منظور عالمي قصص إنسانية

يوم عالمي يسلط الضوء على دور التنوع البيولوجي للتربة في تعزيز إنتاج الغذاء والحفاظ على صحة الإنسان

زراعة الفول في مقر  منظمة الفاو في روما. المصدر: الفاو/ كلوديا نقولا
زراعة الفول في مقر منظمة الفاو في روما. المصدر: الفاو/ كلوديا نقولا

يوم عالمي يسلط الضوء على دور التنوع البيولوجي للتربة في تعزيز إنتاج الغذاء والحفاظ على صحة الإنسان

أهداف التنمية المستدامة

قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إن الكائنات الحية التي تعيش داخل التربة تلعب دورا حاسما في تعزيز عملية إنتاج الغذاء، وتعزيز النظم الغذائية ذات القيمة العالية، والحفاظ على صحة الإنسان، واستصلاح المواقع الملوثة، ومكافحة تغير المناخ.

جاء ذلك في تقرير نشرته المنظمة، بمناسبة اليوم العالمي للتربة، الذي تحتفل به الأمم المتحدة في 5 ديسمبر/كانون الأول، بهدف تركيز الاهتمام على أهمية التربة الصحية والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد التربة.

ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار "فلنحافظ على حيوية التربة لكي نحمي تنوعها البيولوجي".

التقرير حمل عنوان "حالة المعرفة بشأن التنوع البيولوجي للتربة"، وهو أول تقرير من نوعه تصدره منظمة الفاو.

ويؤكد التقرير أنه وعلى الرغم من حقيقة أن فقدان التنوع البيولوجي هو في مقدمة الاهتمامات العالمية، إلا أن التنوع البيولوجي الموجود تحت الأرض لا يجد الأهمية التي يستحقها، مشددا على ضرورة أخذه في الاعتبار عند التخطيط للتدخلات من أجل التنمية المستدامة.

وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الفاو ماريا هيلينا سيميدو:

"يعتبر التنوع البيولوجي للتربة وإدارتها المستدامة شرطين أساسيين لتحقيق العديد من أهـداف التنمية المستدامة. لذلك، فإن البيانات والمعلومات المتعلقة بالتنوع البيولوجي للتربة، من المستوى الوطني إلى المستوى العالمي، ضرورية من أجل التخطيط الفعال لاستراتيجيات الإدارة بشأن موضوع لا يزال غير معروف بشكل جيد".

التربة هي واحدة من الخزانات العالمية الرئيسية للتنوع البيولوجي. تستضيف أكثر من 25 في المائة من التنوع البيولوجي في العالم. بالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر من 40 في المائة من الكائنات الحية في النظم الإيكولوجية الأرضية مرتبطة بالتربة خلال دورة حياتها.

ويعرّف التقرير التنوع البيولوجي للتربة بأنه تنوع الحياة تحت الأرض، من الجينات والكائنات الحية إلى المجتمعات التي تشكلها، فضلا عن المجمعات البيئية التي تساهم فيها وتنتمي إليها، من الموائل الدقيقة للتربة إلى المناظر الطبيعية.

التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي للتربة

يلعب التنوع البيولوجي للتربة دورا بالغ الأهمية بالنسبة للزراعة والأمن الغذائي من خلال الخدمات التي توفرها للنظام البيئي.

على سبيل المثال، تقوم الكائنات الحية الدقيقة داخل التربة بتحويل المركبات العضوية وغير العضوية وهو ما يؤدي إلى إطلاق مغذيات يمكن أن تتغذى عليها النباتات. هذه التحولات ضرورية أيضا لترشيح وتحلل الملوثات في الماء والتربة.

ولكن يمكن للأنشطة البشرية وتغير المناخ والكوارث الطبيعية أن تهدد الدور المهم للتنوع البيولوجي للتربة في ضمان النظم الغذائية الزراعية المستدامة.

إذ لا يزال الإفراط في استخدام الكيماويات الزراعية وإساءة استخدامها يمثلان أحد الأسباب الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي للتربة، وبالتالي تقليل إمكانات التنوع البيولوجي للتربة اللازمة للزراعة المستدامة والأمن الغذائي.

وتشمل الأمثلة الأخرى للأنشطة الضارة إزالة الغابات، التحضر، التكثيف الزراعي، فقدان المواد العضوية في التربة، تدهور بنية التربة، تحمض التربة، التلوث، حرائق الغابات، التعرية، والانهيارات الأرضية.

قدرة التربة على التخفيف من تغير المناخ

تتمتع الحلول القائمة على الطبيعة والتي تشمل الكائنات الحية الدقيقة في التربة بإمكانية كبيرة للتخفيف من تغير المناخ. إذ تلعب هذه الكائنات دورا رئيسيا في عزل الكربون وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. يمكن أن تمتص النباتات جزءا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ وتخزينها في التربة من خلال التحلل الميكروبي، مما يسمح بالاحتفاظ بكربون التربة لفترات طويلة من الزمن.

وذكر التقرير أن الأنشطة الزراعية هي أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون وغازات أكسيد النيتروز المنبعثة من التربة، والتي تنجم عن الإفراط في استخدام أو سوء استخدام الأسمدة المحتوية على النيتروجين.

التنوع البيولوجي للتربة وصحة الإنسان

يدعم التنوع البيولوجي للتربة صحة الإنسان، بشكل مباشر وغير مباشر، من خلال تنظيم الأمراض وإنتاج الغذاء. تُستخدم العديد من بكتيريا التربة والفطريات، بشكل تقليدي، في إنتاج صلصة الصويا والجبن والنبيذ وغيرها من الأطعمة والمشروبات المخمرة.

تتمكن النباتات من خلال العلاقة بين جذورها والتنوع البيولوجي للتربة من إنتاج مواد كيميائية مثل مضادات الأكسدة التي تحمي هذه النباتات من الآفات وعوامل الإجهاد الأخرى.

وعندما نستهلك هذه النباتات، تفيدنا مضادات الأكسدة من خلال تحفيز جهاز المناعة لدينا والمساهمة في تنظيم الهرمونات. يمكن أن تساعد الكائنات الدقيقة في التربة أيضا في منع الأمراض الالتهابية المزمنة، بما في ذلك الحساسية والربو وأمراض المناعة الذاتية ومرض التهاب الأمعاء والاكتئاب.

علاوة على ذلك، فقد تم اشتقاق العديد من الأدوية واللقاحات من كائنات التربة، من المضادات الحيوية المعروفة مثل البنسلين إلى البليوميسين المستخدم لعلاج السرطان والأمفوتريسين لعلاج العدوى الفطرية. أما بالنسبة للأمراض المتزايدة التي تسببها الكائنات الدقيقة المقاومة، فإن التنوع البيولوجي للتربة لديه إمكانات هائلة لتوفير أدوية جديدة لمكافحتها.

 

فلنوقف تآكل التربة، ولندع التربة في مكانها