منظور عالمي قصص إنسانية
السيد أمين عوض، منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا.

منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا: ينبغي أن تتوقف هذه الحرب من أجل الشعب الأوكراني وبقية العالم

UN Photo/Eskinder Debebe
السيد أمين عوض، منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا.

منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا: ينبغي أن تتوقف هذه الحرب من أجل الشعب الأوكراني وبقية العالم

السلم والأمن

بعد مرور مئة يوم على الحرب الروسية في أوكرانيا، لا تزال آثار هذه الحرب المدمرة تلقي بتداعيات جسيمة على آلاف المدنيين وخاصة النساء والأطفال. وقد تسببت في تدمير كبير للبنية التحتية في أوكرانيا.

بهذه المناسبة المأسوية، أجرت أخبار الأمم المتحدة حوارا حصريا، عبر تقنية الفيديو، مع السيد أمين عوض، منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا، والذي أعرب عن أمله في أن يحتكم الطرفان إلى الحوار في سبيل إنهاء هذه الحرب، مشيرا إلى جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة وكذلك جهود مساعدة المتأثرين من هذه الأزمة.

إليكم تفاصل الحوار:

مرحبا بك في أخبار الأمم المتحدة السيد أمين عوض، منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا. يتزامنُ هذا الأسبوع مع مرور مئة يوم على بدء الحرب الروسية في أوكرانيا. أنتم ظللتم باستمرار تدعون إلى وقف هذه "الحرب العبثية". كيف يبدو الوضع بالنسبة للمدنيين الذين لا يزالون داخل أوكرانيا؟

أمين عوض: شكرا على استضافتي. نعم هذا هو اليوم المئة للحرب الروسية الأوكرانية. حرب طاحنة بشكل كبير. ظهرت تداعياتها في الزحف البشري الذي حدث. أثناء الحرب، خرج حوالي 6 مليون أوكراني إلى دول الجوار وما بعدها، وهناك 7.6 مليون أوكراني داخل البلاد أصبحوا نازحين داخليا. وصلنا إلى هذه الأرقام في فترة وجيزة جدا بلغت حوالي 8-10 أسابيع.

حدث تخريب كبير جراء هذه الحرب. ونزوح لم نسمع به في التاريخ

في المجموع تأثر حوالي 14-15 مليون شخص بهذه الحرب. هذه من أسرع تداعيات الحرب التي شهدناها في الماضي، بل في تاريخ البشرية- كون أن يخرج 15 مليون شخص في 8 أسابيع من دولة في وسط أوروبا بهذه الطريقة. حرب طاحنة تسببت في دمار لقرى كاملة.. المنازل، الطاقة، المياه، المستشفيات، الشوارع، الجسور. حدث تخريب كبير جراء هذه الحرب، ونزوح لم نسمع به في التاريخ.

Soundcloud

بعد مئة يوم على هذه الحرب، هل هناك أي جهود تقوم بها الأمم المتحدة لجمع الأطراف بهدف الجلوس إلى طاولة الحوار؟

أمين عوض: هناك جهود كبيرة تجري وراء الكواليس مع دول أوروبية ودول خارج الاتحاد الأوروبي. هذه الجهود تقوم بها دول عديدة وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أجرى زيارة في شهر أيار/مايو المنصرم إلى موسكو وكييف وإسطنبول. أعتقد أنه وجد قبولا من الجانب الروسي والجانب الأوكراني لأن يكون رسول سلام ويجد فرصة للتعامل معهما بالتوازن والتوازي ويجمعهما على طاولة الحوار.

هل هناك استعداد من جانب الأطراف، وخاصة الجانب الروسي للجلوس إلى الحوار؟

أمين عوض: هناك استعداد، ولكن هذه الجلسات تحتاج إلى تحضير. هناك ملفات يتعين إغلاقها. وهناك طلبات من الجانبين الروسي والأوكراني بهدف تقارب وجهات النظر. سيأخذ ذلك وقتا ويتطلب مجهودا ليس فقط من الأمين العام، ولكن أيضا من بعض الأطراف الأخرى.

