منظور عالمي قصص إنسانية

خبراء حقوقيون يدعون المجتمع الدولي إلى عدم التخلّي عن الأطفال المحتجزين والمفقودين في سوريا

(من الأرشيف) وصول العائلات إلى ريف الحسكة هربًا من القتال المستمر في رأس العين، شمال شرق سوريا. (تشرين الثاني/نوفمبر 2019)
© UNICEF/Beshar Keder
(من الأرشيف) وصول العائلات إلى ريف الحسكة هربًا من القتال المستمر في رأس العين، شمال شرق سوريا. (تشرين الثاني/نوفمبر 2019)

خبراء حقوقيون يدعون المجتمع الدولي إلى عدم التخلّي عن الأطفال المحتجزين والمفقودين في سوريا

حقوق الإنسان

أعرب خبراء حقوقيون* عن قلقهم الشديد بشأن الأطفال المفقودين والمصابين بعد الهجوم على سجن داعش في كانون الثاني/يناير من هذا العام. ودعوا سلطات الأمر الواقع إلى السماح لجميع العاملين في المجال الإنساني بالوصول الكامل ودون عوائق إلى الأطفال.

ففي كانون الثاني/يناير 2022، أثارت فيونوالا ني أولين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، مخاوف بشأن عملية اقتحام دامية للسجن الذي يديره تنظيم داعش في منطقة الحسكة في شمال شرق البلاد.

واحتُجز فتيان لا تتجاوز أعمارهم 10 أو 12 عاما بشكل تعسفي في السجن في ظروف قوّضت صحتهم ورفاهيتهم ومصالحهم الفضلى على المدى الطويل كأطفال وكضحايا للإرهاب وكشباب ضعفاء.

فيونوالا ني أولان، المقررة الخاصة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب
UN Photo/Jean-Marc Ferré
فيونوالا ني أولان، المقررة الخاصة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب

وأعرب الخبراء في بيانهم الصادر يوم الجمعة عن مخاوفهم العميقة بشأن الرفاه البدني والعقلي والتعليمي والصحي الشامل للأطفال المحتجزين تعسفيا في مراكز الاحتجاز في شمال شرق سوريا، وكذلك الأطفال الذين يبدو أنهم في عداد المفقودين.

ظروف احتجاز سيئة

كما أعربوا عن عدم ارتياحهم لعدم وجود معلومات واضحة تتعلق بعدد القاصرين المحتجزين بالفعل في السجون قبل الهجوم، وأن هذا يمكن استخدامه لرفض الاعتراف بمصيرهم ومكان وجودهم.

وقال الخبراء: "ساءت ظروف الاعتقال في السجن. هناك حالات شديدة من سوء التغذية. أصيب العديد من الأولاد المحتجزين في السجون بجروح خطيرة أثناء عملية الهروب من السجن، ويتلقون العلاج الطبي الضروري."

علاوة على ذلك، لا يبدو أن ظروف الاحتجاز تتوافق مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، بما في ذلك السكن والوصول إلى المياه والمواد الضرورية للصحة والنظافة ومياه الشرب.

وهؤلاء الأولاد محتجزون في زنازين جماعية مكتظة تضم الواحدة منها من 20 إلى 25 شخصا في ظروف غير إنسانية، مع وصول محدود لمياه الشرب الآمنة. ولا تزال المخاوف بشأن انتشار كـوفيد-19 في هذه الظروف مرتفعة.

وقال خبراء الأمم المتحدة إنهم أصيبوا بالذهول من توقف الاتصال بين الصبية وأفراد عائلاتهم، والذي كان متقطعا أصلا قبل الهجوم.

حالات قد ترقى "للاختفاء القسري"

وقال الخبراء: "نشعر بقلق بالغ أنه منذ هجوم كانون الثاني/يناير 2022، لا يزال مصير وأماكن وجود ما لا يقل عن 100 من هؤلاء الأولاد مجهولا، الأمر الذي يثير مخاوف جدية فيما يتعلق بحقهم في الحياة.

