منظور عالمي قصص إنسانية
على هامش الأسبوع رفيع المستوى للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، استضاف الرئيس الأمريكي، جو بايدن المؤتمر السابع لتجديد موارد الصندوق العالمي.

حوار: الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا ينقذ حياة أكثر من 50 مليون شخص منذ إنشائه

Nashwan ElOsman
على هامش الأسبوع رفيع المستوى للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، استضاف الرئيس الأمريكي، جو بايدن المؤتمر السابع لتجديد موارد الصندوق العالمي.

حوار: الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا ينقذ حياة أكثر من 50 مليون شخص منذ إنشائه

الصحة

في عام 2002، اجتمع العالم معا لإنشاء الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا لمكافحة الأمراض الثلاثة التي كانت تعد آنذاك أكثر الأوبئة فتكا بالبشرية. وقد بدت هذه الأمراض كما لو أنها عصية على الهزيمة.

الصندوق العالمي هو حركة عالمية للقضاء على فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا وضمان مستقبل أكثر صحة وأمانا وإنصافا للجميع. يقوم الصندوق بجمع واستثمار 4 مليارات دولار سنويا لمكافحة الأمراض المعدية الأكثر فتكا، وتقوية النظم الصحية في أكثر من 100 دولة.

وعلى مدار الأعوام العشرين التي تلت ذلك، استثمرت شراكة الصندوق العالمي أكثر من 55.4 مليار دولار، مما أدى إلى إنقاذ 50 مليون شخص وتقليل معدل الوفيات من الأمراض الثلاثة بأكثر من النصف في البلدان التي يستثمر فيها الصندوق.

يجمع الصندوق قادة العالم، والمجتمعات، والمجتمع المدني، والعاملين في مجال الصحة، والقطاع الخاص.

على هامش الأسبوع رفيع المستوى للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، استضاف الرئيس الأمريكي، جو بايدن المؤتمر السابع لتجديد موارد الصندوق العالمي. ويتم تجديد موارد الصندوق كل ثلاث سنوات.

للتعرف على المزيد عن المؤتمر وأنشطة الصندوق، أجرت أخبار الأمم المتحدة حوارا مع الدكتور نشوان العثمان، عضو فريق الدعوة والمناصرة في الصندوق العالمي، والذي قال إن مهمته تتمثل في التواصل مع أعضاء الكونغرس الأمريكي لضمان استمرار الدعم الأمريكي لهذا الصندوق "لأنه إذا ما قررت حكومة الولايات المتحدة التراجع عن هذا الصندوق يمكن أن يدفع هذا شركاء آخرين لإنقاص دعمهم. نحاول دائما أن نتأكد من أن الولايات المتحدة تقوم بدورها ضمن منظمة الأمم المتحدة وذلك من خلال تشجيع هذه المبادرة وغيرها من المبادرات".

وقال العثمان- وهو سوري مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية- إن اختيار هذه الأمراض الثلاثة لا يعني أن موارد الصندوق لا يمكن استخدامها لمكافحة أمراض أخرى.

وأضاف أن اختيار إدارة الرئيس بايدن استضافة المؤتمر بالتزامن مع فعاليات المناقشة العامة للجمعية العامة جاء للتأكيد على عدد من الأهداف أهمها تأكيد عزم الولايات المتحدة على العودة إلى دعم مؤسسات الأمم المتحدة وخاصة المؤسسات الصحية خلافا لما حدث في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وأيضا لتأمين دعم أكبر من خلال حضور رؤساء الدول والحكومات من الدول الداعمة خلال هذا المؤتمر.

طفل يحصل على اختبار الملاريا في ولاية أداماوا بنيجيريا.
© UNICEF/Andrew Esiebo

تعهدات قياسية

شهد حفل إطلاق التعهدات حضور عدد من الزعماء من بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

بحسب تقديرات أوردتها مصادر صحفية، فقد جمع الصندوق العالمي ما يصل إلى 14.25 مليار دولار خلال فعالية التعهدات.

وقد رفعت الولايات المتحدة مشاركتها في دعم هذا الصندوق. وفي حديثه في الفعالية، قال جو بايدن إن التمويل ضروري لمكافحة هذه الأمراض، معلنا تعهد حكومة بلاده بالمساهمة بما يصل إلى 6 مليارات دولار، على مدى ثلاث سنوات، أي بواقع ملياري دولار سنويا.

وقال الدكتور نشوان العثمان إن باقي الشركاء استجابوا أيضا برفع مساهماتهم، مشيرا إلى حدوث بعض الأمور الإيجابية خلال المؤتمر، فعلى سبيل المثال، تحولت إندونيسيا- التي كانت إحدى الدول المستفيدة من هذا الصندوق- لأول مرة إلى متبرعة للصندوق.

وقد شكلت الدول العربية حضورا بارزا في مؤتمر التعهدات، وفقا للدكتور العثمان، حيث "تبرعت الكويت بمبلغ 8 ملايين دولار، وتبرعت قطر بمبلغ 50 مليون دولار، وتبرعت المملكة العربية السعودية بمبلغ 39 مليون دولار، وتبرعت المملكة المغربية بمبلغ 1.2 مليون دولار، أما الإمارات العربية المتحدة فقد تبرعت من خلال شراكتها مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس" والتي تبرعت بدورها بمبلغ 912 مليون دولار.

