حوار: التقرير العالمي عن متوسط درجات حرارة الأرض، دلالات وتأثيرات، وظواهر متطرفة
"الطقس البارد الذي تشهده مناطق شرقي الولايات المتحدة لا ينفي، بكل تأكيد، التغيُّر الحادث في المناخ" هذه كلمات العالم المتخصص في مسائل الأرصاد الجوية وحالة المناخ، بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية – المعنية بتقديم الحقائق بأرقامها الباردة، عن تصاعد سخونة درجات الحرارة على الكوكب.
بينما تتعالى النقاشات والجدل على وسائل الإعلام حول تغير المناخ وموجات البرد الشديدة أو التصاعد الخطير في درجات حرارة الأرض، دأب العلماء والباحثون في المنظمة العالمية المتخصصة، التابعة للأمم المتحدة، على إطلاق بيانات المنظمة العلمية الدورية المفصَّلة.
من بين العلماء الأكثر قربا وعملا على هذا الملف، الأستاذ عمر بدُّور، الخبير المنسق لآخر تقرير أطلقته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية؛ وتلتقيه أخبار الأمم المتحدة هنا في حوار مفصَّل، يلقي فيه الضوء على الدلالات الهامة، والحقائق الواقعية فيما وراء الأرقام والاحصائيات التي يوردها التقرير.
الأعوام الأربعة الماضية كانت الأعلى في درجات الحرارة على الأرض
يقول الأستاذ عمر بدُّور "إن السنوات 2015، 2016، 2017 و2018، تشكل كوكبة السنوات الأكثر حرارة التي تم تسجيلها" في بيانات المنظمة التي تستند على بيانات مناخية شهرية تستقيها من نُظم الأرصاد العالمية المتخصصة.* وحسب الخبير المنسق للتقرير "فعلى الرغم من أن عام 2018 شهد انخفاضا بسيطا مقارنة بالسنوات السابقة له، إلا أن التقرير يعزو ذلك إلى ما شهدته هذه السنوات الثلاث تحديدا لظاهرة النينيو القوية" وهي ظاهرة يُحدِث فيها تغيرُ الحرارة في أحد المحيطات، تأثيرا على الطقس في منطقة أخرى بعيدة عنه.
ظواهر قصوى متطرفة يقيسها العلماء، لدراسة صحة العالم المناخية
ويقول عمر بدُّور إن "درجة الحرارة هي أول شيء يقيسه العلماء" ليدرسوا مدى التغير الحادث في المناخ، "لكن هناك مؤشرات أخرى أكثر بروزا وإلحاحا" يركز العلماء على مراقبتها. مثلا "شهدت درجات الحرارة في النطاق البحري ارتفاعا مهولا وقياسيا، وهذا يدل على أن الأمور تتغير بشكل مسترسل في البحار" مما يشكل ضغطا حراريا كبيرا على الأرض "وقد يطفو على السطح في أي لحظة ويجعل من الاحترار أكثر شدة."
كذلك يقول الخبير إن العلماء يدرسون تقلُّص مساحات الجليد في القطب الشمالي كمؤشر هام آخر، لأن ذلك "قد يثير اضطرابات جوية قد تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف في القسم الشمالي من الأرض." وأيضا "ما قد يبدو غريبا أن التقلص قد يؤدي من ناحية أخرى إلى ظواهر قصوى – أو متطرفة – مثل اندفاع التيارات الباردة من القطب الشمالي نحو الأراضي الواقعة جنوبه."
إلى جانب ذلك يراقب العلماء تزايد وتيرة ظواهر أخرى مثل الجفاف، الكتل الهوائية الحارة خلال الصيف في اليابان وأوروبا، "حيث تم تسجيل حالات وفيات بالمئات نتيجة الحرارة المرتفعة". ويشير الأستاذ بدُّور أيضا إلى تواتر الفيضانات التي شكلت أبرز الظواهر المتطرفة التي سجلت في سنة 2018.
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مناخٌ متوسط أو شبه جاف، يزداد الآن جفافا وتطرفا"
ويقول الأستاذ بدُّور إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمناطق المدارية ربما ستكون الأكثر عرضة للظواهر غير المناسبة لمناخها مشددا في مكان آخر من اللقاء على ضرورة تأسيس استراتيجيات وطنية في المنطقة، خاصة في البلدان التي ليس لديها استراتيجيات تخص الظواهر الجديدة على مناخها. ويخص الخبير المتخصص بالذكر دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط حيث إنها "اعتادت على مناخ متوسط أو شبه جاف، لكنه الآن يزداد جفافا وتطرفا."
* بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تستند إلى بيانات مناخية شهرية، من نُظم الرصد العالمية المتخصصة.
تقدم هذه البيانات مؤسساتٌ علمية متقدمة، مثل "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة"، و"معهد غودارد للدراسات الفضائية" التابع لوكالة ناسا– الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء في هذا البلد. وكذلك بيانات مركز هادلي التابع لدائرة الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة؛ بالإضافة إلى مجموعات بيانات إعادة التحليل من المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى، ودائرة كوبرنيكوس المعنية بتغيّر المناخ التابعة له، ووكالة الأرصاد الجوية اليابانية.