الذكرى الـ 20 للقرار 1325: حوار مع ناشطة سودانية حول واقع المرأة ومشاركتها في مجال السلام والأمن
بمناسبة مرور عشرين عاما على تبني مجلس الأمن القرار 1325 المتعلق بأجندة المرأة والسلام والأمن، عقد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش اجتماع مائدة مستديرة رفيع المستوى، عبر تقنية الفيديو، بمشاركة قيادات نسوية من السودان، مالي، قبرص، وأفريقيا الوسطى.
وفي ختام المناقشة التفاعلية، أطلق الأمين العام "دعوة للعمل" بهدف مضاعفة الجهود الرامية لتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن.
نوال حسن عثمان، من السودان، شاركت في الاجتماع ممثلة للملتقي النسائي في دارفور. وتتمتع السيدة نوال، وهي ناشطة في مجال النوع الاجتماعي، بخبرة تفوق الـ 30 عاما في هذا المجال.
فازت نوال بجوائز عديدة، من بينها جائزة موظفة العام التي تمنحها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تقديرا لعملها في مجال المدافعة عن حقوق النساء.
أخبار الأمم المتحدة أجرت حوارا مع السيدة نوال حسن عثمان تناول، من بين قضايا أخرى، واقع المرأة في السودان، الأثر المتوقع لاتفاق السلام الذي تم توقيعه بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة على المرأة، إضافة إلى مساهمة البعثة الأممية الجديدة في تعزيز حماية المرأة.
تحدثت السيدة نوال في بداية الحوار عن عملها ونشاطها في مجال النوع الاجتماعي.
السيدة نوال حسن عثمان: أعمل حاليا مستشارة للنوع الاجتماعي لولايات دارفور في برنامج "نحو سلام دائم للسودان" وهو برنامج تابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
نضع أولويات حسب احتياجات المناطق التي نعمل فيها. وهذا البرنامج يغطي أربعة أهداف رئيسية هي:
- أولا، استتباب السلام والأمن في المجتمعات المختلفة في دارفور.
- ثانيا، مساعدة المواطنين على الانخراط والتواصل مع الحكومة، سواء كانت المحلية أو الاتحادية، بهدف مناقشة قضايا السلام والديمقراطية وحث الحكومة على تلبية احتياجات المواطنين.
- ثالثا، دعم المجتمعات الضعيفة في التكيف مع الصدمات، سواء كانت ناجمة عن كوارث طبيعية أو إنسانية أو غيرها.
- رابعا، دعم الحكومة الانتقالية في سبيل تحقيق السلام والديمقراطية.
اقرأ أيضا: أنطونيو غوتيريش: الأمم المتحدة تعمل "بلا هوادة" للنهوض بأجندة المرأة والسلام والأمن
تحيي الأمم المتحدة هذه الأيام الذكرى العشرين لاعتماد قرار مجلس الأمن 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والأمن، حدثينا عن الاجتماع الذي شاركت فيه مع الأمين العام بهذه المناسبة؟
السيدة نوال حسن عثمان: شاركت في هذا الاجتماع بصفتي إحدى عضوات الملتقى النسائي في دارفور، وهو ملتقى مكون من ناشطات ومجموعة منظمات مجتمع مدني نسوية وأحزاب ومجموعات مستقلة. الهدف من الملتقى هو دعم مشاركة المرأة في العملية السلمية.
النساء شاركن، عبر مختلف منظماتهن، في كل محادثات السلام المتعلقة بدارفور التي عقدت في أماكن مختلفة منها أبوجا وطرابلس والدوحة وغيرها.
وحديثا، قدم الملتقى ورقة في محادثات جوبا تحوي أجندة النساء واولوياتهن للسلام، وقد تم تضمين الورقة في النقاش المتعلق بالنوع الاجتماعي في تلك المحادثات. وشهد توقيع الاتفاق المبدئي والنهائي حضور عضوات من الملتقى.
وشاركنا مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في وضع خطة وطنية لتطبيق القرار 1325 وندعم تطبيقه على المستويين الولائي والقومي.
كيف تنظرين إلى اتفاق جوبا وانعكاسه على واقع المرأة في السودان وخاصة دارفور؟
السيدة نوال حسن عثمان: أعتقد أن الاتفاق ممتاز وخاطب معظم أو أغلب القضايا التي تهم النساء. نطمح أن تكون مشاركتنا على كل المستويات في الدولة بنسبة 50 في المائة أو أكثر. برغم أن الوثيقة الدستورية أعطت 40 في المائة ولكن إلى الآن مشاركة النساء ضعيفة جدا. النساء يسعين، من خلال تحالفات، للمطالبة بحقوقهن، وفقا لما جاء في الوثيقة الدستورية واتفاق السلام. ما جاء في هذه البروتوكولات مهم جدا ولكن العبرة في التطبيق، والذي بدوره يحتاج إلى الإرادة السياسية والموارد. توجد الإرادة السياسية ولكن تنقصنا الموارد.
