منظور عالمي قصص إنسانية

ملادينوف: انهيار الجيش العراقي في الموصل خلق خرافة أن داعش لا تقهر

ملادينوف: انهيار الجيش العراقي في الموصل خلق خرافة أن داعش لا تقهر

تنزيل

قال نيكولاي ملادينوف رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق المنتهية ولايته إنه حذر أعضاء مجلس الأمن الدولي في عام 2013 من أن جماعة داعش تسعى لتحويل شرق سوريا وغرب العراق إلى ساحة واحدة للحرب. وشدد ملادينوف على ضرورة اتحاد العراقيين وعملهم معا للتصدي لخطر داعش والتطرف.

التفاصيل في حوار أجرته ريم أباظة مع السيد ملادينوف.

ملادينوف: إذا عدت إلى إفادتي الأولى لمجلس الأمن الدولي، أعتقد أن ذلك كان في نوفمبر عام 2013، لوجدت أنني بدأت الإحاطة بالقول إن داعش تسعى إلى تحويل شرق سوريا وغرب العراق إلى ساحة معركة واحدة. كان واضحا في ذلك الوقت أن داعش كجماعة لديها استراتيجية تهدف إلى تدمير الدولة العراقية. ورأينا هذا الأمر يتكشف أكثر وضوحا في محافظة نينوى قبل سقوط الموصل. قامت داعش بقتل مسؤولين حكوميين واختطاف الأشخاص، وإقحام نفسها في التوتر الطائفي في تلك المحافظة. وبالنسبة لنا كان من الواضح أن هذا الجزء هو الأضعف في العراق. ما الذي لم يتمكن أي أحد من توقعه هو سقوط مدينة الموصل بدون قتال. أتذكر أنه في ليلة التاسع من يونيو عام 2014 ذهبت للقاء رئيس الوزراء ومعي تحليل أمني يظهر تعرض مدينة الموصل لتهديد كبير من جماعة داعش. ما لم نتوقعه هو انهيار الجيش العراقي، وأعتقد أن هذا الانهيار هو الذي خلق خرافة أن داعش لا تقهر في العراق.

إذاعة الأمم المتحدة: ما هي أبرز الظروف التي مهدت الطريق للوضع الحالي، وهل يمكن أن تشرح أكثر ما تقصده من جملة قلتها مؤخرا عن أن داعش تزدهر عندما يكون العراق ضعيفا؟

ملادينوف: الظروف التي كانت سائدة هي أن بعض المجتمعات وخاصة في المحافظات الشرقية في العراق شعرت بالتهميش، وعندما تشعر المجتمعات بالتهميش سواء كان هذا الشعور صحيحا أم لا فإن هذا الوضع يخلق شعورا بالغضب. كما أن بعض الجماعات في العراق رفضت فكرة إقامة دولة ديمقراطية وأن تكون جزءا من العملية السياسية. كل ذلك استخدم من قبل داعش بشكل ذكي واستراتيجي لتبث أيديولوجية العنف والكراهية في تلك المجتمعات وإضعاف دولة العراق لتتمكن من الاستيلاء على مناطق محددة من البلاد. ولذلك في جملة (داعش تزدهر عندما يكون العراق ضعيفا) حاولت أن ألخص ما أؤمن به بشدة وهو أن اتحاد العراقيين جميعا، بمختلف طوائفهم ودياناتهم وأعراقهم في الإيمان  بقدرتهم على بناء دولة ديمقراطية قائمة على أسس سيادة القانون وحقوق الإنسان والمشاركة وتقاسم ثروات البلاد، كل ذلك سيجعل العراق قويا. العراق لن يكون قويا إذا سيطر رجل واحد على كل مقاليد السلطة بأنحاء البلاد، ولكن العراق سيكون قويا عندما تشعر جميع مكوناته بأنها ممثلة بطريقة شرعية وتتمتع بالحماية وتشارك في مستقبل البلاد. وإذا لم يحدث ذلك فستصبح الدولة والمؤسسات ضعيفة ويسمح لمجموعات مثل داعش بالازدهار. لذا فمن مصلحة العراقيين والمجتمع الدولي وخاصة الدول المجاورة، العمل مع حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في تطبيق أجندتها للمصالحة والشمول الاجتماعي من أجل معالجة تلك القضايا والحد من المساحة التي يمكن للمجموعات المسلحة العمل فيها وفي النهاية استعادة الأراضي التي سيطرت عليها داعش.

إذاعة الأمم المتحدة: ستترك العراق قريبا، ولكنك لن تغادر منطقة الشرق الأوسط إذ ستتولى منصبك الجديد في فلسطين. المنطقة تعيش واحدة من أصعب الفترات في تاريخا، ما الذي تعتقد أن الشرق الأوسط يحتاجه من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار والسلام؟

ملادينوف: ليست منطقة الشرق الأوسط وحدها التي تعيش في حالة من الاضطراب، فنرى تزايدا للعنف في بلدان أخرى بما يهدد السلم والأمن بين الدول. إنه وقت حزين للعالم، بالنظر إلى التقدم البشري الهائل في مجالات التكنولوجيات والتنمية الاجتماعية والحرب ضد الفقر على مدى العقود الماضية. ولكنني أعتقد أن الوقت قد حان لأن تتقدم الأمم المتحدة وتقدم المساعدة والتوجيه والخبرة وفهم كيفية إدارة الأزمات سواء في العراق أو ليبيا أو اليمن. هناك حاجة هائلة لأن تتقدم الأمم المتحدة وترشد الأطراف إلى الحل السلمي. يعني هذا غالبا الانخراط في الحوار وجمع الأطراف معا وإيجاد سبل خلاقة لمعالجة المخاوف. كما يعني تفهم أن ما نراه من داعش والقاعدة أو التطرف بشكل عام يزدهر في بيئة من الظلم والفقر وعدم احترام حقوق الإنسان والكرامة البشرية. إذا عملنا معا لنضمن أن جميع تلك المجتمعات توفر الحماية والأمن وتكفل الحقوق الدستورية سنرى المجال يضيق أكثر فأكثر أمام التطرف. وتظهر صحة هذا الأمر أكثر ما يكون في حالة فلسطين وإسرائيل حيث تمس الحاجة لإجراء الحوار ولوجود رؤية للمستقبل ولأن تعمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتهيئة البيئة لإيجاد الحل والمساعدة في دفع عملية السلام إلى الأمام، ودفع المنطقة بأسرها باتجاه حل يسمح للجميع بالعيش في سلام وأمن.

مصدر الصورة