منظور عالمي قصص إنسانية

زينب بانغورا صوت النساء المتأثرات بالصراع السوري

زينب بانغورا صوت النساء المتأثرات بالصراع السوري

تنزيل

"القصص التي سمعتها خلال زيارتي للشرق الأوسط، كانت صادمة".

هذا ما أكدته زينب بانغورا، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات الصراع، للزميلة مي يعقوب في حوار خاص عقب عودتها من رحلة شرق أوسطية ضمت كلا من تركيا ولبنان وسوريا والأردن والعراق، تهدف إلى الاطلاع على أوضاع النساء المتأثرات بالأزمة السورية.

بانغورا لفتت الانتباه إلى الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها النساءـ بمن فيهن الإيزيديات، وتحدثت عن بيعهن في سوق النخاسة. وأكدت أنها ستكون صوتهن أينما حلت، وستحشد الدعم اللازم لمساعدتهن!

لمعرفة المزيد يمكنكم الاستماع إلى الحوار التالي:

سيدة بانغورا، لقد زرت مؤخرا خمسة بلدان في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا والعراق، لماذا قررت الشروع في مثل هذه المهمة، ما الذي دفعك إلى تكبد عناء السفر إلى تلك المناطق الخطرة؟

زينب بانغورا: شكرا جزيلا لكِ. أعتقد أنه منذ أن بدأنا الإبلاغ عن الأزمة في سوريا منذ خمس سنوات، ظهرت قضية العنف الجنسي بشكل كبير للغاية. وقد كنا نعمل لجمع ما يكفي من الأدلة. وبعد ذلك، بدأ الصراع في العراق. لذا كان من المهم بالنسبة لي أن أكون على بينة من مضمون ما يحدث في تلك الصراعات، والاتجاهات الجديدة التي تواكبه، والتحدث إلى الأطراف المختلفة، الحكومات، والجماعات النسائية، والجرحى، لمعرفة ما الذي تم القيام به وما الذي لم يتم القيام به، وما هي الثغرات، وما الذي يمكننا القيام به للمساعدة في ضمان أن تكون النساء اللواتي يتأثرن من هذا النزاع على علم بأن هناك فعلا أناسا يفكرون ويعملون من أجلهن.

إذاعة الأمم المتحدة: في اجتماعاتك مع النساء اللاجئات والناجيات عبر الدول الخمس، ما هي القصة التي سمعتيها منهن وأثرت بك أكثر وجعلتك ترتجفين؟

زينب بانغورا:أعتقد أنه عندما التقيتُ بالفتيات الإيزيديات.. أخبرني بعضهن قصصا مرعبة. هؤلاء النساء مرنات لقدرتهن على التعامل مع هذه المشاكل - ولكن بعض الفتيات حاولن الانتحار. وفيما كانت بعضهن يحاولن الهرب، قفزن من النوافذ، وهربن، هناك فتيات اضطرت عائلاتهن لدفع فدية لقاء إعادتهن. هذه القصص صدمتني فعلا. فقد رأيت الكثير من النزاعات حول العالم، ولكن حجم وضخامة هذا الأمر، بما في ذلك وضع الفتيات في سوق مفتوحة، وتجريدهن من ملابسهن ليأتي الناس ويتفحصوهن ... -إن هذا ما كان يحدث في تجارة الرقيق قبل حوالي مائتي سنة، وليس في عصرنا- لذلك، ما سمعته كان بالفعل لا يصدق، كان صادما.

إذاعة الأمم المتحدة: هل من الممكن أن تخبرينا عن إحدى تلك القصص؟ عن إحدى تلك الشهادات التي استمعت إليها من الناجيات؟

زينيب بانغورا: بالنسبة لي، أعتقد أن أصعب لحظة، كانت في الأردن، حيث أخبرونني عن فتاة، تزوجت اثنتين وعشرين مرة على مدى السنوات الأربع الماضية. هي في الواحدة والعشرين من العمر، وفي كل مرة يتم ترتيب هذا الزواج، عليها القيام بعملية جراحية، لإعادة بناء عذريتها، لتكون عذراء للزواج المقبل. فتاة تبلغ من العمر واحدا وعشرين عاما، تتزوج اثنتين وعشرين مرة، تمت إعادة عذريتها اثنتين وعشرين مرة، فقط ليكسب شخص ما المال على حسابها. وهذا ما يفعلونه. معظم الفتيات اللواتي التقيت بهن تزوجن أكثر من أربع أو خمس مرات بأشخاص مختلفين. يمكن شراء الفتاة بعلبة سجائر: شخص ما يشعر بالرغبة في التدخين وليس لديه المال، يبيع الفتاة المستعبدة لديه لرجل آخر، فيحصل على السجائر، وهذا كل شيء. إذا، قيمتها تساوي علبة سجائر. بالنسبة لي، أيضا كان أمرا في غاية الصعوبة عندما التقيت الإيزيديات، رأيتهن  واستمعت إليهن. انفطر قلبي...

إذاعة الأمم المتحدة: كيف تمكنت من بناء هذا الرابط مع هؤلاء النساء، اللواتي عانين من التهجير والانتهاكات المروعة؟

زينيب بانغورا: حسنا، أعتقد أن الأشياء التي أجلبها إلى عملي وقد ساعدتني في التواصل مع هؤلاء النساء هي، أولا، أنا أعيش في بلد من بلدان العالم الثالث، ثانيا، لقد كنت لاجئة، وثالثا، لقد عملت مع النساء اللواتي تعرضن لسوء المعاملة. في بعض الأحيان أجلب معي الأمل لهؤلاء النساء، أخبرهن عن قصتي، وعن كيفية خروجي بقوة جدا من محنتي، وأخبرهن عن نساء أخريات زرتهن في جميع أنحاء العالم، اللواتي تعاملن مع المشاكل بشكل جيد للغاية. إذا، إنه الأمل. لا يمكنكِ إعطاؤهن شيئا فوريا، ولكن يمكنكِ منحهن شعورا بالأمل. ثانيا، أن أكون معهن. فيدركن أن شخصا ما يعرف عن قصصهن، ويستمع إليهن. وهذا في الغالب ما يحتجن إليه. ومنحهن الإلهام للنضال مرة أخرى. 'السبب في الطريقة التي نواجه بها العنف هي الطريقة التي تقاوم بها هؤلاء النساء، كيف يقاومن، ويتمكن من الوقوف وإعادة بناء حياتهن، وأن يحصلن على العدالة في نهاية المطاف.

