منظور عالمي قصص إنسانية

اليمن: تحليلات جديدة تتوقع أن يعاني 3.2 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر الستة المقبلة

سيّدة نازحة تقف على مدخل مأواها هي وأطفالها الصغار في مدينة إب باليمن.
IOM/Olivia Headon
سيّدة نازحة تقف على مدخل مأواها هي وأطفالها الصغار في مدينة إب باليمن.

اليمن: تحليلات جديدة تتوقع أن يعاني 3.2 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر الستة المقبلة

المساعدات الإنسانية

وجدت أحدث تحليلات أجرتها وكالات أممية في 133 منطقة في اليمن أن 40% من سكان البلاد سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد مع نهاية هذا العام، وهو ارتفاع من نسبة كانت تبلغ 25%، أي أن العدد سيرتفع من مليوني شخص إلى 3.2 مليون شخص يعانون من الجوع.

ويحذر التحليل الأخير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) الصادر اليوم عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، وشركاء آخرين، من أن مزيجا من الصدمات الاقتصادية والصراعات والفيضانات والجراد الصحراوي والآن جائحة كوفيد-19 يشكل وصفة مثالية من شأنها أن تعكس مكاسب الأمن الغذائي التي تم تحقيقها بشق الأنفس في اليمن في السنين الماضية.

ويتوقع التحليل زيادة مقلقة في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد رغم تراجعه في المناطق التي أجري فيها التحليل العام الماضي بفضل توسيع نطاق المساعدات الإنسانية.

وقالت ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، إن هذه التحليلات تخبرنا أن اليمن مرة أخرى يقف على حافة أزمة أمن غذائي كبيرة. وقالت: "قبل ثمانية عشر شهرًا من الآن، حين واجهنا حالةً مماثلة، تلقينا تمويلاً سخيًا. وعملنا على ترشيد استخدام الموارد التي عُهدت إلينا، وعزّزنا المساعدة بشكل ملحوظ في المقاطعات حيث كان الأشخاص يعانون من أعلى مستويات الجوع والخطر. وحقّقنا نتائج مذهلة؛ حيث أننا منعنا حصول المجاعة. وما لم نتلقّ التمويل الذي نحتاجه اليوم، لن نتمكن من تكرار الأمر عينه هذه المرة".

أسرة نازحة في مأرب تحمل المياه وحزمات المساعدات وتتوجه عائدة إلى مأواها.
IOM
أسرة نازحة في مأرب تحمل المياه وحزمات المساعدات وتتوجه عائدة إلى مأواها.

تراجع المكاسب

وتحذر الوكالات من تراجع المكاسب السريع حيث من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد من مليونين إلى 3.2 مليون شخص في الأشهر الستة المقبلة.

Tweet URL

وهذا سيمثل ارتفاعا من 25% (من شباط/فبراير إلى نيسان/أبريل) إلى 40% من عدد السكان (من تموز/يوليو إلى كانون الأول/ديسمبر) وسيعاني السكان من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى إذا تم الحفاظ على المساعدات الغذائية الإنسانية وإمكانية الوصول إلى المحتاجين.

وبحسب لوران بوكيرا، الممثل والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن، فإن اليمن يواجه أزمة على جبهات متعددة، داعيا إلى التحرك العاجل. وأضاف يقول: "في عام 2019، وبفضل توسيع نطاق العمليات، تمكن برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه من عكس التدهور الحاصل في المناطق الأكثر تضررًا في اليمن. إنما عادت إشارات التحذير إلى الظهور، وإذا ما أضيفت جائحة فيروس كورونا المستجد، قد يتفاقم الوضع إلى حدّ كبير في حال تأخر اتخاذ الإجراءات الإنسانية".

عوامل انعدام الأمن الغذائي الحاد

وتفيد الوكالات الأممية بأن التراجع الاقتصادي يعدّ أحد أبرز عوامل انعدام الأمن الغذائي الحاد. يضاف إليه التضخم مع تراجع العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونضوب احتياطات النقد الأجنبي.