قبل عدة أسابيع، سهّلت الأمم المتحدة، برفقة الصليب الأحمر الدولي، عمليةً لإجلاء المدنيين من مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول الساحلية. هل هناك أي جهود مماثلة تقوم بها الأمم المتحدة لإجلاء المدنيين سواء من ماريوبول أو أي من المناطق التي تشهد قتالا حاليا؟

أمين عوض: لا تزال الحرب مستمرة وبالذات في الشرق وفي الجنوب الشرقي. طلبنا من السلطات الروسية السماح بدخول الشاحنات لهذه المناطق، في خرسون وميكولايف. ولكن لم نطلب خروج المواطنين من هذه المناطق. ولم تُقدم لنا طلبات سواء من الحكومة أو غيرها للمساعدة في توصيل الأهالي الموجودين في هذه المناطق المتأثرة بالحرب إلى الجزء الأوكراني أو أي جزء آخر. تتمثل أولوياتنا في إرسال المعونات الغذائية وغيرها للأهالي الموجودين في هذه المناطق.

مدنيون يغادرون مصنع آزوفستال للصلب أثناء عملية الإجلاء التي نسقتها الأمم المتحدة والصليب الأحمر.
© UNOCHA/Kateryna Klochko
مدنيون يغادرون مصنع آزوفستال للصلب أثناء عملية الإجلاء التي نسقتها الأمم المتحدة والصليب الأحمر.

كيف يبدو الوضع في مصنع آزوفستال؟ هل توقفت الحرب هناك؟

أمين عوض: مصنع آزوفستال بيد الحكومة الروسية حاليا. وقد توقف القتال هناك وبالتالي اتجهت القوات الروسية إلى مناطق أخرى في الجنوب الشرقي من أوكرانيا.

أنتم وقفتم بأنفسكم على الآثار المدمرة لهذه الحرب. هل لك أنت تخبرنا بقصة إنسانية مؤثرة شهدتموها أثناء وجودكم في أوكرانيا؟

أمين عوض: هناك قصص مؤسفة وحزينة للغاية في أوكرانيا. تم تدمير آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات في المناطق التي دارت فيها هذه الحرب. قتل أو أصيب حوالي 7 آلاف شخص. بين يوم وليلة وجد الأطفال أنفسهم لوحدهم في قارعة الطرقات بدون آباء أو أمهات، وبدون مأوى، وصحة، ودراسة. هذه هي المآسي التي تحدث أثناء الحروب.

هناك قصص مؤسفة وحزينة للغاية في أوكرانيا

هناك عوائل بأكملها اتجهت إلى أماكن في خضم الشتاء ووجدت أنفسها في حالة صعبة وقد فقدت كل شيء. هذه هي المناظر والأمثلة التي نقابلها يوميا في أوكرانيا.

هناك اتهامات للجانب الروسي بترحيل الآلاف من المدنيين من أوكرانيا إلى روسيا وخاصة الأطفال الصغار. وكذلك هناك اتهامات أخرى بسرقة الحبوب من أوكرانيا. هل تحققت الأمم المتحدة من هذه الاتهامات؟

أمين عوض: تحققنا من هذه الاتهامات في مكاتبنا في روسيا وأعطينا هذه الملف إلى منظمتين مختصتين باللاجئين والأطفال، وقد بدأتا في التحري عن هذه المواضيع، ولكننا لم نتسلم أي نتيجة إلى الآن.

لابد لي من القول إن روسيا فتحت، أثناء الحرب في الشرق، ممرات إنسانية إلى داخل روسيا، وبالتالي ذهب الناس في هذا الاتجاه شرقا بدلا عن الغرب. وقد تم توفير المخيمات لهم وغيرها من الخدمات في الأراضي الروسية. والأطفال الذين تحدث عنهم الجانب الأوكراني هم جزء من هذه الفئة التي ذهبت باتجاه روسيا. وتتحرى مكاتب الأمم المتحدة هناك عن هذا الأمر.

