حوار: أطفال السودان تحت وطأة النزوح والمجاعة.. واليونيسف تناشد وقف إطلاق النار لإنقاذ مستقبلهم
في ظل إعلان المجاعة في مخيم زمزم بشمال دارفور وتفاقم انعدام الأمن الغذائي في 13 منطقة أخرى بالسودان، حذر ممثل منظمة اليونيسف في السودان، شيلدون يت من الوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه الأطفال في البلاد، مؤكدا أن اليونيسف تبذل جهودا حثيثة لتقديم المساعدات الغذائية والصحية للأطفال في المناطق المتضررة.
وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، عبر تطبيق زووم، من بورتسودان، أشار شيلدون يت إلى أن إعلان المجاعة في مخيم زمزم في شمال دارفور ليس مجرد حدث معزول، بل هو مؤشر على أزمة إنسانية واسعة النطاق تهدد حياة ملايين الأطفال في السودان. وأضاف أن اليونيسيف وشركاءها يبذلون قصارى جهدهم للوصول إلى الأطفال المحتاجين، لكنهم يواجهون تحديات كبيرة بسبب القيود الأمنية وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة.
وبالإضافة إلى المجاعة، يعاني الأطفال في السودان من أزمة تعليم حادة، حيث لا يزال حوالي 18 مليون طفل خارج المدارس بسبب الحرب. كما أنهم معرضون لخطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل الكوليرا والملاريا، وانتهاكات جسيمة لحقوقهم، تشمل، من بين أمور أخرى، التجنيد في الجماعات المسلحة والزواج المبكر.
وقدم شيلدون يت نداء عاجلا إلى أطراف النزاع لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال المحتاجين، مؤكدا أن مستقبل السودان يعتمد على حماية أطفاله وتوفير بيئة آمنة لهم للتعلم والنمو. المزيد في الحوار التالي مع ممثل اليونيسيف في السودان، شيلدون يت:
أخبار الأمم المتحدة: شكرا جزيلا لك على تخصيص الوقت للتحدث معنا من بورتسودان، ونتمنى لك التوفيق في منصبك الجديد كممثل لليونيسيف في السودان. لقد تم إعلان المجاعة في مخيم زمزم في شمال دارفور، وهناك 13 منطقة أخرى في جميع أنحاء السودان معرضة لخطر المجاعة أيضا. حدثنا عن آخر الجهود التي تبذلها اليونيسف لمساعدة الأطفال في مخيم زمزم وأجزاء أخرى من السودان؟
شيلدون يت: لنبدأ بزمزم، حيث تم إعلان المجاعة، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. وهذا ليس بالأمر الهين. هذه هي المرة الثالثة فقط خلال حوالي 20 عاما التي يتم فيها الإعلان عن هذا المستوى من انعدام الأمن الغذائي الحاد. هذا يعني أن الأطفال والسكان في حالة يأس. هذا يعني أن لدينا وضعا مقلقا للغاية على الأرض.
مخيم زمزم هو مجرد مخيم صغير، يضم حوالي 300 ألف شخص. لكننا نعلم أنه أيضا بمثابة مؤشر على الأمور الفظيعة التي تحدث هناك، وانعدام الأمن الغذائي الرهيب. نعلم أن هناك العديد من الأماكن الأخرى – حوالي 14 مكانا آخر في جميع أنحاء البلاد – بنفس السوء. ونعلم أنه من الضروري بالنسبة لنا إدخال الغذاء والإمدادات وضمان حصول جميع الأطفال على استجابة شاملة لهذا الجوع.
أخبار الأمم المتحدة: هل تمكنت اليونيسيف من الوصول إلى المخيم أو أي مناطق قريبة منه؟
شيلدون يت: نعم، شركاؤنا موجودون هناك ونحن على تواصل معهم بصورة يومية. نحن نُدخل الإمدادات لعلاج سوء التغذية الحاد الوخيم. ونعمل على ضمان وصولها إلى حيث يجب أن تذهب. ومن الصعب للغاية القيام بذلك لأن الحرب مستمرة.
