الانتقال إلى الطاقة النظيفة: حوار مع مهندس مصري حول مستقبل السيارات الكهربائية في المنطقة العربية

يعد أسطول المركبات العالمي سريع النمو مساهما رئيسيا في تلوث الهواء وتغير المناخ. فعلى الصعيد العالمي، يعد قطاع النقل مسؤولا عما يقرب من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة. ولهذا السبب بدأ العالم في التحول تدريجيا نحو استخدام السيارات الكهربائية، حيث انتشرت عشرات الشركات والمؤسسات العاملة في مجال السيارات الكهربائية في عدد كبير من الدول الأوروبية والآسيوية.
المنطقة العربية ليست استثناء. فقد بدأنا نرى ظهورا لهذه الشركات العاملة في مجال السيارات الكهربائية.
برايت سكايز هي واحدة من هذه الشركات المتخصصة في مجال التكنولوجيا والسيارات الكهربائية. وتهدف إلى المساهمة في تبني الطاقة النظيفة والحفاظ على البيئة. وقد عرضت الشركة منتجاتها وتقنياتها مؤخرا في قمة المناخ التي عقدت في شرم الشيخ.
أجرت أخبار الأمم المتحدة حوارا مع المهندس هشام عرفة، الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات في مجموعة برايت سكايز، للتعرف على أنشطة الشركة وجهودها في الحد من أزمة التلوث. إليكم تفاصيل الحوار...
أنشئت شركة برايت سكايز في سنة 2012 وتركز نشاطها الرئيسي في السنوات الخمس الأولى على الحاسبات فائقة السرعة. كنا نعمل في بناء الحاسبات العملاقة والبرامج التشغيلية.
ومنذ 2016 بدأت الشركة الدخول في مجال الخدمات الهندسية لصناعة السيارات وبالذات في مجال البرمجيات. بدأنا في تقديم خدماتنا لمصنعي السيارات وقطع السيارات وبالذات في مجال البرمجيات والأنظمة.
في 2019 بدأت الشركة في تطوير بعض المنتجات وبالذات في مجال السيارات لخدمة المنطقة والمنافسة على المستوى العالمي. بدأنا البحث والتطوير في مجال البطاريات المستخدمة في الحافلات الكهربائية. صنعنا النسخة الأولى من بطاريات الحافلات الكهربائية في أواخر 2020.
تم عرض النسخة الثانية في مؤتمر المناخ. هذه النسخة هي قيد التجربة الآن وسيتم تطويرها للحصول على النسخة النهائية التي ستستخدم للإنتاج الكمي خلال العام القادم بإذن الله.
صنعنا أيضا أول نسخة من تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة وعرضناها سنة 2020 في برج العرب في مصر. طورنا برنامج السيارات ذاتية القيادة بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله في المملكة العربية السعودية وشركة إنتل العالمية.
المجال الثالث الذي تعمل فيه الشركة هو مجال الحوسبة السحابية والهواتف المحمولة.
الحكومة المصرية مهتمة جدا بموضوع الطاقة النظيفة. وظلت تشجع الشركات العاملة في مجال البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة. بدأنا في 2019 التعاون مع وزارة الاتصالات في جمهورية مصر العربية. لدى الوزارة برامج لدعم البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة. بدأنا معهم لتطوير بطارية حافلة كهربائية وبالتعاون مع جامعة الإسكندرية وهذا هو المنتج الذي عرضناه في قمة المناخ.
اهتمام مصر بقمة المناخ نابع من اهتمام الدولة بالطاقة النظيفة والدعم الحكومي القوي للشركات التي تعمل في مجال البحث والتطوير.
في مؤتمر المناخ، وجدنا اهتماما كبيرا من الحكومة ومن الجمهور ومن الشركات العاملة في مجال السيارات ومن المستثمرين في المنطقة.
تتمثل مساهمتنا في توفير الطاقة النظيفة والمحافظة على البيئة. نصف الجهود التي نبذلها في مجال البحث والتطوير تتجه نحو مجال أجهزة الدفع الرباعي للسيارات الكهربائية سواء كان للحافلات الثقيلة- حافلات النقل الجماعي- أو للسيارات الخاصة أو الدراجات النارية أو مركبات التوكتوك.
قررنا أن تكون بطاريات الحافلات الكهربائية المستخدمة النقل العام(الأوتوبيس) أول منتج لنا لأنها أكثر أنواع المركبات المسببة لانبعاثات الغازات المضرة بالبيئة. يلي ذلك منتجات متعددة في مجال البطاريات لأنواع مختلفة من المركبات ويلي ذلك المنتجات الأخرى في أجهزة الدفع الرباعي للحافلات والمركبات.
