منظور عالمي قصص إنسانية

الوصول إلى التعليم والتمييز مشكلتان كبيرتان في العالم العربي

الوصول إلى التعليم والتمييز مشكلتان كبيرتان في العالم العربي

مازالت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسرحا لأكثر حالات عدم التوازن بين الجنسين، ورغم ذلك، شهدت هذه المنطقة تقدما ثابتا في العقدين الأخيرين على درب تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي، حسبما أفاد به تقرير اليونيسف "التقدم من أجل الأطفال" الذي أطلق عالميا في جنيف اليوم.

هذا ويركز تقرير التقدم الذي وضعته اليونيسف بشكل خاص عن المساواة بين الجنسين في التعليم، ويشير إلى الهدف الذي تبناه كل من مؤتمر داكار 2000 وإعلان الألفية، الرامي إلى القضاء على التباين بين الجنسين في التعليم الابتدائي و الثانوي بحلول عام 2005، وتحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم بحلول عام 2015، مع التركيز على ضمان الوصول الكامل والعادل للفتيات إلى التعليم الأساسي الجيد والإبداع فيه.

وتبين البيانات الخاصة بالعالم العربي أن الفتيات تفوقن على الأولاد خلال العقد الماضي في جميع الميادين الأكاديمية تقريبا، وأن نسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأولاد والفتيات تتقارب مع المعدلات العالمية، فعند التحاق الفتيات العربيات بالمدارس الابتدائية، فإنهن عادة يضاهين أو يتفوقن على الأولاد، وفي الأغلبية الساحقة في الدول العربية، تقل أعداد الطالبات اللواتي يرسبن الصفوف عن عدد الأولاد، فحوالي ثلثي الفتيات اللواتي يقعن في الفئة العمرية الملائمة في المنطقة ملتحقات بالمدارس الابتدائية، وأكثر من 90% من الأولاد والفتيات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يصلون الصف الخامس الابتدائي.

ويقدم تقرير برنامج "التقدم من أجل الأطفال" تحليلا مقارنا لكل منطقة، موضحا أن أعظم الإنجازات في معدل الزيادات السنوية في المشاركة المدرسية في السنوات العشرين الماضية تحققت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بزيادة بلغت 1.4% للأولاد و 1.2% للفتيات.

رغم ذلك، ما زالت الفتيات العربيات يواجهن مشاكل حقيقية في سبيل إكمال التعليم المدرسي، حيث يسحب الكثير منهن من المدارس قبيل فترة البلوغ أو بعدها، والكثيرات أيضا يحملن عبئا كبيرا من الأعمال المنزلية، مما يعيق دراستهن ويدفعهن إلى ترك المدرسة.

سعت جميع مناطق العالم إلى إلحاق المزيد من الفتيات بالمدارس في تسعينيات القرن العشرين، حيث ارتفع عدد الفتيات في المدارس الابتدائية بوتيرة أسرع من عدد الأولاد، إلا أن 8% - من الإجمالي العالمي- من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في عام 2001 هم من العالم العربي، وتشكل الفتيات ما نسبته 57% من عدد يقدر بنحو 115 مليون طفل في العالم ممن بلغوا سن التعليم الابتدائي ولم يلتحقوا بالمدرسة.

وهذا يعني أن التمييز بين الجنسين ما زال مشكلة ملحة تنتظر حلا في جميع أنحاء العالم، ومن بين أقل الدول إنجازا في مجال وصول الفتيات إلى المدارس الابتدائية في العالم العربي اليمن والعراق ومصر.

وقال توماس مكديرموت، المدير الإقليمي لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "ما زلنا نطمح إلى وصول أكبر إلى المدارس الابتدائية والثانوية للأولاد والفتيات على حد سواء".

وأضاف أن الدول تواجه تحديا خاصا يتمثل في تحسن سير عمل المدارس في المناطق الريفية حيث يواجه المعلمون، خصوصا الشابات منهم، صعوبة في البقاء فيها. والوصول إلى التعليم لا يتحقق فقط بالتحاق المزيد من الأطفال بالمدارس، فهذا يتطلب أن تعمل المدارس في كل يوم مدرسي، وأن يحافظ المدرسون على أماكنهم، وأن تخضع المدارس للإصلاحات والصيانة بشكل منتظم، ويعني الوصول أيضا أنه حين ينهي الأطفال المدرسة الابتدائية، وجود احتمالات عملية بأن يكملوا المرحلتين المتوسطة والثانوية.

رغم أن دولا عربية كثيرة قد اعترفت ببند حقوق الإنسان الخاص بالتعليم الحر والإجباري، فإن الواقع هو أن أقساط المدارس تستمر في ردع الآباء عن إرسال أبنائهم، وبناتهم على وجه الخصوص، إلى المدارس، كما يعود حرمان الفتيات من المدارس في العالم العربي أيضا إلى القوانين المختلفة التي تفرضها العائلة والمجتمع المحلي على الفتيات والأولاد.

بالإضافة إلى هذا، فإن الدول التي خاضت عقودا من الصراعات الداخلية والتهجير تحتاج إلى إعادة وضع إستراتيجيات لإعادة التكامل في المدارس مع التركيز على المناطق التي يحدث فيها إعادة التوطين.

إن قضيتي السودان والعراق على وجه التحديد، تتسببان في تفاقم معدل التفاوت بين الجنسين في المنطقة وذلك لوجود أسباب عدم التوازن المتأصلة في عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المستمر.

وأخيرا فإن التنازل عن مساهمة الأطفال في الشؤون المنزلية وتربية الأطفال والدخل الإضافي ما زالت غير متاحة بالنسبة للعائلات التي تقع تحت خط الفقر حتى مقابل توفير الحوافز مثل وجبة منتصف النهار والكتب والزي المدرسي وغيرها.

كما يوجد تفاوت في توفير التعليم الابتدائي والالتحاق به بين المجتمعين المدني والريفي وتبقى المتغيرات المرتبطة بمعدل غنى العائلة دليلا دائما على هذا الوضع.

وقد اختتم مكديرموت كلامه قائلا "للأسف في المناطق الريفية، يعني دخول المدرسة غالبا أن يهجر الشخص عائلته ومجتمعه ويسافر بعيدا إلى مدرسة داخلية، وبالنسبة إلى معظم الأطفال، خاصة الفتيات، تعتبر النفقات والصعوبة وخطر المعيشة