منظور عالمي قصص إنسانية

مراكش تستعد لاستقبال قادة العالم لاعتماد اتفاق الهجرة الآمنة

 لويز أربور- الممثلة الخاصة للأمين العام بشأن الهجرة الدولية

المبالغة في تصور أن المهاجرين يشكلون عبئا أو تهديدا، هو عكس الواقع تماما

لويز أربور , رئيسة مؤتمر مراكش

UN Photo/Rick Bajornas
لويز أربور- الممثلة الخاصة للأمين العام بشأن الهجرة الدولية

مراكش تستعد لاستقبال قادة العالم لاعتماد اتفاق الهجرة الآمنة

المهاجرون واللاجئون

يجتمع في العاشر من الشهر الجاري قادة وممثلو العالم في مراكش بالمغرب للنظر في اعتماد اتفاق دولي شامل من أجل جعل الهجرة الدولية أكثر أمنا وكرامة للمهاجرين.

الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة هو وثيقة غير ملزمة قانونيا، ترتكز على قيم سيادة الدولة وتقاسم المسؤولية وحقوق الإنسان وعدم التمييز، وتقر بالحاجة إلى نهج تعاوني لتحسين الفوائد العامة للهجرة، مع التخفيف من مخاطرها وتحدياتها للأفراد والمجتمعات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد على حد سواء.

وعقب اتفاق الدول الأعضاء على صيغة الاتفاق العالمي، في تموز/يوليو الماضي، وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه "إنجاز كبير"، مشيرا إلى أن الاتفاق "يعترف أيضا بحق كل فرد في السلامة والكرامة والحماية".

وقبيل انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي، تحدثت الممثلة الخاصة للأمين العام بشأن الهجرة الدولية لويز أربور مع أخبار الأمم المتحدة في حوار حصري عن فوائد الهجرة، لا سيما بالنسبة للبلدان التي يستقر فيها المهاجرون.

ودعت أربور الحكومات إلى ترسيخ نهجها في الواقع، "لأن المبالغة في تصور أن المهاجرين يشكلون عبئا أو تهديدا، هو عكس الواقع تماما،" كما أشارت. وقالت إن "العديد والعديد من دول العالم اليوم ستحتاج إلى استيراد جزء من قوتها العاملة".

وبسؤالها عن عدول مجموعة من الدول عن قرارها بشأن اعتماد الاتفاق، قالت مسؤولة الهجرة الدولية إن ذلك إنما ينعكس بشكل سلبي على صورة تلك البلدان. وأضافت أن "جميع الدول كانت حاضرة على طاولة المفاوضات عندما اعتمد نص الاتفاق العالمي، لذا أعتقد أن سياستها الخارجية وروح التعددية ستتأثر بشكل خطير إذا تراجعت عن اعتماد وثيقة، كانت قد وافقت عليها قبل بضعة أشهر فقط."

أخبار الأمم المتحدة بدأت الحوار مع السيدة لويز أربور بسؤالها عن النتائج المتوقعة لمؤتمر الهجرة في مراكش، والالتزام المتوقع من الدول الأعضاء.

لويز أربور: المؤتمر في مراكش يخضع لشروط قرار اعتمدته الجمعية العامة. ولذلك فإن المتوقع منه هو ما قررته الدول الأعضاء، وهو أن المؤتمر سيعتمد فعليا بشكل رسمي الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة. هذا النص الذي تم الاتفاق عليه من قبل جميع الدول الأعضاء باستثناء الولايات المتحدة، بطبيعة الحال، التي لم تشارك في الفعالية في شهر يوليو.

لذا فإن مؤتمر مراكش سيعتمد الاتفاق بشكل رسمي. وفي نفس الوقت، ستكون فرصة بالنسبة للدول الأعضاء للإعراب عن نيتها​​ على أعلى مستوى بشأن تنفيذ الأجزاء المهمة لها بشكل خاص. إنه اتفاق شامل، ومبادرة عالمية تضع المستقبل نصب أعينها. لذلك أعتقد أننا سوف نرى التزامات وابتكارات وشراكات بشأن تنفيذ القرار.

