منظور عالمي قصص إنسانية

ستيفن أوبراين: جميع القضايا الإنسانية يمكن حلها بتوفر الإرادة السياسية

ستيفن أوبراين: جميع القضايا الإنسانية يمكن حلها بتوفر الإرادة السياسية

تنزيل

بعد أن أمضى أكثر من عامين في منصب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، يغادر البريطاني ستيفن أوبراين المنصب تاركا خلفه اثنتين من أشد المحن الإنسانية ضراوة تعصفان بسوريا واليمن.

وقبيل انتهاء ولايته، كرر السيد أوبراين في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، ما أكده في إحاطاته إلى مجلس الأمن الدولي، وهو أن معظم ما نراه من أزمات إنسانية حول العالم هي من صنع البشر، ولذا فلن يستعصى حلها إذا ما توفرت الإرادة السياسية والعزيمة لإنهاء هذه الصراعات في المقام الأول.

وحذر منسق الشؤون الإنسانية من اتساع الفجوة بين مستوى الحاجة والموارد المتاحة للتعامل معها؛ وذلك بسبب استمرار النزاعات المعقدة وطويلة الأمد في أماكن مثل سوريا واليمن.

المزيد في الحوار التالي.

أخبار الأمم المتحدة: السيد ستيفن أوبراين، في أي جزء من عملك تعتقد أنك كنت أكثر فعالية، وما هو الشيء الذي سبب لك أكبر كم من الإحباط؟

ستيفن أوبراين: عندما أنظر إلى العمل الاستثنائي الذي يقوم به جميع العاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء العالم وفي هذه الأماكن الصعبة جدا. فعلى مدى أكثر من عامين في المنصب، ألهمتني حقا شجاعة ومثابرة وتصميم العاملين الذين يريدون التأكد من أن المتضررين من الأزمات، دون أي ذنب اقترفوه، يحصلون على المساعدة المنقذة للحياة والحماية التي يحتاجون إليها.

وعلى الرغم من أن ذلك كان أمرا مجزيا، بيد أن مهام المنصب في حد ذاتها تشكل تحديا غير عادي لأن الزيادة في الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء العالم كانت أضعافا مضاعفة. ورغم أننا تمكنا من تأمين مبالغ قياسية من التمويل في تلك الفترة، اتسع نطاق الفجوة.

الإحباط هو أننا ببساطة غير قادرين على زيادة قدرتنا على الاستجابة بنفس الوتيرة التي تزداد بها الاحتياجات. في تلك الفترة، لم تكن لدينا – الحمد لله ولكن هذا لا يعني أنها لن توجد في المستقبل - حاجة إنسانية كبيرة جدا نتيجة للكوارث الطبيعية. لقد كان لدينا عدد من الأعاصير وغيرها من الأزمات التي أثارت القلق بشأن الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، ولكن لا شيء بالحجم الذي شهدناه في الماضي. لذلك، في الوقت الحاضر كان تركيزنا الأساسي على الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن الصراعات.

أخبار الأمم المتحدة: طغى على فترة توليك منصبك بعض من أسوأ الصراعات والأزمات الإنسانية في العصر الحديث. هل تعتقد أن هناك المزيد مما يمكن للأمم المتحدة فعله حيال سوريا، أم أن الأمر حقا بيد مجلس الأمن، كما قلت كثيرا في إحاطاتك؟

ستيفن أوبراين: من الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها منسق الإغاثة في حالات الطوارئ ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، هي أنه هنا في نيويورك، يتحدث إلى مجلس الأمن بشكل منتظم إلى حد ما حول التحديات الناشئة التي تواجه البشر نتيجة للصراعات وغيرها من الكوارث وحالات الطوارئ.

لقد كان واضحا جدا بالنسبة لي أن من واجبي، وهو التزام أيضا، بل وكما ينص قرار الجمعية العامة 46/182، وهو قرار هام جدا، كان يتوقع مني أن أثير مسائل بالغة الصعوبة وأن أتكلم كثيرا بعبارات يمكن أن تكون مقتضبة ومتكررة ولكن أؤمن بها بشدة وإن لم تكن ذات شعبية.

بالطبع يمكن أن يكون ذلك غير مريح إلى حد ما، بل أن يمثل تحديا، ولكن من المهم جدا أن تعرض الحقائق على جميع الدول الأعضاء، هنا في الأمم المتحدة التي هي أعلى هيئة في العالم تتمتع بالقدرة الدبلوماسية والسياسية لإيجاد القرارات ومنع نشوب الصراعات التي تفضي بدورها إلى خلق احتياجات إنسانية يمكن تجنبها.

