منظور عالمي قصص إنسانية

جانا.. وجه واحد من آلاف الأطفال المعرضين للتعذيب حول العالم

جانا.. وجه واحد من آلاف الأطفال المعرضين للتعذيب حول العالم

تنزيل

بمناسبة مرور 35 عاما على إنشاء "صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب"، تم إطلاق تقرير جديد بعنوان "من الرعب إلى الشفاء: رحلة لإنقاذ الحياة بدعم من صندوق الأمم المتحدة لضحايا التعذيب."

يروي التقرير بعض القصص الشخصية لضحايا التعذيب أو مقدمي الرعاية الذين يساعدونهم على الشفاء واستعادة كرامتهم.

اليوم، نستعرض في التقرير التالي قصة واحدة من قصص هؤلاء الضحايا، ترويها الأخصائية النفسية التي كانت تساعد الضحية.

=-==-

جانا، كانت تبلغ من العمر عشرة أعوام عندما تم اعتقالها من قبل الجيش السوري في درعا، من أجل الضغط على والدها لتسليم نفسه إلى السلطات الأمنية.

جانا (وهذا بالطبع ليس اسمها الحقيقي) قالت إنها لم تكن الطفلة الوحيدة، بل كانت مصحوبة بعدد من الأطفال، أصغرهم يبلغ من العمر خمسة أعوام وأكبرهم أحد عشر عاما.

أثناء اعتقالها، جرّ أحد الجنود جانا بقوة من ذراعها، جارحا يدها اليسرى بشكل بالغ، مما تطلب إجراء عملية جراحية لها في وقت لاحق، حتى تتمكن من أداء مهام بسيطة مثل تصفيف شعرها.

هذه الممارسة ليست فريدة من نوعها، بل هي أمر شائع كما ذكر المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، أثناء إطلاق التقرير في جنيف:

"يحق للأطفال الحماية الخاصة بسبب ضعفهم الشديد. ومع ذلك وكما هو موثق من قبل صندوق الأمم المتحدة وغيره من آليات الأمم المتحدة، فإن تعذيب الأطفال أمر واقع لا يطاق، لا سيما في البلدان التي تعاني من صراعات مثل سوريا، حيث شجبت لجنة التحقيق مرارا تعذيب الأطفال. في الواقع، فإن الأطفال يتم استهدافهم في كثير من الأحيان لأنهم أطفال، وذلك كوسيلة لترهيب مجتمعات بأكملها، أو من أجل فرض ألم إضافي على الآباء."

وفي نهاية المطاف، قام والد جانا بتسليم نفسه للجيش، فأطلقت السلطات سراح جانا وبعض الأطفال الآخرين.

الآثار النفسية للتعذيب على جانا كانت مروعة للغاية، حتى أن والدتها لم تتعرف عليها عندما أطلق سراحها من السجن. بعد ذلك، لم تهدر الأم أي وقت، وفرّت إلى الأردن مع جانا وشقيقها الأصغر.

ومع تفاقم أزمات اللاجئين حول العالم، لا سيما في أوروبا وأميركا الوسطى، ساهم ذلك في زيادة أعداد الأطفال من ضحايا التعذيب، كما أشار زيد:

"هناك عدد كبير من الأطفال المهاجرين معرضون للاعتقال على الحدود، وربما يعانون سوء المعاملة الجسدية القاسية جدا عند احتجازهم من قبل أجهزة تلك الدول. لذا، فإنه من المهم جدا أن تهتم الدول بحماية حقوق جميع المهاجرين، وبالأخص جميع الأطفال المهاجرين."

في الأردن، أصيبت جانا بأعراض حادة من اضطرابات ما بعد الصدمة، وأصبحت منغلقة على نفسها. وفي كل مرة تسمع صرخة طفل أو بكاءه تصاب بحالة من الهلع، كما تعاني أيضا من كوابيس مليئة بأطفال يعذبون حتى الموت.

ويدعم صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب جهود ما يزيد عن 150 مركزا في أكثر من 80 بلدا، ليساعد بذلك أكثر من 50 ألفا من ضحايا التعذيب سنويا.

وهذا العام، يقدم الصندوق مساعدات لحوالي 5300 طفل ومراهق من الضحايا. وفي العام الماضي، قدم مساعدات إلى قرابة أربعة آلاف من الأطفال تحت سن الثامنة عشرة.

المفوض السامي لحقوق الانسان، ذكّر الدول بمسؤوليتها تجاه الضحايا:

"يتعين على الدول مساعدة الأطفال من ضحايا أعمال التعذيب على التعافي والإنصاف. للأسف، يتم تجاهل هذا الالتزام في كثير من الأحيان. ولكن في جميع أنحاء العالم، هناك شبكات من الأطباء وعلماء النفس والأخصائيين الاجتماعيين والمحامين، مثل المنضمين إلى تلك المنظمة، الذين يساعدون الأطفال الناجين من التعذيب على التعامل مع الصدمة التي تعرضوا لها."

ومن خلال جلسات العلاج النفسي الفردية، تعلمت جانا كيفية التعامل مع مخاوفها وعزلتها، ومازالت تحرز تقدما مستمرا في رحلة علاجها.

مصدر الصورة