منظور عالمي قصص إنسانية

د. أمجد الخولي: متأكدون بنسبة عالية جدا أن اللقاحات فعّالة ضد المتحور الجديد ولا يمكن العودة لأيام شبيهة بعام 2020

أحد المحلات في مدينة نيويورك يضع لافتات تحث على الحفاظ على التباعد البدني.
UN News
أحد المحلات في مدينة نيويورك يضع لافتات تحث على الحفاظ على التباعد البدني.

د. أمجد الخولي: متأكدون بنسبة عالية جدا أن اللقاحات فعّالة ضد المتحور الجديد ولا يمكن العودة لأيام شبيهة بعام 2020

الصحة

حتى الآن لا تزال الدراسات جارية حول متحوّر أوميكرون الجديد، لكن المعلومات المغلوطة تنتشر أسرع من المتحور في بعض الأحيان. حتى ننقل المعلومة الصحيحة، نستضيف د. أمجد الخولي، استشاري الأوبئة في منظمة الصحة العالمية لتحديد ما نعرفه حتى هذه اللحظة عن الفيروس.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن المزيد من المعلومات سيتوفر في الأيام والأسابيع المقبلة، إلا أنها أكدت على أن متغير أوميكرون يحمل مخاطر عالية جدا للإصابة بالعدوى، بسبب قدرته على الانتقال السريع. وأشارت إلى أن أي زيادة في الإصابات يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة، لكنها لم تربط أي وفيات حتى الآن بالمتغير الجديد. كما أن أشد الحالات هي من بين من لم يتلقوا اللقاح.

أجرينا هذا الحوار مع د. أمجد الخولي، استشاري الأوبئة في منظمة الصحة العالمية، عبر تقنية الفيديو لتقصي المزيد من المعلومات.

أخبار الأمم المتحدة: قالت الوكالة الصحية إن أوميكرون يحتوي على عدد غير مسبوق من الطفرات المفاجئة وبعضها مثير للقلق بسبب تأثيره المحتمل على مسار الجائحة. ماذا يعني ذلك؟

د. أمجد الخولي: اقتربنا من نهاية العام الثاني منذ بداية الجائحة، ونشهد بعض التحورات التي يقوم بها الفيروس. الفيروس في تحور بشكل مستمر، لكن ليس بالضرورة كل التحورات هي تحورات مهمة أو مثيرة للقلق، بمعنى أنها لا تؤثر على سلوك الفيروس، فهي تحورات بسيطة لا تغير من سلوك الفيروس.

هذا الفيروس لديه قدرة أكبر على الانتشار من المتحور السابق، دلتا، وبالتالي يجب اتباع مزيد من الإجراءات والمراعاة

لكن هناك بعض التحورات تكون كبيرة وتشمل عددا كبيرا من البروتينات المحيطة بجسم الفيروس، وتسبب هذه بعض التغيرات في سلوكيات الفيروس. حتى الآن شهدنا خمسة تحورات كبيرة تثير القلق، تمت تسميتها: ألفا وبيتا وغاما ودلتا وأخيرا أوميكرون. أثارت التحورات الخمسة القلق وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تثير القلق لأنه تغير سلوك الفيروس وأصبح أكثر قدرة على الانتشار.

قبل أوميكرون كنا نعتبر أن دلتا هو الأكثر سرعة على الانتشار حتى الآن، بمجرد اكتشاف أوميكرون وجدنا أن التحورات قد تؤدي إلى عدم تتبع مسار الوقاية والمناعة لدى الإنسان. لا نزال في طور التعرف أكثر على سلوكيات التحور الجديد، لكن المؤشرات المتاحة لدينا حتى الآن تؤكد أن هذا الفيروس لديه قدرة أكبر على الانتشار من المتحور السابق، دلتا، وبالتالي يجب اتباع مزيد من الإجراءات والمراعاة، ويجب أن يكون الجميع في حيطة أكبر والتزام أكثر بالإجراءات التي يعلمها الجميع الآن جيدا.

