منظور عالمي قصص إنسانية

هينيس-بلاسخارت في مجلس الأمن: العراق يقف على مفترق طرق... والمندوب العراقي يتهم مندسين بتعطيل المظاهرات السلمية

مشهد عام لمجلس الأمن أثناء الإحاطة التي قدمتها جينين هينيس-بلاسخارت ممثلة الأمين العام الخاصة في العراق
UN Photo/Eskinder Debebe
مشهد عام لمجلس الأمن أثناء الإحاطة التي قدمتها جينين هينيس-بلاسخارت ممثلة الأمين العام الخاصة في العراق

هينيس-بلاسخارت في مجلس الأمن: العراق يقف على مفترق طرق... والمندوب العراقي يتهم مندسين بتعطيل المظاهرات السلمية

السلم والأمن

حذرت ممثلة الأمين العام الخاصة للعراق في إحاطة قدمتها أمام مجلس الأمن صباح الثلاثاء بشأن الأوضاع في العراق، من حدوث كارثة في العراق ودعت الساسة إلى تقديم الحلول الحقيقية في البلاد.

وقدمت المسؤولة الأممية، جينين هينيس-بلاسخارت، إحاطتها عبر تقنية الفيديو من العراق، وقالت إن المظاهرات يقودها شبّان بعيدون عن أي مصالح حزبية أو تدخلات أجنبية، ويرغبون بإسماع أصواتهم والإدلاء بآرائهم بشأن حالة الإحباط التي يعيشون بها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب أفق سياسي واجتماعي.

أكثر من 400 قتلوا في المظاهرات وأصيب 19،000 بجراح--جينين هينيس-بلاسخارت

ووصفت هينيس-بلاسخارت المظاهرات بالسلمية بشكل عام، شارك فيها مئات الآلاف من العراقيين يدفعهم حبهم لوطنهم وهويتهم العراقية، وأضافت "لكنّ هؤلاء المتظاهرين يدفعون أثمانا يصعب تخيلها، فمنذ بداية تشرين الأول/أكتوبر، قُتل أكثر من 400 شخص وأصيب 19،000 آخرون بجراح."

وكانت هينيس-بلاسخارت قد عادت الجرحى في أحد المستشفيات في بغداد وتبادلت أطراف الحوار مع بعضهم مؤكدة أن مطالبهم مشروعة، ويجب صون حقهم في التجمع السلمي.

Tweet URL

وقالت المسؤولة الأممية إن العراق يقف على مفترق طرق، وأضافت "أي دولة ناجحة، يجب أن تحتضن إمكانيات شبابها، هذا مهم للعراق مع أعداد الشباب الكبيرة فيه." وقالت إنها تضم صوتها للسيد علي الحسيني السيستاني، المرجع الديني الأكبر للشيعة، الذي أبلغها عندما التقت به أنه لا يمكن للوضع أن يستمر على ما هو عليه قبل اندلاع المظاهرات. وأضافت أنه "ينبغي انتهاز الفرصة لبناء دولة عراقية ذات سيادة ومستقرة وشاملة ومزدهرة."

العراق أمام كارثة

وحذرت هينيس-بلاسخارت ممن وصفتها بالقوى الديناميكية التي تسعى إلى اختطاف المظاهرات السلمية. وقالت إن "أفعال العنف المدفوعة بأسباب سياسية أو انتماءات خارجية تضع العراق على مسار خطير وتخيط الفوضى والاضطراب. وأضافت أن "هذا يقوّض المطالب المشروعة للشعب العراقي ويعقّد عمل قوات الأمن ويمنح مبررات لاستخدام العنف لقمع المظاهرات السلمية."

