منظور عالمي قصص إنسانية

حوار مع السيدة إيمان شنّن بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني

حوار مع السيدة إيمان شنّن بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني

غير منقح!!!

أسست السيدة إيمان شنّن، البالغة من العمر 49 عاما في مؤسسة العون والأمل لرعاية مرضى السرطان، منذ عشر سنوات بعد شفائها من سرطان الثدي....

ما الذي دفعك إلى الانخراط في العمل الإنساني؟

فكرتي كانت أن أوجد حاضنة للنساء الفلسطينيات في غزة في ظل كل الصعاب الموجودة.

إيمان خريجة الجامعة الأمريكية في القاهرة، لم تعمل في مجال تخصصها وهو اللغة الإنكليزية والترجمة سوى أعوام بسيطة. تراكمت خبرتها في مؤسسات المجتمع المدني في مجال المناصرة والتأثير والجندر. فكرتي كانت عن العمل الإنساني من وقت ما كنت صغيرة. كان أبي من مؤسسي الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة. فكانت طفولتي مرطبة بقيادات العمل الإنساني الموجودة في قطاع غزة. لم أفكر مرة في أن أكون جزءا من هذه المنظومة إلا بشكل بسيط ولكن إصابتي بالسرطان وشفائي منه وجولتي في كل المشافي سواء كان في مصر أو الأردن أو فلسطين 48، دفعتني لأن أفكر جديا في حال النساء الفلسطينيات، وفكرت مليا كيف أنني تعلمت جيدا وحصلت على دعم جيد من الأسرة وتعالجت فترة طويلة على حسابي. فكيف هو وضع النساء الفقيرات في المستشفيات وكيف يمكنهن إكمال المشوار.

وفي 2008، حصل لي شيء، لم أكن أقدر أن أغادر قطاع غزة للمعالجة في ظل إغلاق معبر رفح وصعوبة الخروج عن معبر إريز. فوجهت نداء بأنه من حقي أن أتعالج كأم. كيف كانت ردة فعل المجتمع. "هذه كيف عندها الجرأة تطلع تحكي أنو أنا عندي سرطان؟ ألا تخاف على أولادها؟ ألا تخاف على ابنتها ألا يتزوجها أحد؟" هذا كان أول جرس إنذار ضرب في رأسي: لماذا يفكر الناس بهذه الطريقة؟ الحديث عن السرطان كان محرما، الحديث عن السرطان كان يشوبه نوع من القلق والشفقة. وطريقة رد فعل الناس على هذا الموضع ضايقتني كثيرا.

عندما تسمعين حكايات السيدات وعندما تشاهدين الواقع المعاش، تفكرين مليون مرة ماذا بعد؟

أن كنت أعمل دائما في مؤسسات محلية ودولية، ولكن أخذت قرارا بعد آخر سفرة علاج إلى الأردن في 2008، أنه عليّ أن أقوم بشيء- شيء يفرحني ويعزز قدرتي واتجاوز أزمة الإصابة بالسرطان وأقوم بشيء مفيد للناس.

عندما فركنا بإنشاء هذه المؤسسة أو الحاضنة كان الحديث في المجتمع: "هل هم مجانين؟ لماذا يردون التحدث عن شيء ممنوع الحديث عنه وهو مرض عضال؟

من هنا بدأت الفكرة لإنشاء هذا المكان الذي يحضن الناس ويستمع إلى قصصهم ويقويهم. وأنا والمؤسسون الشركاء معي كنا على قناعة أنه لا يمكن لأحد أن يعبر عن تجربتك إلا من عاشها. وبالتالي كان أو هدف لنا هو إيجاد هذه المكان وأوجدناه. بدأنا بثلاثين حالة ما بين رجال ونساء وأطفال، ونحن الآن نخدم 2700 امرأة إذ قررنا لاحقا أن نتخصص بحالات النساء لأنهن الأكثر فقرا والأكثر تهميشا. وعادة عندما يصاب الرجال بهذا المرض، المرأة تصبر ومجلس العيلة كله يساعد. ولكن عندما تصاب المرأة تصبح عبئا خصوصا في نقص الإمكانات في قطاع غزة. وبالتالي يتم هجرها من قبل زوجها. 75% من النساء هجرهن أزاوجهن. إما لأنه متضايق من شكلها بعد استئصال ثديها أو صار عبئا عليه أن يساهم في جزء من العلاج والمصاريف.

رحل عنا جزء من هؤلاء النساء ليس بسبب السرطان ولكن بسبب

النساء تصاب في غزة مرتين: مرة في الجسد ومرة بالشريك. فبدأنا نفكر كيف يمكن أن تستمر النساء في المحافظة على أولادهن وبيوتهن ويتجاوزن هذه الأزمة ويتخطينها من خلال برنامج التمكين الاقتصادي.

عندما بدأن هذه المؤسسة الكل توقع لها الفشل، ولمن بعد عشر سنوات وبعد الإنجازات التي وصلنا إليها، تغير الحديث. وأصبحت المرأة تقول إنه بدلا من الذهاب إلى بيت أهلي وأكون حزينة، من الأفضل أن أذهب إلى "العون والأمل".

بالفعل يعني اسم على مسمى للنساء المصابات بمرض السرطان، وكأن معاناة الاحتلال والحصار لا تكفي، فزادت المعتقدات الخاطئة الطين بلة. سيدة إيمان هل تتعاملين مع مؤسسات مجتمعية أخرى لرفع الوعي حيال هذا للمرض وكسر تلك التبوهات المحيطة به؟

نحن نقول نعم أننا تجاوزنا هذه الصعوبات وبقوة عندما شاركنا في مهرجان "حكاوي الحياة" أو tales of life تشرين الثاني/أكتوبر حيث سردت ثماني نساء حكاياتهن أمام الإعلام بالإضافة إلى 400 شخص من الحضور. كانت تلك النساء مصدر أمل وليس مصدر ألم. الذي أريد أن أقوله هو أنه رغم صعوبة الوضع في غزة، مشكلة السرطان أنه مكلف، أنه أنت بين حكومتين، تعيشين بين معبرين، وأنت محاصرة داخل غزة. لقد أنشأنا صندوق اسمه "فرحة فاند" داخل مركز الحسين للسرطان في الأردن. استطاع هذا الصندوق أن ينقل 36 امرأة من غزة على مركز الحسين في الأردن. أطلقنا عليه اسم "فرحة" لأن فرحة ماتت.. لأنها لم تستطع مغادرة غزة. كانت فرحة مصدر إلهام للنساء.

تنزيل

إيمان شنّن: خلال رحلتي، كنت أحسّ بالكفاح الذي تخوضه المريضات بالسرطان والمعاناة التي يتكبّدنها وأراها بأم عينيّ، ولا سيما أولئك اللواتي كُنّ يعانين من الفقر والضعف ولم ينلن حظّهن من التعليم. وكان عدد ليس بالقليل منهن يفتقرن إلى الدعم النفسي من عائلاتهن. ولم يكن لديهن من المال ما يعينهن على المقاومة. وبعضهن هجرهن أزواجهن. لم يكن يغيب عن بالي كم كنا ضعيفات وكم كنا في حاجة إلى الدعم والمساندة.

الصوت
مي يعقوب
استمع
11'56"
مصدر الصورة
OCHA/A. Husein