وأشار إلى أنه حتى الدول غير المتأثرة بالأمراض التي يكافحها الصندوق كان لها وجود ومشاركة في المؤتمر. وأضاف:

"نحن كنشطاء داعمين لهذا الصندوق كان لنا دورنا خلال السنوات الماضية في التواصل مع صانع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية لتأمين تجديد الدعم للصندوق وزيادته عند الحاجة.

هذا الخبر مفرح جدا بالنسبة لنا خاصة وأن جائحة كـوفيد-19 خلقت تحديات لجميع دول العالم خاصة الدول التي تحتاج أنظمتها الصحية إلى دعم أكبر. عندما بدأت الجائحة كانت الكوادر الصحية التي تكافح هذه الأمراض موجودة في الخطوط الأمامية لمكافحة كوفيد-19".

وقال الدكتور نشوان العثمان إن الصندوق يمول أنشطة منظمات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، "تتصرف هذه المنظمات وفقا لقطاع عملها وكيف يمكنها أن تستفيد من واردات هذا الصندوق".

طفل يتلقى  دواء السل في جنوب السودان في إطار برنامج يدعمه الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جنوب السودان / بريان سوكول
UNDP South Sudan/Brian Sokol

تدريب الكوادر الصحية

وقال الناشط في المجال الصحي: "لدينا خطة-بناء على هذه الزيادة الملحوظة في الدعم- لتدريب أكثر من 36 ألف موظف صحي ليكونوا موجودين على الأرض في القرى والبلدات والمدن الصغيرة بحيث يكونون قادرين على التعامل مع الأوبئة بمجرد ظهورها ولتكون لهم القدرة على الاستجابة نتيجة للتدريب المكثف الذي سيحصلون عليه والموارد التي ستكون موجودة بين أياديهم".

البعوض أخطر كائن على الكرة الأرضية

الملاريا هي من بين أكثر الأمراض فتكا بالبشرية، وعن ذلك يقول الدكتور العثمان: "من الأشياء التي نسألها دائما للعالم: هل تعلمون أن البعوض هو أخطر كائن موجود على الكرة الأرضية وذلك نسبة لعدد الأشخاص الذين يموتون سنويا بسبب الملاريا. الملاريا موجودة بشكل أساسي في منطقة جنوب الصحراء في أفريقيا وموجودة في أمريكا اللاتينية وفي جنوب شرق آسيا. لكن عمليا كانت هناك العديد من الدول التي كان بها الملاريا لفترة قريبة.

كانت الملاريا موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وقد أصيب عدد من الرؤساء الأمريكيين السابقين بالمرض مثل إبراهام لينكولن. لا يمكن لأي بلد أن يعتبر نفسه محصنا من الأمراض.

الأمراض لا تحتاج إلى جواز سفر

يقول الدكتور العثمان إن الأمراض وخاصة المعدية منها، "لا تحتاج إلى جواز سفر ولا تحتاج إلى فيزا ولا تعترف بحدود. أنت مثلا هنا في الولايات المتحدة تعتقد أنك تعيش في بلد به منظومة صحية جيدة، ولكن إذا كنت في ولاية فلوريدا مثلا فأنت لا تبعد عن هايتي سوى مسافة ساعتين. وإذا تعلمنا شيئا واحدا من كوفيد فهو أننا جميعنا في مركب واحد وما من دولة بإمكانها القول إنها بمعزل عن العالم أو إن لها سياستها الخاصة للاستجابة للمرض".

طبيب في الهند يقوم بفحص الأشعة السينية للمريض بحثا عن أي تلف في الرئة، قد يشير إلى مرض السل.
© ILO/Vijay Kuty

 

لقاح الملاريا خطوة في سبيل القضاء على المرض

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أوصت باستخدام لقاح الملاريا المعروف باسم RTS,S، على نطاق واسع بين الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وأوضحت المنظمة أن هذه التوصية تأتي بناء على نتائج برنامج تجريبي مستمر في غانا وكينيا وملاوي وصل إلى أكثر من 800 ألف طفل منذ عام 2019.

ويقول الدكتور نشوان العثمان إن "اللقاح جديد نسبيا وكان قيد الدراسة خلال السنوات الماضية، وقد مر بمراحل تطوير ومراحل تجريب. هناك مجموعة عوائق أمام استخدام اللقاح وانتشاره. وكان الهدف من التجربة خلال السنوات الماضية هو التركيز على معالجة هذه العوائق، والتي بعضها نفسي وبعضها اقتصادي وبعضها لوجستي. وقد ساعد التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الأهلية في تذليل هذه العقبات".

وأضاف: "مثلا، صممت مؤسسة ميليندا وغيتس كبسولة هي عبارة عن برّاد يمكن أن تُحفظ فيه اللقاحات ويمكن إلقاء هذه الكبسولة عن طريق طائرة الهليكوبتر فوق القرى والبلدات الصغيرة النائية، بحيث تجد الفرق الطبية شحنة اللقاح بانتظارها عند وصولها لإعطاء اللقاحات للسكان الموجودين. بينما إذا حاولت (هذه الفرق) نقل اللقاح بالطريقة التقليدية عن طريق نقله بالسيارة يمكن أن يتعرض هذا اللقاح إلى التلف".

وفقا لتقديرات، قال الناشط في المجال الصحي إن نصف سكان الكوكب معرضون للإصابة بالملاريا، مؤكدا أن "المستقبل- بلا شك- هو للقاح".