منظور عالمي قصص إنسانية

الأمين العام للأمم المتحدة يحث المنتدى السياسي لأهداف التنمية المستدامة على تحويل مسار العالم المضطرب

عمال في مجال التنمية يقدمون المساعدات الإغاثية لسيدة خلال جائحة كوفيد-19 في دكا ببنغلاديش.
UN Women/Fahad Kaizer
عمال في مجال التنمية يقدمون المساعدات الإغاثية لسيدة خلال جائحة كوفيد-19 في دكا ببنغلاديش.

الأمين العام للأمم المتحدة يحث المنتدى السياسي لأهداف التنمية المستدامة على تحويل مسار العالم المضطرب

أهداف التنمية المستدامة

قال الأمين العام للأمم المتحدة إن ثمّة حاجة إلى "حلول ملموسة وجريئة وقابلة للتنفيذ" من أجل التغلب على التحديات العديدة التي يواجهها العالم، وذلك خلال كلمة ألقاها في المنتدى السياسي رفيع المستوى لأهداف التنمية المستدامة.

وفي حين أقرّ السيّد أنطونيو غوتيريش بأن الكوكب لم يكن على المسار الصحيح العام الماضي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، أشار في بداية الجزء الوزاري للمنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة إلى أن عالمنا اليوم "في حالة اضطراب".

فبالإضافة إلى ارتفاع مستويات الفقر بشكل غير مقبول، تتفاقم حالة طوارئ مناخية بسرعة، تزامنا مع استمرار عدم المساواة بين الجنسين، وثغرات كبيرة في التمويل، واصفا جائحة كوفيد-19 بأنها "تحدٍ عالمي ضخم آخر".

يجب أن يتنبه الجميع لخطورة الأزمة وتأثير هذه الجائحة غير المتناسب على الفئات الأكثر ضعفا -- الأمين العام

وفي إشارة إلى أكثر من 12 مليون إصابة حول العالم، و550 ألف حالة وفاة، وفقدان الملايين من الوظائف، والانخفاض الحاد في دخل الفرد منذ عام 1870، قال الأمين العام إن "256 مليون شخص قد يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول نهاية العام، وهو ضعف العدد المعرّض للخطر قبل الأزمة".

وتابع يقول: "يجب أن يتنبه الجميع لخطورة الأزمة وتأثير هذه الجائحة غير المتناسب على الفئات الأكثر ضعفا".

وعلّق الأمين العام للأمم المتحدة قائلا: "على الرغم من أننا بحاجة ماسة إلى الهرولة نحو الأمام، فإن كوفيد-19 تبعدنا أكثر عن أهداف التنمية المستدامة".

تغيير الأوضاع

وأشار الأمين العام إلى أوجه عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها، ونقص الاستثمارات المرنة، وتجاهل البيئة الطبيعية على اعتبار أنها بعض من الأسباب التي تشعل فتيل "الآثار المدمرة" لأزمة كوفيد-19.

وعلى الرغم من أننا "لم نأخذ أهداف التنمية المستدامة على محمل الجد"، فقد أكد الأمين العام على أنه "يمكننا تغيير الأمر".

وأوضح قائلا: "مع خطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة، لدينا رؤية دائمة وموحدة وإطار عمل لتوجيه قراراتنا ونحن نتطلع إلى الاستجابة والتعافي بشكل أفضل".

الطبيعة الجديدة

وأقرّ السيد غوتيريش بأن العالم لا يمكن أن يعود إلى ما كان يطلق عليه "الوضع الطبيعي" مشددا على الحاجة إلى حلول مستوحاة من أهداف التنمية المستدامة. وقال إن علينا أن ننهض في هذه اللحظة، وحثّ المنتدى على "تبادل الخبرات وفهم ما يمكن عمله وما يمكن تكراره"، وتجديد العزم على الاستجابات متعددة الأطراف للمساعدة في تغيير مسار المد على مستوى العالم.

ويهدف المنتدى السياسي رفيع المستوى إلى رسم مسار أكثر وضوحا للدول للتعافي بشكل أفضل، وتبادل الخبرات ودرء التحديات أثناء متابعة الأهداف العالمية، وفي نفس الوقت تبادل الاستراتيجيات للتصدي للجائحة ومساعدة البلدان على الوفاء بالتزاماتها بحلول عام 2030.

تحديات متعددة الأبعاد

وبحسب منى جول، رئيسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي ECOSOC، الذي يُعقد الاجتماع تحت رعايته، فإن الجائحة "ليست فقط تهديدا لصحتنا، بل هي أزمة إنسانية متعددة الأبعاد".

Tweet URL

وبعد أسبوع من المناقشات على مستوى الخبراء، أشارت جول إلى النكسات التي تسببها جائحة كـوفيد-19، وحثت على الاستجابة بما يتماشى مع خطة 2030، "إذا كنا نأمل في تسريع التقدم الاجتماعي والاقتصادي والحفاظ عليه".

