منظور عالمي قصص إنسانية

ممثلة الفاو في لبنان: مليونا شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي والوضع قد يتأزّم

(أرشيف) ما يقرب من 75 في المائة من سكان لبنان يعيشون في فقر، بحسب تقرير للإسكوا (كانون الأول/ديسمبر 2021)
© UNICEF/Kassem-Dabaj
(أرشيف) ما يقرب من 75 في المائة من سكان لبنان يعيشون في فقر، بحسب تقرير للإسكوا (كانون الأول/ديسمبر 2021)

ممثلة الفاو في لبنان: مليونا شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي والوضع قد يتأزّم

التنمية الاقتصادية

وفق التحليل الأول حول لبنان لما يُعرف بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، يواجه نحو مليوني شخص، منهم 1.29 مليون مواطن لبناني و700 ألف لاجئ سوري، انعداما في الأمن الغذائي في الوقت الراهن.

والتحليل الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة اللبنانية، يتوقع تدهور الوضع خلال الأشهر المقبلة، مشيرا إلى انخفاض قيمة العملة اللبنانية وإلغاء الدعم وارتفاع تكاليف المعيشة بما يمنع الأسر من الحصول على ما يكفي من الطعام والاحتياجات الأساسية اليومية.

للتعرف أكثر على نتائج وتوصيات هذا التحليل الأول من نوعه في لبنان، اتصلنا بالسيدة نورة أورابح حداد ممثلة منظمة الأغذية والزراعة في لبنان، التي حذرت من العواقب الوخيمة على صحة ورفاه السكان المستضعفين إذا لم يُتخذ إجراء عاجل لمعالجة هذا الوضع.

التفاصيل في هذا الحوار.

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: التحليل الأول حول لبنان لما يُعرف بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، يعكس صورة قاتمة عن وضع الأمن الغذائي هناك. ما أبرز الأرقام والنتائج التي توصل إليها التحليل؟

نورة أورابح حداد: بصفة عامة، حالة الأمن الغذائي مقلقة للغاية حسب نتائج التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي الحاد في لبنان الذي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة.

وسلّطت هذه الدراسة الضوء على تردّي مستوى الأمن الغذائي للبنانيين والنازحين السوريين.

بالفعل، يأتي هذا التردّي نتيجة الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ ثلاث سنوات. إن انخفاض قيمة العملة، رفع الدعم، ارتفاع تكاليف المعيشة ضمن الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع المؤسف والتي دفعت بأكثر من مليونَي شخص إلى الحاجة للمساعدة، بما في ذلك 1.29 مليون لبناني و700 ألف نازح سوري.

ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع المعيشي في الأشهر المقبلة، بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل من هذا العام مع احتمال تأزُّم وضع ما يعادل المليون ونصف المليون مقيم لبناني وحوالي 800 ألف نازح سوري بحسب هذا التصنيف المرحلي.

أخبار الأمم المتحدة: كيف أجريتم هذا التحليل وعلى ماذا استندتم لاستخلاص هذه الأرقام الضخمة بالفعل؟

نورة أورابح حداد: تلقّت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي طلباً من وزارة الزراعة في لبنان بإدراج تحليل لمستوى الأمن الغذائي في لبنان نظراً لتفاقم الأوضاع الاقتصادية، المالية والمعيشية للسكان.

ثم قام الفريق الفني من الفاو وبرنامج الأغذية العالمي والـIPC (فريق التحليل)  بتدريب حوالي 55 خبيراً وخبيرة من كافة الوزارات والمؤسسات العامة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المعنية في لبنان، حول جمع وتحليل المعطيات حول الأمن الغذائي بحسب المنهجية المعتمدة من قبل المنصة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي".

استند الخبراء إلى كافة البحوث الإحصائية، والدراسات والتحاليل المتاحة من مختلف مصادر المعلومات بالإضافة إلى معرفة المحللين بخصائص وواقع لبنان فيما خص الأوضاع الاقتصادية، الاجتماعية والزراعية في كل قضاء.