* اقرأ أيضا: الأمين العام يعرب عن القلق العميق بشأن التقارير التي تفيد بارتفاع الوفيات والإصابات الناجمة عن استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين

الحكومة العراقية لم تفعل المطلوب

وحمّلت هينيس-بلاسخارت القوات العراقية مسؤولية تصاعد العنف، مشيرة إلى أن الأمور خرجت عن السيطرة منذ اليوم الأول للمظاهرات عندما فتحت القوات النار لتفريق المحتجّين: "سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والوعود التي قُطعت ولم تُنفذ، كل ذلك تسبب بأزمة ثقة بين الأطراف."

وأعربت ممثلة الأمين العام الخاصّة في العراق عن أملها في تقديم الحكومة إصلاحات جادة، مشيرة إلى أن حزمة الإصلاحات التي تقدمت بها الحكومة في السابق مثل الإسكان والدعم المالي والتعليم "كانت قليلة وجاءت متأخرة" ووصفها البعض بأنها غير واقعية.

سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والوعود التي قُطعت ولم تُنفذ، كل ذلك تسبب بأزمة ثقة بين الأطراف--جينين هينيس-بلاسخارت

وفيما يتعلق بلجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة العراقية للتحقيق في أحداث العنف التي وقعت في بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر، قالت هينيس-بلاسخارت إن التحقيق ليس مكتملا، وتساءلت عن الطرف الذي يعطّل عمل الصحافة، أو يطلق الرصاص على المتظاهرين السلميين، أو يختطف النشطاء المدنيين، وأضافت أن التحقيق لم يجب عن أسئلة تتعلق بهوية هؤلاء المجهولين المقنعين المسلحين والقناصة الذين اقتحموا المظاهرات.

ودعت المسؤولة الأممية إلى محاسبة المسؤولين المتورطين لأنه "لا توجد مبررات لهذا العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين السلميين." وأكدت هينيس-بلاسخارت في كلمتها على ضرورة حماية الحقوق الأساسية المتمثلة بالحق في الحياة والحق في التجمع السلمي والحق في التعبير.

الممثلة الخاصة للأمم المتحدة جانين هينس بلاسخارت تزور المتظاهرين المصابين في مستشفى الكندي في بغداد، العراق. (تشرين الثاني /نوفمبر 2019)
UNAMI/Sarmad al-Safy
الممثلة الخاصة للأمم المتحدة جانين هينس بلاسخارت تزور المتظاهرين المصابين في مستشفى الكندي في بغداد، العراق. (تشرين الثاني /نوفمبر 2019)

استقالة عادل عبد المهدي

وتطرقت ممثلة الأمين العام الخاصة في العراق إلى استقالة رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي، وأوضحت لمجلس الأمن أن رئيس البرلمان قبل الاستقالة يوم الأحد ومنح الرئيس اليوم مهلة 15 يوما لتعيين رئيس حكومة جديد يُمنح بدوره 30 يوما لتشكيل الحكومة. وحثت هينيس-بلاسخارت القادة السياسيين على تقديم الدعم للحكومة الجديدة والحلول الحقيقية لأنه لا يمكن للحكومة أن تقوم بالعمل بمفردها، "فهي مسؤولية جماعية تقع على عاتق الجميع."

المسيحيون جزء من المظاهرات

وقدّم المطران بشّار متّي وردة، رئيس أساقفة إيبارشية أربيل الكلدانية، إحاطة أمام مجلس الأمن، ولفت الانتباه إلى دور الشباب في قيادة المظاهرات وقال "إن الشباب أوضحوا أنهم يريدون عراقا مستقلا عن أي تدخلات ومكانا يتمتع فيه الجميع بحقوق متساوية كمواطنين في دولة تعددية وتحترم الجميع." وأضاف أن المسيحيين وقفوا إلى جانب المظاهرات وشاركوا هم وغيرهم من الأقليات مثل الإيزيديين في الاحتجاجات، مشيرا إلى أنه يأمل في تشكيل دولة عراقية متعددة الديانات تمنح حقوقا متساوية للجميع وتقضي على آفة الطائفية التي أضرّت بالجميع.