وأضاف الخبراء أن بعض الحالات قد ترقى إلى حدّ الاختفاء القسري: "السلطات المسؤولة عن السجن، التي دعت إلى الإعادة الفورية لجميع الرعايا الأجانب، منوط بها مسؤولية إنسانية وأمنية وحقوقية مستحيلة تقريبا من قبل دول أخرى."

فبموجب القانون الدولي، يتعيّن على تلك السلطات مع ذلك إجراء تحقيق سريع وشفاف وحيادي ومستقل فيما يتعلق بالظروف التي اختفى فيها هؤلاء الأولاد، ونشر النتائج على الملأ.

"يجب تحديد الأذى الذي يلحق بهؤلاء الأطفال، ويجب محاسبة المسؤولية لمنع الإفلات من العقاب."

مسؤولية الدول تجاه أطفالها

وقال الخبراء يجب على جميع الدول والجهات الفاعلة المشاركة في شمال شرق سوريا ضمان حماية الأطفال ومنع حدوث المزيد من الأذى لهم.

وأضاف الخبراء أن الدول التي لديها رعايا هناك لديها التزامات واضحة بحماية هؤلاء الأطفال الضعفاء المحاصرين في الصراع والعنف، ولا يمكنها أن تتجنب هذه الالتزامات بمجرد تجاهل مصير مواطنيها.

العائلات تصل إلى الحسكة، هربا من الأعمال العدائية في راس العين، شمال شرق سوريا. (الأرشيف).
© UNICEF/Beshar Keder
العائلات تصل إلى الحسكة، هربا من الأعمال العدائية في راس العين، شمال شرق سوريا. (الأرشيف).

وقال الخبراء: هؤلاء الأولاد وقعوا ضحايا بالفعل لأسباب عديدة. العديد منهم تم إحضارهم إلى سوريا من قبل عائلاتهم، بينما وُلد آخرون هنا، لعائلات يُزعم أنها مرتبطة بداعش. إنهم يتعرضون للأذى والإصابة دون ذنب من جانبهم، ويتم التخلي عنهم وإلقاؤهم في تجربة قاتمة لا هوادة فيها من العنف."

معظم هؤلاء الأطفال صبية صغار، وهم ضحايا للإرهاب ولانتهاكات خطيرة للغاية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني. ويُعتبرون مذنبين بالتبعية ويتعرضون للتمييز ويُعاقبون. ولا يتم إيلاء الاهتمام لمصلحتهم الفضلى. وأكد الخبراء أنهم يستحقون الحماية والرعاية وليس العنف وتخلي المجتمع الدولي عنهم.

لذلك، دعا خبراء الأمم المتحدة السلطات إلى إعادة الوصول الكامل على الفور إلى جميع الجهات الفاعلة الإنسانية، بما في ذلك الأمم المتحدة، إلى جميع الأفراد في السجون.

وأضافوا أنه رغم الهجمات الأخيرة على السجن، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُفهم أو تُفسّر المساعدة الإنسانية والمتعلقة بحقوق الإنسان المقدمة للأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي على أنها ترقى إلى مستوى الدعم المادي للإرهاب بموجب أي تشريع لمكافحة الإرهاب أو اتفاقية مع المانحين.

ودعوا إلى الإعادة الفورية للأطفال إلى أوطانهم. بالنسبة لأولئك الذين لا يمكن إعادتهم وفقا للقانون الدولي، يجب إيجاد حل دولي لمحنتهم.

وقال الخبراء: "من الواضح أنه لا يمكن التوفيق بين الحالة الراهنة وأي موقف مفاده بأن الدول تتصدى بفعالية للتهديدات الدولية للسلام والأمن، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف."

الخبراء هم:

فيونوالا ني أولين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب؛ سيوبان مولالي، المقرر الخاص المعني بالاتجار بالأشخاص؛ الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي؛ تلالنغ موفوكينغ، المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية؛ موريس تيدبال بينز، المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي؛ مايكل فخري، المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء؛ بيدرو أروجو-أغودو، المقرر الخاص المعني بحق الإنسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي؛ الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري؛ بلاكريشنان رجاغوبال، المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب؛ الفريق العامل المعني باستخدام المرتزقة.

-------

* يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.

ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.