هناك قيود على الوصول ومن الصعب إدخال الشاحنات، ويتطلب ذلك الحصول على تصاريح جديدة باستمرار، وهناك قطاع طرق على الطريق، وهناك خطر إطلاق النار وانعدام الأمن، إنها مهمة صعبة للغاية. وما لم يكن لدينا سلام، وما لم يحدث وقف لإطلاق النار واتفاقات للوصول الآمن، أتوقع أن يزداد الوضع سوءا.
أخبار الأمم المتحدة: إلى حين التوصل إلى اتفاق أو وقف لإطلاق النار، هل تبحثون عن وسائل أخرى لإيصال الغذاء إلى هؤلاء الأشخاص اليائسين؟ وهل أنتم على تواصل مع الأطراف؟
شيلدون يت: نحن على اتصال بجميع الأطراف. ونستخدم كافة الوسائل الممكنة لإدخال الغذاء. نقوم بذلك عبر خطوط الصراع وعبر الحدود، ونعمل من خلال المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية. نحن نعمل من كل زاوية ممكنة. ونحن على تواصل دائم مع كافة الأطراف لضمان مرور الغذاء. الأمر ليس سهلا ويتطلب عملا مستمرا. يصل الغذاء إلى الناس ولكن ليس بما يكفي.
من الواضح أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهد. وبصراحة، ما لم يتوفر الأمن، فمن الصعب أن نوصل الكميات المطلوبة من الغذاء لهؤلاء السكان.
أخبار الأمم المتحدة: إلى جانب المجاعة، يشهد السودان أيضا واحدة من أسوأ أزمات التعليم في العالم. ماذا تفعل اليونيسيف لمساعدة أطفال السودان، بالنظر إلى أن معظم المدارس لا تزال مغلقة بسبب الحرب المستمرة؟
شيلدون يت: هذا صحيح تماما. معظم المدارس مغلقة. ما لا يقل عن 18 مليون طفل لا يزالون خارج أسوار المدارس. نحن نعمل على ضمان حصول المجتمعات على التعليم. زرت هذا الصباح مخيما للنازحين خارج بورتسودان، حيث رأيت التلاميذ يدرسون عن بعد. وأعتقد أنه من المهم أن نتذكر أن التعليم والمدارس لا تتعلق فقط بالتعلم الرسمي من الكتب. إنها توفر مكانا، وإحساسا بالحياة الطبيعية للأطفال، ومكانا يلتقون فيه بأصدقائهم وأقرانهم والشعور بأنهم في وطنهم. من الأهمية بمكان أن نعيد فتح المدارس. وأن تستخدم المدارس للتعليم، وليس كمراكز للنازحين. لدينا المزيد من العمل الذي يتعين علينا القيام به في هذا الصدد. هذه هي أكبر أزمة نزوح في العالم في الوقت الحالي. تستضيف العديد من المدارس السكان النازحين. نحن بحاجة إلى ضمان إعادة فتح هذه المدارس للأطفال كي يواصلوا تعليمهم.
أخبار الأمم المتحدة: ماذا سمعت من الأطفال في المخيم الذي زرته اليوم؟
شيلدون يت: قالوا إنهم يريدون العودة إلى ديارهم وأنهم لا يريدون البقاء في المخيم. بورتسودان، مثل العديد من المدن الأخرى هنا، يزداد حجم السكان فيها. وكان المجتمع المضيف داعما ومفيدا للغاية بالنسبة للنازحين. لكن بالطبع، هذا يضاعف التوتر والضغط الذي يعاني منه المجتمع المضيف بالفعل. الجميع يريدون فقط العودة إلى ديارهم إنهم يريدون أن يروا نهاية للقتال. الجميع يريد العودة إلى السودان الذي عرفوه ذات مرة.
أخبار الأمم المتحدة: يعاني الأطفال في السودان أيضا من انتشار أمراض مثل الكوليرا والملاريا بالتزامن مع فصل الخريف. هل قامت اليونيسيف بأي حملات تطعيم؟
شيلدون يت: نعم إنه بداية موسم الأمطار. وبداية موسم الأمطار ترتبط عادة بانتشار الكوليرا في السودان. لدينا بالفعل حالات اشتباه بالكوليرا في كسلا.
