منظور عالمي قصص إنسانية

من خلال تجربته مع الأمم المتحدة، صحفي مقدسي يأمل في تقريب الإعلام الفلسطيني للمجتمع الدولي

الإعلامي والمناصر الفلسطيني، علي غيث، في الجمعية العامة، خلال مشاركته في برنامج تدريب الصحفيين الفلسطينيين في 2017.
Alaa Daraghmeh
الإعلامي والمناصر الفلسطيني، علي غيث، في الجمعية العامة، خلال مشاركته في برنامج تدريب الصحفيين الفلسطينيين في 2017.

من خلال تجربته مع الأمم المتحدة، صحفي مقدسي يأمل في تقريب الإعلام الفلسطيني للمجتمع الدولي

شؤون الأمم المتحدة

علي غيث، إعلامي ومناصر من مدينة القدس، شارك في برنامج الأمم المتحدة لتدريب الصحفيين الفلسطينيين عام 2017، وعاد محمّلا بالتجارب والآمال في تغيير السقف الإعلامي الفلسطيني وجعله أكثر قربا للمجتمع الدولي فيما يخص القضية الفلسطينية.

وقد أنشئ برنامج تدريب الصحفيين الفلسطينيين عام 1995، بعد اعتماد الجمعية العامة قرارا طلب من إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام (إدارة التواصل العالمي حاليا) تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني في مجال تطوير الإعلام.

ويدعى المشاركون لتلقي تدريبات عملية خاصة بمجال الإعلام. ويقوم المشاركون كذلك بتغطية فعاليات الأمم المتحدة وجلساتها والتفاعل مع ممثلي برامج الأمم المتحدة وصناديقها، وخصوصا تلك المتعلقة بقضية فلسطين.

أخبار الأمم المتحدة أجرت حوارا عبر تقنية الفيديو مع الإعلامي والمناصر، علي غيث، الذي التحق في البرنامج عام 2017. غيث يسعى، مع صحفيين آخرين شاركوا في البرنامج من قبل، إلى تشكيل جمعية تغير وجه الإعلام الفلسطيني.

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: في البداية هل لك أن تعرّفنا أكثر عن نفسك؟

علي غيث: اسمي علي غيث، من مدينة القدس، درست هندسة الجينات، وحصلت على شهادة الدراسات العليا (الماسترز) فيها، لكن الصحافة جذبتني لطريقها وارتأيت الدخول في هذا المجال أكثر والتوغل فيه، وتنقلت في مجال الصحافة والإعلام في عدة مداخل، وعملت في الصحافة المكتوبة ثم انتقلت إلى الصحافة المرئية، وأصبح لدي شغف أكثر في نقل الصورة عن طريق التواصل الاجتماعي، ثمّ دخلت مجال "المناصرة الرقمية" باستخدام الإعلام.

أخبار الأمم المتحدة: ما الذي تعنيه بالمناصرة الرقمية؟

علي غيث: المناصرة الرقمية هي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحشد والضغط والوصول إلى المناصرة على قضايا حقوقية ومجتمعية والطريقة الوحيدة لذلك للتواصل مع المسؤولين وأصحاب القرار هي وسائل التواصل الاجتماعي. وكما نعرف وكما رأينا على مر السنين الماضية ومؤخرا، أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل منبرا للجميع من أجل إلقاء الضوء على العديد من القضايا.

وكانت المناصرة في السابق عن طريق تجميع التوقيعات على موضوعات معينة ونقلها إلى أصحاب القرار ولكن الآن اختلف الموضوع واختلفت طريقتنا.

مجال المناصرة الرقمية ليس حديثا ولكنه في طور النمو وخاصة في العالم العربي وخاصة في فلسطين، ولهذا السبب أحببت التركيز عليه وأعطي فيه تدريبات ودورات وألفت كتيّبا حوله.