د. أمجد الخولي: أوميكرون لديه قدرة أكبر على الانتشار من المتحور السابق دلتا

أخبار الأمم المتحدة: إذا كان لدى المتحور قدرة أكبر على الانتشار، ألا يصبح مثل الإنفلونزا على سبيل المثال، ينتشر بين البشر ومن الطبيعي التعامل معه؟

د. أمجد الخولي: في الحقيقة فيروسات الإنفلونزا هي عائلة مختلفة عن فيروسات الكورونا، فيرروسات الإنلفونزا تتواجد بين البشر منذ عشرات الالآف من السنين، وبالطبع عبر التاريخ كان فيروس الإنفلونزا مسجلا بأسماء مختلفة، لكن فيروس الكورونا مختلف.

أولا نسب الوفيات من الإنفلونزا أقل بكثير من نسب الوفيات من الكورونا، وحتى الآن نستطيع أن نقول إن جميع سكان العالم يتمتعون بجزء من المناعة بسبب تعرضاتهم السابقة لفيروسات الإنفلونزا. وبالتالي يكون تأثيرها على الأغلب أقل بكثير من تأثير الكورونا أو الفيروس الذي يتسبب بكوفيد-19 تحديدا.

وعند انتشاره غالبا ما يسبب آثارا أكثر وطأة، بالطبع هو ليس بالمرض الخطير ومعدلات الوفاة 2 في المائة أو 3 في المائة، يتراوح بين دولة لأخرى، ولكن مع الأعداد الكثيرة من الوفيات هذه النسبة تمثل عبئا كبيرا على المناطق. لو تمت مقارنتها بالإنفلونزا، فمعدلات الوفيات منها لا تتجاوز 0.1 في المائة. بالتالي نتحدث في أكثر من عشرات الأضعاف زيادة في معدلات الوفيات بين الفيروسين.

بالطبع مع مرور الأيام والشهور، ستتكون لدى المزيد من الناس المناعة إما من خلال اللقاح أو الإصابة، وبالتالي من المتوقع أن تكون استجابة أجسامنا للفيروس أكثر قوة وستقل الأعراض، مع التحورات الجديدة. نحن نتعلم كل يوم ما أثر هذا التحور على البشر.

الأطفال في زمبابوي يستعرضون طريقة الحفاظ على التباعد البدني.
UN Zimbabwe
الأطفال في زمبابوي يستعرضون طريقة الحفاظ على التباعد البدني.

أخبار الأمم المتحدة: الدراسات لا تزال جارية، لكن حتى الآن ما الذي اكتُشف فيما يتعلق بالمصابين؟ هل كانوا مطعمين؟ ما هي أعراض الإصابة؟

د. أمجد الخولي: حتى الآن المعلومات لا تزال ضئيلة ومن الصعب جدا استخلاص حقيقة للبناء عليها. كي نستخلص أمرا ما نحتاج إلى أعداد كبيرة من الأشخاص، من الصعب استخلاص النتائج على عدد ضئيل قد يؤدي ذلك إلى نتيجة عكسية أو مغلوطة. من المهم جدا أنه عند تعلن منظمة الصحة العالمية أو أي جهة بحثية عن صفات أو خصائص، لا بد أن تكون مبنية على أعداد محترمة وإحصائية، وحتى الآن لا تتوفر هذه المعلومات، ولا توجد معلومات مؤكدة عن اختلاف العلامات الإكلينيكية للتحور الجديد عن سابقه. بعض الدراسات تشير إلى أنه يكون أكثر قوة مضادة للقاحات، ولكن حتى الآن لا يزال من المبكر جدا والسابق جدا لأوانه قياس قوة وفاعلية اللقاحات ضد التحور الجديد.