مسألة حماية المدنيين الواردة ضمن بند الترتيبات الأمنية مهمة جدا. ينص اتفاق جوبا على تشكيل قوة مشتركة مكونة من 12 ألف جندي (6 آلاف من القوات الحكومية المختلفة و6 آلاف من "حركات الكفاح المسلح").
أنا شخصيا قلقة بشأن هذه القوات التي أمضت وقتا طويل تقاتل بعضها البعض، وفي تقديري هي قوات غير مهنية. ولكي تعمل معا فهي تحتاج إلى فهم مسألة حماية المدنيين وحقوق المرأة والطفل والأطفال المجندين وحقوق الإنسان.
أتمنى أن يكون من ضمن اختصاص بعثة الأمم المتحدة الجديدة جلب خبراء عسكريين لمساعدة وتدريب هذه القوات حتى يتمكنوا من العمل كوحدة واحدة وبصورة مهنية بهدف تنفيذ مهامهم على أكمل وجه، لأنك كما تعلم فإن مسألة الأمن تمثل أولوية قصوى في دارفور.
النساء يشكلن نسبة كبيرة من النازحين الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم بسبب الحرب في دارفور. هل تم تناول هذا الموضوع في اتفاق جوبا؟
السيدة نوال حسن عثمان: نعم، هناك بروتوكول خاص بالنازحين واللاجئين تناول كافة القضايا المتعلقة بهم سواء من خلال التعويضات أو العودة الطوعية لمن يرغب واستتباب الأمن وكذلك العدالة الانتقالية.
واحدة من مطالب النازحين الأساسية هي تقديم المجرمين إلى العدالة واستعادة أراضيهم التي استولى عليها أناس آخرون. يتحدث الناس دائما عن تجارب مثل رواندا وجنوب أفريقيا. ولكن هناك أمثلة للتصالح حدثت محليا يمكن الاستفادة منها كتلك التي حدثت في مناطق شطاية والجنينة في إقليم دارفور، حيث تصالح الناس وقاموا برد الممتلكات والمزارع والأراضي إلى أصحابها.
أنت شخصيا كنت مرشحة لمنصب والي ولاية جنوب دارفور. كيف تنظرين لتمثيل النساء في الحكومة؟
السيدة نوال حسن عثمان: للأسف الشديد، النساء غير ممثلات بصورة عادلة. ما حدث في مسألة ترشيحي لشغل منصب الوالية، هو أن الحكومة لم تلتزم بالترشيحات التي قدمها تحالف قوى الحرية والتغيير لأسباب لا نعرفها. النساء كن في قيادة المظاهرات، وإلى الآن فإن تعيينهن في الحكومة الانتقالية رمزي جدا، وأتمنى الالتزام بالنسب المذكورة في اتفاق السلام.
لكي يحدث تمثيل عادل بالنسبة للنساء على كل المستويات السياسية، ما المطلوب برأيك؟
السيدة نوال حسن عثمان: المطلوب هو الابتعاد عن مسألة المحاصصات الحزبية في الوقت الراهن. عندما طالب الناس بالتغيير وبالحرية والسلام والعدالة كان هناك اتفاق على أن تكون الحكومة الانتقالية حكومة تكنوقراط تضم أناسا مؤهلين يمكنهم قيادة البلاد إلى مرحلة الانتخابات.
بمناسبة الذكرى العشرين للقرار 1325 هل لديك كلمة توجهينها للنساء في السودان وبالذات المتأثرات بالحروب في دارفور والمناطق الأخرى؟
السيدة نوال حسن عثمان: أهنئ جميع نساء العالم لأنني أعتقد أن القرار 1325 أرسى أجندة مهمة من أجندات المرأة وإشراكها في مسألة الأمن والسلام. أقول لأخواتنا النازحات والناجيات في دارفور وكل مناطق النزاعات إن حقهن سيعود عبر السلام وليس هناك حل للقضايا إلا عبر السلام واللا عنف.
بالنسبة لأخواتنا ضحايا العنف، فإنني أعتقد أن هناك هوة شاسعة فيما يتعلق بالمسائل النفسية وهو ما يحتاج إلى عمل كبير. وسنسعى من خلال الملتقى النسائي على تقليل الصدمات النفسية التي حدثت لهن بسبب العنف.
نحن نشجع وندعم سياسة اللا عنف. فنحن عانينا ما يكفي من العنف والحروب والدمار. ونتمنى أن تعيش الأجيال القادمة في سلام وفي دولة آمنة ومزدهرة وديمقراطية تتمتع بالعدالة والمساواة وحقوق المواطنة.