يتطلب التحول من سيارات الوقود الأحفوري إلى السيارات الكهربائية تجهيز البنية التحتية في المقام الأول. يتطلب إنشاء أجهزة الشحن تغييرات ومجهودات كبيرة في البنية التحتية للكهرباء سواء من ناحية توليد الكهرباء أو شبكات توزيع الكهرباء. بدأنا نرى اهتماما زائدا من دول المنطقة في أفريقيا والشرق الأوسط فيما يتعلق ببناء محطات شحن للسيارات الكهربائية. بدأت مصر في بناء 3000 وحدة شحن حول أماكن مختلفة في الجمهورية. وكذلك بدأت المملكة العربية السعودية في إنشاء محطات شحن كثيرة. بدأنا نرى دولا أفريقية تدرس وتطور وتحاول أن تبدأ تشغيلا تجريبيا لبعض المركبات الكهربائية سواء كان ذلك في غرب أفريقيا أو في وسط وشرق أفريقيا.
هناك اهتمام دولي ومن حكومات المنطقة فيما يتعلق بموضوع الطاقة النظيفة. لا زلنا في بداية الطريق لأن هذا يتطلب استثمارات كبيرة جدا من أجل تغيير وتجهيز البنية التحتية. بسبب قلة الإمكانيات لهذه الدول ربما يستغرق الأمر بعض السنوات حتى تكون البنية التحتية جاهزة تماما لإطلاق المركبات الكهربائية بأعداد كبيرة.
هذا سؤال جيد. ثمن السيارة الكهربائية المبدئي أغلى من سيارة الوقود الأحفوري وهذا نتيجة لغلاء سعر البطاريات. يتطلب الأمر صرف مبالغ إضافية في بادئ الأمر كي تشتري سيارة كهربائية مقارنة بشراء سيارة وقود. الاستثمار الذي تضعه في بداية الأمر يمكنك استرجاعه لاحقا لأن تكلفة صيانة وتشغيل هذه المركبات أرخص بكثير من نظيرتها سيارات الوقود.
يمكننا القول إن تكلفة التشغيل والصيانة للمركبات الكهربائية يقل عن الربع مقارنة بمركبات الاحتراق الداخلي وبالتالي يمكننا استرجاع ثمن الاستثمار في السيارات الكهربائية التي تسير لمسافات طويلة مقارنة في وقت أقصر، مقارنة بتلك التي تقطع مسافات أقصر.
وبالنظر إلى التكلفة الكلية للسيارة الكهربائية على مدار 4-5 سنوات نجد أنها أقل من سيارات الاحتراق الداخلي مع العلم أن سعرها الأساسي أغلى من سعر سيارة الاحتراق الداخلي.
أنا لا أتفق مع هذا الرأي لأنني عن طريق التوفير في ثمن التشغيل والصيانة يمكنني استرداد كل ما دفعته في شراء السيارة الكهربائية خلال 4-5 سنوات.... على الحكومات أن تركز على البرامج التمويلية للسيارات الكهربائية كي لا يشعر المواطن بالفرق.
بدأنا ومنذ مدة طويلة العمل مع مصنعي السيارات ومصنعي قطع غيار السيارات في أوروبا وأمريكا. لا يمكنني التحدث عن المشاريع المشتركة بيننا لأنها تعتبر من أسرار البحث والتطوير لدى هذه الشركات ولست مخولا للحديث عن تفاصيل هذه المشاريع، ولكن 50 في المائة من عملنا مع هذه الشركات يتجه نحو أنظمة الدفع الرباعي للسيارات الكهربائية وتطوير أنظمة وبرمجيات هذه السيارات.
تعتمد أنظمتنا على التعلم الذاتي للماكينات. يتحسن أداء البرمجيات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي مع المسافات الطويلة والتجربة لفترات طويلة.
نبدأ ببعض السيناريوهات البسيطة. في البداية يكون بداخل السيارة سائق. عندما تحدث أي مشكلة في أنظمة القيادة الذاتية يقوم السائق بمعالجة الأمر حفاظا على سلامة الناس.
وبعد فترة من المفروض أن تتعلم هذه الأنظمة من السيناريوهات التي تراها في الشارع، وبالتالي يتطور أداؤها ويتحسن مع مرور الوقت. في منطقة مثل القاهرة لن نتمكن من وضع هذه الأنظمة إلا عندما تكون متعلمة لنفس طريقة قيادة الناس في المنطقة. وبالتالي فإن التعلم الذاتي يحتاج إلى أن يتعلم من سيناريوهات مشابهة. ومع استخدام هذه البرمجيات في المنطقة لبعض الوقت تصبح هذه السيارات مؤهلة لأني تمشي لوحدها في المنقطة.
بإذن الله سنتمكن من استخدام هذه السيارات في القاهرة وفي الأماكن المكتظة.
أشكرك وأشكر الأمم المتحدة على هذا الاهتمام وهذا اللقاء. أود القول إننا كشركة نعمل على تطوير أنظمتنا أكثر وأكثر لخدمة المجتمع وتوجهات البلاد والعالم في اتجاه الطاقة النظيفة والحفاظ على البيئة.