إن المزارع الصغيرة والأسر تعتمد على الزراعة كمصدر رزق وتحتاج إلى دعمنا اليوم أكثر من أي وقت مضى -- ممثل الفاو في اليمن

وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، فإن استمرار الصراع في اليمن يعدّ أيضا أحد المحركات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي الحاد. وتأتي جائحة كوفيد-19 لتزيد من تفاقم الأوضاع سوءا وخاصة بعد اتخاذ التدابير للحد من انتشارها وهو ما تسبب بتأثر الاستيراد وبعوائق لوجستية وتعطل الأسواق.

وأدّى ظهور مناطق جديدة لتكاثر الجراد الصحراوي ودودة الحشد الخريفية إلى تهديد إنتاج الغذاء في اليمن وخارجه، ومن المتوقع انخفاض إنتاج الحبوب هذا العام إلى 365،000 طن متري، وهو أقل من نصف مستويات ما كان يُنتج قبل الحرب.

وتشير الوكالات الأممية إلى أن الفيضانات حملت تأثيرا مدمّرا على بعض المناطق. وأوضح حسين جادين، ممثل الفاو في اليمن، أن الشعب اليمني مرّ بويلات كثيرة ولكنه لا يزال صامدا، لكنه أضاف: "غير أنه يواجه الآن العديد من الصعوبات والتهديدات في الوقت ذاته- من جائحة كوفيد-19 إلى غزوات الجراد الصحراوي. فالمزارعون والأسر من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يعتمدون على الزراعة في سبل عيشهم يحتاجون إلى دعمنا اليوم أكثر من أي وقت مضى".

قلق على حياة الأطفال

ويتعرّض الأطفال بشكل خاص لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد، ويحتاجون إلى علاج عاجل، وبحسب اليونيسف، فإن زيادة الدعم المستمر لهم أمر مهم لإنقاذ حياة هؤلاء الأطفال.

وقالت شيرين فاركي، ممثلة اليونسف بالإنابة في اليمن، "إن مزيجًا خطيرًا من النزاع، والضائقة الاقتصادية، وندرة الأغذية والنظام الصحي المتهاوي دفع بملايين الأشخاص في اليمن إلى شفير الهاوية، وقد تؤدي جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم هذا الوضع".

اليونيسف توزع إمدادات إنسانية طارئة في الحديدة في يونيه/حزيران 2018.
© UNICEF
اليونيسف توزع إمدادات إنسانية طارئة في الحديدة في يونيه/حزيران 2018.

توصيات لانتشال اليمن من الأزمة

وضع تحليل الوكالات الأممية بعضا من التوصيات التي من شأنها أن تخفف من وطأة الأزمة في اليمن. ومن بينها:

  • ضمان استمرار ضخّ المساعدات الغذائية دون عوائق لإنقاذ الأرواح وحماية سبل عيش السكان الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمن فيهم المشرّدون.
  • إصلاح البنى التحتية المتضررة بسبب الفيضانات والحد من آثار الفيضانات في المستقبل على أنظمة المياه والريّ.
  • دعم المزارعين الذين فقدوا محاصيلهم الزراعية ومراعيهم بسبب الآفات والصدمات المناخية.
  • تعزيز الممارسات التغذوية الجيدة على مستوى الأسرة، من خلال أنشطة البستنة المنزلية ورفع مستوى الوعي بشأن سلامة الأغذية والمياه.
  • تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والرصد العام للأمن الغذائي للحد من التأثير السلبي للصدمات وتمكين الاستجابة السريعة والمنسقة.

بحسب تحليل الوكالات، فإن انعدام الأمن الغذائي يرتفع في المناطق التي توصف بأنها تشهد قتالا نشطا، مما يؤدي إلى وجود قيود على الوصول إلى تلك المناطق ويؤثر على تقديم المساعدات الإنسانية والوصول إلى الأسواق، ويدفع بنزوح المدنيين المتواصل. ويشير التحليل إلى أنه من بين 133 محافظة، 16 في حالة طوارئ (المرحلة الرابعة)، 103 في مرحلة الأزمة (المرحلة الثالثة) والباقي في مرحلة الإجهاد (المرحلة الثانية). والبلدات الـ 16 الأكثر تأثرا (في مرحلة الطوارئ الرابعة) تقع في محافظات الضالع ومأرب والبيضاء وشبوة وأبين وتعز والجوف وحضرموت.