وأضاف المطران أن "المتظاهرين نبذوا العنف منذ بدء الحراك، على الرغم من وقوع حوادث عنف يومية بحقهم." 

على المجتمع الدولي ألا يقبل بتغييرات "زائفة" في الحكومة العراقية--المطران وردة

وقال المطران وردة إن على المجتمع الدولي ألا يقبل بتغييرات "زائفة" في الحكومة العراقية لأنه من الواضح أن الطبقة الحاكمة لا ترغب بالتخلي عن الحكم، وسيفعلون ما بوسعهم للبقاء في السلطة، على حدّ تعبيره. كما دعا المجتمع الدولي إلى دعم مطالب المتظاهرين لاسيّما إجراء انتخابات مبكرة على أن تضمن إشراك الشباب الشجعان الذين وقفوا ضد الفساد خلال الأسابيع الماضية.

المندوب العراقي: مندسون مسؤولون عن وقوع الضحايا

وفي كلمته أمام مجلس الأمن، وصف المندوب العراقي الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، المظاهرات بأنها طريقة رائعة لتعبير الشعب عن رأيه بوضوح في نظامه السياسي والانتخابي وفي أداء الحكومة والإصلاحات المطلوبة. وأضاف "لكن لا يعكر ذلك سوى وقوع ضحايا في صفوف المتظاهرين والقوى الأمنية."

واتهم بحر العلوم جماعات من الخارجين عن القانون بالتعرّض للمتظاهرين وقال "إنها جماعات تتستر بالمظاهرات وتستخدمها كدروع بشرية للقيام بأعمال قطع الطرق والحرق والنهب والاشتباك بالقوات الأمنية مستخدمة غاز المولوتوف والقنابل اليدوية والأسلحة النارية والسكاكين."

الحكومة العراقية تجري تحقيقات

وشدد المندوب العراقي على وضوح الدستور فيما يتعلق بالحق بالتظاهر قائلا إنه حق مكفول وإن الحكومة تحرص على إتاحة الفرصة للشعب للتعبير عن نفسه ومطالبه بما لا يخل بالنظام العام أو انتهاك الممتلكات العامة والخاصة. "إن الحكومة لن تألو جهدا في سبيل تلبية مطالب المتظاهرين المشروعة لاسيّما تلك التي تدعو إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية جوهرية عبر سلوك الآليات الدستورية ذات الصلة."

التظاهر حق مكفول والحكومة تحرص على إتاحة الفرصة للشعب للتعبير عن نفسه --بحر العلوم

وأكد بحر العلوم أن الحكومة العراقية تجري تحقيقات على أعلى المستويات لتشخيص وكشف الجماعات الخارجة عن القانون "المندسة بين المتظاهرين" التي تقوم بأعمال الشغب ضد المتظاهرين والقوات الأمنية على حد سواء.

وأضاف أن هذه الجماعات اعتدت على "البنك المركزي العراقي ودور الصحافة والنشر وحرق المحال والمخازن التجارية في شارع الرشيد وساحة الخلاني وما جاورها وهو ما أدى إلى وقوع ضحايا بلغ عددها 300 شهيد وأكثر من 1500 جريح من المتظاهرين والقوات الأمنية."

الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت تواصل أجتماعاتها مع الأطياف المختلفة من الشعب العراقي.

حجب الإنترنت للضرورة

ودافع بحر العلوم عن حجب خدمة الإنترنت مؤقتا، وقال إن العالم الرقمي حقيقة معاصرة وحق للجميع ولكن السلطات "دفاعا عن حق المجموع مرغمة على تقييده عندما ترى أنه يُستخدم للترويج للعنف والكراهية وتعطيل الحياة العامة."

