منظور عالمي قصص إنسانية

لبنان ومشروع طموح يستخدم أزمة لحل أخرى

لبنان ومشروع طموح يستخدم أزمة لحل أخرى

تنزيل

اندلعت أزمة القمامة في لبنان في صيف عام 2015 بعد إغلاق مكب النفايات الرئيسي. أمر كان له كبير الأثر على العاصمة بيروت والضواحي المحيطة بها، حيث تراكمت أكوام النفايات في أنحاء المدينة.

وبما أن سوق العمل في لبنان ليس مفتوحا للأجانب في معظم قطاعاته، إلّا أن لبنان يسمح للاجئين السوريين من حاملي الإقامة بشكل قانوني بالعمل في قطاعات البيئية والتنظيف.

التقرير التالي يتطرق إلى مشروع طموح، يهدف إلى الاستفادة من أزمة تعاني منها البلاد في حل أخرى.

غرام .. واحدة من ست لاجئات سوريات حصلن على أول وظيفة لهن مدفوعة الأجر في مشروع "إعادة التدوير في بيروت"، وهو مشروع لإعادة تدوير المخلفات أنشئ العام الماضي بهدف المساهمة في حل أزمة النفايات التي يعاني منها لبنان منذ عام 2015، وأيضا لتوفير فرص عمل للاجئين السوريين.

وتكسب غرام 20 دولاراً يوميا، في عملها الذي تقوم فيه بفرز المواد القابلة للتدوير، مثل العلب والورق والبلاستيك، وترتيبها وفقا لحجمها ونوعها، قبل أن يتم إرسالها لإعادة التدوير في أماكن أخرى من البلاد.

image
غرام أعربت عن سعادتها للحصول على فرصة عمل، تعتبرها فرصة لرد الجميل للمجتمع المضيف:

"عندما لم أكن أعمل، كنت أعاني كثيرا من حيث توفير المصروف. ولكن عندما حصلت على هذا العمل، تغيرت الأمور. العمل الذي نقوم به مريح جدا، والناس الذين نعمل معهم لطفاء جدا."

وتضيف علا، أخت غرام، التي تعمل أيضا في مركز إعادة التدوير، أن هذا العمل قد أعطى حياتها في المنفى معنى جديدا. حيث كنت تقضي أيامها قبل ذلك جالسة مكتوفة اليدين، يعتريها دائما شعور بالملل والوحدة، ولكنها الآن تشعر بأنها منتجة.

image
ومن جانبه أوضح قاسم قزق، أحد الشريكين المؤسسين لمشروع "إعادة التدوير في بيروت"، أن الغرض من المشروع ليس فقط الربح، ولكن استخدام أزمة يعاني منها لبنان في حل أزمة أخرى:

"كجزء من الجانب الاجتماعي الذي نعمل عليه، فكرنا في خلق فرص عمل وتحويل أزمة النزوح الموجودة في لبنان من طاقة سلبية إلى إيجابية."

ويضيف قزق أنهن "كن يشعرن بالشك في البداية، لكن العمل هنا ساعدهن على الشعور بأنهن منتجات وشجعهن التدريب على إعادة تدوير نفاياتهن المنزلية".

وتعمل الشركة أيضا مع شركات لبنانية أخرى وتعتبر نفسها مؤسسة اجتماعية، لأن هدفها يكمن في كسب المال وتقديم خدمة اجتماعية إيجابية، حيث تواجه جميع العاملات ظروفا اجتماعية ومادية صعبة للغاية.

وتجمع بين هؤلاء السيدات الست عدة عوامل مشتركة، فبالإضافة إلى كونهن لاجئات سوريات، فهن أيضا أمهات أرامل، فقدن أزواجهن في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، المدمرة في سوريا المجاورة.

image
وبالنسبة لهن، نطاق فائدة هذا العمل تتخطى ضمان معيشتهن لتسمح لهن أيضا بالمساهمة في المجتمع الذي يستضيفهن. مثلما قالت غرام:

"إنه عمل جيد، ونحن نستفيد منه بالمقام الأول، كما أنه يفيد أيضا الشعب اللبناني. لديهم أزمة النفايات الآن، ونحن نساعدهم."

وبالنسب لغرام، هذه الوظيفة ليست نهاية متاعبها، فالغالبية العظمى من راتبها تذهب نحو دفع الإيجار للأسرة. وعلى الرغم من الوظيفة وتلقيها لمساعدات غذائية تقدر بـحوالي 190 دولاراً شهريا، إلّا أنها لا تزال تكافح من أجل تغطية نفقات المنزل وتربية الأولاد بمفردها:

"عندما أعود إلى المنزل، فهذا لا يعني أنني سأرتاح، فلا يزال هناك طهي وأطفال يقولون لي 'أمي نحن نريد هذا... نحن لا نريد ذلك.. هل أحضرت لي كذا.. لماذا لم يحدث ذلك لي.. لماذا تفعل ابنة عمي هذا؟"

ويستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل، أي ما يساوي تقريبا ربع سكان البلاد. فهذا البلد الصغير الواقع في الشرق الأوسط يستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد مواطنيه، وهذه النسبة تعد الأعلى بالمقارنة مع أي بلد آخر في العالم.

مصدر الصورة