منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تحذر من عدم قدرة المنطقة العربية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030

يتجمع اللاجئون والمهاجرون عند معبر بازاركولي بالقرب من أدرنة بتركيا، على أمل السفر إلى اليونان.
© UNICEF
يتجمع اللاجئون والمهاجرون عند معبر بازاركولي بالقرب من أدرنة بتركيا، على أمل السفر إلى اليونان.

الأمم المتحدة تحذر من عدم قدرة المنطقة العربية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030

أهداف التنمية المستدامة

تسجّل المنطقة العربية أعلى مستويات فوارق في الدخل في العالم، ورعاية صحية متدنية وتعليم غير جيّد ومستويات عالية من البطالة ومن عدم المساواة بين الجنسين.. هذه من العقبات "الهيكلية والمتجذرة" التي تمنع التحوّل إلى التنمية المستدامة الشاملة للجميع بحسب تقرير أممي جديد.

وجاء في التقرير الجديد حول التنمية المستدامة والذي صدر عن هيئات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة العربية وعلى رأسها اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا) أنه في الوقت الذي يتخبط العالم لاحتواء جائحة كوفيد-19 وآثارها، تزداد صعوبة تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بالنسبة للكثير من البلدان العربية.

وأكّدت الأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي، في كلمتها التمهيدية أنّ التقرير خالٍ من الحلول السحرية ولكن فيه "ما يحثّ الجميع على التواضع، فنعترف بأننا لسنا على مسار تحقيق خطة التنمية المستدامة في المنطقة العربية بحلول عام 2030".

لماذا لن تتحقق خطة التنمية؟

ويشرح تقرير الأمم المتحدة العقبات التي تقف أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، ومن أبرزها النزاعات في المنطقة العربية والتي أدت إلى زيادة (هي الوحيدة في العالم بحسب التقرير) في معدلات الفقر المدقع مقارنة بعام 2010.

كما أن اعتماد المنطقة العربية على واردات الأغذية تسبب بعدم قدرتها على توفير الغذاء بشكل كافٍ وعادل في بعض المناطق وهو ما يجعلها عرضة للتأثر بتقلبات التجارة العالمية. وعلاوة على ذلك، تسجّل المنطقة العربية أحد أعلى مستويات فوارق الدخل في العالم، وأدنى نسبة مشاركة اقتصادية للمرأة في العالم، ومستويات عالية لعدم المساواة بين الجنسين والبطالة لاسيّما بين النساء والرجال. كما تؤدي الأزمات وحالات عدم الاستقرار والنزوح إلى زيادة تعرّض النساء والفتيات لكافة أشكال العنف.

Tweet URL

أما الرعاية الصحية في المنطقة العربية، فتعدّ أحد أبرز الملفات الملحّة إلى جانب ملف التعليم الذي تعاني المنطقة من سوء نوعيته والتفاوت الشديد في إمكانية الحصول عليه داخل البلدان وفيما بينها. ويشير التقرير إلى أن الإنفاق على البحوث والتطوير يقلّ عن المتوسط العالمي بنحو 60%.

يبين التقرير كيف يمكن للبلدان في المنطقة العربية أن تُحدث هذا التحوّل -- رئيسة فريق خطة 2030

وإلى جانب تلك العقبات التي تعيق التقدم باتجاه تحقيق التنمية المستدامة، يشير التقرير إلى ظواهر لا يمكن السيطرة عليها مثل تغيّر المناخ. ويُبيّن، على سبيل المثال، أنّ الجفاف ألحق أضرارا بأكثر من 44 مليون شخص في المنطقة بين عامي 1990 و2019، وأنّ قيمة الأضرار الاقتصادية للكوارث تجاوزت 19.7 مليار دولار في الفترة نفسها.

كما تشير التقديرات إلى أنّ تغيّر المناخ سيحدّ من توفّر المياه، ويغيّر أنماط الإنتاج الزراعي، ويهدّد إنتاج الثروة الحيوانية، ويؤثر سلبا على الغابات والأراضي الرطبة، ويقلّص فرص العمل في الزراعة، ويزيد من موجات الحر.

وفي مقابلة مصورة، أشارت كريمة القُرّي، رئيسة فريق خطة 2030 في الإسكوا، إلى أن التقرير يستعرض أهداف التنمية المستدامة 17 ويبحث وضع المنطقة على مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة والعوائق الرئيسية أمام تحقيق التقدم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة.

وقالت: "إن الرسالة واضحة، وهي أن إزالة العوائق تتطلب إجراء تحوّل في نهج التنمية. ويبين التقرير كيف يمكن للبلدان في المنطقة العربية أن تُحدث هذا التحوّل، ولدينا خطة طموحة وعقدا من الزمن لتغيير حياة 500 مليون شخص نحو الأفضل".

التقرير العربي للتنمية المستدامة 2020

توصيات التقرير

وحثّت الأمم المتحدة في التقرير على إنهاء الصراعات وتعزيز هيكل الحكم للمساعدة في بناء مجتمعات عادلة وسلميّة. ودعا التقرير إلى الالتزام بحقوق الإنسان وتوسيع الفضاء المدني.

وعلى صعيد آخر، تطرق التقرير إلى عدد من القضايا العابرة للحدود والتي تتطلب نُهُجا إقليمية، لا سيما الصراعات وتداعياتها والتجارة وتغيّر المناخ وندرة المياه والبنى التحتية والاتصالات والهجرة والقضايا المتعلقة بالتنوع البيولوجي وحماية النظم الإيكولوجية البحرية، جميعها يتطلب استجابة منسّقة على مستوى المنطقة بحسب ما جاء في تقرير الأمم المتحدة.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى تغيير هيكلي، تغيير يضعنا على مسار التحوّل المنشود -- رولا دشتي

وقالت دشتي في ختام كلمتها: "اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى تغيير هيكلي، تغيير يضعنا على مسار التحوّل المنشود".

وفيما يؤكد التقرير على أنّ إحقاق التغيير يتطلّب جهودا جادّة من الحكومات وصنّاع القرار، يُضيف أنّ التحوّل الجذري يبقى مشروع المجتمع بأسره، فخطة عام 2030 يبقى في صلبها الناس والتزامهم وقدرتهم على التغيير، ويشمل ذلك قدرة المجتمع المدني والصحافة والقطاع الخاص على تأدية أدوارهم بنشاط وفعالية.