بالأزمات والقطاع الخاص والمجال الأكاديمي للتواصل معا والالتزام بالعمل من أجل إنهاء المعاناة ومنعها، وتخفيف آثار الأزمات المستقبلية وتوجيه التمويل لإنقاذ الأرواح.
وقبيل القمة، استعرض الأمين العام أجندة العمل الإنساني التي تحدد خمسة مجالات مختلفة تتطلب العمل الجماعي من أجل إحداث التحول الذي يحتاجه العالم.
المسؤولية الأولى: منع الصراعات وإنهاؤها
ضرورة أن يتحمل القادة مسؤولياتهم لمنع الصراعات وإنهائها، كما يتعين عليهم الالتزام بالعمل بقوة أكبر لإيجاد حلول سياسية لإنهاء سفك الدماء والمعاناة.
ويقول الأمين العام بان كي مون إن التكلفة البشرية والاقتصادية الهائلة للصراعات تجعلها أكبر العقبات أمام التنمية البشرية.
أبو محمد، الذي كان يعمل مهندسا، يقف في منزله بصنعاء بعد أن دمر فيه كل شيء. عندما سأله موظفو الأمم المتحدة عن أكثر ما يحتاجه قال "الأمان. هذا كل ما نحتاجه. الأمان والحماية، أي شيء آخر ليس بنفس الأهمية."
وأضاف أبو محمد "تخيل أن يكون ابنك جائعا ولكنك غير قادر على إطعامه. أن يكون خائفا، ولكنك غير قادر على حمايته. إن الناس في اليمن يحتاجون بشدة إلى الحماية. هم بحاجة لأن يهتم بهم العالم، ولأن يعمل المجتمع الدولي من أجل وقف هذا الصراع.
المسؤولية الثانية: احترام قواعد الحرب
ضرورة تأكيد الدول على مسؤولياتها في تعزيز المعايير التي تحمي البشرية، واحترام القواعد التي اعتمدتها في القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق شدد الأمين العام على ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب، ودعا إلى القيام بحملة دولية لتعزيز احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان والامتثال لهما.
تتذكر فاطمة عبود، 36 عاما، جيدا اليوم الذي فقدت فيه زوجها في انفجار في الأنبار عام 2014. محافظة الأنبار الواقعة في غرب العراق شهدت قتالا عنيفا بين القوات الحكومية وداعش.
في اليوم الذي قتل فيه زوجها، فرت فاطمة وبناتها الثلاث وابنها وهو من ذوي الإعاقة.
اليوم تعيش الأسرة في غرفة بمخيم هارشيم للمشردين داخليا في أربيل بشمال العراق، حيث تعمل فاطمة في حياكة الملابس.
تقول فاطمة "الحياة صعبة هنا في المخيم. كل يوم يعد كفاحا. نتلقى مساعدات ولكنها ليست كافية. أود أن أكون متفائلة، ولكنني لا أرى أي مستقبل. إذا تمكنت من مغادرة العراق، سأفعل. لقد فقدنا كرامتنا هنا. إننا بحاجة إلى المساعدة."
المسؤولية الثالثة: ضمان عدم تخلف أحد عن الركب
ضرورة العمل من أجل ضمان عدم تخلف أحد عن الركب، ومساعدة الأقل تقدما أولا.
ويرى بان كي مون أن قمة العمل الإنساني تعد اختبارا للالتزام بتحويل حياة من يعيشون في مناطق الصراعات والكوارث وفي ظل أوضاع تعرضهم للخطر والضعف، بمن فيهم الذين أجبروا على النزوح.
دكتور باشال داكال أسرع إلى العمل خلال ساعات بعد الزلزال الذي ضرب نيبال في الخامس والعشرين من أبريل عام 2015، ليصبح أول طبيب نيبالي يصل إلى قرية بارباك في المنطقة الواقعة بمركز الزلزال.
في اليوم التالي للزلزال تمكن من حشد عشرة متطوعين، زاد عددهم إلى ألفين في اليوم الخامس.
وفيما واصل داكال تقديم الإغاثة والمساعدة الطبية للمجتمعات المتضررة، ساعده أصدقاؤه من رجال الأعمال في جمع إمدادات وتوفير خدمات بما يقدر بمليون وستمئة ألف دولار.
المسؤولية الرابعة: العمل بشكل مختلف لإنهاء العوز
تغيير حياة الناس من خلال الانتقال من توصيل المساعدات إلى إنهاء العوز والحاجة. ومن أجل تحقيق ذلك، يتعين تعزيز الأنظمة الوطنية والمحلية لا استبدالها، واحترام وتعزيز القيادة والقدرات المحلية لا تقويضها.
وأكد أمين عام الأمم المتحدة ضرورة توقع الأزمات قبل حدوثها، بما يعني الاستثمار في تحليل المعلومات والمخاطر، والتحرك مبكرا بناء على تلك المعلومات وإدارة المخاطر قبل وقوع الأزمات.
بالنسبة للملايين في المناطق الريفية في فيتنام، يخلف تغير المناخ آثارا تؤدي إلى وقوع ضحايا في بعض الأحيان. وفيما تتغير أنماط الطقس، تدفع أعداد كبيرة من النساء بشكل خاص ثمنا باهظا.
ران نغييون مزارعة في الخامسة والثلاثين من عمرها انضمت إلى اتحاد السيدات وتعمل مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة من أجل تعزيز دور النساء في الحد من مخاطر الكوارث وإدارتها.
تقول ران "العام الماضي قمنا باستعدادات أفضل لأسرنا وقريتنا قبل أن تهب العاصفة. وبفضل الاستعدادات الجيدة والتخطيط لم تقع ضحايا في القرية في موسم العواصف العام الماضي. وتم إنقاذ المحاصيل والماشية."
المسؤولية الخامسة: الاستثمار في البشرية
ضرورة الاستثمار في البشرية، وتعزيز القدرات المحلية والحد من المخاطر وبناء مؤسسات فعالة وجامعة وخاصة في الأوضاع الهشة المتقلبة.
ويتطلب ذلك أيضا، كما جاء في تقرير الأمين العام، الاستثمار بشكل أذكى في سبل تمويل وحشد الموارد وتنويع وتوسيع قاعدتها.
الطيب إدريس مدرس وعضو بلجنة إدارة موارد المياه في إحدى مناطق غرب دارفور يقول "مضخات المياه الجديدة التي تدار بالطاقة الشمسية غيرت حياتنا. تضخ المياه يوميا الآن. فيما سبق لو كنا محظوظين كنا نحصل على المياه مرتين أسبوعين بسبب تكلفة النظام الآلي وطريقة عمله."
وقال السيد عبد المالك عمدة القرية "إن نقص المياه كان مصدرا للتشاحن مما أدى في كثير من الأحيان إلى نشوب العنف بين سكان المنطقة والرعاة الموسميين. ومنذ أن بدأنا استخدام مضخات المياه العاملة بالطاقة الشمسية أصبح لدينا ما يكفي من المياه لنتشاطرها مع الرعاة بما أدى إلى تحسين علاقتنا بهم."
تم تمويل المشروع من صندوق السودان الذي يديره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
الصور: مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية