منظور عالمي قصص إنسانية

لغة الضاد .. دعوة إلى إكثار استخدامها وعدم الاكتفاء بمديحها

لغة الضاد .. دعوة إلى إكثار استخدامها وعدم الاكتفاء بمديحها

تنزيل

أهلا بكم متتبعينا الأعزاء إلى هذه الحلقة الخاصة التي نتناول فيها أهمية تعزيز اللغة العربية والسعي إلى نشرها من خلال إلقاء الضوء على فعاليات خاصة أقيمت في مقر اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس إحياء لليوم العالمي للغة العربية، الموافق الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر.

وفي هذا السياق لا بد من إلقاء الضوء على مبادرة سعودية يعود الفضل في إرسائها إلى المندوب السعودي الدائم لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس، حيث ساهم تنفيذ مشروع "مساهمة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود في تحسين حضور اللغة العربية في اليونسكو"، والذي مولته المملكة العربية السعودية بمبلغ 3 ملايين دولار أمريكي في فترة سابقة (ساهم) في تعزيز موقع اللغة العربية بين اللغات الست الرسمية لليونسكو.

فأصبحت اللغة العربية تتنافس في حضورها على المراكز الثلاثة الأولى من بين اللغات الدولية، بعد أن كانت تتنافس على المراكز الثلاثة الأخيرة.  الأمر الذي انعكس أيضا من خلال مشاركة واسعة بهذا الاحتفال هذا العام من المدن العربية كافة، ومن إسلام أباد وجاكرتا وأستراليا وبريطانيا وكندا وتركيا وبولندا والمكسيك والكثير من دول العالم.

الدكتور الدريس يعزو هذا الإنجاز إلى "الإصرار على تحقيق الحلم مهما كان صغيرا".

image
وفي كلمة ألقاها في احتفالية اليونسكو يوم اللغة العربية، كانت أشبه بخطاب الوداع، قدم السفير السعودي نصيحة مفادها بأن "المديح والإطراء الخطابي للغتنا العربية، لا يجدي كثيراً لا في اكتساب المزيد من الناطقين بغيرها ولا في استرجاع المارقين منها:

"قد تكون آثاره عكسية خصوصاً عندما يتم بناء زخارف المديح للغتنا على ركام النيل من اللغات الأخرى واستصغارها. المدخل الحقيقي والفعال لرفع مكانة اللغة العربية لا يكمن في كثرة مديحها... بل في كثرة استخدامها. اللغة والهوية توأم، واللغات هي مسار أساسي وفذ لتفكيك الهويات المتوترة، التي وصفها أمين معلوف بالهويات القاتلة. لا شك أن كثيراً من الفروقات بين الهويات البناءة والهويات الهدامة يكمن في اللغة... اللغة المفخخة!"

وقد تمحور اليوم العالمي للغة العربية هذا العام والذي أحيت منظمة التربية والعلوم والثقافة يوم الخميس الخامس عشر من ديسمبر الجاري، حول "تعزيز انتشار اللغة العربية".

image
إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو التي لم تفوت كعادتها احتفالات اليوم العالمي للغة العربية في السنوات الماضية، شاركت أيضا هذه السنة في افتتاح الحدث الذي قالت إنه الأخير بالنسبة لها كمديرة عامة لليونسكو، وقالت في اللغة العربية:

"اللغة العربية هي قوة للوحدة، قوة للتبادل والحوار، لخلق وتبادل المعرفة، لتجديد التزامنا بالقيم المشتركة وتعزيز العلاقات الإنسانية الواحدة."وخلال الحدث، وقعت السيدة بوكوفا اتفاقا بقيمة 5 ملايين دولار أمريكي مع المدير العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، السيد صالح الخليفي، لتعزيز اللغة العربية في اليونسكو، بمناسبة انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج الذي بدأته حكومة المملكة العربية السعودية.

كما جالت المديرة العامة في معرض أقيم بهذه المناسبة تحت عنوان "جماليات الخط العربي" احتفالا باليوم العالمي للغة العربية.

image
المهندس فواز المحرج من السعودية، رئيس شركة سمايا القابضة المنظمة للمعرض، تحدث إلينا في الحوار التالي عن التنوع في الخط العربي وأهم المعروضات ومنها لوحات موجودة على سترة الكعبة المشرفة:

"تم اختيار مجموعة من اللوحات من خطاطين عالميين من جميع دول العالم، من المملكة العربية السعودية وبلاد الشام وأيضا من تركيا وكذلك من مصر وغيرها من الدول وتم مراعاة التنوع في الخطوط بما في ذلك الخطوط العربية الأصيلة وخط الثلث وخط النسخ والركعة والفارسي وغيرها من الخطوط. وقد تم اختيار الأنسب منها ليعرض في هذه المناسبة. إضافة إلى عرض مجموعة من اللوحات الموجودة على سترة الكعبة المشرفة، وكذلك لوحات أخرى من الخطوط المستخدمة في العمارة الإسلامية في دول مختلفة في الأندلس وفي غيرها."