حجب الإنترنت كان دفاعا عن حق المجموع. السلطات مرغمة على تقييده عندما يُستخدم للترويج للعنف والكراهية وتعطيل الحياة العامة--بحر العلوم

وقال الممثل العراقي إن الحكومة أقرّت عددا من القوانين لدعم العاطلين عن العمل وتقديم منح مالية لتنفيذ المشاريع الصغيرة وفتحت باب التعيين لحملة الشهادات العليا في الوزارات العراقية المختلفة.

وأكد أن العراق حقق الكثير وبذل الجهود من بينها تسليم رفات 47 مفقودا كويتيا تم إيجادهم في أحد المقابر الجماعية من زمن النظام السياسي السابق إضافة إلى إيفاء العراق لملف الممتلكات الكويتية.

العتيبي: العراق مرّ بأحلك الظروف

رحب المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، بالخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية في سبيل تلبية مطالب المتظاهرين، وقال في إحاطته أمام مجلس الأمن إن دولة الكويت تتابع كبلد جار باهتمام كبير التطورات في العراق. وأضاف "يؤسفنا وقوع الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح وندعو إلى الامتناع عن أعمال العنف والتهدئة وتفويت الفرصة على من يسعى إلى الإضرار بالعراق والعراقيين وإثارة الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار من خلال استخدام الذخيرة الحية واستهداف المدنيين الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة ونأمل في أن تعود الأمور إلى طبيعتها."

ندعو إلى الامتناع عن أعمال العنف والتهدئة وتفويت الفرصة على من يسعى إلى الإضرار بالعراق والعراقيين--العتيبي

وأشار العتيبي إلى أن العراق تجاوز أحلك الظروف وقضى على داعش، ولذلك فإن من المهم معالجة ما يحدث الآن من خلال حوار سلمي وبنّاء، وهو ما يستوجب دعم مجلس الأمن والأمم المتحدة في إطار الحفاظ على سيادة العراق ووحدة أراضيه.

ورحب المندوب الكويتي بجهود بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) واقتراحها التشاور مع الرئاسات العراقية الثلاث من أجل إيجاد الحلول اللازمة، وأضاف أن يونامي تقوم بدور حيوي في هذا المجال.

قضية المفقدوين لا تزال عالقة

ورحب ممثل دولة الكويت بجهود العراق في الوفاء بالتزاماته التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولكنّه دعا العراق إلى إنهاء ما عليه من التزامات، وأضاف أن دولة الكويت تقدّر التعاون البنّاء الذي تبديه الحكومة العراقية، وطالب بإنهاء ملف المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى التي يتابعها مجلس الأمن منذ ثلاثة عقود. وأضاف يقول "إنها من القضايا الإنسانية التي نأمل بطيها في أقرب وقت ممكن لإيجاد حل ينهي معاناة أهالي المفقودين."

يتبقى المصير مجهولا لـ 1،080 شخصا، 371 منهم أبلغت عنهم السلطات الكويتية و700 أبلغ عنهم العراق و9 من المملكة السعودية --روبرت مارديني

وقدم روبرت مارديني، مدير عام اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إحاطة أمام المجلس ركز فيها على ملف المفقودين في العراق بعد حرب الخليج وقال "إنه بعد عام 2003 تم استعادة رفات 275 شخصا في العراق و98 شخصا في الكويت، ويبقى اليوم مصير 1،080 شخصا مجهولا، 371 منهم أبلغت عنهم السلطات الكويتية و700 أبلغ عنهم العراق و9 من المملكة السعودية."

وأضاف مارديني أنه ولأول مرة منذ 14 عاما تم إعادة رفات الكويتيين والتي وجدت في المثنى في آذار/مارس 2019. وأكد مارديني على التزام الصليب الأحمر في الإجابة على أسئلة أهالي المفقودين وأضاف "لن تتوقف جهودنا في البحث عن رفات" المفقودين، وأعرب عن أمله في انضمام الدول الأعضاء إلى هذه المهمة والتمسك بالتزاماتها وفق القانون الدولي في تحديد مصير المفقودين.