منظور عالمي قصص إنسانية

في حوار خاص: المقررة الخاصة بشأن الحالة في فلسطين تنتقد اختباء الدول الغربية خلف "جدار الإنكار" عندما يتعلق الأمر بالاحتلال

فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
UN News
فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

في حوار خاص: المقررة الخاصة بشأن الحالة في فلسطين تنتقد اختباء الدول الغربية خلف "جدار الإنكار" عندما يتعلق الأمر بالاحتلال

حقوق الإنسان

قبل عدة أشهر، بدأت المحامية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز مشوارها كمقررة خاصة معنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، خلفا لمايكل لينك. وقدّمت تقريرها الأول أمام اللجنة الثالثة في الجمعية العامة، أشارت فيه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني ولا يمكن تمييزه عن الوضع "الاستيطاني-الاستعماري" ويجب أن ينتهي كي يتمكن الفلسطينيون من ممارسة حقهم في تقرير المصير.

في حوار حصري مع أخبار الأمم المتحدة، قالت السيدة فرانشيسكا ألبانيز إنها كانت تعيش في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولذلك فهي تعرف الكثير عن الوضع على الأرض، ووصفته بأنه وضع "ثقيل ومؤلم" لكن لديها فهم من الناحية السياسية والتاريخية.

أجرينا الحوار مباشرة بعد تقديمها تقريرها الأول من نوعه إلى الجمعية العامة والذي سعت فيه إلى التركيز على الاحتلال غير القانوني المستمر منذ 55 عاما، وقالت: "إن هذه الحقيقة بحد ذاتها مدهشة، والأمر لم يتعدَ فقط الفصل العنصري كما يقول آخرون، لكنه أيضا من وجهة نظري نتيجة طبيعية لحقيقة وجود احتلال عسكري مستمر منذ 55 عاما، هذه سمة مميزة للاستعمار الاستيطاني."

وأضافت أنه تم "هندسة" هذا الأمر لمنع الفلسطينيين من الحصول على سيادتهم على الأرض والموارد الطبيعية، وقمع الأنشطة السياسية ومحو أي رموز ومظاهر لثقافة الفلسطينيين وهويتهم.

وقالت: "تم توثيق كل ذلك، وما استطعتُ إدراجه في التقرير هو مجرد غيض من فيض، لأننا كما تعلمون مقيّدون بعدد الكلمات."

قدّمت ألبانيز تقريرها إلى الجمعية العامة وهي "تعلم" أنه سيكون له صدى في دول جنوب الكرة الأرضية "لأن تلك البلدان تدرك جيدا ما أدعوه بالسمة المميزة للاستعمار الاستيطاني" لكنها لا تعتقد أنه سيلقى نفس الصدى لدى الدول الغربية التي يجب على الأرجح أن يتم مرافقتها للتوصل إلى إدراك هذا الأمر، "وحتى تشق جدار الإنكار الذي تختبئ خلفه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل." 

إسرائيل تغادر القاعة

قالت ألبانيز إن مندوب دولة إسرائيل غادر القاعة مع بدء تقديمها للتقرير في 27 تشرين الأول/أكتوبر.

وتابعت تقول وهي غير مستغربة: "كما قلت أمام اللجنة الثالثة، إسرائيل لا تستجيب. لا تستجيب ولا تنخرط مع ولايتنا." وأوضحت أن هذا الأمر ليس بجديد، فإسرائيل لا تنخرط مع ولاية المقرر الخاص منذ 15 عاما، وأشارت إلى أن هذا يؤشر إلى أنها لن تستجيب لطلب تسهيل التنسيق لدخول الأرض الفلسطينية المحتلة.

لا يحق لإسرائيل منع آلية حقوق الإنسان أو أي شخص آخر من دخول الأراضي التي ليس لها سيادة عليها

"لا يحق لإسرائيل منع آلية حقوق الإنسان أو أي شخص آخر من دخول الأراضي التي ليس لها سيادة عليها." مؤكدة أنها تلقت دعوة من الطرف الفلسطيني.

وردّا على سؤال بشأن تأثير منعها من دخول الأرض الفلسطينية المحتلة على عملها والصعوبات التي قد تتشكل أمام جمع المعلومات، قالت ألبانيز إنها لا تواجه صعوبات في الحصول على التقارير من الأمم المتحدة في الميدان ومن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.

"لكن ما يؤثر عليّ هو أنني أُمنَع من مقابلة الناس على الأرض، ومن الحصول على فهم للوضع عن قرب. صحيح أنني عشتُ هناك، في القدس الشرقية، وسافرتُ إلى الضفة الغربية ولكن الآن ازداد الأمر سوءا، وزرت غزة ولكن اندلعت ثلاث أو أربع حروب منذ أن زرتها آخر مرة."