أخبار الأمم المتحدة: شاركت في برنامج تدريب الصحفيين الفلسطينيين عام 2017. كيف سمعت عن هذا البرنامج ولماذا اتخذت قرار التقديم؟

علي غيث: لقد شدّني البرنامج عندما قرأت الإعلان، وكما ذكرت، كانت دراستي في مجال علمي وطبي، وكانت تجربتي الصحفية تعتمد على الخبرة من الأرض، عن طريق عملي. شعرت أنني بحاجة إلى تشذيب الأطراف، واكتساب مهارات عادة ما يكتسبها من درس الإعلام والصحافة. بالتالي عندما ما رأيت هذه الفرصة مع الأمم المتحدة، جذبني الأمر، وأردت معرفة المزيد.

كنت في ذلك الوقت أعمل مع التلفزيون الفرنسي، ويفترض أن أعرف أكثر عن الأمم المتحدة لكنني رأيت في ذلك بوابة لي لأرى وأفهم المداخل والمذاهب والأفكار الموجودة في هذا المبنى التي تؤثر على العالم وعلى القضية الفلسطينية، ولهذا السبب أحببت المشاركة.

قدمت الطلب ووصلني القبول، وهو ما أسعدني كثيرا، وهي أكثر مرة أسعد بمثل هذا القبول لأعرف أكثر وأكتسب المهارات.

علي غيث يتوسط زملاءه الصحفيين الفلسطينيين لالتقاط صورة مع الأمين العام، أنطونيو غوتيريش.
UN Photo
علي غيث يتوسط زملاءه الصحفيين الفلسطينيين لالتقاط صورة مع الأمين العام، أنطونيو غوتيريش.

أخبار الأمم المتحدة: جزء من التدريب هو المجيء إلى نيويورك والاطلاع على عمل الأمم المتحدة عن قرب. صف لي كيف كان يومك خلال التدريب.

علي غيث: كان البرنامج يبدأ من الصباح الباكر وكأنه يوم عمل. نتوجه إلى المقر ونبدأ بالاطلاع على برنامج مدروس بعناية: ما هي التوقعات من هذا اليوم وما هي الأجندة، الخ. وكنا نعرف ما الذي سيحدث. في بعض الأحيان كانت هناك لقاءات مع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة وفي بعض الأحيان كنا نحضر اجتماعات، أو محاضرات تفاعلية في مجال الإعلام، وننخرط في مشاريع صغيرة لتطبيق المهارات التي نكتسبها، فكان يوما "ديناميكيا" بكل ما للكلمة للمعنى، لأنه لم يكن ثابتا في إطار معين، بل كان سلسا، وقد كان جميلا جدا، تعرفنا خلاله على زملاء كل واحد منا جاء من منطقة، لديه أفكار مختلفة. كانت نقطة التقاء جميلة لي كفلسطيني في البداية، تعرفت على فلسطينيين من مخيمات اللجوء في لبنان وفي الأردن، والمغتربين القاطنين في دول أخرى، ومن الضفة الغربية وغزة.

هذا المكان جمعنا بهذه الصورة وجعلنا نفهم بعضنا البعض بطريقة غير مباشرة، ونفهم القضية الفلسطينية، ونتعلم أمورا أخرى يمكن من خلالها التعبير عن القضية الفلسطينية بلسان وشكل آخر، وكان التركيز أكثر على كيفية التواصل مع المجتمع الدولي، وهذه جزئية مهمة جدا، ولا تزال مهمة لأي صحفي فلسطيني يحتاج لأن يكتسبها.

نحن في نهاية المطاف نتكلم مع بعضنا البعض ومن أجل بعضنا البعض، ولكن نحن في زمن يجب أن يسمعنا الآخرون، ولهذا السبب دخلت في مجال المناصرة الرقمية، لمخاطبة الآخرين، ومخاطبة المجتمع الدولي، بما يخص القضية الفلسطينية.

أخبار الأمم المتحدة: كيف كانت هذه التجربة وما هو أكثر ما علق في ذاكرتك منها؟

علي غيث: من الصعب تحديد أمر واحد، ولكنني سأتحدث عن المبدأ الذي اكتسبته من خلال الاجتماعات، والزيارات والنقاشات. المبدأ هو كيفية التفكير بالمنظومة الإعلامية.