وتم إعداد التقرير النهائي وهو يعدّ الأول من نوعه في لبنان.

أخبار الأمم المتحدة: في ظل هذا الوضع الغذائي المزري الذي كشفه التحليل، كيف يؤمن هؤلاء الناس قوتهم اليومي؟ وهل يلجأون إلى وسائل تكيف سلبية؟

نورة أورابح حداد: إن الأزمة الاقتصادية، وانخفاض قيمة العملة، والزيادة غير المسبوقة في أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، ورفع الدعم عن هذه المواد كلها أسباب تؤثر على سبل عيش اللبنانيين والنازحين السوريين وتجعلهم بحاجة إلى المساعدات.

فعندما لا يكون لدى الأسر ما يكفي من المواد الغذائية أو المال لشراء الطعام فإنها تتبنى وسائل تكيّف سلبية لمواجهة النقص في الغذاء. ونذكر من هذه الوسائل التغيير في أنماط استهلاك الغذاء ونوعيته من خلال شراء مواد غذائية غير مكلفة أو تقليل عدد الوجبات أو أحجام (حصص) كمية المواد الغذائية أو وجبات الطعام.

وبحسب الإحصاءات فإن 87% من اللبنانيين و96% من النازحين السوريين لجأوا إلى نمط غذائي غير صحي.

أخبار الأمم المتحدة: إلى ماذا تعزو منظمة الفاو هذا الارتفاع في انعدام الأمن الغذائي في لبنان؟

ممثلة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في لبنان، السيدة نورا حداد.
@FAO Lebanon

نورة أورابح حداد: توجد عدة دوافع رئيسية ساهمت في ارتفاع انعدام الأمن الغذائي ومن بينها:

  • مستوى التضخّم وهو على ازدياد مستمر بالتزامن مع رفع الدعم وارتفاع أسعار المحروقات والطاقة والمواد الغذائية وغير الغذائية.
  • تدنّي قيمة العملة اللبنانية
  • رفع الدعم عن السلع الغذائية وغير الغذائية (بما فيها الأدوية والمحروقات....)
  • تراجع القدرة الشرائية وخاصة لذوي الدخل المحدود
  • التراجع في فرص العمل وازدياد البطالة حيث ارتفعت نسبة البطالة من 11% من السكان سنة 2019 لتبلغ 30% سنة 2022.
  • اتساع الفجوة بين قيمة المساعدات الانسانية المقدّمة وكلفة المعيشة.
  • هشاشة النظم الغذائية. إذ إن لبنان يعتمد في أكثر من 80% من حاجاته الغذائية على الاستيراد ولا تتعدى حصّة مشاركة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي العام الـ2.5%.
  • وبالطبع عدم الاستقرار السياسي في لبنان والتأثير السلبي على كافة الإدارات العامة وتدنّي مستوى الخدمات العامة.

 

أخبار الأمم المتحدة: أنتم تعملون في الميدان، من خلال تعاطيكم مع المتضررين بشكل مباشر، ما الذي يطلبونه منكم؟

نورة أورابح حداد: وفقاً لإحصاء أجرته وزارة الزراعة في لبنان بدعم تقني من الفاو حول أثر الأزمات المتتالية في لبنان على عيّنة من المزارعين، تبيّن أن 94% طالبوا بمساعدات آنية:

 46% منهم بحاجة لدعم مالي مباشر.

وطالب 81% من مزارعي الإنتاج النباتي بتقديم مدخلات زراعية وبخاصة أسمدة زراعية.

74% منم بحاجة إلى مبيدات زراعية، في حين أن مربي الماشية يحتاجون إلى أعلاف وخدمات بيطرية.

أما على المدى المتوسط والطويل، فيجب تقديم الدعم اللازم للمزارعين وحثّهم على اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة لرفع إنتاجية محاصيلهم.

