منظور عالمي قصص إنسانية

سوريا: الأمم المتحدة تدعو إلى دعم النداء الإنساني وتمديد تفويض العمليات الإنسانية عبر الحدود

(من الأرشيف) أطفال ينتظرون توزيع الطعام عليهم خلال أزمة كوفيد-19 في حلب بسوريا.
© WFP/Jessica Lawson
(من الأرشيف) أطفال ينتظرون توزيع الطعام عليهم خلال أزمة كوفيد-19 في حلب بسوريا.

سوريا: الأمم المتحدة تدعو إلى دعم النداء الإنساني وتمديد تفويض العمليات الإنسانية عبر الحدود

السلم والأمن

دعا أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في جلسة مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا التي عقدت عصر اليوم الأربعاء، إلى تقديم الدعم لأحدث نداء إنساني يسعى إلى الحصول على 4.2 مليار دولار لتخفيف محنة سكان البلاد. كما طلب 5.8 مليار دولار أخرى لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة.

الأمين العام الذي كان يتحدث عبر تقنية الفيديو من بروكسل حيث يجري محادثات مع المفوضية الأوروبية، أكد أيضا لأعضاء المجلس على أهمية الحفاظ على الوصول إلى المتضررين وتوسيعه، بما في ذلك العمليات عبر الحدود وعبر الخطوط.

الوضع الإنساني أسوأ مما كان عليه في بداية الصراع

ومستعرضا الوضع الإنساني للعديد من السوريين، قال الأمين العام إن "الوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء الصراع". إذ يحتاج 13.4 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، كما أن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

استراتيجيات التكيف لدى الشعب السوري وصلت إلى حدها المطلق--الأمين العام أنطونيو غوتيريش

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60 في المائة منذ عام 2011. كما اختفت الوظائف، وارتفعت الأسعار بشدة، وندرت البضائع، بحسب السيد غوتيريش الذي أشار إلى أن "الناس يتأقلمون عن طريق تقليل حجم الوجبة أو التخلي عنها بالكامل".

وذكر أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت الآن بسبب الجفاف، مشيرا إلى أن النقص المائي في حوض الفرات هو الأسوأ، فيما ينتشر كوفيد-19 في جميع أنحاء البلاد، في ظل ارتفاع معدلات انتقال العدوى التي تلقي بثقلها على نظام صحي هش أصلا.

رفع مستوى المساعدة وبناء القدرة على الصمود

وبينما يستمر وقف إطلاق النار إلى حد كبير، إلا أن هناك انتهاكات مستمرة، بما في ذلك الهجوم المروع على مستشفى الشفاء في وقت سابق من هذا الشهر، بحسب الأمين العام الذي قال إن "استراتيجيات التكيف لدى الشعب السوري وصلت إلى حدها المطلق."

وتعتبر عملية الأمم المتحدة الإنسانية في سوريا اليوم الأكبر في العالم.

وقد سعى نداء الأمم المتحدة الأخير الذي يهدف إلى مساعدة المتضررين في سوريا إلى الحصول على 4.2 مليار دولار لتخفيف محنة البلاد. كما يطلب 5.8 مليار دولار أخرى لدعم اللاجئين في المنطقة.

اعتبارا من اليوم، حصل النداء على 636 مليون دولار للاستجابة السورية، و600 مليون دولار فقط للاستجابة الإقليمية. "هذا جزء يسير مما هو مطلوب"، كما قال السيد غوتيريش مناشدا المانحين "زيادة المساعدة المنقذة للحياة والمساعدة في بناء القدرة على الصمود لمواجهة هذه التحديات الهائلة."

في مدينة الطبقة في سوريا، يملأ الأولاد صفائحهم بالمياه القذرة (أيار 2017).
© UNICEF/UN066040/Souleiman
في مدينة الطبقة في سوريا، يملأ الأولاد صفائحهم بالمياه القذرة (أيار 2017).

توسيع العمليات الإنسانية 

على الرغم من استجابة الأمم المتحدة الهائلة في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة، فهي بحاجة إلى مزيد من الوصول لتوزيع المساعدة الإنسانية إلى أمس المحتاجين إليها.

"هذا هو السبب في أنني كنت أعرب بوضوح عن مدى أهمية الحفاظ على إمكانية الوصول وتوسيعها، بما في ذلك العمليات عبر الحدود والخطوط"، قال الأمين العام، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تناقش الأمر مع تركيا والمجموعات التي تسيطر على المنطقة، معربا عن أمله القوي في أنه سيكون من الممكن بدء عمليات عبر الخطوط قريبا.