هذه هي قضية الصراع. فهو من صنع الإنسان، وبالتالي يمكن للإنسان أن يعالجه، ويمكن أيضا خفض المعاناة الإنسانية والقضاء عليها بمرور الوقت.

أخبار الأمم المتحدة: في ظل الوضع المتعلق بالصراع في سوريا واليمن، هل يساورك القلق أن بعض هذه الصراعات المعقدة ستكون غير قابلة للحل؟

image
ستيفن أوبراين: لن أقبل أبدا بأن تكون هذه الصراعات غير قابلة للحل، لأن حلها ممكن مع توفر الإرادة واتحاد الناس معا وإيثار إخواننا من البشر في جميع أنحاء الكوكب على أنفسنا ووضعهم أولا، عوضا عن التنازع على السلطة على سبيل المثال أو التنافس على الموارد بشكل متزايد. وهذا ليس بسبب مسألة الجشع وحدها ولكن لأننا نواجه تحديا بسبب ندرة الموارد، سواء كانت بسبب تفاقم تغير المناخ أو زيادة عدد السكان في أماكن تعاني من ندرة كبيرة في مياه الشرب مثلا.

لذلك أرى أن جميع القضايا يمكن حلها طالما أن هناك إرادة سياسية، طالما اعتمدنا على قدرتنا على التحدث عن الاختلافات والخيارات وفرصنا في إحداث تغيير. وفي الوقت نفسه، يجب أن نعترف بأن لدينا أعلى واجب إنساني على الصعيد الدولي يحتم العمل للتخفيف من معاناة إخواننا من البشر، أينما كانوا، من أجل حمايتهم في الصراعات التي يتعرض فيها المدنيون الأبرياء للخطر أو لإنقاذ حياتهم سواء من الأخطار الطبيعية والمخاطر الرهيبة التي تحدث بسبب ذلك أو بسبب الصراع. هذه الأزمات طويلة الأمد أصبحت الآن سمة من سمات عملنا الذي يحتم علينا أن نكون مستعدين فيه لمساعدة من هم في أشد الحاجة إلينا.

image
أخبار الأمم المتحدة: إذا نظرت إلى الوراء، هل تعتقد أن هناك أي شيء تود لو فعلته بشكل مختلف، أزمة ما تتمنى لو تناولتها بطريقة مختلفة؟

ستيفن أوبراين: يمكننا دائما الاستفادة من الإدراك المتأخر للتفكير في طرق لتحسين عملنا. لا أعتقد أننا نريد أن نفكر إطلاقا في أننا قد فعلنا أي شيء بشكل مرض بنسبة مئة في المئة، يمكننا أن نرى هذا من خلال الفجوة الهائلة بين الحاجة الضخمة والموارد التي نستطيع تحملها، لقد اتسعت هذه الفجوة. لذلك فإن عدم كفاءة استجابتنا أمر مضر، ومن الواضح أنه جزء من عجزنا في تحمل مسؤوليتنا الكاملة في مساعدة المتضررين حول العالم.

بالنظر إلى الوراء، أتمنى لو كنت قد وجدت طريقة أفضل لحشد مزيد من الموارد والتأكد من تحويل هذا الموارد إلى نقود للبرامج، التي يتم وضعها من قبل أشخاص ذوي مهارات غير عادية هنا في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، التي تلبي احتياجات الناس الذين يعانون نتيجة للصراع في المقام الأول، وهذا بالطبع أمر نحن بحاجة إلى القيام بجهود أفضل لحله.

image
أخبار الأمم المتحدة: ما هي نصيحتك لخلفك؟

ستيفن أوبراين: قبل كل شيء، لب احتياجات الناس الذين نحن في نهاية المطاف مساءلون أمامهم، الذين يحتاجون إلينا أكثر من غيرهم، الأكثر ضعفا في العالم، الذين يعانون أساسا بسبب الصراع. ولكن أينما وقعت الزلازل وأمواج التسونامي والأعاصير أو ثارت البراكين، يجب أن نكون مستعدين للرد والعمل مع الحكومات لتخفيف المعاناة.

لذلك، سأقول له: اذهب وتجول في العالم وقابل الناس، ليس فقط المتضررين. لينشأ لديك إحساس بالمساءلة، وهذا ما يدفعنا للاستجابة العملية من خلال قيم الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان. وتأكد من أن كل ما تقوم به متأصل في مبادئ القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان وقانون اللاجئين. تأكد من مساءلة الأشخاص الذين لا يعيرون المعاناة اعتبارا ولا يمتثلون للقوانين الدولية حتى يكون ذلك أفضل رادع لمن يتسببون في المعاناة الإنسانية اليوم.

مصدر الصورة