منظور عالمي قصص إنسانية

سوريا: اليونسكو تنشئ مرصداً لصون التراث الثقافي

تم إستخدام ثلاثة مواقع مصنفة من اليونسكو للتراث العالمي في سوريا لأغراض عسكرية ويعرضها لخطر دمار وشيك ولا رجعة فيه. تصوير رون فان، منظمة اليونسكو
تم إستخدام ثلاثة مواقع مصنفة من اليونسكو للتراث العالمي في سوريا لأغراض عسكرية ويعرضها لخطر دمار وشيك ولا رجعة فيه. تصوير رون فان، منظمة اليونسكو

سوريا: اليونسكو تنشئ مرصداً لصون التراث الثقافي

تقرر أثناء اجتماع دولي للخبراء عُقد في اليونسكو من 26 إلى 28 أيار/ مايو الجاري، إنشاء مرصد لرصد التراث المبني والمنقول وغير المادي، بهدف مكافحة الاتجار غير المشروع وجمع كافة المعلومات التي من شأنها ترميم التراث. وستنشئ اليونسكو مرصداً في بيروت لرصد وتقييم حالة التراث الثقافي في سوريا.

وسيضم هذا المرصد، الذي يتخذ من مكتب اليونسكو في بيروت مقراً له، إطاراً إلكترونياً، حيت تتقاسم أطراف وطنية ودولية المعلومات بشأن الأبنية التي تعرضت لأضرار، والقطع الفنية التي نُهبت، فضلاً عن كافة أشكال التراث غير المادي التي تعرضت للتهديدات.

وقال السيد فرانسسكو باندارين، مساعد المديرة العامة لليونسكو للثقافة:"إن من الأمور الحيوية أن تقوم وسائل الإعلام برفع مستوي الوعي العام بشأن الأزمة الخاصة بالتراث الثقافي في سوريا. ويجب على تجار القطع الفنية وعلى من يشتريها أن يدركوا ما ينطوي عليه الاتجار غير المشروع من خطورة، وما تقوم به منظمات المافيا الدولية في ما يتعلق باستغلال الأزمة لبيع القطع الفنية الأصلية والمزيفة على السواء من البلاد".

وحذّرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو قائلة "لقد بلغنا في بعض المناطق نقطة اللاعودة حيثما تعلق الأمر بالتراث الثقافي في سوريا. ويُعتبر تدمير التراث هناك بمثابة نزف ثقافي يقترن بأزمة إنسانية مأساوية يعاني من ويلاتها الشعب السوري".

ووفقاُ لليونسكو، لقد دُمّرت المواقع الأثرية والمدن التاريخية ذات القيمة العظيمة في سوريا، وذلك منذ نشوب النزاع في آذار/ مارس 2011. وقد ألحق هذا النزاع أضراراً في جميع مواقع التراث العالمي في سوريا الستة، ولاسيما في مدينة حلب القديمة وفي قلعة الحصن؛ وهناك من الشواهد التي تدل على أن هذه المواقع قد اُستخدمت كأغراض عسكرية وتعرضت لضرب مباشر بالقنابل وللانفجارات.

وفيما يتعلق بالتراث الثقافي غير المادي بما فيه الممارسات الثقافية والعروض الحية وغيرها، فإنه يتعرض لأضرار جسيمة بسبب ظواهر التشتت الاجتماعي، وعوامل النزوح والهجرة. ففي مدينة حلب القديمة التي تعرضت لأقسى أشكال التدمير، فقد الحرفيون هناك عدداً كبيراً من ورش عملهم وأدواتهم والمواد التي يستخدمونها. كما توقفت الأنشطة المرتبطة بنقل مهاراتهم. وفي مناطق حول مدينة دمشق، وهي المدينة التي شهدت أحياؤها القديمة نسبياً عدداً من المناوشات، تعرضت منتجات الخزف والكساء القيشانية لإضرار جسيمة.

وحضر الإجتماع أكثر من 120 خبيراً من 22 بلداً، من بينهم أخصائيون في مجال التراث الثقافي من سوريا ومن الشتات السوري، وممثلون عن المنظمات غير الحكومية السورية، وعلماء الآثار وأعضاء من المنظمات الشريكة لليونسكو، فضلاً عن أكاديميين من العديد من الجامعات الكبرى في الشرق الأوسط وخارجه. كما شارك في هذا الاجتماع ممثلون عن دور المزادات العلنية الدولية الذين رموا إلى تقاسم المعلومات ووضع السياسات وتحسين التعاون الدولي أثناء النزاعات وبعد انتهائها.

واقترح أيضاً المشاركون في هذا الاجتماع مطالبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يعتمد قراراً لتيسير استعادة القطع الثقافية التي سُرقت وصُدّرت على نحو غير مشروع من سوريا وتحريم بيعها ونقلها.

وشدد المشاركون على ضرورة "إزالة النزعة العسكرية للمواقع الثقافية"، أي منع استخدامها كقواعد عسكرية أو كأهداف، مع الالتزام بالقانون الدولي القائم، ولاسيما اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح (لعام 1954) التي صادقت عليها سوريا.

وقد نُظّم الاجتماع بدعم مالي من حكومة الفلاندرز كجزء من ميزانية مشروع بتكلفة 2،5 مليون يورو تحت عنوان "صون التراث الثقافي السوري بشكل عاجل" صاغه الاتحاد الأوروبي ويقوم مكتب اليونسكو في بيروت بتنفيذه منذ أوائل آذار/ مارس هذا العام.