لكنه أضاف: "لكن يجب أن ندرك أنهم لن يكونوا قادرين أبدا على استبدال المساعدة عبر الحدود في المستويات الحالية."

عواقب وخيمة إذ فشل المجلس في تمديد تفويض العمليات الإنسانية عبر الحدود

وكلمته ناشد الأمين العام أعضاء المجلس "بقوة التوصل إلى توافق في الآراء بشأن السماح بالعمليات عبر الحدود كقناة حيوية للدعم لمدة عام آخر."

وقال إن "الفشل في تمديد تفويض المجلس سيكون له عواقب وخيمة."

وأضاف أن الشعب السوري في حاجة ماسة إلى المساعدات، "ومن الضروري حشد كل طاقاتنا على جميع القنوات."

لكن الأمين العام ذكّر ب"أن حل المأساة السورية لا يمكن إلا أن يكون سياسيا."

وقال: "يجب على السوريين أن يجتمعوا للاتفاق على مستقبلهم. حان الوقت لإنهاء هذا الكابوس الذي دام عقدا من الزمن."

(من الأرشيف) أطفال يتجولون وسط أنقاض المباني المدمرة في إدلب، سوريا.
© UNICEF/Giovanni Diffidenti
(من الأرشيف) أطفال يتجولون وسط أنقاض المباني المدمرة في إدلب، سوريا.

 

ببساطة لا بديل عن آلية إيصال المساعدات عبر الحدود 

مع اقتراب عقارب الساعة فيما يتناقش أعضاء مجلس الأمن حول تمديد التفويض، ستواصل الأمم المتحدة والشركاء تقديم المساعدة للسوريين، حسبما قال القائم بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، رامش راجاسينغهام.
وأشار السيد راجاسينغهام إلى أن الآلية عبر الحدود هي أيضا "واحدة من أكثر عمليات المساعدة التي تخضع للتدقيق والمراقبة في العالم"، مؤكدا ما جاء على لسان الأمين العام بأن الفشل في تمديد التفويض سيكون له عواقب وخيمة لأن المنظمات غير الحكومية لن تكون قادرة على تلبية الاحتياجات الهائلة.
وأوضح أنه فيما يحتاج "90 في المائة من الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة من أجل بقائهم على قيد الحياة، فإنهم سيواجهون وضعا كارثيا حقا. وببساطة لا يوجد بديل للعملية عبر الحدود".

الفشل في تمديد تفويض المجلس سيكون له عواقب وخيمة-- الأمين العام أنطونيو غوتيريش
 

وأكد السيد راجاسينغهام أنه بينما تستخدم الأمم المتحدة وشركاؤها جميع الوسائل الممكنة للوصول إلى الناس في شمال غرب سوريا، فإن العمليات عبر الخطوط الأمامية من داخل البلاد لم تكن ممكنة. ومع ذلك، فإن تلك العمليات من شأنها أن تكمّل، لا أن تحل محل الآلية عبر الحدود.
وقال إنه "عندما يتعلق الأمر بإيصال المساعدات المنقذة للحياة للأشخاص المحتاجين في جميع أنحاء سوريا، ينبغي إتاحة جميع القنوات وإبقاؤها متاحة. المخاطر ببساطة كبيرة للغاية في خلاف ذلك".


وشدد أمام الهيئة المؤلفة من خمسة عشر عضوا:
"أكرر دعوة الأمين العام إلى مجلس الأمن للمساعدة في ضمان حصول الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني على كل الفرص لمساعدة المحتاجين من خلال تمديد التفويض عبر الحدود لمدة 12 شهرا".

أمريكا: حرمان الملايين من الغذاء والماء سيقوض مصداقية المجلس

من الأرشيف: ليندا توماس-غرينفيلد، المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.
UN Photo/Evan Schneider
من الأرشيف: ليندا توماس-غرينفيلد، المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.

ليندا توماس - غرينفيلد، الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، التي زارت الحدود التركية السورية وباب الهوى، قبل ثلاثة أسابيع، قالت إنها التقت هناك بالعاملين في الخطوط الأمامية للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية واللاجئين الذين أخبروها قصصا مروعة حول ما واجهوه بعد عقد من الصراع.