أخبار الأمم المتحدة: في إقليم شرق المتوسط، هل من حالات تم الإبلاغ عنها؟ ما هي المعلومات المتاحة؟

د. أمجد الخولي: حتى الآن لم تعلن أي دولة من دول إقليم شرق المتوسط عن وجود حالات، ولا بد أن نؤكد أن معظم دول الإقليم لديها قدرة مخبرية على اكتشاف هذه التحورات، ولديها آليات للتتبع الجيني ورسم خريطة جينية للفيروس، وبالتالي لم تُكتشف أي حالة في دول الإقليم.

معظم دول الإقليم لديها قدرة مخبرية على اكتشاف هذه التحورات

من المهم أن نشير أن دولة إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي أبلغت عن وجود حالات. عدم الإبلاغ عن الحالات لا ينفي – لا بد أن نعلن ذلك، وهذا ينطبق على منطقة شرق المتوسط وعلى كل دول العالم وعلى كافة التحورات - لا ينفي وجود التحور، ولكن قد يكون وجوده لم يُكتشف بعد أو أنه لم يصل بعد.

أخبار الأمم المتحدة: جنوب أفريقيا كشفت عن المتحور الجديد وبعدها بدأت دول بالإعلان عن التحقق منه أيضا. كم يقدّر العلماء الفترة التي مضت على وجود هذا المتحور الجديد بيننا إلى أن تم الكشف عنه؟

د. أمجد الخولي: في البداية، نتوجه بالشكر والتحية لدولتي جنوب أفريقيا وبوتسوانا على مشاركتهما هذه المعلومات والشفافية. كما ذكرنا في أكثر من مناسبة في الأيام الأخيرة. الاكتشاف تم في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، وتمت مشاركة البيانات في 24 تشرين الثاني/نوفمبر مع منظمة الصحة العالمية. في أقل من أسبوع كان العالم بأسره على دراية بهذا المتحور الجديد واتخذت معظم دول العالم إجراءات احترازية لمواجهة هذا التحور، وبالتالي لا بد من توجيه التحية لهما.

المفتاح الأساسي لمجابهة هذا الفيروس وتحوراته هو مشاركة المعلومات والشفافية. كما ذكرنا سابقا، العالم يواجه خطرا على مستوى العالم ولا بد أن نتكاتف جميعا لمواجهته ومحاربته.

من الصعب تحديد الفترة السابقة قبل اكتشافه، ولكن ما نستطيع قوله إنها ليست فترة كبيرة، قد تكون عدة أيام أو أسابيع على أكثر تقدير، يعود ذلك لوجود القدرة المخبرية في معظم دول العالم لاكتشاف أي تحورات للفيروس، بالتالي من الصعب جدا القول إن له فترة زمنية تمتد لشهور، ولكن في الغالب هي عدة أيام قد تمتد إلى عدة أسابيع قليلة، وإلا يكون قد تم اكتشافه في أي دولة من دول العالم.

أخبار الأمم المتحدة: ما هي السيناريوهات المحتملة أمامنا؟ هل نحن أيام شبيهة بنهاية عام 2020؟

د. أمجد الخولي: من الصعب حاليا رسم سيناريو محدد، ولكن لا بد أن نؤكد أنه من الصعب العودة إلى سيناريو بداية 2020.

اكتسبنا الكثير من العلم، أصبح لدينا الكثير من المعرفة، نحن متأكدون بنسبة عالية جدا أن اللقاحات فعّالة، قد تختلف درجة فعاليتها بدرجة أو بأخرى، لكن ستكون فعالة طبقا للمعلومات العلمية والدراسات العلمية للقاحات. وبالتالي فمن المتوقع أن تكون لها درجة فاعلية كبيرة ضد المتحور الجديد.

ومن الصعب جدا العودة إلى المربع صفر أو العودة إلى ما واجهناه في بداية الجائحة، لكن الإجراءات – وهذا جزء مما تعلمناه منذ بداية الجائحة – الإجراءات الاحترازية التي ننادي بها دائما فعّالة لمنع انتشار الفيروس أو المتحور الجديد.

Soundcloud