أخبار الأمم المتحدة: وكيف سيؤثر هذا الاتفاق العالمي بشأن الهجرة على حياة الناس في كل مكان، سواء المهاجرين أو غير المهاجرين؟ ولماذا يجب أن يشجعوا حكوماتهم على دعمه؟

لويز أربور: أعتقد أن الميثاق العالمي سيتمتع بالتأثير الذي ستمنحه له الدول الأعضاء، فهو وثيقة غير ملزمة قانونيا. ولكنه في الأساس مشروع عظيم للتعاون الدولي في المستقبل. إذا تم في الواقع تنفيذ جميع أهدافه ومبادراته على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، فلا شك في أننا سنشهد زيادة في حصاد فوائد الهجرة، والأهم من ذلك، الحد من بعض جوانبها السلبية مثل الهجرة غير النظامية، وتحرك الناس بصورة فوضوية في طرق خطرة. سنرى تحسنا كبيرا في جوانب التنمية، والجانب الإنساني وجميع المنافع الاقتصادية التي تستطيع الهجرة توليدها إذا تمت إدارتها بطريقة تعاونية.

أخبار الأمم المتحدة: هذا في الواقع يقودني إلى سؤالي التالي، وهو: غالبا ما يكون هناك خلط بين الهجرة المنتظمة وغير المنتظمة، ما الفرق بين الاثنين؟

لويز أربور: الهجرة المنتظمة تشير إلى الأشخاص الذين يدخلون أو يقيمون في بلد هم ليسوا فيه مواطنين، من خلال قنوات قانونية، ومن الواضح أن موقفهم في ذلك البلد يكون معروفا للحكومة ويتفق مع جميع القوانين واللوائح. هذه هي الهجرة المنتظمة، وبالطبع فإن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يعبرون الحدود يفعلون ذلك عبر هذه القنوات المنتظمة. يأتون بتأشيرات العمل أو الدراسة أو كجزء من برامج لم شمل الأسرة.

أما الهجرة غير النظامية فتشير إلى الأشخاص الموجودين في بلد ما ولكن وضعهم لا يتوافق مع المتطلبات الوطنية. كثير منهم في الواقع، وربما الغالبية العظمى، دخلوا البلاد من خلال قنوات قانونية، مثل تأشيرة سياحية أو دراسة، ولكن بعد ذلك مددوا فترة إقامتهم بعد انتهاء مدة تأشيرتهم، وبقوا للعمل. وبالتالي فإن وضعهم غير منتظم، ولكن يمكن تنظيمه، وإذا لم يتم ذلك، فستتم إعادتهم إلى بلدانهم.

أخبار الأمم المتحدة: لقد أشارت بعض الدول إلى أنها لن تدعم الميثاق العالمي. ما تأثير ذلك؟

لويز أربور: قبل كل شيء، لقد كانت جميع الدول حاضرة على طاولة المفاوضات عندما تم التوافق على نص الاتفاق العالمي، لذا أعتقد أن سياساتها الخارجية وروح التعددية ستتأثر بشكل خطير إذا تراجعت عن وثيقة، وافقت عليها قبل بضعة أشهر فقط. أعتقد أن ذلك سينعكس بشكل سلبي للغاية على من شاركوا في المفاوضات بشكل فعلي، حيث قاموا بانتزاع تنازلات من الآخرين. لقد وضعوا مصالحهم أولا على مدى ستة أشهر، حيث تراءى للعيان أنهم كانوا يحصلون على تعليمات من عواصمهم. لذا فمن المخيب للآمال أن نرى هذه الروح الانعكاسية بعد فترة قصيرة من الاتفاق.

ولكن في نهاية المطاف، الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تدعم هذا المشروع التعاوني، أما بالنسبة لمن يريدون فسخ هذا الارتباط أو لا ينوون تطبيق الاتفاق، فهذا في الواقع من حقهم، كما هو الحال بالنسبة لمن لا يزالون جزءا من العملية لتنفيذ الأجزاء الأكثر أهمية بالنسبة لهم. الاتفاق العالمي لا يفرض أي شيء على أي شخص.