الأضرار الناجمة عن القصف في ماريوبول، جنوب شرق أوكرانيا.
© UNICEF/Evegeniy Maloletka
الأضرار الناجمة عن القصف في ماريوبول، جنوب شرق أوكرانيا.

آثار هذه الحرب في أوكرانيا تتعدى الحدود الأوكرانية وتطال مناطق عديدة من العالم وخاصة الدول الضعيفة التي تعتمد على استيراد القمح من أوكرانيا مثل اليمن، السودان وغيرها من الدول. هل تعمل وكالات الأمم المتحدة على الأرض لدعم القطاع الزراعي هناك بغرض تلافي هذه الأزمة؟

أمين عوض: القطاع الزراعي هنا بخير. هذه الدولة تنتج حوالي 85 مليون طن من القمح والحبوب سنويا. الحصاد في هذا الموسم سيتم في شهر 7 أو 8. بسبب الحرب نتوقع أن ينخفض الحصاد من 85 مليون طن إلى حوالي 55 مليون طن. فلا بد من تفريغ الصوامع والمخازن من محصول 2021. وإذا لم تفرغ (الصوامع والمخازن) فإن مخزون 2022 سيبقى في الأرض وسيصاب بحشرات أو آفات، وسيتلف. وبالتالي لا بد من تصدير الـ 60 إلى 85 مليون طن من الحبوب الموجودة الآن في الصوامع الأوكرانية، وبالتالي لا بد أ، تفتح القوات الروسية المنافذ البحرية مرة أخرى في البحر الأسود.

هناك مسألة أخرى وهي أن هناك 1.4 مليار شخص في العالم يحتاجون إلى غذاء- حبوب أو غيرها- من أوكرانيا، وعلى رأسها الدول العربية، بما فيها مصر ولبنان واليمن وبلاد الساحل الأفريقي وبلاد تعاني من الجفاف والتصحر -مثلا في القرن الأفريقي- وغيرها من الدول في آسيا وأمريكا اللاتينية.

فالمحصول الزراعي أو الغذائي الروسي والأوكراني يعادل 30 % من السلة الغذائية العالمية. فلا بد أن يوجد حل لهذه المشكلة. لقد بدأ الأمين العام محادثات مع روسيا في موسكو مباشرة مع الرئيس الروسي، وفي كييف مع الحكومة الأوكرانية وبعض المنظمات العالمية التي تتعامل مع التجارة وغيرها، لإيجاد حل لإعادة تصدير القمح الأوكراني، ولكن أيضا إعادة تصدير السماد وغيره من المحاصيل الزراعية التي تنتجها روسيا.

فأتمنى أن نصل إلى حل وتنفرج الأزمة وينفتح تصدير هذه المواد الغذائية إلى بقية العالم.

على ذكر مسألة التصدير هذه، هل تعمل الموانئ الأوكرانية الآن؟

أمين عوض: الموانئ الأوكرانية كلها مغلقة وعليها حصار من الجانب الروسي. لذلك ليس هناك عمليات تصدير.

شهدنا العديد من الهجمات على المدارس في أوكرانيا، أنتم ظللتم باستمرار تدعون الأطراف وخاصة روسيا لتجنب استهداف المدنيين والمرافق المدنية. هل هناك استجابة لهذه الدعوات؟

أمين عوض: لا زلنا نكرر هذه الدعوة. في الحقيقة بعض المدارس مغلقة، لكن المستشفيات أيضا وبعض المرافق الأخرى الحيوية الإنسانية دُمرت. وطلبنا من الروس أن يتفادوا هذه المناطق ويتعاملوا بطريقة مسؤولة مع المناطق المدنية والتي ليس بها أي نوع من الوجود العسكري. ونواصل هذا الطلب للسلطات الروسية، بطريقة خاصة وبطريقة عامة، عن طريق الصحافة.

امرأة تجمع ممتلكاتها من منزلها الذي تعرض للقصف في قرية نوفوسيليفكا، بالقرب من تشيرنيهيف، بأوكرانيا.
UNDP Ukraine/Oleksandr Ratushnia
امرأة تجمع ممتلكاتها من منزلها الذي تعرض للقصف في قرية نوفوسيليفكا، بالقرب من تشيرنيهيف، بأوكرانيا.