فلسطينيون يقفون على ركام منزل مدمر في غزة. 07 آب/أغسطس 2022.
Ziad Taleb
فلسطينيون يقفون على ركام منزل مدمر في غزة. 07 آب/أغسطس 2022.

بصفتها محامية، أشارت ألبانيز إلى أهمية أن تأخذ الدول القانون الدولي على محمل الجد، ولفتت الانتباه إلى أن الاحتلال يقوّض مستقبل الملايين.

وقد أشار تقريرها إلى "عقوبات جماعية" يتعرّض لها الشعب الفلسطيني. وقالت: "لا أرى مخرجا آخر غير ’المساءلة‘ لأن ثقافة الإفلات من العقاب في المسألة الفلسطينية والعلاقات بين إسرائيل وفلسطين سميكة للغاية." وأوضحت أن الإفلات من العقاب يوّلد إفلاتا من العقاب، "ولكن حان الوقت الآن ضمان تحقيق العدالة والتعويضات للضحايا."

مع تسلّمها هذا المنصب، تعرّضت ألبانيز لانتقادات من الجانب الإسرائيلي، وتم اتهامها بالتحيّز لصالح الجانب الفلسطيني، إلا أنها اعترضت على هذه الاتهامات وقالت: "أنا ملزمة بالإبلاغ عن الواقع مهما كان ولا يمكنني أن أدفع باتجاه تكافؤ خاطئ بين الطرفين." 

وأكدت أنها تدرك أيضا أن الكثير من الإسرائيليين فقدوا حياتهم في هذا الصراع، لكن التفاوت كبير للغاية بين الطرفين.

قضية المحامي صلاح حمّوري

كانت فرانشيسكا ألبانيز من بين عدد من الخبراء ممن أعربوا عن القلق إزاء إساءة استخدام إسرائيل، بشكل واسع، لإجراءات القانون الإداري والجنائي واستخدام المعلومات السرية ضد الفلسطينيين، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان مثل السيد صلاح حموري.

وقال الخبراء إن السلطات الإسرائيلية استهدفت السيد حموري خلال السنوات العشرين الماضية بالمضايقات والاعتقال والاحتجاز التعسفيين وأشكال أخرى من الانتهاكات.

وقالت السيدة فرانشيسكا: "أعتقد أن الاختبار الحقيقي هو ما إذا كانت إسرائيل ستسحب هويته المقدسية أو تلغي الأدلة السرية ضده."

وأشارت إلى أن موقف فرنسا مُستغرب لأنها دولة تدافع عن حقوق الإنسان وتدعم المقررين الخاصين باستمرار.

الانتهاكات الفلسطينية

العلم الفلسطيني يرفرف في مدينة رام الله بالضفة الغربية.
UN News
العلم الفلسطيني يرفرف في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

لكن، هل تتضمن تقارير المقررة الخاصة مزاعم متعلقة بانتهاكات فلسطينية؟ عن ذلك قالت الخبيرة الحقوقية إنها تعتزم النظر في الانتهاكات التي ترتكبها السلطات الفلسطينية، "وسأتناولها بحسب الخطورة."

أمام المقررة الخاصة خمسة أعوام ونصف، وفي هذه الفترة تعتزم استكمال ما بدأه المقرر الخاص السابق، مايكل لينك، وهو تقديم تقارير مواضيعية. وفي المستقبل ستنظر في "عسكرة الأرض الفلسطينية المحتلة" وكيف يؤثر الاحتلال على الشباب، وقالت: "في نهاية المطاف نرى أولئك في الجبهات الأمامية الذين ينفذون عمليات الاحتلال هم شباب إسرائيليون صغار، بعمر 18 و19 عاما.

أما التقرير القادم فسيكون حول "الحرمان من الحرية" في الأرض الفلسطينية المحتلة، وسيتم تقديمه في آذار/مارس 2023 أمام مجلس حقوق الإنسان.

يشار إلى أن منصب المقرر الخاص شرفي، ولا يتقاضى عليه أجرا، لكن تعرب ألبانيز عن امتنانها للدعم "المطمئن" الذي تحصل عليه من مفوضية حقوق الإنسان، وقالت: "أنشأتُ آلية للتشاور مع الغير. هناك شبكة تضم مجموعة من المنظمات الفلسطينية، ومجموعة أخرى من المنظمات الإسرائيلية التي أستشيرها بانتظام."

وحول أبرز الاختلافات بينها وبين المقررين السابقين، قالت فرانشيسكا ألبانيز إنها تميل للتحرك كثيرا. "أنا أتفاعل مع وسائل الإعلام، ومع وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك أريد حقا أن أخرِج تقاريري لتذهب من أروقة الأمم المتحدة" لأكبر قدر من الناس.