منظور عالمي قصص إنسانية

هاني مجلي: أمر غريب أن نتحدث عن 900 ألف نازح وأطفال يموتون بسبب عدم وصول المساعدات الإنسانية في القرن الـ 21

هاني مجلي: أمر غريب أن نتحدث عن 900 ألف نازح وأطفال يموتون بسبب عدم وصول المساعدات الإنسانية في القرن الـ 21

"نفس الصورة تتكرر" هذا ما قاله هاني مجلي، عضو لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا والتي تجري تحقيقات في الوضع السوري منذ عام 2011، وطالب مجلي بوقف التصعيد ووضع حدّ للانتهاكات التي تحدث في شمال غرب سوريا لما لها من آثار بالغة على المدنيين وخاصة الأطفال.

جاء ذلك خلال حوار خاص أجريناه مع السيد هاني مجلي قبل اجتماع أعضاء اللجنة غير الرسمي، في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك لإطلاع مجلس الأمن على آخر المستجدات في سوريا والانتهاكات بحق الأطفال.

ما هي أبرز الانتهاكات التي تحدث للأطفال في سوريا في ظل استمرار النزاع منذ عام 2011 وستسلطون الضوء عليها في اجتماعاتكم؟

من ناحية الأطفال حاولنا العودة إلى عام 2011 لتجميع كافة التقارير التي صدرت عن اللجنة. ولكن وجدنا أنه للأسف يظل الأطفال منسيين في الحرب السورية.

فجميع الانتهاكات تحدث بحق الأطفال سواء كان بسبب التدمير أو القتل أو مواجهة مشاكل أكبر عند النزوح، ولدينا مليوني طفل في سوريا لا يلتحقون اليوم بالمدارس. ولا تعترف الدولة بالطلاب الذين التحقوا بنظام التعليم في مدارس في مناطق لا تخضع لسيطرتها. وثمّة أطفال ولدوا خلال الحرب دون أن يتمكّن ذووهم من إثبات جنسياتهم.

وتختلف الانتهاكات بحق الأطفال بحسب النوع. فالعائلات تحاول حماية الفتيات الصغيرات بعدم إرسالهن إلى المدارس كي لا يتعرّضن للمضايقات، ويزوجوهن بسنّ صغيرة، والأولاد ينتشرون في الشوارع لإيجاد عمل ومساعدة ذويهم ماديا، كما يتم تجنيد أطفال خاصة على يد المجموعات المسلحة وهذا يشكل خطرا كبيرا عليهم.

وتتعدد أسباب وفاة الأطفال. فالأطفال يموتون الآن بسبب عدم كفاية المساعدات الإنسانية، ويموتون في إدلب بسبب برودة الطقس، وفي مخيم الهول يموتون بسبب عدم توفر العلاج، وجنوبا يموت الأطفال في مخيم الركبان حيث يوجد نازحون عند الحدود الأردنية، ولا تصلهم المساعدات الإنسانية. كل أولئك يحتاجون إلى حماية من كل جانب.

تغطون الأوضاع منذ عام 2011، ولكن تسارعت وتيرة تدهور الوضع الأمني في شمال غرب سوريا منذ كانون الأول/ديسمبر 2019. كيف تجدون هذه المفارقة؟

نرى أن نفس الصورة تتكرر. فمعظم النازحين الـ 900 ألف على حدود تركيا نزحوا أكثر من مرة، ربما جاء بعضهم من دوما أو الجنوب أو من حلب، وعندما عادت الدولة للسيطرة على تلك المناطق تنقلوا مجددا. كنا نخشى من حدوث هذا الأمر. فقد تم إرسال المسلحين والمدنيين إلى إدلب، والآن تحاول الدولة السيطرة على المنطقة في الشمال الغربي.

هل ستعدون تحقيقا لما يجري الآن في شمال غرب سوريا؟

نحاول تجميع المعلومات مثلما فعلنا في السنوات الثمان أو التسع الماضية، ولكن الدولة تمنعنا من دخول المنطقة، وتأتينا المعلومات من أشخاص كانوا في الداخل، كما أن لدينا اتصالات مع أشخاص موجودين داخل سوريا نتواصل معهم عبر الهاتف وغيرها من وسائل الاتصال.

كما أننا على اتصال مع منظمات حقوق الإنسان السورية، التي توثق وتصوّر ما يحدث، ونقوم بمقارنة المعلومات. الخطر الكبير هو أن النازحين مدنيون وليسوا مسلحين وهم من يعانون أكثر من غيرهم.

يجب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأطراف النزاع أن يتيّقظوا لهذا الأمر ويضعوا حدّا له، لا يجب أن تكون السياسة ذريعة لما يحدث.

ما هو الغرض من إعداد وتقديم هذه التقارير؟ هل هو المساءلة أم العدالة أم أن هناك مطالب أخرى تحاولون نقلها عن النازحين؟

خليط من كل هذا. أولا الغرض هو المحاسبة وأشخاص كثيرون يطلبون المحاسبة، وكان هناك أمل في تدخل المحكمة الجنائية الدولية، والآن نرى في أوروبا وخارجها محاولات لمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات إذا تواجدوا في تلك الدول وتتم محاكمتهم في محاكم دولية ووطنية.

ولو سُئل الضحايا عن مطالبهم لقالوا إنهم يرغبون بتحقيق العدالة، والشعب يطالب بظهور المعتقلين والمختفين، فقد تجاوزت الأعداد 100،000 من المفقودين والمعتقلين منذ عام 2011.