وقالت رئيسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي: "يجب تعزيز القيادة العالمية في جميع المجالات.. وعلينا تحفيز استجاباتنا بشكل فردي وجماعي.. للعمل معا بشكل أفضل وضمان أن يبشّر هذا العقد بحقبة جديدة من السلام والازدهار للجميع".

وتناولت جول بالتفصيل بعض الخطوات اللازمة، بما في ذلك تقاسم المنافع الاقتصادية، وتجديد برامج الحماية الاجتماعية وتوفير الرعاية الصحية الشاملة للجميع وتمكين السيّدات والفتيات، والإصغاء للشباب ووقف عكس المكاسب التي تحققت على يد أكثر المجموعات ضعفا في البلدان.

وشددت قائلة: "يجب أن نعثر على السبيل للاستفادة من الإرادة السياسية وضمان اتخاذ القرارات القائمة على الأدلة. وتمثل مرحلة التعافي من الجائحة فرصة أمام جميع مستويات الحكومة لإعادة بناء مجتمعات أكثر شمولية وتساويا ومرونة واستدامة".

وفي ختام كلمتها، أثنت جول على المشاركين والدول الـ 47 التي قدمت مراجعاتها الوطنية الطوعية حول خطط العمل الملموسة لمواجهة تحدي 2030.

"جهود جماعية"

من جانبه، دعا رئيس الجمعية العامة، تيجاني محمد باندي، إلى بذل جهود جماعية لتسريع العمل وتمهيد مسارات تحويلية لضمان ألا يتخلف أحد عن الركب. وقال: "لا يمكن للإنسانية تحمّل الأزمات المتعددة التي تحدث بالتزامن مع بعضها البعض إذا لم نعمل سويا مع الاحترام الكامل لجميع الشعوب وجميع أشكال الحياة على هذا الكوكب".

وأوضح رئيس الجمعية العامة الحاجة لتوفير الحماية الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان وتعزيز الصحة والاستثمار في البنية التحتية مع إعطاء الأولوية للتعليم والمياه النظيفة والصرف الصحي.

التقدم في مجال التمويل

ونصح رئيس الجمعية العامة بالعمل على التخفيف من الأثر على رفاهية وسبل عيش الناس في البلدان النامية وإعادة البناء بشكل أفضل لدعم اقتصاداتهم، مشددا على ضرورة "الوفاء بالتزاماتنا لتمويل جهود التنمية المستدامة".

وذكر محمد باندي أن خلق حيّز مالي حيوي للاستثمارات لضمان التنمية المستدامة للبلدان المحتاجة يتطلب "تحسين الحكم، وأنظمة ضريبية عادلة، وتجدد الالتزام بالقضاء على التدفقات المالية غير المشروعة".

وقال: "لا يلتبس عليكم أن الحلول الدائمة تنبع من إرادة سياسية قوية ومؤسسات صامدة"، مشيرا إلى أن بناء الاقتصادات من خلال العمل اللائق للجميع هو "أساس" المستقبل الشامل.

وخلص رئيس الجمعية العامة إلى أن هذه "لحظة تفكير، وقد حان الوقت لإعادة البناء بشكل أفضل لتعزيز طموحنا وترجمة الأهداف العالمية إلى عمل محلي.. لخلق المستقبل الذي نريده".

أرشيف: في السودان، تجمع الشباب في الفاشر، شمال دارفور، في يوم الشباب العالمي.
UNAMID/Amin Ismail
أرشيف: في السودان، تجمع الشباب في الفاشر، شمال دارفور، في يوم الشباب العالمي.

أصوات الشباب

وبالنيابة عن المتحدثين الشباب، تحدثت فاراي موبايوا، المؤسسة المشاركة لمبادرة أفريكا ماترز التي تتولى دورا رياديا في خدمة توظيف الشباب في جنوب أفريقيا، عما حددته على جوائح أخرى، من بينها قتل الإناث، والذي "يدمر النساء والفتيات في الدول الأعضاء" ومحنة الأجساد السوداء على مستوى العالم، وتأثير الإنسان على تغيّر المناخ.

ووصفت موبايوا الشباب بقادة اليوم الذين يغيّرون مجتمعاتهم بشكل نشط نحو الأفضل، وقالت "إن أشراك الشباب ليس محل نقاش، بل هو ضرورة لمواجهة ما ينتظرنا في المستقبل".

وفي الوقت نفسه، في بيانها الرئاسي، نصحت المتحدثة الشابة تينا هوسيفار، نائبة رئيس منتدى الشباب الأوروبي، ضد مستقبل يعود إلى "الوضع الطبيعي" قائلة إن هذا "الوضع الطبيعي" لم يسبق له أن كان جيدا "بالنسبة لغالبيتنا ولا لكوكبنا".

وبالنظر إلى المستقبل، نصحت المشاركين بدلا من ذلك بتبني التغيير باستخدام بوصلات "تشير إلى تعزيز العدل والإنصاف والنزاهة والكرامة الإنسانية وقيمة البشر".