نحن نعمل مع الحكومة، وقد التقيت للتو بوزير الصحة، منذ حوالي ساعة، للحديث عن كيفية القيام بحملة تطعيم ضد الكوليرا. بالطبع هناك أمراض أخرى أيضا. الملاريا أيضا تمثل مشكلة خلال موسم هطول الأمطار. نحن نعمل مع شركائنا ومع الحكومة هنا لتوزيع الناموسيات والأدوية المضادة للملاريا، لضمان سلامة الجميع من الملاريا، ولكن الأطفال بشكل خاص. إحدى المفارقات في هذا الصراع هي أن الناس ينتقلون من المناطق التي كانت خالية نسبيا من الملاريا، مثل الخرطوم، إلى المناطق التي بها نسبة أعلى بكثير من الملاريا.
لذلك أخشى أنه خلال الموسم الحالي للأمطار أن تحدث حالات إصابة بالملاريا أكثر بكثير مما رأيناه في الماضي.
أخبار الأمم المتحدة: قد يكون للصدمة الناجمة عن هذه الحرب أيضا تأثير دائم على العديد من الأطفال في السودان. هل لدى اليونيسيف أي برامج متخصصة لمعالجة هذه المشكلة؟
شيلدون يت: هذه حالة طوارئ تتعلق بحماية الطفل. لقد شهدنا زيادة بمعدل خمسة أضعاف في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل، ونحن نحاول تقديم الدعم لجميع الأطفال في هذا البلد. الدعم من خلال المجموعات المجتمعية، والدعم من خلال الجماعات الدينية، والدعم من خلال الرعاية النفسية والاجتماعية غير الرسمية، والدعم من خلال كل وسيلة يمكن تخيلها. لقد قمنا بتطوير مراكز حيث يحصل الناس على استشارات غير رسمية وحيث يحصلون على حزمة شاملة من الخدمات. لكن بالطبع، مرة أخرى، نتوقع أن نرى المزيد من الحالات، والمزيد من حالات الصدمة المنتشرة عند الأطفال ما لم نر نهاية للصراع.
أخبار الأمم المتحدة: وفقا للتقارير، تستمر الانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال بمعدل ينذر بالخطر. هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن هذا الأمر والجهود التي تبذلها اليونيسف في هذا الصدد؟
شيلدون يت: عندما تكون لديك مشاكل سوء التغذية ونقص الغذاء، غالبا ما تلجأ الأسر إلى آليات تكيف سلبية. من المرجح أن ينخرط الأطفال في عمالة الأطفال. ومن المرجح أن يتزوجوا مبكرا، أي تحدث زيجات الأطفال، وهذا بالطبع أمر غير مقبول على الإطلاق. ونحن نعمل للتأكد من أن هذا لا يحدث. ولهذا السبب، مرة أخرى، نحن بحاجة إلى حزمة شاملة هنا.
ليس من المنطقي تقديم الطعام فقط لمعالجة انعدام الأمن الغذائي. أنت بحاجة إلى النظر إلى مجموعة كاملة من الخدمات للنظر في جميع المشكلات التي يمكن أن تحدث للطفل عندما تكون هناك ضغوط مثل هذه. هذا النهج الشمولي ضروري.
أخبار الأمم المتحدة: أخيرا، ظل المجتمع الإنساني يدعو، باستمرار، إلى وقف إطلاق النار كخطوة أولى نحو إنهاء معاناة الأطفال السودانيين. ومع ذلك، يبدو أن وقف إطلاق النار لا يزال بعيد المنال. ما رسالتك إلى أطراف النزاع؟
شيلدون يت: أقول لهم أنتم مدينون للأطفال بوقف إطلاق النار. مستقبل السودان يعتمد على وقف إطلاق النار. ويعتمد على قدرة الأطفال على العودة إلى المدرسة. ويعتمد على تلقي الأطفال للتطعيم. ويعتمد على حصول الأطفال للخدمات الأساسية. ومستحيل أن يحدث كل ذلك بدون وقف إطلاق النار وبدون سلام.