منظور عالمي قصص إنسانية
عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين في مبنى في سرمدا، سوريا في أعقاب الزلزال المدمر.

حوار خاص- مسؤول الأمم المتحدة في سوريا: الزلزال تسبب في أزمة مزدوجة ونبذل قصارى جهدنا لمساعدة المتضررين

© UNOCHA/Ali Haj Suleiman
عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين في مبنى في سرمدا، سوريا في أعقاب الزلزال المدمر.

حوار خاص- مسؤول الأمم المتحدة في سوريا: الزلزال تسبب في أزمة مزدوجة ونبذل قصارى جهدنا لمساعدة المتضررين

المساعدات الإنسانية

تسبب الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا في مقتل مئات الأشخاص وتشريد الآلاف، وفاقم من الأزمة الإنسانية الناجمة عن اثني عاما من الصراع. مباشرة بعد الزلزال الكارثي، سارعت وكالات الأمم المتحدة في حشد استجابتها الطارئة لمساعدة المتضررين.

ولتسليط الضوء على محنة المتأثرين بهذا الزلزال، أجرت أخبار الأمم المتحدة حوارا حصريا مع السيد المصطفى بن المليح، القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، للوقوف على آخر تطورات الوضع في المناطق المنكوبة، ولتسليط الضوء على الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة وشركاؤها لمساعدة المتضررين من الكارثة الإنسانية.

أخبار الأمم المتحدة: السيد المصطفى بنْ المليح القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا، شكرا للانضمام إلينا لنتحدث عن آخر تطورات الوضع في أعقاب الزلزال المميت الذي ضرب البلاد. أولا، حدثنا عن آخر تطورات الوضع على الأرض الآن وخاصة في المناطق المتأثرة بالزلزال؟ هل لديكم إحصائية بشأن الأضرار في هذه المناطق؟

المصطفى بنْ المليح: ليست لدينا إحصائيات كاملة لأننا لا زلنا في إطار تقييم انعكاسات الزلزال على المنطقة الشمالية، بما في ذلك حلب وحمص، وحماة واللاذقية وطرطوس. لدينا فرق هناك تحاول تقييم الاحتياجات، ولكن الوضع صعب جدا لأن سوريا قبل الزلزال كانت تمر بوضع سيئ ومذر جدا نسبة لأعوام الحرب الاثني عشر.

هناك الأزمة الاقتصادية والأزمة اللبنانية وجائحة كـوفيد-19 والأزمات الأخرى مثل أزمة ارتفاع أسعار الوقود بشكل لا يمكن تصوره. حتى قبل الزلزال كان المواطن العادي من الطبقة الوسطى يعاني بصورة كبيرة في سبيل الوصول إلى الخدمات والاحتياجات الأساسية، أما الآن فقد صارت المشكلة أصعب.

حتى قبل الزلزال كان المواطن العادي يعاني بصورة كبيرة في سبيل الوصول إلى الخدمات والاحتياجات الأساسية

في حلب مثلا تسبب الزلزال في دمار وانهيار كبيرين. الآن نستعمل المدارس والجوامع والكنائس لإيواء المتضررين فيما يتزايد عددهم بشكل متواصل منذ اليوم الأول للزلزال. والناس يخشون العودة إلى منازلهم والتي لم تكن منازل عادية في حقيقة الأمر لأنهم كانوا نازحين داخل البلد وكانوا يقطنون منازل وضعها مذر، والآن صار الوضع أصعب بكثير، وارتفع عددهم بشكل أكبر مما كان عليه.

هناك حاليا أكثر من 20 ألف شخص لجأوا إلى المدارس وخاصة الأطفال والسيدات وهم في حاجة إلى دعم كبير، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، وبالإضافة إلى الزلزال، هناك أحوال الطقس، فهناك الجليد والبرد الذي يصل إلى درجة التجمد، وبالتالي صارت هناك أزمة داخل أزمة.

بالنسبة للمناطق الأخرى مثل اللاذقية فهي تواجه تقريبا نفس المشاكل، فهي تعاني من تضرر النظام المائي. خزانات المياه يمكن أن تنهار في أي لحظة، وبالتالي تسبب أضرارا للناس الذين يسكنون بالقرب منها. وفي الوقت نفسه، أثر الزلزال على البنية التحتية، حيث بات التنقل من جهة إلى أخرى صعبا جدا.

تضرر السكان الذين كانوا متضررين بالفعل، وهناك حاجة إلى الغذاء والماء والملابس الشتوية، وهناك مشاكل في عمليات البحث والإنقاذ ونقص كبير في الآليات المستخدمة في هذه العمليات في المناطق المتضررة شمال البلاد.

 

أحد المصابين من جراء الزلزال الذي ضرب مدينة سرمدا السورية.
© UNOCHA/Ali Haj Suleiman

 

أخبار الأمم المتحدة: ما المناطق الأخرى التي تضررت بشدة من هذا الزلزال؟

المصطفى بنْ المليح: حلب، حماة، اللاذقية، وطرطوس وكل ما بينها. السؤال جيد جدا لأن هناك صعوبة في الوصول إلى المناطق النائية. أنا تحدثت عن المدن والتي تملك إمكانيات أكثر من المناطق النائية. أتصور أن هناك مناطق نائية ما زلنا لم نصل إليها للتعامل مع هذه الأزمة. تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة إلى وفاة 800 شخص وإصابة نحو ألفين، ولكن الحقيقة أن الأرقام قد تصل إلى معدل خمس إلى ست مرات أكثر من هذا العدد لأننا لم نصل إلى كل المناطق التي تضررت.