 

لجأ الملايين من الأوكرانيين كما ذكرت أنت إلى الدول المجاورة، بولندا، مولدوفا وغيرها من الدول- وربما لن يعود البعض مطلقا إلى أوكرانيا. بصفتك مسؤولا سابقا في مفوضية اللاجئين، كيف تنظر إلى الأمر؟

أمين عوض: أولا نحن ممتنون جدا لدول الجوار لأنها فتحت حدودها وأعطت المواطنين الأوكرانيين حق اللجوء المؤقت على أراضيها. وكما تفضلت بالقول، فقد فتحت مولدوفا- وهي بلد صغير- حدودها وأيضا بولندا، رومانيا، المجر، تشكوسلوفاكيا وغيرها من هذا الشريط الذي يحاوط الحدود الشرقية للسوق الأوروبية المشتركة.

لكن ما بعد هذه الدول، هناك أيضا بريطانيا وسويسرا وألمانيا وفرنسا وغيرها، كلها استقبلت مواطنين أو مهاجرين من أوكرانيا. وتقول إن هذا اللجوء مؤقت. ولكن الأمر يعتمد على هذه الدول إذا كانت ستسمح للأوكرانيين في مواصلة اللجوء والبقاء على أراضيها حتى بعد الحرب. الأمر يعتمد على الدولة وعلى قدرة استيعابها للاجئين أو قد تطلب منهم الرجوع إذا تأكدنا من أن مناطق اللجوء صالحة للعودة.  

أستاذ أمين عوض، هل لدى الأمم المتحدة خطة فيما يتعلق بإعادة إعمار أوكرانيا بعد انتهاء هذه الحرب؟

أمين عوض: نعم، بدأنا الآن في هذه المشاورات مع الدول المانحة في أوروبا بالذات والبنوك العالمية لوضع خطة متكاملة وخريطة طريق مفادها بأنه مجرد انتهاء الحرب سنبدأ في تعمير بعض المناطق، وبل أيضا الآن يجب أن نعمل في بعض المناطق بما فيها إعادة تعمير بعض المناطق التي دمرت بالكامل والمنازل الفردية التي استهدفت والمرافق العامة مثل المستشفيات والمدارس- حتى إذا كان هناك لاجئون يعودون الآن لكي يتجهوا مباشرة إلى مناطق العودة أو المناطق التي ينحدرون أساسا منها.  

لماذا بدأنا الآن، لأنه من خبرتنا في أماكن أخرى، فأن هذا الجزء من العمل في الأمم المتحدة -لأنه يعتمد على الدول المانحة والمنظمات العالمية- يبدأ العمل فيه في آخر الحرب، ما يجعله متأخرا. نحن نريد أن نبدأ من الأول حتى قبل أن تنتهي الحرب. نريد أن نبدأ في هذا المجال الآن. ووجدنا استجابة كبيرة.

هل أنت متفائل بنهاية قريبة لهذه الحرب؟

أمين عوض: أتمنى أن تنتهي قريبا إذا تقاربت وجهات النظر بين روسيا وأوكرانيا من جهة، وأيضا بين روسيا والعالم أجمع من جهة أخرى.

هل لديك كلمة أخيرة تود قولها من خلال هذا الحوار؟

أمين عوض: رسالة أخيرة أنه ينبغي أن تنتهي هذه الحرب وتتوقف، حتى يتمكن الشعب الأوكراني والمدنيون بالذات من أن يجدوا الحرية في التحرك من مكان إلى آخر، ويجدوا سلاما كبيرا وتعود الحياة إلى طبيعتها، وأيضا ليستفيد بقية العالم من سلة الغذاء العالمي الموجودة في روسيا وفي أوكرانيا.

شكرا جزيلا

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال زيارته إلى إيربين في أوكرانيا.
UN Photo/Eskinder Debebe
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال زيارته إلى إيربين في أوكرانيا.