Tweet URL

على سبيل المثال ذهبنا لزيارات إلى صحيفة نيويورك تايمز والبي بي سي، وعدة منشآت إعلامية موجودة في نيويورك. كنت أنظر إلى كيفية عمل المنشآت، كيف تجمع وتبني الأخبار وترسلها للناس، واطلعت على الناحية التحريرية للخبر، هذا ما استهواني أكثر من أي أمر آخر. كنت أحب التعلم وكيف يمكن نسخ المنظومات الإعلامية الناجحة في فلسطين، ولذلك كنت أركز على هذه الأمور واستفدت كثيرا وأنا أستخدمها الآن منذ عام 2017 في عدة أطر، لكن الإطار الأساسي الأكبر هو جمعية خرّيجي برنامج تدريب الأمم المتحدة للصحفيين الفلسطينيين.

نُعدّ لإطلاق هذه الجمعية وقمنا بتشكيل لجنة توجيهية، وهي تضم أكثر من 200 من خرّيجي وخرّيجات البرنامج، بالتالي هي ذراع منفصل ومستقل ولكن له صلة ورابط مع الأمم المتحدة بما أننا تلقينا التدريب في الأمم المتحدة.

أخذت هذه الخبرات بشأن شكل المنظومة الإعلامية الصحيحة التي تعمل بطريقة فعالة وأحاول تطبيقها في الجمعية في المشاريع المستقبلية.

أخبار الأمم المتحدة: ومتى ستنطلق هذه الجمعية؟

علي غيث: هذا سؤال المليون دولار، لأننا في الجمعية نحاول الوصول إلى الوقت المناسب والطريقة المناسبة والتوليفة المناسبة، فليس همّنا الأخير هو إطلاق الجمعية، بل يجب أن يكون الأمر مدروسا بشكل صحيح، وفي الفترة الماضية كنا نمعن في الأمر وننظر لجميع الجوانب لأن لدينا هدف ورؤية طويلة الأمد وهو تغيير السطح الإعلامي الفلسطيني وجعله أكثر قربا للمجتمع الدولي فيما يخص القضية الفلسطينية، وهذا ليس موضوعا سهلا وكثيرا ما نظرنا لتجارب سابقة وكيف نجحت وكيف فشلت، وكيف يمكن أخذ التجارب التي فشلت وتطويرها. نأمل بإطلاق الجمعية في هذا العام 2021. ولدينا متطوعون هم في اللجنة التوجيهية لإنشاء هذه الجمعية.

مجموعة الصحفيين المشاركين في برنامج التدريب أمام مقر صحيفة نيويورك تايمز.
Ali Ghaith

أخبار الأمم المتحدة: تحدثت عن تجربتك والخبرة التي اكتسبتها. ولكن ما الذي أضفته أنت إلى البرنامج وللصحفيين الآخرين؟

علي غيث: الجزئية التي أضفتها، وكل شخص فينا أضافها بطريقة خاصة، هي أنني كنت من القدس، كنت المقدسي الوحيد في البرنامج. كانت هناك إضافة نوعية لكل شخص في هذا المكان وفي هذا الوقت.

وفي جزئية الإنتاج الإعلامي، قدمت إضافة لأنني كنت أعمل في الأفلام الوثائقية والأخبار، وكانت لدي خبرة جيدة في هذا المجال، وكان هناك تواصل أكبر بيني وبين الشباب الآخرين، كل شخص من بيننا يتقن شيء ويعلمه للآخرين، فكل شخص فينا كان يضيف شيئا وهذا الأمر ظهر في المشاريع النهائية التي عملنا عليها. وكانت لدينا ما يشبه "رقصة التانغو" اشترك فيها المشاركون في البرنامج وكل شخص أضاف جزئية وأضاء جانبا كان منقوصا أو موجودا بشكل أقل لدى الآخرين، فأعتقد أن كل شخص فينا كان يضيف شيئا.