أخبار الأمم المتحدة: المهاجرون يقدمون مساهمات هائلة في البلدان التي يستقرون فيها، ولكن بعض الحكومات تنظر إليهم على أنهم تهديد وليسوا منفعة. ما رسالتك لهذه الحكومات؟

لويز أربور: أعتقد أن هذه الحكومات بحاجة إلى ترسيخ نهجها في الواقع، لأن المبالغة في تصور أن المهاجرين يشكلون عبئا أو تهديدا، هو عكس الواقع تماما. وليس من المنطقي وجود سياسات لا ترتبط بالواقع. هناك العديد والعديد من دول العالم اليوم التي ستحتاج إلى استيراد جزء من قوتها العاملة، حيث تشير التركيبة السكانية إلى أن تلك البلدان، إذا ما أرادت الحفاظ على معاييرها الاقتصادية الحالية أو حتى نمو اقتصاداتها، فسيتعين عليها استقبال عمال أجانب مدربين جيدا لتلبية متطلبات سوق العمل في بلدانهم. لذا، فإن تعزيز ثقافة الاستبعاد في مثل هذه الحالة يؤدي إلى نتائج عكسية تماما.

أخبار الأمم المتحدة: الأمين العام سيطلق رسميا "شبكة الهجرة" في مراكش، هل يمكنك شرح هذا؟

لويز أربور: شبكة الهجرة التابعة للأمم المتحدة هي في الواقع تجمع لكافة وكالات الأمم المتحدة التي تتعامل مع الهجرة كجزء من ولايتها. بعضها بالطبع لديه ولاية تتعلق بالهجرة أكبر من غيره، وربما أكبرها هي المنظمة الدولية للهجرة، التي انضمت إلى منظومة الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة. هناك آخرون مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي يتعامل مع التهريب والاتجار بالبشر. وهذا بالطبع ليس كل ما يفعلونه، ولكن هناك جانب في ولايتهم يتعلق بالهجرة وآخر بتحركات البشر. وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تتعامل مع اللاجئين، لكن في كثير من الأحيان يحدث تداخل بين اللاجئين والمهاجرين في التدفقات المختلطة للسكان. لذا فإن جميع وكالات الأمم المتحدة التي لها مصلحة في هذه القضية ستجتمع معا لمحاولة تعظيم نهج تعاوني لكل هذه القضايا.  

أخبار الأمم المتحدة: ما أفضل الممارسات التي يمكنك الإشارة إليها فيما يتعلق بمعاملة المهاجرين؟

لويز أربور: الاتفاق يتعامل مع جميع جوانب الهجرة. في الواقع، بعض أجزائه على ما أعتقد لا جدال عليها، مثل الجهد التعاوني على جميع المستويات للحصول على بيانات أفضل حتى يمكن لسياسات الهجرة والسياسات الوطنية والمبادرات الدولية أن ترتكز على الواقع، وليس المفاهيم الخاطئة والافتراضات. لذلك إذا بدأنا في تطوير سياسات تعكس الواقع، فإن هذه تعد بداية جيدة.

كما أن الاتفاق يستدعي معايير العمل اللائق، وممارسات التوظيف العادل للعمال الأجانب، ويتعامل مع جميع الجوانب بكل تأكيد، مثل تخفيض تكلفة تحويل الأموال، وهو مبلغ ضئيل من المال يرسله المهاجرون إلى بلدانهم الأصلية، ولكن إجمالا له تأثير كبير على التنمية في بعض البلدان. في الواقع هذه التحويلات التي تأتي من الشتات تصل إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي لبعض البلدان. لذا، فإن خفض تكلفة تحويل تلك الأموال سيوفر مزيدا من الأموال من أجل التنمية.

هناك العديد من الجوانب، وفي نهاية المطاف، إذا تم تنفيذ جميع مبادرات الاتفاق العالمي، أعتقد أننا سنشهد تحسنا ليس فقط في حياة المهاجرين أنفسهم، وهو أمر بالغ الأهمية، ولكن أيضا في المجتمعات المضيفة.

أخبار الأمم المتحدة: وما الخطوات التالية بعد اعتماد الميثاق العالمي؟

لويز أربور: الخطوة التالية ستتمثل في جوهرها في تنفيذ المبادرات، أو تنفيذ الأجزاء المهمة بشكل خاص لبعض البلدان أو المناطق. لذا، أتمنى أن نرى الكثير، ليس فقط مبادرات وطنية، ولكن أيضا مبادرات إقليمية وفرعية لتعزيز القنوات القانونية للوصول إلى أسواق العمل وتذليل ذلك، والحد بشكل تعاوني من تدفقات المهاجرين غير النظامية والخطيرة والفوضوية واتخاذ جميع المبادرات، حسب اعتقادي، التي ستحصد فوائد الهجرة وتدفع بعض سلبياتها.