وأوضحت أنها قامت بهذه الزيارة لأنها أردت أن يعرف الشعب السوري أنه لم يتم نسيانه: "ذهبت لأنني أردت أن أرى - بأم عيني - كيف تعمل الآلية العابرة للحدود حتى أتمكن من التحدث مباشرة عنها."


وتساءلت السفيرة الأمريكية: هل نضمن استمرار مراقبة مساعداتنا الإنسانية من البداية إلى النهاية؟ هل نتابع التزامنا بإنهاء جائحة كوفيد-19؟ هل نساعد السوريين المحتاجين؟ 
وأكدت أنه بدون الوصول عبر الحدود، سيموت المزيد من السوريين – "ونحن نعلم ذلك. يعرف موظفو الأمم المتحدة في الخطوط الأمامية ذلك. المنظمات غير الحكومية تعرف ذلك. الأسد يعرف ذلك. اللاجئون السوريون والنازحون داخليا يعرفون ذلك أيضا. الجميع يعرف هذا."


لذلك فإن على هذا المجلس واجب إعادة تفويض باب الهوى، وكذلك باب السلام واليعربية، بحسب ليندا توماس - غرينفيلد التي أوضحت أن الأمر لا يتطلب الكثير: 
"التمديد الفني لمدة اثني عشر شهرا وثلاثة معابر. يجب أن نفعل ذلك الآن، وألا نترك الآباء والأمهات يتساءلون عما إذا كانوا سيتمكنون من إطعام أطفالهم في 11 تموز/يوليو."


وشددت في كلمتها عصر اليوم على أن تفويض الدول الأعضاء في مجلس الأمن هو الحفاظ على السلام والأمن، قائلة "سنقوض هذا التفويض ومصداقية هذه الهيئة إذا كنا مسؤولين عن حرمان ملايين الأشخاص من الغذاء والماء والمساعدات الطبية التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة".
"إيها الزملاء، يجب أن نصوت للتجديد."

سوريا ترفض هذه الآلية وتعتبرها مسيسة

 

من الأرشيف: السفير السوري بسام صباغ، يلقي كلمة أمام اجتماع مجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط (سوريا).
UN Photo/Evan Schneider
من الأرشيف: السفير السوري بسام صباغ، يلقي كلمة أمام اجتماع مجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط (سوريا).

من جهته، جدد السفير بسام صبّاغ، المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية، التأكيد على موقف وفده المبدئي الرافض لهذه الآلية المسيّسة، التي كانت تدبيراً استثنائياً مؤقتاً"، قائلا إن الأسباب والظروف التي دفعت إلى تبنيها لم تعد قائمة اليوم.
وشدد على أن التطبيق العملي لهذه الآلية قد أكّد كل ما حذرت منه سوريا بشأن المخالفات الجسيمة التي تطغى على عمل تلك الآلية "سواء لجهة انتهاكها للسيادة السورية، وخدمتها لمصالح الاحتلال التركي والتنظيمات الإرهابية الموالية له وفي مقدمتها "هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة"، التي تسيطر على إدلب ومحيطها"، على حد تعبيره. 
وأشار إلى أنه علاوة على العيوب الجوهرية المرتبطة بالتنسيق مع الحكومة، وشفافية إجراءات وآليات الرقابة والتوزيع، أو الوجهة النهائية للمساعدات التي يصب معظمها في أيدي التنظيمات الإرهابية المسيطرة على معبر باب الهوى والتي توظفها- كما سبق وأوضحت سوريا- لتمويل أنشطتها الإجرامية، وكسب الولاءات، وتجنيد إرهابيين جدد.
وقال "السؤال هنا لكل من يدافع عن استمرار عمل هذه الآلية، كيف تبررون السماح باستخدام معبر يسيطر عليه تنظيم إرهابي مصنف من قبلكم هو " هيئة تحرير الشام" لإدخال المساعدات عبر الحدود؟"

وختم قائلا إن بلاده تجدد التزامها ببذل قصارى جهدها للارتقاء بالوضع الإنساني للشعب السوري والتخفيف من معاناته التي خلّفتها السياسات الخاطئة والممارسات العدوانية لبعض الدول، وتؤكد مواصلتها تقديم كل التسهيلات اللازمة لعمل الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء في العمل الإنساني لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين الحقيقيين وفي التوقيت المناسب، ودون الإخلال بمعيار أساسي وهو حرص الحكومة السورية على أمن وسلامة القوافل والعاملين في المجال الإنساني.