أخبار الأمم المتحدة: ما الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة حاليا لمساعدة المتأثرين بالزلزال؟

المصطفى بنْ المليح: الآن لا زلنا نستخدم كل مخزونات ومستودعات الغذاء والخيام التي كانت بحوزتنا، والتي كانت مخصصة للتعامل مع الأزمة السورية لأكثر من عشر سنوات، وسينتهي هذا المخزون.

حجم الاحتياجات الإنسانية كبير ولابد من إعطاء سوريا ما تستحقه من الدعم

الدعم الذي نقدمه الآن هو الدعم الغذائي، نستخدم المطابخ لإعداد الطعام، ويتم توزيع مجموعات المستلزمات الطبية والدواء وكذلك الملابس الشتوية وكل ما يلزم في مثل هذا الإطار الطارئ، وكذلك المساعدة في تنسيق العمل الميداني والاتصال مع الحكومة حتى لا يكون هناك ازدواج في العمل.

أخبار الأمم المتحدة: ذكرتم أن الأزمة في سوريا باتت الآن أزمة مزدوجة لأن هذا الزلزال يأتي في خضم أزمات موجودة أصلا مثل تفشي الكوليرا إضافة إلى الشتاء القاسي والأحداث المرتبطة بهذا الشتاء مثل الأمطار الثلجية والعواصف. هل هناك خطة طارئة للتعامل مع كل هذه الأزمات؟

المصطفى بنْ المليح: نحن الآن في إطار تنسيق وتقييم الاحتياجات ومن خلال ذلك نضع خطة للتعامل مع التداعيات المتعلقة بالأمد القريب مثل الكوليرا، وتقوم منظمة الصحة العالمية واليونيسف بالتوعية. هناك جهود جارية لتجنب تفشي الكوليرا من جديد داخل المستشفيات والملاجئ. هناك أيضا استراتيجية لإعادة إصلاح ما تدمر وهذا ما يسمي بالإنعاش المبكر.

أما استراتيجيتنا خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة للاستجابة للأزمة الحالية فهي التنسيق، وتجنب الازدواجية في الجهود، والاستجابة لكل الاحتياجات الأساسية بما في ذلك التعليم والصحة والمواد الغذائية وغير الغذائية، ولكن في الوقت نفسه ننظر إلى ما بعد ذلك، حتى لا تتفاقم المشاكل، والأهم بالنسبة لنا هو الدعم اللوجيستي والسياسي. ونحن على اتصال مباشر مع الحكومة للوصول إلى المتضررين حتى لا تحدث أي مشاكل فيما يتعلق بالوصول إلى المستفيدين والمحتاجين. وبالتالي فإن الطرف الأول هو التنسيق والطرف الثاني هو إعادة إصلاح ما تضرر من خلال عملية الإنعاش المبكر.

Tweet URL

أخبار الأمم المتحدة: ما وضع الأطفال في المناطق المتأثرة بالزلزال؟

المصطفى بنْ المليح: يمر الأطفال بصدمة وهم خائفون من الزلزال ومن العودة إلى منازلهم. تحدثت مع ممثلة اليونيسف وأخبرتني بأن الأطفال يعانون من أزمة نفسية كبيرة وهم كانوا مصدومين من قبل بسبب الحرب. هناك خطة من اليونيسف والمنظمات الأخرى مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان للتعامل مع قضية الأطفال وكذلك قضية العنف ضد المرأة. يدخل هذا ضمن نطاق عملنا الآن.

فالأطفال تضرروا كثيرا، وحسب ممثلة اليونيسف فمن المهم أن يكون لديهم الآن المأوى الآمن الذي يخلو من المشاكل، ولكن في نفس الوقت العودة إلى المدارس أمر مهم للغاية.

أخبار الأمم المتحدة: في ختام هذا الحوار هل لديك رسالة ترغب في توجيهها إلى أهل سوريا؟

المصطفى بنْ المليح: لدي رسالة إلى الأهل في سوريا وإلى الداعمين من خارج سوريا. هناك إمكانية أن يدعم الجميع سوريا والمتضررين عبر أدوات خاصة بذلك. وكذلك هناك حاجة إلى عدم تسييس العمل الإنساني في سوريا. نحن منظمات نهتم بالقضايا الإنسانية أولا، ونحتاج إلى عدم تسييس العمل الإنساني والسماح لنا بالعمل والوصول إلى المحتاجين أينما كانوا، ولابد أن تكون هناك موارد. سوريا متضررة وهي لا تحظى بما تستحقه من عناية من ناحية التغطية الإعلامية الدولية مقارنة بتركيا، ولكن حجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا أيضا كبير ولابد من إعطائها ما تستحقه من الدعم من كل الجهات وخاصة الدول العربية والتي يتعين عليها مساعدة سوريا والمحتاجين والمتضررين فيها لأن الاحتياجات كبيرة.

 

استمعوا إلى الحوار مع المنسق الأممي في سوريا.

Soundcloud