منظور عالمي قصص إنسانية

خبراء: اعتقال أحمد مناصرة يقدّم دليلا واضحا على ممارسات إسرائيل المتعمدة لإخضاع الفلسطينيين

الجدار الفاصل في الضفة الغربية.
UN news/Shirin Yaseen
الجدار الفاصل في الضفة الغربية.

خبراء: اعتقال أحمد مناصرة يقدّم دليلا واضحا على ممارسات إسرائيل المتعمدة لإخضاع الفلسطينيين

حقوق الإنسان

ناشد خبراء* حقوق إنسان حكومة إسرائيل اليوم الخميس الإفراج الفوري عن الشاب الفلسطيني، أحمد مناصرة (20 عاما) المعتقل في سجونها منذ أن كان في 14 من العمر؛ والسماح له بالعودة إلى أسرته، والتماس الدعم والمشورة النفسية - لا سيّما في ضوء التقارير التي تفيد بأنه عرّض نفسه مرارا وتكرارا لخطر إيذاء نفسه.

وفي بيان، قال الخبراء إن أحمد المعتقل منذ قرابة ست سنوات حرُم من طفولته و "البيئة الأسرية والحماية وجميع الحقوق التي كان ينبغي ضمانها عندما كان طفلا."

Tweet URL

وأضاف الخبراء أن هذه القضية مخيفة في كثير من النواحي واستمرار اعتقاله رغم تدهور حالته العقلية، "هي وصمة عار علينا جميعا كجزء من المجتمع الدولي لحقوق الإنسان" وأضافوا في البيان: "نقول لأحمد، نأسف لأننا فشلنا في حمايتك."

"مشاهد مؤلمة لطفل مكسور العظام"

في عام 2015، اتُهم أحمد مناصرة (وقد كان يبلغ من العمر 13 عاما) وابن عمّه (15 عاما في ذلك الحين) بطعن إسرائيليين اثنين في مستوطنة بسغات زئيف في الضفة الغربية المحتلة.

وقُتل ابن عمه بالرصاص في مكان الحادث، فيما صدمت سيارة أحمد وأصيب بجروح خطيرة في الرأس، بينما سخر حشد إسرائيلي منه.

بعد اعتقاله، انتشرت لقطات فيديو على نطاق واسع على وسائل الإعلام، وأظهرت أحمد مكروبا ويتلقى معاملة قاسية وتم استجوابه بصرامة دون حضور والديه أو من يمثله قانونيا.

وقال الخبراء: "المشاهد المؤلمة لطفل مكسور العظام ملقى على الأرض تحت وابل من الإهانات والتهديدات التي يصرخ بها مسلحون بلغة أجنبية؛ ذلك الصبي نفسه الذي تتم تغذيته بالملعقة بأيدي غير مألوفة وهو مقيد بالسلاسل إلى سرير المستشفى، ثم يُستجوب بعنف في انتهاك لمعايير ومبادئ حقوق الإنسان المتعلقة باعتقال واحتجاز طفل؛ (تلك المشاهد) لا تزال تطارد ضمائرنا."

وبعد أن بلغ أحمد من العمر 14 عاما في عام 2016، أدين بتهمة محاولة القتل وحُكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما، على الرغم من أن القانون في الوقت الذي يُزعم فيه ارتكاب الجريمة في عام 2015 لا يسمح بسجن القاصرين دون سن 14 عاما.

تم تخفيض العقوبة فيما بعد إلى تسع سنوات ونصف. وبحسب ما ورد، تدهورت حالته العقلية بشكل مطّرد ربما نتيجة لظروف اعتقاله القاسية، وحالات الحبس الانفرادي المتكررة والعزلة.

 

يتم إحتجاز السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في أماكن  تشبه هذا المكان. صورة من إيرين
IRIN
يتم إحتجاز السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في أماكن تشبه هذا المكان. صورة من إيرين

 

"ممارسات لاإنسانية"

 

أوضح الخبراء أنه تم توقيف أحمد واحتجازه على مدى فترة زمنية بالغة الأهمية للنمو العاطفي والفكري والاجتماعي لأي طفل. "في جميع الإجراءات المتعلقة بالأطفال، يجب أن تكون مصلحة الطفل الفضلى الاعتبار الأساسي."

 

وأضافوا أن الحبس الانفرادي لطفل لفترة طويلة "قد يرقى إلى مستوى التعذيب وهو محظور في جميع الحالات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان."