ومن خلال لوحات، وعناصر معمارية وقطع أثرية، يقدم المعرض تاريخ النصوص العربية ورحلتها مع مرور الوقت، من الشرق الأوسط، إلى الأندلس، إلى الفترة العثمانية، إلى تقديم جماليات اليوم.

image
بوكوفا ختمت كلمتها بالقول إن "اليونسكو فخورة بأن تكون جزءا من رحلة حماية وتعزيز هذه اللغة الجميلة، في تعزيز موسيقاها وشعرها ومساهمتها في الإنسانية".

وفي إحدى الندوات التي عقدت بهذه المناسبة، تحدث الأستاذ أيمن الصياد، رئيس تحرير مجلة "وجهات نظر" المصرية، على هامش فعاليات اليوم العالمي للغة العربية، عن دور المؤسسات الثقافية في الحفاظ على اللغة العربية ونشرها.

image
وفي حوار أجريناه على هامش الندوة، أوضح أيمن الصياد أن تعريف المؤسسات الثقافية يجب ألا يقتصر على الجامعات أو المعاهد بل يجب أن يتوسع ليشمل أيضا كل كيان قائم على الحفاظ على اللغة العربية:

"أنا لست مع التعريف المحدود للمؤسسات. أنا لا أتحدث عن مؤسسات بعينها مثل الجامعات أو المعاهد أو الهيئات أو ما إلى ذلك وإنما أنا أوسِّع التعريف ليشملَ كلَ كيان قائم على الحفاظ على اللغة العربية مما يتسع بالتعريف الذي نحته لوسائل التواصل الاجتماعي التي أعتقد أنها القادرة الآن أو الأكثر قدرة الآن على القيام بهذا الدور."

الصياد قال إن وسائل التواصل الاجتماعي هي المؤسسة الأوْلى بالعناية والاهتمام للحفاظ على اللغة العربية.

image
وردا على سؤال حول الضير من تعلم لغات أخرى وأثره على اللغة العربية، أجاب الصياد:

"أنا لست من أنصار الثنائيات الصفرية – إما هذا أو ذاك- أيما كانت هذه الثنائيات الصفرية. "الطبيعة تحفل بالتنوع.. وما بين الأبيض والأسود كثير من التدرجات"، وعليه أنا لا أرى أي ضير من أن يجيدَ أحدُنا أو أبناؤنا لغة أجنبية أيما كانت هذه اللغة الأجنبية وفي الوقت ذاته يجيدون لغتهم العربية أو لغتهم الأم. المشكلة أن البعض يعتقد أن اللغة الأجنبية هي لغة العصر، أو أن اللغة العربية لم تعد لغة العصر لأنها ليست لغة العلوم فيعتقدون أن هذا يقودهم إلى استبدال هذا بذاك. الاستبدال هو الخطر."

الأمر نفسه ينطبق على اللهجات في اللغة العربية، قال أيمن الصياد:

"كما أن البستان يكون جميلا في تعدد ألوان أزهاره، فاللهجات أيضا شيء جميل. والذي يستمع إلى فيروز مثلا أو يستمع إلى أغنيات مغاريبة بالتأكيد يطرب لهذا التنوع. في التنوع ثراء. لا مشكلة على الإطلاق في التنوع، ثم أن في الحفاظ على الخصوصيات الثقافية أيضا ثراء للشعوب التي تعيش في منطقة ما. لا مشكلة في تعدد اللهجات، ومرة أخرى لا أرى حاجة إلى المعادلة الصفرية. ما المانع في حفاظنا على لغة عربية سليمة وفي الوقت ذاته أن نغني أو نستمتع بلهجات محلية مصرية أو بدوية أو شامية أو مغاربية أو نوبية .. لا ضير في ذلك."

وبهذا نأتي متتبعينا الأعزاء إلى نهاية برنامجنا الخاص حول اليوم العالمي للغة العربية. وفي هذا الإطار اسمحوا لي أن أشكر الزميل نبيل ميداني من قسم الإنتاج والهندسة الإذاعية. ولمزيد من الأخبار والتقارير واللقاءات  يمكنكم دائما زيارة موقعنا على الإنترنت

www.un.org/arabic/radio -  ومتابعتنا على مواقع التواصل الاجتماعي @UNNewsArabic

مصدر الصورة