كما يرغب النازحون واللاجئون بالعودة إلى ديارهم ولكن لديهم خوف من انعدام الأمن، فحتى المناطق التي أعادت الدولة السيطرة عليها، ينتهز المسلحون فرصة الفراغ الأمني بسبب عدم إحكام الدولة سيطرتها بالكامل على تلك المناطق، وتكون هناك أفعال انتقامية لمن يعودوا واتهامات بالخيانة أو اختطاف أشخاص والمطالبة بالفدية أو مقايضتهم بأسرى.

هناك أشخاص يطالبون بالتعويض لما حدث لهم، حتى من قبل السوريين الموالين للحكومة السورية ولا يرون تحسنا في الوضع. والأمر الذي يتفق عليه الجميع هو أنهم لا يرغبون في تكرار ما يحدث الآن في سوريا.

عندما بدأت الحرب في 2011، أصبح الطفل الذي كان عمره 10 سنوات آنذاك 20 عاما تقريبا اليوم. كيف تستشرفون المستقبل لأطفال اليوم؟

تم تدمير الكثير من المدارس، سواء بشكل مقصود أو بطريقة عشوائية. هناك من يستهدف البنى التحتية المدنية عن قصد لإجبار المواطنين على ترك مناطق سكناهم. هذه مشكلة لأنه لا توجد مدارس كافية حتى في المناطق التي أعادت الدولة السيطرة عليها، كما يوجد نقص في عدد المدرّسين لأنهم تركوا المناطق. يمكن السيطرة على الوضع فيما يتعلق بالأطفال في السنوات الابتدائية، لكن الأطفال الذين تجاوزا 10 أعوام وفاتهم التعليم الابتدائي من الصعب إعادتهم للمدرسة هذا الأمر يتطلب خطة ومساعدات كبيرة.

أخيرا، ما هي رسالتكم اليوم للعالم وللمجتمع الدولي؟

أولا، يجب وقف التدمير في إدلب وإيجاد حل، وثانيا، يجب التطرق للأوضاع الإنسانية وخاصة وضع الأطفال. ولن يجدي مناقشة إدخال المساعدات وعدد المعابر في مجلس الأمن، بل يجب أن يتحرك المجتمع الدولي بسرعة لإيصال المساعدات الإنسانية، ويجب على حكومة دمشق أن تفتح الممرات. إنه لمن الغريب أننا في القرن 21 نتحدث عن 900 ألف نازح وأطفال يموتون بسبب عدم توفر المساعدات الإنسانية.

* تتألف لجنة التحقيق المستقلة المعنية بسوريا من السيّد باولو بينيرو (الرئيس) والسيّدة كارين أبو زيد والسيّد هاني مجلي. وقد كُلّفت اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي في سوريا منذ آذار/مارس 2011.

تنزيل

"نفس الصورة تتكرر" هذا ما قاله هاني مجلي، عضو لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا والتي تجري تحقيقات في الوضع السوري منذ عام 2011، وطالب مجلي بوقف التصعيد ووضع حدّ للانتهاكات التي تحدث في شمال غرب سوريا لما لها من آثار بالغة على المدنيين وخاصة الأطفال.

جاء ذلك خلال حوار خاص أجريناه مع السيد هاني مجلي قبل اجتماع أعضاء اللجنة غير الرسمي، في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك لإطلاع مجلس الأمن على آخر المستجدات في سوريا والانتهاكات بحق الأطفال.

ما هي أبرز الانتهاكات التي تحدث للأطفال في سوريا في ظل استمرار النزاع منذ عام 2011 وستسلطون الضوء عليها في اجتماعاتكم؟

من ناحية الأطفال حاولنا العودة إلى عام 2011 لتجميع كافة التقارير التي صدرت عن اللجنة. ولكن وجدنا أنه للأسف يظل الأطفال منسيين في الحرب السورية.

فجميع الانتهاكات تحدث بحق الأطفال سواء كان بسبب التدمير أو القتل أو مواجهة مشاكل أكبر عند النزوح، ولدينا مليوني طفل في سوريا لا يلتحقون اليوم بالمدارس. ولا تعترف الدولة بالطلاب الذين التحقوا بنظام التعليم في مدارس في مناطق لا تخضع لسيطرتها. وثمّة أطفال ولدوا خلال الحرب دون أن يتمكّن ذووهم من إثبات جنسياتهم.

وتختلف الانتهاكات بحق الأطفال بحسب النوع. فالعائلات تحاول حماية الفتيات الصغيرات بعدم إرسالهن إلى المدارس كي لا يتعرّضن للمضايقات، ويزوجوهن بسنّ صغيرة، والأولاد ينتشرون في الشوارع لإيجاد عمل ومساعدة ذويهم ماديا، كما يتم تجنيد أطفال خاصة على يد المجموعات المسلحة وهذا يشكل خطرا كبيرا عليهم.

وتتعدد أسباب وفاة الأطفال. فالأطفال يموتون الآن بسبب عدم كفاية المساعدات الإنسانية، ويموتون في إدلب بسبب برودة الطقس، وفي مخيم الهول يموتون بسبب عدم توفر العلاج، وجنوبا يموت الأطفال في مخيم الركبان حيث يوجد نازحون عند الحدود الأردنية، ولا تصلهم المساعدات الإنسانية. كل أولئك يحتاجون إلى حماية من كل جانب.

 

الصوت
شيرين ياسين/هاني مجلي
مدة الملف
9'6"
مصدر الصورة
UN News/Nabil Midani