إذاعة الأمم المتحدة: بعض تلك الناجيات كن دون الثانية عشرة من العمر، هن حاليا خارج المدرسة. كيف إقناعهن بالعودة إلى المدرسة؟

زنيب بانغورا:  حسنا، بالنسبة لي، أعتبر التعليم مفتاحا ذهبيا. أفضل إرث يمكن أن تعطيه لطفلكِ هو تعليم عالي الجودة. أشعر أن الطريقة الوحيدة لإطلاق العنان لإمكانيات أي شخص هي من خلال منحه التعليم النوعي، ينبغي أن نسمح لهن بأن يكن على سجيتهن. اكتسبت هذا بسبب قصتي ومن أين آتي، وما الذي فعلته والدتي لأحصل على التعليم، على الرغم من أن والدي كانا أميين، بما في ذلك والدتي، انظروا إلى أين وصلت اليوم. إذا، أخبرهن عن قصتي، وأقول لهن "إنه بإمكانهن أن يصبحن مثلي". لم أكن أعتقد أنني سأكون في هذا الموقع، ولكن بفضل التعليم، وصمود والدتي ودعمها، أصبحت وزيرة الشؤون الخارجية في بلدي، في موقع بارز وسياسي، وأنا الآن في مرحلة العالمية. ويمكنكِ أن تري الفرق الذي يظهر على وجوه هؤلاء الفتيات، لأنكِ مصدر إلهام لهن، كنت أقول لهن أنه بإمكانهن أن يفعلن أي شيء، أن يصبحن أي شخص. هؤلاء هم أناس في وضع سيئ، في وضع استسلام ولا يؤمنون بأن العالم يصغي إليهم. لذلك كنت أقف من أجل ذلك وأقول "يمكنكن أن تكن مثلي، ولكن عليكن فقط أخذ خطوة واحدة، وهذه الخطوة هي الذهاب إلى المدرسة، والحصول على التعليم، والتركيز على ذلك، وسوف تخرجن من ذلك فائزات". وقد رأيت أن ذلك يحدث تغييرا هائلا في حياة الناس، وخاصة الفتيات الصغيرات.

إذا كان هناك من رسالة ترغبين في أن يسمعها العالم عن هذه القصص المرعبة، وتكتيكات الحرب المرعبة، ماذا يمكن أن تكون؟

زينب بانغورا: أقول لكِ منذ عودتي، وأنا أتحدث إلى أناس مختلفين، أعضاء مجلس الأمن والزملاء الأمم المتحدة، وفي كل مرة أنتهي من بياني تنهمر الدموع في عيون بعضهم والناس يشعرون بالصدمة. لا أعتقد حقا أن الناس يعرفون كثيرا عما يحدث، لأننا نحاول أن يكون على حق سياسيا. نحاول أن ن كون متحضرين، نحن ألا نقول بعض الكلمات، ونحاول التخفيف من الكلمات. لكن أنا، أقولها كما هي. لقد أخبرت الناس عما شاهدته، وعن الوضع. وآمل في أن يحشد الكثير من الناس على فهم الأمور على حقيقتها. ولمعرفة ما يفعله نظام داعش وغيره من الجماعات الإرهابية، وكيف يدمرون حياة النساء والأطفال الأبرياء. ناس يمكن أن يكونوا أي شخص منا.  لقد دمروا المجتمع في محاولة لبناء مجتمع جديد أنهم يشعرون بأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يبنوا مجتمعا جديدا، هي من خلال تدمير الناس في ذلك المجتمع ليكونوا قادرين على إخضاعهم لسيطرتهم. لذلك، أود الاستمرار في النضال.

في هذا السياق، الآن بعد أن عدت إلى نيويورك، ما هي الخطوة التالية، ماذا الذي ستفعلينه لمساعدة هؤلاء النساء؟

زينب بانغورا: سأكون صوتهن، سأنشر قصصهن على الساحة الدولية. يجب أن يعرف الناس أن هؤلاء النساء على قيد الحياة، وقصصهن حقيقية ويحتجن إلى المساعدة. وهذا ما قمت به وسأستمر في القيام به، ويجب أن يتأكد الناس بأنني سأقول الواقع كما هو، ماذا يتم فعله للمرأة، من مأساة العنف الجنسي والمعاملة الوحشية للنساء، فداعش يستخدم العنف الجنسي كغطاء لاستراتيجية عقيدتهم. وأنا أعتقد أنه من المهم أن يراهم الناس على حقيقتهم وأن يفهموا أنه إذا لم نقاتل داعش ونتخلص منهم، فلن يقتصر الأمر على تدمير الكثير من المناطق المحيطة، ولكن سيتم إرجاع بقية العالم مائتي سنة إلى الوراء. أعتقد أن هذا ما يجب علينا محاربته.

زينب بانغورا، الممثل الخاص للعنف الجنسي والصراع، وشكرا جزيلا على وجودك معنا وأتمنى لكم كل التوفيق في مسعاك، ومهمة صعبة للغاية، وأتمنى لكم حظا سعيدا.