 

وأشار الخبراء إلى أن قضية أحمد تقدّم دليلا واضحا على ممارسات إسرائيل المتعمدة لإخضاع الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، للاعتقال التعسّفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وغالبا ما تتنكر في صورة المكافحة ’المشروعة‘ للإرهاب.

 

يجب إنهاء هذه الممارسات اللاإنسانية: لقد تحمّل الكثيرون بالفعل العبء الأكبر من الاستخدام غير المقبول للأدوات القانونية كوسيلة لإخضاع السكان المحليين المحميّين

 

كما تثير القضية أيضا مخاوف جدية بشأن الانتهاكات المحتملة للمعايير الدولية للحصول على المحاكمة العادلة المنطبقة على الأطفال، بما في ذلك حظر حمل الطفل على الاعتراف أو تقديم شهادة تدينه من خلال إكراهه على فعل ذلك.

 

وشدد الخبراء على أنه "يجب إنهاء هذه الممارسات اللاإنسانية: لقد تحمّل الكثيرون بالفعل وطأة الاستخدام غير المقبول للأدوات القانونية كوسيلة لإخضاع السكان المحليين المحميّين، وإجبارهم على قبول احتلال لا يزال غير شرعي وغير قانوني."

وانتقد الخبراء اعتقال أحمد ذاته في السجون الإسرائيلية، بما يعد انتهاكا للمعايير الدولية: "إسرائيل، كسلطة قائمة بالاحتلال، ممنوعة من احتجاز الأشخاص المحميّين المتهمين بارتكاب جرائم في أراضيها."

 

وتنتهك هذه الممارسة، بحسب الخبراء، المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة وقد تصل أيضا إلى حدّ النقل القسري، الذي يشكل انتهاكا جسيما لاتفاقية جنيف الرابعة ومعترف به أيضا كجريمة حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

 

رفض الإفراج المبكر عن أحمد

 

على الرغم من تفاقم الحالة العقلية لأحمد، رفضت السلطات الإسرائيلية طلبات محامي أحمد بالإفراج المبكر عنه. وتؤكد السلطات الإسرائيلية أن المخالفة التي حُكم على أحمد بارتكابها تشكل عملا إرهابيا، مما يجعله غير مؤهل للإفراج المبكر بموجب قانون مكافحة الإرهاب.

 

بيد أن هذا القانون لم يدخل حيّز التنفيذ إلا في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وجرى إدخال تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب تمنع الإفراج المبكر عن المدانين بارتكاب جرائم خطيرة تتعلق بأعمال إرهابية في كانون الأول/ديسمبر 2018، بعد فترة طويلة من إدانة أحمد بمحاولة القتل في أيار/مايو 2016.

 

وقال الخبراء: "وكما تم التأكيد مرارا وتكرارا للسلطات الإسرائيلية، فإن قانون مكافحة الإرهاب غير الواضح وواسع النطاق بشكل مفرط أدى إلى حالات كثيرة جدا من التعسف وسوء المعاملة."

 

وأشاروا إلى أن تطبيق القانون بأثر رجعي على أحمد، والذي أدى إلى حرمانه من الإفراج المبكر عنه، غير قانوني وغير متناسب وتمييزي.

 

وقد أكدت التقارير الطبية التي وجدت أن أحمد يعاني من مرض انفصام الشخصية، الأثرَ المدمر للمعاملة القاسية التي تعرّض لها في سن مبكرة.

 

وقال الخبراء إن الوقت حان لأن يحظى نظام الاعتقال والاحتجاز السائد الذي تطبقه إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة باهتمام دولي كجزء لا يتجزأ من النظام القمعي المنهجي وواسع النطاق الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين خلال 55 عاما من الاحتلال العسكري.

 

وتحتجز إسرائيل حاليا 4,700 فلسطيني بينهم 170 طفلا، و640 رهن الاعتقال الإداري.

 

هذا وأشار الخبراء في بيانهم إلى أنهم على اتصال بالحكومة الإسرائيلية لإثارة شواغلهم إزاء قضية أحمد.

 

*الخبراء هم:

 

فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967؛ فيونوالا ني أولين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب؛ تنداي أشيوم، المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب؛ السيدة تلالينغ موفوكينغ، المقررة الخاصة المعنية بالحق في الصحة؛ والسيدة ريم السالم، المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه.

 

يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.

 

ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.