أخبار الأمم المتحدة: ما هي أهمية تركيز الأمم المتحدة برأيك على الصحافة الفلسطينية وكيف يمكن أن تنعكس هذه التجربة على عمل الصحفيين؟

علي غيث: أهم ما في الأمر للأمم المتحدة بما أنها تجمع الأمم (كما ينم اسمها) يفترض أن تتكلم بلسان الأمم من ناحية حقوقية، بالتالي فالتركيز للأمم المتحدة على الصحافة الفلسطينية يعني رفع مكانة حرية التعبير للصحفيين الفلسطينيين، وإعلاء صوتهم في أروقة الأمم المتحدة، سواء كانت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أو بطريقة افتراضية أو على أرض الواقع. بالتالي، يجب أن يكون للصحفيين الفلسطينيين مكان في الأمم المتحدة وأعتقد أن هذا البرنامج استطاع تحقيق هذه الجزئية، وأن يجمع الصحفيين الفلسطينيين في الأمم المتحدة، لإسماع صوتنا.

خلال الاجتماع كنا نسأل ونتساءل ونفنّد كثيرا من القضايا التي تخص قضيتنا. هذه نقطة مهمة جدا وخطوة ممتازة، ويجب على الأمم المتحدة أن تزيد هذه النوعية من البرامج والفرص التي يمكننا من خلالها التواجد على الساحة الدولية عن طريق الأمم المتحدة وبالتالي نقل معاناة شعبنا.

الجميع يعلم أنه يوجد احتلال في فلسطين، لكن الأشخاص الذين يعيشون هنا لديهم ذكريات ويرون على الأرض ما يحدث، بالتالي فإن نقل الصورة الحقيقية عن الأرض والاحتلال الإسرائيلي لأروقة الأمم المتحدة نقطة مهمة جدا وتفتح المجال لأشخاص آخرين ليسمعوا عن القضية من لسان من يعيشون هناك من الصحفيين، هم غير تابعين لجهة معينة وباعوا صوتهم وضميرهم لجهة معينة، بل يذهب الصحفيون لهدف واحد وهو أنهم صحفيون ومناصرون لقضيتهم. الأمم المتحدة قامت بعمل ممتاز في هذا البرنامج، وأتوقع منها أن تفعل أكثر من ذلك وأن تدعم الصحفيين وأن تدافع عن الصحفيين الموجودين على الأرض الذين يعايشون يوميا الاحتلال المجحف، سواء بالضرب أو الاعتقال أو تكميم الأفواه والتخويف والترهيب. الأمم المتحدة لديها مسؤولية تجاه الصحفيين الفلسطينيين الموجودين على الأرض ومن يقومون بنقل الصورة.

من خلال تجربته مع الأمم المتحدة، صحفي مقدسي يأمل في تقريب الإعلام الفلسطيني للمجتمع الدولي

أخبار الأمم المتحدة: ما هي نصيحتك لمن يود الانضمام لبرنامج تدريب الصحفيين؟

علي غيث: النصيحة الأولى هي: التحقوا بالبرنامج. يجب أن تقدموا. من يرى في نفسه الشغف للمعرفة - وهذا يجب أن يكون موجودا لدى الصحفيين - والفضول لمعرفة طريقة عمل الإعلام الغربي، ومن لديه أو لديها حب المعرفة للقضية الفلسطينية من وجهة نظر أخرى أو من مكان آخر، ومن يرغب بتطوير نفسه من ناحية المهارات والمعرفة أو التقدم في السلم الوظيفي يجب أن ينضم إلى هذا البرنامج.

الأمر يتجاوز تمضية أكثر من ستة أسابيع في نيويورك بمقر الأمم المتحدة ومقابلة أشخاص وزيارة منشآت إعلامية واكتساب المهارات، الأمر يتجاوز ذلك، حيث تنطلق إلى مكان آخر في بناء الشخصية وتشذيبها ووضعها في مسار صحيح.

ونصيحتي لمن لا تجتمع هذه المقومات فيه، وهي غير مناسبة له، ألا يقدم للالتحاق بالبرنامج، فليذهب إلى البرنامج بهدف واضح ونظرة تميل إلى الوضوح بما يخص المستقبل المهني للمتقدمين والمشاركين.