وهذا ما تفعله المنظمة بالتعاون مع القطاعين العام والخاص وممثلين من المجتمع الدولي من خلال برامج متكاملة تدعم تحويل النظم الغذائية إلى المزيد من الاستدامة.

أخبار الأمم المتحدة: سيدة نورة بماذا يوصي التقرير؟ وكيف ستعملون مع المنظمات الأممية الشريكة بما فيها برنامج الأغذية العالمي، والسلطات اللبنانية للتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي في لبنان؟

نورة أورابح حداد: يوصي هذا التقرير بعدد من الإجراءات ومنها:

  • اتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية حاجات الأسر الأكثر عرضة للفقر،
  • تحديد الأسر الأكثر حاجة كأولوية لتقديم الدعم العاجل لهم،
  • كما يوصي التقرير بحثّ كافة الشركاء المعنيين بمتابعة تقديم المساعدات الإنسانية والعمل يداً بيد لمراقبة وتقييم الوضع عن قرب،
  • كذلك على الجميع اعتماد "النهج متعدد الأطر أو القطاعات" لمنع تفاقم سوء التغذية لتحسين النظم الغذائية.

ويوصي التقرير أيضاً بمتابعة ومراقبة عناصر الخطر من كافة الجوانب لضمان تحديد السكان المتأثرين في الوقت المناسب وبشكل فعال وللتدخّل السريع في تقديم الدعم اللازم. كما يحث التقرير على متابعة الدعم لكافة الوزارات المعنية بالأمن الغذائي والمؤسسات العامة.

أخبار الأمم المتحدة: ما هو السجل الزراعي الذي تطلقه وزارة الزراعة بالتعاون مع الفاو ومن يستفيد منه؟

السيدة نورة أورابح حداد ممثلة منظمة الأغذية والزراعة في لبنان.
@FAO Lebanon

نورة أورابح حداد: في الثاني من شهر آذار/ مارس ستعلن وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الأمم المتحدة في لبنان إطلاق مرحلة تسجيل المزارعين و المزارعات على كافة الاراضي اللبنانية ضمن سجل المزارعين بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

يشكل هذا السجل مرجعا وقاعدة معلومات أساسية لتطوير وتنظيم القطاع الزراعي في لبنان.

إن السجل موجه لكل العاملين والعاملات في الإنتاج النباتي والحيواني وفي استثمار المراعي والغابات ومنتجاتها الأولية.

وهو عبارة عن برنامج معلوماتي خاص يعتمد على إدخال معلومات حول المزارع، المزرعة، موقع ونوع الزراعة، والآلات الزراعية، والحيوانات، بالإ ضافة إلى معلومات حول الوضع المعيشي للعائلة الزراعية وعدد العاملين ضمن المزرعة.

كما يمكننا من خلال هذا البرنامج تحديد موقع المزرعة ومساحتها ونوع الإنتاج بناءً على خرائط وصور جوية.

  • سيكون هذا السجل بمثابة قاعدة أساسية لتنظيم مهنة الزراعة ومساعدة أصحاب القرار في:
  • تطوير سياسات تنموية زراعية تهدف إلى تعزيز القطاع الزراعي وتحسين الأوضاع المعيشية للمزارعين وكذلك توجيه سياسات الدعم التي تضمن التوزيع العادل والفعّال للمساعدات العينية
  • تأمين الحماية الاجتماعية للمزارعين والعاملين في هذا القطاع،
  • تطوير آلية فعالة في الاستجابة للأزمات،
  • بالإضافة الى وضع إطار قانوني فاعِل لمأسسة العلاقة بين المزارعين والإدارات المعنية.

تجدر الإشارة الى أن النظام المصمم والمطور لبنانيا قد تمت الاستفادة منه في المملكة الأردنية الهاشمية وذلك من خلال منظمة الفاو وبتمويل من الاتحاد الأوروبي. كما يمكن أن نشهد عددا من البلدان الاخرى المهتمة بتطوير برنامج مماثل في المستقبل.